
لقاء / محمد غبسي –
الصحف لم تتبنى رسام الكاريكاتير بعد
في محاولة لمعرفة الثمار التي جناها الشعب خصوصا بعد ثورة الـ 26 من سبتمبر الخالدة والتي مثلت البوابة الأولى للخروج من الظلام ودخول العصر بمعية الشعوب الأخرى ..
نسلط الضوء على جانب مهم في حياتنا اليومية ..انه فن الكاريكاتير والذي يعد عنصرا أساسيا في الفعل الثوري الصحفي المستمر ..وفي هذا الحوار مع أحد أبرز رواد هذا الفن نحاول أن نسرد جانبا من الرحلة الساخرة ..مع صاحب الريشة المتمردة في الواقع منذ منتصف الثمانينيات الفنان /صالح علي الحنشي يتحدث عن ظهور الكاريكاتير في اليمن وبدايته في هذا المجال وكذا علاقة الرسام بإدارات التحرير
متى بدأ ظهور الكاريكاتير في اليمن ¿
حسب اطلاعي وبحسب ما وصل الينا من صحف ان الفنان عبدالمجيد عراسي هو اول من رسم الكاريكاتير .. وعمل رسام كاريكاتير في مجلة أنغام منذ مطلع العام 1963م والتي كانت تصدر في عدن .. اظن ان هذه هي بداية فن الكاريكاتير في اليمن ولم اسمع ان أحداٍ قد رسم الكاريكاتير في اليمن قبل هذا التاريخ .
> ما تأثير ثورة سبتمبر على هذا الفن من وجهة نظرك..¿
– حقيقة لا يوجد لدينا كاريكاتير قبل هذا التاريخ و لنكون صادقين فالكاريكاتير فن لا يمكن له الازدهار إلا في فضاءات الحرية .. وثورتا سبتمبر واكتوبر مثلتا بداية الطريق الصحيح الى ذلك الفضاء الذي اكتمل بتحقيق الوحدة والتي اقترنت بالتعددية السياسية والحريات الإعلامية والصحفية فشكلت تاريخا فاصلا ونقلة نوعية لهذا الفن .. هذا الفضاء من الحرية هو من ساهم في ميلاد مجلة كاريكاتيرية متخصصة مجلة ” صم بم ” التي اصدرها الفقيد الاستاذ عصام سعيد سالم في عدن في نوفمبر عام 1992.. بل وشهدت هذه الفترة وما تلاها ميلاد عدد من رسامي الكاريكاتير .. عدد ربما يفوق العشرات.. بينما لو عدنا الى فترة ما قبل عام 90. لن نجد اكثر من اثنين الى ثلاثة رسامي كاريكاتير في كل شطر شمالا وجنوبا..
كيف بدأت علاقة الرسام بإدارات التحرير ..¿
.. بدأت علاقة رسام الكاريكاتير بإدارات التحرير ضعيفة جداٍ.. ذلك لأن إدارات التحرير في الاغلب تعاني من الامية الكاريكاتيرية .. ولم يطرأ اي تحسن على هذه العلاقة حتى اليوم ولن يطرأ الا اذا تفهمت هذه الإدارات معنى الكاريكاتير وأعطته الحرية والمساحة الكافية كمادة صحفية تزيد أهميتها ولا تقل عن الخبر والعمود والتحقيق.. انظر الى المساحة التي تعطى للكاريكاتير على صفحات الصحف.. يحشر العمل الكاريكاتوري في تابوت ضيق جدا على أخيرة بعض الصحف قد لا يتمكن من رؤيته الا من يمتلك قدرات زرقاء اليمامة في قوة الملاحظة
ماذاعن بدايتك وعلاقتك مع أول صحيفة رسمت لها …¿
.. كانت بدايتي في العام 1987 اثناء الدراسة بكلية التربية زنجبار في نشرة داخلية كانت تصدر في زنجبار اسمها دفاع يراس تحريرها الاستاذ عبدالله أحمد يحيى الذي يعد صاحب الفضل في تشجيعي في بداياتي . واشهد ان هذا الرجل يملك قدرات وملكات صحفية فذة قد لا يملكها غيره..و في نهاية ثمانينات القرن الماضي مع صحيفة صوت العمال التي كانت اكثر الصحف انتشارا في الجنوب واكثرها حرية ..لحسن حظي كانت بدايتي استثنائية .. فقد نشرت أول أعمالي على صفحات صوت العمال الأكثر انتشارا وكانت قد نشرت لي أعمالاٍ كاريكاتيرية في صفحة كاملة .. كان ذلك بالنسبة لي إنجازا كبيرا منحني دافعا قويا وحافزا كبيرا . وكانت تفرد صفحة كاملة لرسوماتي وذلك تكريم معنوي كبير من صحيفة مقروءة كصوت العمال ..واتذكر ان اول عمل كاريكاتوري كان قد نشر في صوت العمال وتصادف نشره مع وجود صحفي عربي يعمل بمجلة اليوم السابع الصادرة في باريس جاء ليعمل تحقيق عن الإصلاحات في الجنوب .. واختار احد اعمالي الكاريكاتورية ليكون غلاف مجلة اليوم السابع في ذلك الحين .. كعنوان للتحقيق الصحفي الذي كان قد عمله عن الاصلاحات في جنوب اليمن . ثم عملت مساهما من وقت لآخر في صحيفة الثوري وصحيفة 14اكتوبر
ألا تعتقد بأن الكاريكاتير لعب دورا ما ولو محدود في الفترة الممتدة من الستينيات الى التسعينيات..¿
رغم ان العمل الكاريكاتوري لم يأخذ حقه على صفحات صحفنا إلا انه قد أثر بالتأكيد وكان له جمهوره . وقد لاحظنا شعبية هذا الفن من خلال الصحف التي حظيت بمتابعة واسعة لإهتمامها بالكاريكاتير..و بما إن رسوماته تصل إلى القراء فإنه يكون قد أثر في المجتمع.. لكن يظل تأثيراٍ محدودا فتأثير الصحافة اجمالا ما يزال محدوداٍ خصوصا في مجتمع مازالت الأمية تشغل حيزا واسعا في خارطته.
> هل نشرت في أحد إصدارات مؤسسة الثورة ..¿
– ربطتني علاقة قديمة بالأستاذ القدير حسن عبدالوارث من ايام عمله بصحيفة الثوري الناطقة باسم الحزب الاشتراكي وحين أوكلت اليه مهمة رئاسة تحرير صحيفة الوحدة اتصل بي وعملت بصحيفة الوحدة رسام كاريكاتير لفترة تصل الى اكثر من عام.. وبالمناسبة الاستاذ حسن عبدالوارث من القلة من رؤساء التحرير المهتمين بفن الكاريكاتير والعمل معه دائما كان متميزا..
كذلك عملت رسام كاريكاتير بصحيفة الرياضة الصادرة عن مؤسسة الثورة واستمررت في العمل ما يقارب من ثلاث سنوات.. الاستاذ عبدالله الصعفاني كان ايضا مهتما بالرسم الكاريكاتير .. كانت فترة عملي بصحيفة الرياضة فترة متميزة . خصوصا وانني استقطبت جمهور الرياضة الذي كنت غائبا عنه قبلها لانشغالي بالكاريكاتير السياسي
الصحف _هل تبنت رسام الكاريكاتير ..¿
.. الصحف عندنا يأتي اليها رسام الكاريكاتير وقد امتلك ادوات هذا الفن ومع ذلك لا يجد الرعاية ولا يجد حتى ولو قليلا من المكانة التي يجب ان يكون عليها.. فكيف لهذه الصحف ان تتبني رسامي الكاريكاتير..! وعندما تتكون علاقة بين رسام معين وصحيفة ما قد تدوم لوقت معين ولكن سرعان ما تنتهي هذه العلاقة لأن قدرة رسام الكاريكاتير محدودة الصبر على سوء التعامل..
في غياب التربية الفنية عن مناهج التعليم وبيئتنا المحافظة و وتعثر الصحافة عموما منذ الستينيات الى اليوم هل يمكن أن يصنف رسامو الكاريكاتير في بلادنا بأنهم خارقون..¿
-احسنت التعبير والتوصيف حين قلت خارقون .. فعلا رسام الكاريكاتير اليمني خارق والا لما نجح . ليس لغياب العوامل التي ذكرتها انت وانما .. للواقع الذي نعيشه .. فالواقع كاريكاتيري اصلا . وفي واقع كاريكاتيري تصبح مهمة رسام الكاريكاتير مضاعفة مقارنة بغيره في بلد آخر… فبإمكانك مثلا ان تلتقط بالكاميراء صورا فوتوغرافية من الشارع قمة في السخرية قد تضاهي اجدع عمل كاريكاتيري.. وفي واقع كهذا لا يستطيع إنجاز عمل كاريكاتوري إلا فنان ذو قدرات خارقة .. الكاريكاتير اصلا هو المبالغة في طرح التصورات أو الوصف لأي ظاهرة .. مبالغة لكن لها شروطها وقوانينها التي لا يجيدها غير رسام الكاريكاتير المتميز.. فمثلا اذا طرحت ظاهرة الرشوة .. فكيف ستطرح هذه القضية في وجود هذه الظاهرة تمارس بشكل شبه مشروع وعلى الملأ.. لا يمكن إجادة الطرح الا اذا قلبت الامور راسا على عقب .. مثلا ان اصور مواطنا مصابا بالدهشة لأن ثمة موظفاٍ لا يقبل الرشوة ..!!
> من من الرسامين الذين أثروا في الساحة وناضلوا من أجل قضايا المجتمع..¿
– محمد الشيباني ظاهرة كاريكاتيرية . وفنان حقيقي . لكن للأسف خذله الجميع وأحبط . وفي رأيي الشخصي محمد الشيباني فنان كبير وصاحب تجربة كبيرة لم يصل اليها أحد الى الآن في اليمن. محمد الشيباني وعدنان جمن يكادا يكونان عنوانا لفن الكاريكاتير اليمني..