
استطلاع / معين النجري –
مثل مركز التمويل الرئيسي لصنعاء في حصار السبعين
هل كان يدرك الملك السبئي شعرم اوتر ان هذا القصر الذي يضع لبناته الأولى على هذه التبة سيكون مفتاح النصر في كل الثورات ومنه يسيطر المنتصر على صنعاء كما يدافع عن المدينة في وجه الغازي.
صحيح أن القصر شهد مراحل افول ولكنها قصيرة وسريعة لم تكد تذكر مقارنة بعصور نهضته وازدهاره منذ أول يوم وضع عمال الملك اللبنة الأولى.
حين زار برفسور هولندي الموقع قبل بضع سنوات , وقف هذا الهولندي المتخصص في دراسة القصور و القلاع التاريخية عند زاوية في القصر تسمى الجربة وقال (هنا وضعت الحجرة الأولى ومن هنا تستطيع أن تتحكم بمدينة صنعاء قديما).
استطلاع / معين النجري
كان الرئيس عبدالله السلال يفكر في قصر السلاح وضرورة السيطرة عليه ليضمن نجاح الثورة وقد قال في احد مقابلاته التلفزيونية (كان يجب السيطرة على قصر السلاح , فلا يمكن أن تنجح الثورة إلا بالسيطرة التامة على القصر). لذلك تم تكليف الملازم عبدالله الرحبي للسيطرة على القصر.
كل المراجع والثوار يؤكدون إن الرحبي هو أول شهداء الثورة وهو من فتح بوابة القصر ليلة السادس والعشرين من سبتمبر واخرج الأسلحة لتموين الثوار.
وبتوجيهات المناضل عبدالله السلال قائد حرس البدر حينها بفتح قصر السلاح وتنفيذ الشهيد عبدالله الرحبي ارتفع مؤشر التفاؤل عند الثوار وتيقنوا بانهم يمرون في الطريق الصحيح وان النصر حليفهم هذه المرة , فبانفتاح أبواب قصر السلاح يضمن الثوار مخازن التموين والسيطرة على الاتصالات في صنعاء, لقد أصبحت معظم الأشياء ممكنة.
الدفاع عن صنعاء
هناك وحدة عسكرية ربما لم يتذكرها الكثير من المناضلين وما قامت به من مجهودات خاصة في حرب السبعين يوماٍ , لقد قامت هذه الوحدة بدور عظيم في انتصار الثورة وفك الحصار عن صنعاء وهذه الوحدة هي العمود الفقري للقوات المسلحة والعضو الفاعل فيها. هذه الوحدة هي وحدة قصر السلاح لقد كان لها دور كبير في الثورة وفي فك حصار السبعين عن صنعاء.
وقد اشتركت هذه الوحدة مع القوات المسلحة في الدفاع عن صنعاء وفك الحصار وقامت بفتح مستودعات الأسلحة والذخائر في القصر ونقم وتم تزويد جميع الجبهات المدافعة عن صنعاء من القوات المسلحة والأمن والجيش الشعبي بالأسلحة والذخائر إلى جميع المواقع والجبهات باستمرار حتى تم النصر وتم فك الحصار عن صنعاء وجميع القادة والمناضلين يعرفون ذلك ومن قاموا بذلك هم التالية أسماؤهم:
1. قائد قصر السلاح عميد/ محمد علي النعامي رحمه الله
2. مدير التسليح عميد/ علي العنسي
3. أمين مخازن الأسلحة عميد/ عبدالله احمد صدقة
4. أمين مخازن الذخائر عميد/ عبدالرحمن احمد عقبة
5. نائب قائد القصر عميد/ علي احمد الكول
وكثير من الضباط والصف والجنود , من المؤسف جدا ان معظم الوثائق الخاصة بقصر السلاح لم تعد في القصر , يقول العقيد السياغي (معظم الكشوفات و الوثائق تم سحبها الى التوجيه المعنوي و من هناك الى المركز الوطني للوثائق) هذه الوثائق تحتوي على كنز هائل من المعلومات , اذاما اندثرت سنخسر جزءاٍ مهماٍ جدا من تاريخنا, لأن هذا القصر شهد الكثير من الأحداث واحتوى على أهم و أدق التفاصيل للكثير من الدول و الحكام .
هنا الدولة
الحديث عن قصر السلاح من خلف الأسوار يختلف تماما عن الحديث عنه من الداخل حيث الأبنية المتعددة والممرات الواسعة والمساحة الشاسعة التي قدرها احد الضباط بأنها تزيد عن ألف لبنة .
من الداخل كل شيء يبدو مختلفا تماما , إذ لم يكن قصر السلاح مجرد مكان يخزن فيه الإمام وقبله الأتراك الأسلحة استعدادا لأي طارئ .
ثمة مكان واسع يدعو للدهشة وفي رحلة الاستكشاف بالنسبة لي والتي رافقني فيها الرائد يحيى الشهاري والنقيب عبد الباسط الكول أدركت كم تبدو الأشياء مختلفة من الداخل.
لقد تحدث الشهاري والكول عن الكثير من المرافق والأبنية وعن استخداماتها من قبل , يقول الشهاري (دولة الإمام كلها كانت هنا) ويضيف النقيب الكول(انه أشبه بمدينة مصغرة).
نعم انه أشبه بمدينة مصغرة , الكول و رفيقه الشهاري لم يبالغا فيما قالاه , فهناك كانت المالية والاقتصاد والاتصالات ومخازن الحبوب ومخازن الأسلحة والوقود والعسل والمطابخ . هنا دار القاز ودار الاتصالات وهنا المسجد و السجن وعدد من المباني التي ربما لم يدون احد مهامها ولم يكتشف القائمون على القصر استخداماتها بعد, إذ لا مساحات خالية داخل الأسوار باستثناء مساحة بسيطة تسمى الجربة وفيها تنصب عدد من الأسلحة المطلة على ما وراء السور بالإضافة إلى عدد من الممرات الواسعة و الضيقة .
اكتملت الفكرة
هل اكتملت الفكرة الآن وعرفنا لماذا كان قصر السلاح احد أهم النقاط التي ركز عليها الثوار ¿ ولماذا كانت السيطرة عليه يعني السيطرة على صنعاء .
هنا كانت الشئون الإدارية للدولة والتموينات الغذائية وهنا المالية وهنا الاتصالات وهنا السلاح , انه كلما يحتاجه الثوار للسيطرة على صنعاء والانتصار على خصومهم.
آثار تركية
في قلب قصر السلاح ثمة مسجد صغير يسمى القبة المرادية نسبة إلى والي اليمن من قبل الباب العالي في تركيا مراد باشا . القبة نسخة من قباب كثيرة بناها الأتراك في البلدان التي حكمتها الدولة العثمانية .
ويصل عمر القبة المرادية إلى 449 عام ولأن معركة الزمن مع قصر السلاح ماتزال قائمة فقد تأثرت القبة بعوامل الزمن وبدأت أكثر إنهاكا . وقبل ثلاث سنوات فقط قام رجل الأعمال الحباري بحسب ما قاله لي الرائد يحيى الشهاري نائب مساعد القائد لشئون التوجيه _فقد قام الحباري بتبييضها من الداخل وتلبيسها بحجر الحبش من الخارج فبدت أكثر جمالا وجاهزية .
ومن الآثار التي لفتت انتباهي مسلة طويلة بناها الأتراك لصيد الصواعق الرعدية , لم أكن اعتقد قبلها أن مانعات الصواعق قد وجدت قبل الثورة التكلونوجية إلى أن شاهدت تلك المسلة التي يتعدى طولها الخمسة عشر متراٍ.
المسلة بنيت من حجر اخضر على مساحة متر ونصف مربع تتخللها أسياخ حديدية تساعد العمال على الصعود إلى رأسها بالإضافة إلى سلك معدني ثقيل يمتد من رأسها إلى الأرض , بنيت المسلة وسط مجموعة من مباني كانت تستخدم مخازن للأسلحة خوفا من أن تصيبها صواعق و ينتج عنها انفجارات.
باب ستران
باب ستران , الباب السابع لصنعاء القديمة والذي مايزال قائما حتى اليوم , لقد تم تدمير أبواب صنعاء بعد قيام ثورة سبتمبر باستثناء باب اليمن وباب ستران , وقد تعود تسمية هذا الباب بحسب الرائد الشهاري إلى تستر الباب , إذ يختفي خلف انثناءات عديدة لأسوار القصر التي تعد أسواراٍ لصنعاء القديمة فلا يبدو ظاهرا لعيون المارة ولا حتى لعيون الباحثين عنه فقط من يعرفون الطريق جيدا إليه هم من يستطيعون العبور من خلاله إلى فناء قصر السلاح ومنه إلى صنعاء القديمة .
كان ذلك قديما أما الآن فتبدو البوابة الكبيرة صامتة منذ سنوات , لم يتحرك مزلاجها لتفتح , فلم يعد هناك جباة للزكاة ولا قوافل محملة بالحبوب والتمر والعسل قادمة من عمال الإمام على المدن والوديان , لم يعد احدهم يهتم للباب الذي كان الأهم اقتصاديا , لكن الباب سيظل صفته إلى حين.
تجديد
يجري الآن عملية تقوية لسور قصر السلاح من خارجه من خلال بناء جدار ساند للسور من جهة مدينة صنعاء القديمة . إنها خطوة في معركة قصر غمدان الذي بدأها عند أول انهيار للقصر في احد عصور التشتت و الضعف التي عاشها اليمن في الأزمنة القديمة.