* ها هو الشهر الكريم يمر سريعاٍ ويمضي ثلثه الأول فهل شعرنا لماذا فرض هذا الشهر العظيم¿ يجب علينا ألا ننسى الغاية التي لأجلها شرع الله الصيام فإذا كنا سنجوع ونظمأ دون أن نحس بمعاناة الفقراء فما حققنا مراد الله من فرض الصوم (لعلكم تتقون) فمن أهم شروط التقوى الإنفاق في سبيل الله على المحتاجين والفقراء خاصة في شهر مضاعفة الأجور. حول هذا الموضوع التقينا بالداعية الإسلامية فضيلة الشيخ جميل عطية خطيب جامع التقوى:
التقوى والإيمان في الإنفاق
في بداية حديثه يقول الشيخ جميل عطية: من أهم شروط التقوى الإنفاق فالله تبارك وتعالى يقول: (فأما من أعطى واتقى) ويقول (وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى) وقد يقول قائل ولكن الله تعالى يقول: (فاتقوا الله ما استطعتم) تعالوا معي نكمل قراءة الآية (واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيراٍ لأنفسكم) ولنتذكر وعد الله للمتقين بجنة عرضها السموات والأرض فقد ذكر أول صفة لهم ألا وهي (الذين ينفقون في السراء والضراء) كما أن الإنفاق من أهم شروط الإيمان الحق فلنتدبر قول الله في سورة الأنفال: (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناٍ وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقا).
ومن قدر عليه رزقه فلينفق
قد يقول قائل الدخل محدود والالتزامات كثيرة ويكفي الإنفاق على الأهل ولكن يؤكد الشيخ ومن كلام ربنا عز وجل أن على كل واحد منا الإنفاق قدر استطاعته (لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه) لم يقل ربنا أن ليس عليه الإنفاق بل أكد بلام التوكيد (فلينفق مما آتاه الله) وفي الحديث: “لا يؤمن من بات شبعان وجاره إلى جنبه جائع وهو يعلم” بل نجد نبينا الكريم يوصي أبا ذر على فقره قائلا: “إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك” ويقول لبلال: “أنفق يا بلال ولا تخش من ذي العرش إقلالاٍ”.
سيد المنفقين
وعن حال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مع الإنفاق يقول الشيخ جميل: نبينا الكريم كان فقيرا أليس هو القائل: “اللهم أحييني مسكيناٍ وأمتني مسكيناٍ واحشرني في زمرة المساكين” ومع ذلك كان صلى الله عليه وآله وسلم أجود من الريح المرسلة كما يصفه أصحابه وكان أجود ما يكون في شهر رمضان.
وعد الله ووعد إبليس
الإنسان بطبعه يخاف من المستقبل مما يدفعه إلى الشح ومن هنا يؤكد الشيخ على أن هذا هو الواقع فقد بين الله ذلك بقوله: (الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا) فقد تقدم ذكر وعد إبليس لكثرة من يصدقه وليس لصدق وعده فعلى المسلم أن يتذكر أنه (ومن أصدق من الله قيلا) فوعد ربنا واقع لا محالة فالله تبارك وتعالى وعدنا بالعطاء (وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه) وهو عز وجل لا ينسى بل يكتب كل شيء (وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه).
الإنفاق والآخرة
يقول شيخنا الكريم: البخيل مكذب بيوم القيامة حيث ذكر الله ذلك في قوله: (أرأيت الذي يكذب بيوم الدين فذلك الذي يدع اليتم ولا يحض على طعام المسكين) وفي سورة الفجر ذكر الله أربع صفات كلها متعلقة بالمال والإنفاق من وجدت فيه عذب يوم القيامة أشد العذاب ووثق أشد الوثاق (كلا بل لا تكرمون اليتيم ولا تحاضون على طعام المسكين وتأكلون التراث أكلا لما وتحبون المال حباٍ جما) وفي يوم القيامة لابد من اجتياز عقبة كؤود يقول عنها ربنا: (فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة) فقد بين ربنا أنه لن يجتازها إلا من أعطى بسخاء في الدنيا.
تزكية وتطهير
ويؤكد الشيخ عطية أن الإنفاق في سبيل الله من أهم وسائل تطهير النفس وتزكيتها مصداقاٍ لقوله تعالى: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها).
أجور مضاعفة
الحسنة في ديننا بعشر أمثالها إلا الصدقة فإن أجرها لا حد له كما يقول الشيخ جميل عطية فقد وعد الله المنفق في سبيله بسبعمائة ضعف وأكثر (مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء).
نصر وبركة
ويشير الشيخ إلى ضرورة التراحم بين أبناء الأمة “ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء” وقد يقول قائل رحمة الله واسعة وليس الإنفاق ضروريا لنيلها فلنقرأ قول الله عز وجل: (ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون) فلا بد من تفقد الجيران والمحتاجين ففي الحديث “إنما تنصرون بضعفائكم” فبدعائهم يأتي نصر الله كما أن الله وكل بنا ملكين يقول أحدهما اللهم أعط منفقاٍ خلفا ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا فالبخل ينزع البركة من الرزق.
ويوصي الشيخ في نهاية حديثه المسلمين بالتراحم فيمابينهم والإنفاق بسخاء خاصة في شهر رمضان شهر التقوى.