من مشارف مدينة يريم جنوباٍ وحتى أطراف مدينة كتاب الواقعة نهاية قاع الحقل الفسيح تمتدْ عْزلةْ بني مْنبه التابعة لمديرية يريم بمحافظة إب,والتي تمتدْ أيضاْ من مفرق إريان بمدينة يريم إلى مشارف عزلة بني مسلم التابعة لمديرية القفر غرباٍ عند قرية صرحة التي تعتبر نهاية قاع الحقل الفسيح والمنبسط وبداية الجبال الوعرة المٍطلة على مديرية القفر بأوديتها وجبالها وقراها المتناثرة في أحضان الشعاب والوهاد. وتْعتِبِر هي قلب مخلاف يحصْب الشهير.
الوصول إلى عزلة بني مْنبه ليس صعباٍ,حيثْ يشقْها طريق (يريم-إريان) الإسفلتي من الشرق إلى الغرب,وعلى الجهة الأخرى يشقها الطريق الرئيسي الواصل بين صنعاء وتعز من الشمال عند مدينة يريم إلى الجنوب عند مشارف مدينة كتاب,حيثْ هناك قرية المنزل الواقعة على الخط الإسفلتي الواقع بين يريم وكتاب التي هي آخر القرى التابعة لعزلة بني مْنبه من جهة الجنوب مجاورةٍ عزلة إرياب التي تعتبر قرية الحزة وكتاب بدايتها.
وإلى الشرق من قرية المنزل التي تشتهر ببيع البطاطس على الخط الإسفلتي بواسطة المطبات المتتالية التي تتسبب في الكثير من الحوادث للسيارات التي تتفاجأ بهذه المطبات وسط ذلك السهل الفسيح..إلى الشرق منها تقع قرية رباط القلعة التي تزينها القلعة وتْظهرْها من مسافة بعيدة.
وقرية الرباط تعتبرْ مفترق طرق بين مديرية يريم وقاع الحقل ومديرية السدة ومنطقة ظفار التاريخية وعزلة الأعماس,بحكم موقعها المتوسط في قلب قاع الحقل الشهير.. وفي هذه القرية التابعة لبني منبه لا تزال الطبيعة البكر على عهدها لم تْصبها ملوثات المدنية الحديثة رغم مرور أكثر من خط إسفلتي منها,حيثْ يمكن للزائر مشاهدة الأغنام والماعز والأبقار لا تزال تنتشر بكثافة,وهناك العديد من القطعان التي يختص أصحابها بتربيتها من أجل البيع وليس للاكتفاء الذاتي فقط كما يفعل غالبية السكان الذين يقومون بتربية الأغنام والبقر والماعز من أجل الاكتفاء الذاتي,فيما يقوم البعض باحتراف تربية الماشية,وبالذات الأغنام والماعز من أجل بيعها كلحوم وأضاحي عيدية,الأمر الذي يضمن لهم دخلاٍ مناسباٍ,حيث ومعظم السكان ليسوا موظفين,ما يدفعهم لإيجاد وسائل ومصادر عيش متعددة,ومنها الزراعة والرعي.
يشجعهم على ذلك البيئة والنقية والطبيعة الزراعية الخلابة والمراعي الخصبة التي تنتشر في ربوع المنطقة بأكملها. وهذا لا يجعلهم يتحملون مشاقاٍ كبيرة,لأن البيئة المحيطة توفر لهم معظم ما يحتاجون من الحبوب واللحوم والخضار,فالمنطقة تزرع الشعير والقمح بكميات كبيرة,إلى جانب الدخن والعدس والفول والبطاطس والقِضúب (البرسيم) الذي تجدهْ أمامك أنى توجهتِ في قرى عزلة بني منبُه وقاع الحقل الخصيب.
ولعل قرية (مِنúكِث) الواقعة إلى الشرق من قاع الحقل أشهر قْرى عزلة بني منبه تاريخياٍ,حيثْ وهي مسقط رأس حكيم اليمن علي ابن زائد أو كما يقول أهل المنطقة (علي ولúد زايد) الذي اشتهر في طول اليمن وعرضها بأقواله وأحكامه الزراعية والاجتماعية مما يْلامسْهْ الناس في حياتهم اليومية.
وقد ذكرِ علي ابن زائد قرية (منكث) بقوله الذي يعتب به على بنات القرية اللائي كْنِ يتهامسن بكلام الشين حين هربتú ابنتْهْ بِدúرِة مع عشيقُ لها إلى مدينة تعز التي كانت تسمى آنذاك (العدينة),فقال:
بالله يابيضú مِنúكِثú * * كْثúرِ الكلام قِصريúنهú
بِدúرِةú تعشتú بمنكث * * وصبحتú بالعدينةú
والله ياراس بدرة * * مِعúذر لكن ماترينه
وفعلاٍ وفى وأبرِ بقِسِمه بعد أن غاب فترة وهو متخفُ بزي غريب حتى وجد ابنتِهْ وقتلِها وقطعِ رأسِها وعاد به إلى منكث ووضعِهْ فوق بئر الماء الذي تِردْهْ فتياتْ القرية ليقطع بذلك ألسنتِهْن التي كانت تتحدثْ بالسوء عن بدرة.
وبالنسبة لي أشك في صحة رواية هذه الحادثة المنسوبة لعلي بن زائد لأسباب عديدة ليس هنا مجال شرحها.
كذلك من أهم وأشهر المناطق والقْرى في عزلة بني منبه قرية ذْمúران التي تْعتِبِرْ عاصمة العزلة ومن أكبر قْراها,وهي مقر مشايخ العْزلة من آل عامر أحمد أو ذْمران,ومنهم وكيل وزارة الكهرباء الشيخ عادل عبدالرحمن ذْمران.وتقع هذه القرية الكبيرة والواسعة في غرب عْزلة بني منبه على الطريق الإسفلتي الذي يصل مدينة يريم بمنطقة إريان ومديرية القفر.وقد أنعشها الخط الإسفلتي بشكل كبير,ومكنها من اللحاق بركب المدنية الحديثة,وانتشرت فيها العديد من الآبار الارتوازية والمحلات التجارية.
ومن القرى الشهيرة قرية دخلة عويدين ورباط الشعري والحْصين وذلمان والجرجرة و(ماوة) التي اشتهرتú مؤخراٍ بانتشار مرض السرطان بشكل كبير دون أن يعرف الأطباء والبيئيون سبباٍ لذلك,رغم النزول الميداني لعدد من الفرِق الطبية من وزارة الصحة والمنظمات الدولية التي كِشِفِتú على البيئة المحيطة وفحصتú مكوناتها وحللت المياهِ فيها ولكن دون جدوى لم يتم اكتشاف سبباٍ رئيسياٍ لها حتى الآن.
حين يمرْ المرءْ وسط الحقول المنبسطة في عْزلة بني منبه يشعر بالعودة فعلاٍ إلى أحضان الطبيعة البكر,فهو يمر وسط واحة خضراء من المزروعات داكنة الخْضرة التي يقتات عليها سْكانْ المنطقة,وقلِ أنú يجد أو يرى الزائر مثل تلك المناظر الخلابة التي تأسرْ الألباب.
ومن جميل ما يحرص المواطنون عليه حتى الآن ويتمسكون به هي البساطة في الملبِس والمأكل وكرم الضيافة وحْسúن التعامل مع الزائرين,رغم بوادر المدنية التي غزِتهم مع امتداد الخط الإسفلتي إليهم.هذا إلى جانب الحرص على بناء الكرفان المائية والبرِك الكبيرة التي تحجز المياه لوقت الحاجة,حيث والمنطقة مشهورةَ تاريخياٍ بكثرة السدود التي أْنúشُئِتú على هذه الأرض,وهو ما يْذكرنا بقول الملك الحمúيِري أسعد الكامل الذي قال في هذه الأرض التي كانت
تْسمى تاريخياٍ (أرض يِحúصْب):
وريــدان قصري في ظفــارِ ومنـزلـي * * بها أسِ جـدي دْرِنِا والمناهلا
على البْقúعِة الخضراء من أرض يِحúصْب * * ثمانونِ سِداٍ تِقúذفْ الماءِ سائلا
ومن الأشياء الجميلة في هذه المنطقة والتي يْلاحظْها الزائر بوضوح الطقس والمْناخ الرائع الذي لا تمرْ عليه ساعة من الوقت دون أنú يتبدل أو يتلوِن بالضباب أو الغيم أو الشمس في شكلُ يْشúعرْكِ أنك أمام لوحةُ فنيةُ مْتِعددة الألوان,لكن هذه تفوق كثيراٍ كونها لوحةَ ربانية ذات خصائص فريدة وطبيعية نادرة.
ومن البديهي القول أن مِن يزورْها يظلْ في شوقُ وحنينُ لها حتى يعود مرةٍ أْخرى لتكتحلِ عيناهْ بذلك الجمال الطبيعي الرباني البديع.