
الحديدة/ فتحي الطعامي –
الإمام أعادنا من الدراسة في روسيا بحجة أنهم «شيوعيون» ومنعنا من لبس البنطلونات في العمل!!
كنا نتسلم المنشورات من الطيار علي المستبا ولشجاعته كان يدخل سيارة نائب الإمام والمنشوارت بحوزته
محاولة اغتيال أحمد في الحديدة تمت بتخطيط متقن بين العلفي واللقية والهندوانة والمقدمي
كانت مهمتنا توعوية بقيادة إبراهيم صادق والرعيني والحيدري وتنقلنا حتى يسلح والمناطق النائية
لم نكن نعرف «العلفي» حين نفذ الاغتيال ولا نعرف زملاءنا في الخلايا الثورية حرصاٍ على حياتهم
ثاني أيام الثورة قاد الشحاري مظاهرة عفوية واندفع لاقتحام مقر نائب الإمام وإخراجه
الأستاذ الكابتن / محمد عزي صالح أحد من أسهموا في تحقيق ثورة 26 سبتمبر 1962م مع رفاق دربه من الثوار خاصة في مدينة الحديدة .. عايش كثيراٍ من الأحداث الثورية .. حيث التحق بالعمل الثوري في نهاية الخمسينيات وكان ضمن الخلايا الثورية التي شكلت (منظمة الجمهورية) وهي ( تنظيم ثوري للإطاحة بالإمام ) قبل الثورة .. مع الرعيني ومحمد الحيدري والسندي وغيرهم .. حيث عمل على ايصال الأسلحة التي كانت تصل إلى ميناء الحديدة للثوار في صنعاء في حصار السبعين ..
كما يعد الكابتن محمد عزي صالح من أحد الذين عملوا على إرساء الأمن والاسقرار في محافظة الحديدة بعد سقوط الحكم الإمامي وتكوين اللجان الشعبية لحماية الجمهورية قال إن الإمام أحمد ارجعهم من منحتهم الدراسية في روسيا بحجة أنهم شيوعيون .. كما منعهم من لبس البناطيل أثناء العمل في الميناء لأن ذلك تقليد لليهود والنصارى .. كما تحدث عن ظلم الإمام أحمد وتعسفات ولاته في الحديدة وفي اليمن .. وعن سياسة التجهيل ..
لم ينس الأستاذ محمد عزي صالح أن يتحدث عن الليلة التي قام فيها الثوار بمحاولة اغتيال الإمام أحمد في مستشفى الثوري وعن دلالة تلك العملية وعن خطط الثوار لاستدراج الإمام أحمد وعن المظاهرات التي اعقبت تلك الليلة .. إضافة إلى المهام الثورية التي كلف بها مع رفاقه من بداية قيام الثورة إلى انتهاء عملية حصار صنعاء ….فإلى الحوار:
الحديدة/ فتحي الطعامي
> حدثنا عن الخلايا الثورية وكيف انضممت إليها ومن كان فيها ¿
– كان ذلك بمجرد عملي في الميناء أذكر مما قاله لي المرحوم الاستاذ محمد الحيدري إنه كان ممن أدخل الخلايا مع العميد الرعيني والحيدري رجل عظيم وهو حقيقة وإن كان أبوه من مدينة إب إلا أنه كان تهامياٍ أصيلاٍ لما قدم لهذه المنطقة وكان بداية انضمامي لهذا العمل من 1959 م فما فوق كنا نستلم العديد من المنشورات والكتب ونقوم بتوزيعها مع محمد محسن الحيدري وابراهيم صادق ومجاهد حسن كنا نتكلم عن الإمام والظلم الإمامي وكنا نستلم المنشورات من أحد الثوار الطيارين واسمه علي المستبا- وهو طيار درس في امريكا-وكان هذا الثائر يدخل إلى سيارة نائب الإمام بالحديدة عبد القادر والمنشورات بحوزته .. وكانت شجاعة كبيرة من المستبا خاصة مع جبروت وظلم نائب الإمام ..
ومن ذلك اليوم عرفنا قيمة الثورة والثوار وقمنا بتشكيل منظمة( منظمة الجمهورية ) بقيادة الرعيني وكنت أنا مع محمد الحيدري في خلية وكان معنا ابراهيم صادق وسليمان السندي علوي ود محمد مصطبة .. وغيرهم.
وتفتح وعينا على يد مصر وعبدالناصر.. حيث كان لها دور كبير في توعية اليمنيين عن طريق الصحف والإذاعة مثل (آخر ساعة – صباح الخير- و إذاعة صوت العرب) حتى من كان يسمى بإبليس ( سعيد عبد الرحمن ) كان يزودنا بكثير من المعلومات وتفتح وعينا وأدركنا أنه لابد من ثورة ..
و أذكر أن المنشورات كانت تطبع في عدن وتوزع هنا وفي كثير من المناطق وكانت توزع على الثوار وبدر الجيلاني ..
خلايا الحديدة
هل كان الضباط الأحرار جزءا من الخلايا الثورية¿
– في صنعاء نعم لكن لا نعرفهم لاعتبارات أمنية وكان محمد محسن الحيدري وبعض القيادات على علم بهذه العملية ومنسقين.
>> من كان غيركم أنت والحيدري والرعيني في هذه الخلايا ¿
– كان هناك شعراء وأدباء في هذه الخلايا أمثال الشاعر العزي المصوعي وإبراهيم صادق وعلي عبد العزيز نصر ويوسف هبة ومحمد رفعت وغيرهم كل أؤلئك كانوا في الخلايا الثورية .. وفي ذلك الحين كنا في حالة غير طبيعية وفي حالة استنفار مستمر والمظاهرات كانت تخرج بشكل شبه يومي خاصة في عام 1961م ..
>> ماهي المنازل التي كنتم تجتمعون فيها ( للخلايا الثورية ) أو الأماكن..¿
– لم يكن هناك أماكن معينة لكننا كنا نتواصل عن طريق المنشورات والكتب حتى في الميناء الذي كنا نعمل فيه كانت تقع علينا المراقبة ويحصل لنا مضايقة من قبل التابعين أو الموالين للإمام .. وحتى كنا نمنع من لبس البنطلون باعتباره تشبهاٍ باليهود والنصارى .. ونحن لم نكن نعرف غيرنا من المنظمين للخلايا الثورية .. حرصا على الشخصيات الثورية ..
وبعد قيام الثورة ترأسنا الأستاذ إبراهيم صادق لجولة لكل المناطق الشمالية للتوعية بالثورة وسافرنا مع أستاذ عدني .. وكان هذا السفر بعد الثورة مباشرة أي بعد عشرة أيام وكنا محملين بالأسلحة تحسبا لأي طارئ وسافرنا حتى أسلم حتى رأينا (المناصرة ) التي كانت تعمل على تجييش القبائل مع البدر في تلك المناطق التي كان متواجداٍ فيها ووجدنا الكثير من الضباط الأحرار في تلك المناطق ومنهم ( علي الجائفي وأحمد الرحومي ) وكنا نحن نعمل على التوعية .. وهي المناطة بنا في تلك المرحلة .. وفي تلك المناطق وجدنا القبائل الموالية للإمام .. وكان ابراهيم صادق هو المسئول الأول عن هذا العمل .. ووصلنا إلى يسلح وقعدنا عشرة أيام حتى وصلنا إلى الجبال النائية .. ولم يكن يهمنا الأكل ولا الشرب وكان همنا الوحيد هو توعية الناس بضرورة مناصرة الثورة ..
وكل تلك الأعمال كانت بتوجيه الشهيد الرعيني ومحمد محسن الحيدري .. إضافة إلى الحركة الثورية التي كنا نقوم بها في مدينة الحديدة وكنا نعمل على نزع صورة الإمام من المكاتب الحكومية ودخلنا في مشاكل كثيرة .. والناس في تلك اللحظة كانوا يخافون خاصة وأن الإمام لم يمت بفعل تلك المحاولة ..
محاولة اغتيال الإمام
>> ليلة محاولة اغتيال الإمام أحمد 1961م هل كنتم على دراية وهل كان ثمة تنسيق بين العلفي والخلايا الثورية في فبراير ¿
– يوم محاولة الاغتيال كنا في الحديدة وتم توجيهنا بالاختباء حفاظا على الثوار .. وسمعنا أن القوات الإمامية حاصرت بيت الرصِاص .. وأنا أؤكد أنه كان يوجد تنسيق بين العلفي والثوار أمثال الرعيني ومحمد حسين الحيدري وحسين المقدمي .. والعمل على التخطيط لهذه العملية ..
>> هل العلفي منسق مع الثوار الأحرار ¿
– نعم مع الرعيني والحيدري والمقدمي وكان التنسيق في أضيق مستوياته.. كان العلفي ضابطاٍ في داخل المستشفى والتقيت به في اللنش في الغاطس ومن خلال نقاشي معه أدركت أن العلفي ليس شخصا عاديا وأنه سيكون له شأن في المستقبل لكن الحيدري لم يصرح لي باسم العلفي أنه من الضباط الأحرار أو من الخلايا الثورية .. لكننا ومن خلال إطلاعنا ومتابعتنا للحركة الثورية أدرك اليوم أن العلفي كان على تنسيق مع الحيدري والرعيني .. وعملية الاغتيال عرفنا بها من الآخرين وكما قلت تم توجيهنا بعدم الخروج خشية القبض علينا من قبل الإمام.
>> هل ثمة عمل لوجستي كان وراء عملية محاول اغتيال الإمام ¿
– الثلاثة الأشخاص العلفي واللقية والهندوانة هم من نفذوا عملية الاغتيال بحق الإمام أحمد يحيى حميد الدين ..
وعلى العموم أنا لم أكن حاضرا في ذلك التخطيط (عملية الاغتيال) ولكن علمنا بعد ذلك بتفاصيل العملية .. ومحمد الحيدري أخبرني بما حدث وهو كان موجوداٍ في اللا سلكي وجاء إلى هناك اللقية وذهب إلى محطة اللا سلكي ليخبره بالعملية وعندما عرف أن الإمام ما زال حياٍ حاول الفرار لكن تم القبض عليه .. والفضل الكبير هو لـ حسين المقدمي والذي أغوى الإمام واستدرجه إلى المستشفى بحجة أن سائق الإمام الشخصي مريض أو شخص آخر مقرب من الإمام وأصر على الإمام للحضور إلى المستشفى .. ( وكما يقول المقدمي إنه عقب فشل الحادثة وجه الإمام بقتله ( بقتل المقدمي ) لولا تدخل البدر والذي قال لأبيه (إن الدماء قد كثرت ولا داعي .. ) لكن الظاهر أن الجسم الكبير للإمام كان سبباٍ في عدم وفاته إضافة إلى أن الرصاص لم يصبه في مقتل ..
>> حصل الهجوم على بيت الرصاص بعد فرار العلفي إليه ..¿
– عندما عرفوا أن العلفي في بيت الرصاص جاء إليه العاقل حمود عباس وهو عاقل حارة السور ( أحد الحارات والأحياء القديمة في الحديدة ) رفض العلفي الخروج ..ليأتي الأهنومي والذي كلف بمهاجمة بيت الرصاص والقبض على العلفي حيا أو ميتا وضرب المنطقة إلا أن الأهنومي رفض تلك الأوامر بحجة أن المنطقة كانت مكتظة بالأهالي والنساء والأطفال جاءت بعد ذلك قوة عسكرية كبيرة لتحاصر بيت الرصاص ولتستعد بإطلاق المدافع إلا أن العلفي كان قد سبقهم بقتل نفسه ..
مرحلة التوعية والتعبية
>> ما بين فبراير 1961م إلى 26سبتمبر 1962م وفاة الإمام انتهاء بـ 26 سبتمبر قيام الثورة.. ماذا عنها ¿
– بين تلك الفترة كثف الثوار من جهودهم في توعية الجماهير بالثورة وبعدم الرضوخ للحكم الإمامي ولم يكن يوجد هناك أي عمليات عسكرية من قبل الإمام في الحديدة لعدم وجود جيش أو شرطة إمامية بالشكل المطلوب الأمر الذي جعل مهمتنا توعوية بالأساس ..
>> هل كان هناك ثوار مسجونون من قبل على ذمة عملهم الثوري ¿
– نعم كان هناك العديد من الثوار تم سجنهم بسبب نشاطهم الثوري وعلى رأسهم إبراهيم صادق وهناك العديد من الثوار لا أستذكرهم الآن .
>> هل خرجتم في مظاهرة للقبض على نائب الإمام في الحديدة علي عبدالقادر ..¿
– نعم تم وكان ذلك في اليوم الثاني لقيام ثورة سبتمبر يمكن في يوم 27 سبتمبر والأيام التالية وقاد المظاهرة الاستاذ المناضل يوسف الشحاري .. وقد خرجت المظاهرة بشكل عفوي يقودها الأساتذة والجانب العسكري كان يخرج الطلاب من المدارس ومن الحارات وتوجهت إلى مبنى خلف ( دار الفتوح ) المتواجد فيه نائب الإمام واقتحم الشحاري المبنى وقام بإخراجه .. والحقيقة أن الإماميين كانوا على خوف و يشعرون أن الملكية انتهت.
بعد ذلك قامت قيادة الثورة بتعيين مسئول عن مدينة الحديدة وهو أحمد المطاع وعلى ما أذكر أن الاستاذ عبدالله الصيقل قام بالاجتماع بنا في ذلك اليوم وأخبرنا أن الثورة قد اختارت المطاع لتولي مسئولية الحديدة ..
>> هل حصلت اختلالات أمنية من قبل فلول الإمام في الحديدة ¿
-لا على الإطلاق استسلموا تماماٍ وأدركوا أن الثورة قدر محتوم ..
اللجان الشعبية
>> كيف تكونت اللجان الشعبية لحماية الثورة والجمهورية ..¿
– قمنا بتكوين منظمة بقيادة إبراهيم صادق وسلطان القرشي والعديد من الثوار بعد أن بدأت بقايا الملكية تعمل على إقلاق السكينة في بعض مناطق الجمهورية .. فقمنا في الحديدة بتشكيل تلك المنظمة بهدف تكوين اللجان الشعبية .. تكونت للدفاع عن الثورة ورفع شعار (الجمهورية أو الموت) وكنا وقتها نعمل على تدريب الشباب ..لكن فيما بعد ذلك قام العمري باتهام شباب ( المقاومة ) أنهم أخذوا سفينة بها سلاح من داخل الميناء وهو كلام غير صحيح .. وعليه بدأ إطلاق الرصاص على تلك الفرق المقاومة التي كانت مهمتها مقاومة بقايا الحكم الإمامي.
وكان أول عمل لتلك اللجان هو استقبال الثوار المفرج عنهم من سجون حجة وكان من بينهم أشخاص من أبناء الأحمر وقمنا بالاحتفال بهم ..
تزويد صنعاء بالسلاح
>> قمتم باستلام أسلحة كانت مرسلة للإمام وأعطيتموها للثوار في صنعاء كيف تم ذلك ¿
– كان الإمام قد وقع اتفاقيات لشراء أسلحة مع الاتحاد السوفيتي سابقا فكانت تأتي إلى ميناء الحديدة أثناء معارك الثوار مع بقايا الحكم الإمامي وحروب السبعين وغيرها من المعارك التي كانت تجري بعد قيام الثورة .. وباعتبارنا المسئولين عن ميناء الحديدة كنا نستقبل السفن التي تصل للإمام عبر ميناء الحديدة ونوصلها إلى صنعاء للثوار هناك وهذه الحوادث تكررت كثيرا .. لكننا كنا نأخذها باعتبارنا مسئولين عن ميناء الحديدة ..
>> هل شاركتم في مواجهة فلول الملكيين في السبعين¿
– كان دورنا في البحر وفي ميناء الحديدة وأخذ منا البعض للذهاب إلى صنعاء خاصة من فئة الضباط ومن بينهم ( علي طريقة ) وأنا كنت في موانئ الحديدة والبعض منا أخذ إلى حرض لمطاردة فلول الملكيين .. وإضافة إلى عملنا في حماية الميناء واستقبال السفن كان دورنا الرئيسي يتمثل في التوعية الثقافية والتعبئة الفكرية للمواطنين وتوعيتهم بأهمية الثورة والتحريض على الفكر الإمامي ..وللأسف الشديد أن هذه اللجان الشعبية تم الاعتداء عليها بتوجيه العمري عندما خشي من تصاعد قوة اللجان الشعبية.
>> اللجان الشعبية توزعت على اللجان والمقار الحكومية ¿
– كنا نعمل على حراسة الميناء وكانت هذه اللجان تقوم مقام الدولة والشرطة لأنه لا يوجد جيش في الحديدة ولا شرطة ولهذا لم توجد مقاومة في الحديدة من قبل نائب الإمام في الحديدة ولهذا ما أن تسلح الشباب خرجنا نحن الضباط ونحن كنا مدربين سابقا على كل أنواع السلاح وكنا على استعداد .. أنا وصالح مجلي كنا بحارة وكانت مهمتنا أن نبقى على الزوارق البحرية لمراقبة البحر وكنا نسافر في البحر لنصل إلى العديد من القرى والمناطق الساحلية لتفقد الوضع..