
استطلاع / نجلاء الشعوبي –
لم يكن الحصار بتلك البشاعة التي يتصورها كثير من الناس وقد صمدت جميع فئات الشعب حتى علت بشائر النصر
التعاون والترابط والعلاقات الطيبة كانت أبرز أسباب الانتصار على الحصار.. وكان صوت الفنان الآنسي يغلب صوت (الدانات)
لم يؤد الحصار يوماٍ إلى ضيق العيش.. ولم يعان الناس ما عانوه في أزمات اليوم
كان مستوى المقاومة والإصرار في حصار السبعين دليلاٍ على أحقية الثورة وعدم تراجع الروح الثورية
■.. لثورة 26 سبتمبر 1962م المباركة فصول ومراحل عديدة ومنها مرحلة حصار السبعين يوماٍ الذي ضرب على صنعاء بعد انسحاب القوات المصرية سنة 1968م فقد كان لحصار السبعين حكايات وقصص عن روح المقاومة والتمسك بمبدأ الجمهورية وثبات عزيمة اليمنيين بعد أن تركهم المصريون وبدا واضحا بجلاء أن هذه العزيمة هي التي قاومت الحصار من خلال ثقة اليمنيين بهذا الإنجاز ولصنعاء القديمة دور في توفير ورفع الدعم المعنوي والنفسي للمقاتلين..
صحيفة الثورة وفي هذه المناسبة العظيمة والاستثنائية – اليوبيل الذهبي للثورة اليمنية- التقت مجموعة من سكان صنعاء القديمة لاسترجاع بعض من الذكريات من خلال سرد حكايات من ذلك الزمن الذي شهد حصار السبعين.. فكانت الحصيلة:
استطلاع / نجلاء الشعوبي
الحاجة إلى النصر
< الحاجة أمة الرحيم حمزة من سكان صنعاء القديمة بمنطقة السائلة «حارة الجلاء» تحكي عن حصار السبعين يوماٍ فتقول:
كانت أيام خير ولم يحتج الناس فيها شيئا سوى النصر والأمان والخير كان موجوداٍ حيث كان الناس يطحنون في بيوتهم ويجلبون الماء من الآبار التي تتواجد في البيوت أما الحبوب (القمح) أو(البر البوني) والذرة والشعير فكانت موجودة في كل بيت لأن من طبائع سكان صنعاء أنهم يخزنون أنواع الحبوب في مخازن تسمى (مدافن) أو (أحقب) وهي مخازن تبنى من نوع خاص من الأحجار من أجل الاحتفاظ بالحبوب ولفترات طويلة قد تصل لسنوات حيث كان الناس يمولون أنفسهم نتيجة ما مر بهم في السابق من ظروف ومجاعات وخوفهم من المستقبل, فتجد كل الناس يخزنون الحبوب للمستقبل.
إلى جانب أن الخضار والفواكه كانت متواجدة من البساتين (المقاشم) التي تتواجد بكثرة في حارات وشوارع صنعاء القديمة بحيث أنه لكل حارة بستان (مقشامة) خاصة بها مما أوجد اكتفاء للسكان من الخضار والفواكه..
وتتذكِر الحاجة أمة الرحيم أنه عندما انقطعت طريق الحديدة وانعدم السكر تم استبداله بسكر النبات وهو سكر غير مطحون وليس مستورداٍ.. وتقول أيضاٍ: ونتيجة للتجارب السابقة في حياتهم خبأ الناس حاجاتهم الغالية والضرورية في الآبار المائية حيث يتم ربطها وتعليقها على جدار البئر بما يسمى (الشقرة) والبعض كان يدفنها في أسفل البيوت تحسباٍ لأن ينجح الحصار ويهجم القبائل والمرتزقة على صنعاء وينهبوها كما حصل في سنة 1948م.
وتصف الحاجة حال صنعاء وأهلها عند الهجوم عليها من قبل الملكيين والمرتزقة قائلةٍ: وعندما بدأت القذائف تضرب وتصل إلى محيط صنعاء اضطر الناس للنزول إلى الطوابق السفلى من البيوت للاحتماء من الضربات التي كانت تنزل على البيوت المرتفعة وأتذكر عندما كنا صغاراٍ حيث كانت تصل (الدانات) القذائف إلى السائلة كان الأطفال جميعاٍ يسرعون بالمياه لإطفاء الشظايا والاستحواذ عليها من أجل اللعب بها لعبة (الوزنات).. أيام لم يطرق الخوف قلوب الناس لا صغاراٍ ولا كباراٍ ولم يكن الجوع موجوداٍ ولا المشاكل كما حصل ويحصل في الوقت الراهن بل كان هناك خير ورحمة وشفقة بين الناس وتعاون وترابط على العكس تماما مما نراه هذه الأيام من أحقاد وقسوة القلوب.. صحيح كانت الكهرباء تنقطع من بعد المغرب وكانت الحركة تقل في الشوارع والناس يلتزمون البيوت من بعد العشاء لكن الحصار لم يكن بتلك البشاعة التي يعتقدها الناس بل كان كل شيء في خير وسلام.. وكانت لأيام وليالي الحصار ألفة وتقارب بين الناس عكس هذه الأيام التي تقطعت فيها الأرحام وتفككت الروابط في تلك الأيام التمسك بالله والتكافل بين الناس والرحمة أشياء جعلت الناس يتغلبون على حصارهم.
روح ثورية
< الحاج صالح حنش من سكان صنعاء القديمة أيضاٍ ومن الذين عاشوا حرب 1948م وما جرى من اعتداء و نهب على صنعاء وعايش الثورة السبتمبرية 1962م وما حصل فيها من أحداث وكذلك حصار السبعين الذي هو موضوعنا هنا, يقول:
في الحصار هرب الكثير من اليمنيين خارج البلاد وبالذات العائلات الميسورة ومنهم من هرب خارج صنعاء خوفاٍ وبالذات بعد أن انسحب المصريون في سنة 1968م والذين ظلوا يقاتلون الملكية لسبع سنوات وذهب منهم الكثير فعقد مؤتمر حرض وكان المؤتمر على أساس أن تضع الحرب أوزارها وأن يعود الناس إلى الوطن إلا بيت حميد الدين فعليهم ألا يعودوا وحقاٍ عاد الناس إلى صنعاء وهدأت الأحوال وبدأ الناس بممارسة حياتهم الطبيعية.
الواقع ومستوى المقاومة في حصار السبعين كان دليلاٍ على أحقية الثورة فلم تتراجع الروح الثورية وكان الحصار عنوان الشجاعة والإصرار من الناس.. أما بالنسبة لأوضاع الناس فكان كل شيء من داخل اليمن ولا يوجد شيء من الخارج كانت الحبوب بأصنافها من خير بلادنا وقد كانت بلادنا تصدر أجود أنواع القمح للخارج وكانت البساتين تزود الناس بالخضار, وكانت المياه موجودة كون الآبار متوفرة في كل بيت والمطاحن متوفرة أيضا و(التناوير) وكذلك الأسواق غنية بالمواد الغذائية من خضار وفواكه وغيرها.. في حصار السبعين كان الناس مكتفين من كل شيء لأن كل شيء موجود من صنعاء وكانت كل فئات المجتمع في صنعاء القديمة متكاتفة ومتعاونة في مواجهة الحصار مما جعل الأمر يسيراٍ, ولم توجد أي ضائقة لأن الناس كانوا متقيدين بالدين والأمانة في كل شيء.
أمانة تاريخية
< إسماعيل محمد أبو طالب أحد سكان صنعاء القديمة يقول عن الحصار:
أنا عمري ثلاثة وستون عاماٍ وأتذكر حصار السبعين وأنا كنت صغيراٍ وأقول وللأمانة والأمانة التاريخية إن صنعاء كانت مزدهرة وفي سلام بالمقارنة مع ما عانته وتعانيه في هذه الفترة التي تعتبر فترة المماحكات الحزبية وجنون السلطة والتسليف والابتزاز وجنون عدم الرضا.. ففي الحصار نعم عانت صنعاء القديمة من شح في بعض الموارد الغذائية نتيجة قطع الطرق, وأنا أتذكر أن الأستاذ علي بن علي السنيدار كان يمول صنعاء بالقمح والسكر عبر الطائرات وكان يحشد للمقاومة الشعبية من المدارس والمتطوعين من الناس الذين كانوا شعلة وطنية في أيام الثورة السبتمبرية وكانوا يتوافدون بالعشرات والمئات لتوفير متطلبات الناس رغم ما كان يجري من خراب في المدينة (بالدانات) القذائف والقنابل وأيضا تهويل وتضخيم القوى المعادية لأنه كان هناك كثير من الناس لايزالون متمسكين بالعقلية المتوكلية ولم يؤمنوا بالثورة السبتمبرية داخل صنعاء نفسها.
ويضيف الحاج أبو طالب: ومن الشيء الجميل أنه لم تحدث أي فتن أو مشاكل أو اختلاف بين الناس بل كانوا مترابطين متآلفين متآخين ولم نسمع داخل صنعاء أي شيء من الذي يحصل اليوم حيث كانت صنعاء القديمة بعيدة كل البعد عن الممحاكات السياسية ولا يوجد ما نراه اليوم من عداء وبغضاء بين الناس.
وأتذكر أنه في حصار السبعين أقفلت جميع الطرق والمنافذ على صنعاء إلا أن الماء كان متوفراٍ والكهرباء متوفرة على مدار الساعة ولم تنقطع إلا أوقات للاحتياط من وقوع أي ضربة.
وأتذكر أن الناس كانوا يسكنون في الطوابق السفلى من البيوت (الأحرر) وذلك بتوجيهات الدولة للاحتماء من الإصابات.
أما بالنسبة للخوف فأعتقد أن الناس كانوا بمنتهى الشجاعة وكانوا يجابهون الحصار وحياتهم طبيعية, وكانوا يذهبون للعمل والبيع والشراء في الأسواق وكأن شيئاٍ لم يحصل كان هناك حظر تجول لأيام طفيفة للحماية ولا يوجد شيء سوى ذلك لمنع الناس من الحياة الطبيعية كنا نذهب ونأتي ونلعب دمنة وبطة في الشارع والمساجد كانت زاخرة بالعبادة والأسواق بالتجارة والباعة والمشتريين وكانت الأسعار رخيصة جداٍ وأتذكر أن سعر الكيس السكر (100 كيلو) 18 ريالاٍ وكيس الأرز (100 كيلو) 18 ريالاٍ أيضاٍ كان مدير التمويل أيامها علي بن علي السنيدار وكان لديه هوس في توريد المواد الغذائية لصنعاء, ولم نشعر بأن الطريق مقطوعة, وعندما انعدم السكر كنا نستبدل بسكر النبات حيث لم يحصل الضيق والمعاناة التي حدثت في الوقت الحالي, كان الناس متآلفين, نعم كانوا قلة لكن كانت الأمانة قوية ولها مفهوم هو الرابطة والأخوة والعلاقات الطيبة حيث كان الجار يتأمل جاره إذا لم ير دخاناٍ الوقيد صاعدا من بيته, فإنه في حاجة أو ضائقة ليسرع لمساعدته فكانت روح التعاون والترابط قوية, فهذا البيت يمد البيت الآخر الذي جواره حيث كانت الألفة وكان الناس مترابطين وعلى قلب رجل واحد, بالرغم من أن هذا يؤيد الإمام وذاك يؤيد الثورة لا توجد الحساسيات الحزبية القائمة اليوم نتيجة الجهل بالثقافة الحزبية والديمقراطية الصحيحة, علاقات اليوم أصبحت تنسينا الطيبة التي بين الناس والتي تميز بها اليمنيون عامة والمجتمع الصنعاني في أيام الحصار خاصة, حتى تم الانتصار على الحصار ودحره.
مقاومة شعيبة
< حمود حسين صالح يقول: أنا كنت في مصنع الغزل والنسيج عندما وقع حصار السبعين وقد تم تسليحنا ببنادق تسمى (شيكي) وتم تجميعنا باسم المقاومة الشعبية حيث طلعنا منطقة عصر تحت جبل عيبان ومكثنا شهراٍ للتدريب وتعليم الرماية وشئون القتال وكانوا يأتون بالتمويل للمجندين وبعد الحصار قمنا ببيعها بأربعمائة ورجعنا المصنع أما الحصار فقد تم محاصرة صنعاء سبعين يوماٍ ولم يتعب أو يبال أهل صنعاء مثل حروب هذه الأيام أو الأزمة الحالية.. ويكذب من يقول أنه كانت هناك معاناة بل كانت صنعاء أحسن ما يكون, كل شيء موجود ومتوفر حتى عندما قطعت طريق الحديدة عندما تم تفجير الجسر الذي في(مند) لم تنقطع الحياة كما انقطعت هذه الأيام كانت الظروف مغايرة تماماٍ.. أما الضرب فقد كانوا يضربون من عيبان (دانات) القذائف إلى شرارة (حاليا التحرير) ووصلت إلى باب السبح حيث أخذت بيت الكتف فقتل العزي الكتف مع ابنه واثنان مقاوتة والباقي لشرارة وضرب المطار الجنوبي (حاليا منطقة السبعين) ووصلت القذائف إلى قاع العلفي باب القاع ولم تصل (الدانات) للبيوت والحارات بصنعاء القديمة عدا بيت الكتف في باب السبح.
أما بالنسبة للحالة الأمنية فلم يوجد أي حالة طوارئ نحن كنا عمالاٍ في المصنع ومن الحارات والأمن نشكل المقاومة الشعبية ونحمي الحارات وكان يتم التسليح في المؤسسات لكي يدافع الناس عن بلادهم وكانت الملكية في عيبان وبني حشيش الذين كانوا من الحرس بقيادة قاسم منصر مستمرين بالحصار والحرب سبعين يوماٍ مرت على صنعاء بالحصار وبالرغم من ذلك لم يعرف أهلها ما عرفوه خلال هذه الأزمة الأخيرة من أحوال وأوضاع سيئة تعتبر أزمة طاحنة أنهكت الناس أما حصار السبعين يوماٍ فكان اسماٍ فقط لكن الموارد الغذائية متوفرة بالأسواق والبيوت مليئة بالخير ولا يوجد غلاء أو تعب, كما في هذه الأزمة الأخيرة.. كانت المستشفيات موجودة, المستشفى العسكري وكان يسمى مستشفى الحوادث والمستشفى الجمهوري.. في حصار السبعين كانت الأمور في خير.. أي بيت كان بيتك وما عندك عند جارك حيث كانوا مترابطين بقوة بعكس اليوم حيث وجد العداء والعنصرية والمناطقية ولم يوجد في الماضي احتياج للتموين حتى عندما انعدم السكر كنا نستبدله بسكر الرأس وبالنسبة للحبوب الناس كانت معهم براميل والأسواق ممتلئة لأن الناس كانوا حريصين نتيجة أيام الجفاف التي حصلت في نهاية الأربعينيات لذلك تجد كل بيت لدية مخزونه الخاص للدهر.
قوة معنوية
< العقيد حسين صالح الجدري يقول: الحصار أحكم على صنعاء من أربع جهات, الأول معسكرا بيت عذران ومعسكر المظلات بقيادة العقيد عبود وقائد سلاح المظلات ومنطقة عصر مقاطع الذيبة تحت جبل عيبان وفيها اللواء العسكري بقيادة المقدم طاهر الشهاري وفي الموقعين المقاومة الشعبية بجانب المعسكر تكونت من عمال مصنع الغزل والنسيج وشباب الحارات في مدينة صنعاء القديمة وطلاب المدارس وقد تم التسليح لجميع القادرين على حمل السلاح وقاد هذا التنظيم الشعبي العقيد علي سيف الخولاني حيث حوصرت صنعاء من أربعة جوانب من طريق الحديدة ومن طريق تعز منطقة الحفاء والجانب الثالث من جبال بني حشيش بقيادة المرتزقة وكان يقودهم قاسم منصر والجانب الرابع جبل وبيت عذران وعيبان.
وقد تم الهجوم على المعسكرين عذران وعصر بــ300 ألف فرد من المرتزقة وتم الضرب والقصف بالقذائف (الدانات) التي وصلت إلى القصر الجمهوري حيث تضرر الطابق الثالث من جهة جبل عيبان وقد قام جنود المعسكرين بردع قوة المرتزقة ووصلت بعض القذائف (الدانات) إلى منطقة صنعاء القديمة مثلاٍ السائلة وباب السبح وتضررت البيوت وعلى رأسها بيت العزي الكتف وضرب مصنع الغزل والنسيج من جهة قاسم منصر وأتذكر أن الجنود كتبوا برصاص رشاش صنف (12 ونصف) على جبل عصر المطل على منطقة الصباحة شعار الجمهورية أو الموت وذلك إصراراٍ منهم وتمسكاٍ بمبدأ الثورة والجمهورية وقد وصلت القذائف للإذاعة من أجل قطع التواصل بين الثوار والشعب باعتبار الإذاعة هي الدافع النفسي والمعنوي للشعب ولمقاومة الحصار وكان صوت الفنان الآنسي يجلجل أكثر من صوت (الدانات) وقد انتحرت القوات الملكية والمرتزقة من خلال المعارك الضارية وكانت القيادة متمثلة برئيس مجلس الرئاسة متواجدين في معسكر اللواء العاشر في شارع الزبيري حاليا وكان الدافع المعنوي الذي يصدره الشعب يمنح المقاتلين القوة والإصرار بالنصر وبالنسبة لأحوال صنعاء أثناء الحصار لم تختلف على ما قبل الحصار فقد كانت الأمور في خير ويسر ولم توجد ضائقة أو أزمة أبدا وبالنسبة لنقص التمويل على العسكريين فقد تم استخدام الطائرات العمودية لإيصال التموين للجنود بالمعسكرات وظل الوضع بين الناس في تمسك بالجمهورية رغم كل الضغوط الخارجية والحصار وصمدت جميع فئات الشعب حتى علت بشائر النصر بفك طريق الحديدة وتعز وانتحار المرتزقة وانتصرت الثورة مجدداٍ وكانت أمور الناس في خير ويسر ولم توجد أية أزمة في الحصار أبداٍ.
لوزة مش حوزة
< الحاج صالح شعرة يقول: كنت أيام الحصار على صنعاء في المستشفى وكانت تلك الأيام أيام خير حيث كان الحصار نعمة كبيرة المواد الغذائية متوفرة.. كان سعر الكيلو اللحمة بـ35 ريالا والطحين بلاش وكل شيء متوفر ولم يحتج الناس إلى شيء ولم يخف الناس رغم القصف والحروب التي كانت في صالح المرتزقة في البداية, حيث كنا واثقين بالله أما من يقول إن حصار السبعين حصار البطون يكذب فهو (لوزة مش حوزة) حيث الأسواق مفتوحة ومتوفر فيها كل خير والمستشفيات والمساجد والبيوت عامرة بالخير إلى أن تم فتح طريق الحديدة وسبرت الأمور وأعاننا الله .
أنباء الحصار
< الحاجة آمنة الغيل من سكان حارة الخراز تقول: كانت أيام الحصار وأنا نفاس بابني الأكبر وكانت الظروف الأمنية جيدة وكن النساء يأتين للتفرطة عندي حتى المغرب حيث كانت التفرطة مكان القيل والقال عن الحرب والأخبار والأحداث, ومع ذلك لم أسمع واحدة تشكو من ضيق الحال أو ضعف الرزق أو قلة المؤونة (الطحين) بل كانت أنواع الكعك والذمول والكبان متواجدة والقهوة والخير وارد وكانت أحاديث النساء عن القتلى في صفوف الجنود والملكية والعائلات الفارة من الأسرة المتوكلية وأحيانا كن حذرات من أن يصل الكلام للرجال وبالذات أن أسراٍ متوكلية ومؤيدة للأسرة المتوكلية لازالت متواجدة بين أوساط المجتمع إلا أن الحصار ما اتصف يوم بقلة الرزق أو انعدم شيء كل شيء متوفر والخير وارد واستمرت حياتنا بكل طقوسها ولم نتأثر أبدا ومات الكثير من أبنائنا وخسرنا الكثير إلا أننا لم نعان في الحصار مثل ما عانى الناس الآن ومع ذلك فالدنيا في خير.