العزاني ..إبداع جميل تجاهله الإعلام


معاذ القرشي –
الفنان محمد صالح العزاني -رحمه الله- واحدا◌ٍ من الذين أسسوا مدرسة غنائية لازالت قادرة على التأثير وخلق مبدعين مع أن صخب الفن الحديث هو الطاغي, لكن ثمة جمهورا◌ٍ واسعا◌ٍ لايزال يحن لفنه الجميل.
في الزمن الذي ظهر فيه كثير من الفنانين وبدأوا بتقليد فنانين قبلهم جاء العزاني بفن يحمل بصماته وذائقته الفنية, لهذا تفاعل معها الجمهور وحفظها عن ظهر قلب.
لقد اجتمع في فن العزاني الكلمة المعبرة واللحن القادر على أسر أذان المستمعين وصوت رائع تعشقه الجماهير دون مقدمات وبدون حواجز لغوية, فهو تعامل باللجهة الشعبية التي يفهمها كل الناس.
في أغنيته “صدفة التقينا” يضع تساؤلات عدة وهي الصفة الغالبة في غناء العزاني:
صدفة التقينا وشفتك فين
وفين جلسنا سوى يازين
ذكرت فين شفتك
ياخلي وقابلتك
إنه تساؤل مع الحبيب الذي أحبه, لكنه غاب عنه ومع مرور الأيام نسي هذا المحبوب فلما شاهده حاول مرة أخرى أن يذكره أين التقاه وكأنه يقدم محاولة ولو للمرة الأخيرة لاستعادة هذا الحب.
وفي أغنية أخرى لا تقل روعة عن الأولى يتحدث في أغنية ” مثل الآمال وكثر” يصف الحبيب تارة بالقمح وهو وصف بليغ ومقاربة فنية رائعة كون الحب كما حبة القمح الاثنان لاغنى عنهما إن في هذه الأغنية سمفونية عشق معجونة بتراب الأرض وضوء الفجر وسنابل القمح والورود الجميلة:
مثل الآمال وكثر
أحب فيك القمح
في أرضه السمراء
ما يمتحي في القلب
كل يوم وله ذكرى
وفي العيون الخضر
كلام يقلي اقرأ
أنك عرفت الحب وصرت به أدرى
حين تلتقي النظرة أنت وأنا مرة
اليوم وقال بكرة
أحب فيك الورد وسط الخدود فواح
والنور نور الفجر على الجبين وضøاء
لجلك وهبت العمر الماضي ولي راح
منشان ذي البسمة على الشفاه ترتاح
الحب لك يكبر
العزاني¡ العندليب اليمني الذي رحل¡ كان ينظر إلى الفن كرسالة سامية¡ لم يهتم كثيرا◌ٍ بما سيجنيه من هذا الفن¡ مع أنه لم يجنö منه إلا الغدر¡ فذهب ضحية غيرة لا عقل لها.
نستطيع القول إن العزاني¡ الفنان الجميل¡ الضحية الأكبر للشهرة¡ نعم إن مسيرة حياته قليلة بالسنوات¡ لكن إذا قيست بما أنتجه فنيا◌ٍ فإنه صاحب نتاج فني لا يزال حاضرا◌ٍ حتى بعد رحيله¡ وهذا هو الرصيد الحقيقي الذي يبقى في ذاكرة الناس الذين غنøى العزاني من أجلهم.
ومع ما يمتلكه هذا الفنان من روائع غنائية تعيدنا إلى زمن الفن الأصيل والهادف¡ إلا أن القنوات الفضائية اليمنية – باستثناء قناة «عدن» وأحيانا◌ٍ قناة «السعيدة» – لم تعطö إبداعاته الفنية حقها من الانتشار بدلا◌ٍ من قتل أحاسيس المستمعين والمشاهدين بأغان◌ُ يغدو إطلاق اسم أغنية عليها جريمة يجب العقاب عليها.
لماذا لا تزين القنوات الفضائية اليمنية شاشاتها بروائع هذا الرجل للحفاظ على الذائقة الفنية للمستمعين والمشاهدين وتحترم عقولهم¿
إنها رسالة لقنواتنا الفضائية اليمنية نتمنى أن تتفاعل معها إيجابا◌ٍ.

قد يعجبك ايضا