الزاة


جمال عبدالحميد عبدالمغني> –
والسؤال هنا من المكلف بجباية الزكاة من أفراد المجتمع¿
– الإجابة على هذا السؤال إن المكلف بجباية الزكاة هو الوالي أو الحاكم أو رئىس الدولة أو الهيئة المكلفة بهذه الوظيفة بموجب الدستور والقوانين النافذة في أي بلد وعلى كل مسلم ومسلمة تسليمها بكل أمانة إلى الخزينة العامة سواءٍ كانت زكاة عروض التجارة أو زكاة الزروع أو زكاة الأنفس أو غيرها ولكل زكاة مقدار وموعد يجب الالتزام به وتقع المسؤولية بعد ذلك على ولي الأمر أمام الله وأمام دافعي الزكاة الذين هم الشعب بكل شرائحه وولي الأمر مسؤول عن طريق إنفاق الزكاة في مصارفها الصحيحة الثمانية وأي دفع لهذه الزكاة إلى غير خزينة الدولة هو بمثابة أداء ناقص للفريضة أو مخالفة لشرع الله وإذا كان الناس قد أجتهدوا في الماضي بأن يدفعوا جزء للدولة والجزء الآخر يخرجونه لأشخاص أو أسر معينة وحجتهم أن النظام فاسد وأموالهم لا تذهب إلى مستحقيها فهذا اجتهاد الله وحده هو الذي سيتولى محاسبة عباده على ما مضى لكن اليوم وبعد التغيير يجب أن يجرب الوالي الجديد وحكومته الجديدة ويجب على دافعي الزكاة وبالذات التجار منهم أن يسددوا كل الزكاة بكل أمانة إلى الخزينة العامة وعلى الدولة أن تنفقها كما أمر الله.
> الفرائض التي فرضها الله سبحانه وتعالى يجب أن تؤدي كما أمر الله في مقاديرها وأوقاتها وأماكنها الحقيقية فلا يمكن أن تحج إلى القاهرة أو بيروت مثلاٍ وتقول أنا أديت فريضة الحج يجب أن تحج إلى بيت الله الحرام بمكة في الموعد المحدد وتؤدي المناسك والشعائر كما أْمرت ولا يمكن أيضاٍ أن تصوم من الثانية عشرة ظهراٍ إلى الواحدة بعد منتصف الليل مثلاٍ وتقول أنا أديت فريضة الصوم …… ثلاث عشرة ساعة يومياٍ في شهر رمضان وكذلك لا يمكن أن تواضب على أداء بعض الحركات الرياضية ضمن خمس مرات في اليوم وتقول أنا أصلي فلا بد من أداء الصلاة بالشكل الذي بينها الشرع بما فيها من ركوع وسجود وتسبيح وتلاوة وغير ذلك.
وبالمثل فإن ركن الزكاة لا بد أن يؤدي بالشكل المحدد والمقدار المعلوم وبالتوقيت المتفق عليه وتذهب الزكاة إلى الجهة المخولة شرعاٍ بالجباية وعلى الدولة أن تلزم بإنفاقها في مصارفها الثمانية ولا بأس أن يدفع التجار إن أرادوا مبالغ أخرى لجيرانهم المحتاجين أو مواطني قريتهم أو مدينتهم المستحقين أو إذا وسع الله عليهم لا يمنع أن تصل صدقاتهم وأعمالهم الخيرية إلى كل ربوع أوطانهم بشرط أن تكون هذه الأموال خارج بطاقة الزكاة أو الضرائب مثلاٍ والغريب أن المواطن المسكين أو الموظف المحدود الداخل هو الذي يحرص على دفع الزكاة المفروضه عليه وعلى أسرته بكل أمانة أما باستقطاعها من مرتبه مباشرة أو بإيصالها إلى الموظفين المختصين الواقفين بالمساجد قبل صلاة العيد.
> الخلاصة:
– إن الزكاة ركن من أركان الإسلام لا يكتمل إسلام المرء إلا بأدائها.
– يجب أداءها بالقدر المفروض إلى المخول شرعاٍ بجبايتها والحكمة الإلهية من ذلك رفع الحرج عن المستحقين للزكاة لأنهم عندما يحصلون عليها من الدولة يشعرون بأنهم يأخذون مستحقات قانونية وشرعية وعندما يأخذونها من التاجر يشعرون بالذل والمهانة كما يتعامل بعض التجار مع هؤلاء المستحقين بنوع من المن والإحتقار.
– مع تسليمنا بأن الغالبية العظمى من التجار يخرجون الزكاة بصورة صادقة وسليمة لكنهم عندما ينفقونها بمعرفتهم وبشكل مخالف للشرع والقانون يهدفون إلى ما يلي:
– شراء الولاءات والذمم بل وتقمص دور الدولة بأموال الدولة ومعنى ذلك الانتقاص من سيادة الدولة وخلق شعور لدى الناس بأن هؤلاء المحسنين أهم من الدولة.
– خلال العقدين الماضيين على الأقل درج التجار على استخدام وسيلة أخطر حيث يقومون بإنفاق جزء كبير من الزكاة على مسؤولين كبار وزراء ووكلاء وقادة عسكريين ومدراء عموم وبمبالغ كبيرة جداٍ وكلَ حسب منصبه وأهميته والعادة هذه مستمرة في كل عام وبالتحديد في شهر رمضان وهذه العطايا مقرونة ببقاء الشخص في المنصب المهم والهدف واضح وهو إذلال المسؤولين وتمرير معاملات التجار المخالفة للقانون من بعد رمضان إلى رمضان القادم بكل خضوع وتوفير الحماية لمخالفاتهم وتجاوزاتهم من الموظفين الصغار الذين لا تصلهم هذه العطايا.
– وهناك سر خطير لا بد من كشفه للقراء الكرام وهو أنه لو دفع التاجر زكاة عروض التجارة بشكل سليم إلى ضريبة الدولة وهو ربع العشر أو 2.5% من الأرباح فإن ذلك سيوفر دليلاٍ قاطعاٍ لدى مصلحة الضرائب لجباية ضريبة الأرباح التي تتراوح بين 50% و35% و20% و15% بحسب القانون الجديد وهناك نكته يرددها البعض بأن معظم ما ينفقونه في رمضان هي من زكاة استثماراتهم في الخارج وهم يعلمون أن منشآتهم في الخارج هي من التهربات الضريبية المتراكمة منذ بداية ممارسة التجارة في الداخل ولم تهبط مشاريعهم الخارجي من السماء.

قد يعجبك ايضا