وجهت باكستان صفعة قوية للسعودية بعد قرار برلمان إسلام آباد الخاص بعدم المشاركة في عملية “عاصفة الحزم” العسكرية التي تقودها الرياض ضد اليمن حيث جاء في مشروع القرار “يعبر برلمان باكستان عن قلقه الشديد لتدهور الوضع الأمني والإنساني في اليمن وتداعيات ذلك على السلام والاستقرار في المنطقة لذلك يود أن تلتزم باكستان بالحيادية في الصراع الدائر باليمن حتى تتمكن من لعب دور دبلوماسي وقائي لإنهاء الأزمة”.
قرار البرلمان الباكستاني جاء عقب زيارة أجراها وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف إلى إسلام آباد الأمر الذي يعزز من فرص نجاح الخيار الدبلوماسي لحل الأزمة اليمنية فضلا عن تزايد احتمالات لعب باكستان دور وساطة في الأزمة وليس كشريك للرياض في العملية العسكرية التي أنهت أسبوعها الثالث.
باكستان ليست الدولة الوحيدة التي تمتلك فرص الوساطة في الأزمة اليمنية حيث هناك سلطنة عمان التي تشاركها روسيا نفس الرؤية الاستراتيجية لتسوية الأزمة اليمنية عبر الحوار بين الفرقاء السياسيين وهو ما أكد عليه وزيرا خارجية البلدين الروسي سيرجي لافروف والعماني ?وسف بن علوي خلال مكالمة هاتفية جرت بينهما مؤخرا.
تركيا أيضا دخلت على خط المصالحة بين الأطراف اليمنية لا سيما بعد الزيارة التي أجراها رجب أردوغان إلى إيران حيث أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن بلاده تبحث مع دول الخليج إيجاد حل سياسي في اليمن مؤكدا أن “الموقف التركي يتطابق مع الموقف الإيراني بشأن التعاون في هذه القضايا والآن نتباحث مع دول الخليج العربي وسنواصل ذلك”.
وفي خضم هذه المساعي الدولية والإقليمية الهادفة لطرح مبادرة تسوية للأزمة اليمنية تتزايد فرص القاهرة في طرح مصالحة بين الأطراف المعنية باليمن لاسيما وأنها طرف مقبول لدى الجميع فضلا عن أن التوقيت مناسب جدا لاستعادة الدبلوماسية المصرية دورها الريادي في المنطقة الأمر الذي يعني أن الأزمة اليمنية خلال الفترة الراهنة تمثل اختبارا قويا للقاهرة قد يعيدها إلى قيادة المنطقة العربية حال اجتياز هذا الامتحان.
وفي هذا السياق قال السفير رخا أحمد حسن مساعد وزير الخارجية الأسبق إن الفترة الراهنة تمثل توقيتا جيدا لطرح مبادرة مصرية تهدف لحل الأزمة اليمنية مؤكدا على أن القاهرة وسيط مقبول لدى كل الأطراف اليمنية التي طالبت مصر خلال الأسابيع الماضية بالتدخل لإنهاء الأزمة مشيرا إلى أن هناك دولا أخرى قد تكون لديها فرصة قوية للوساطة من أجل حل الأزمة خاصة سلطنة عمان نظرا لما يربطها من علاقات مع إيران وكونها عضوا بمجلس التعاون الخليجي وكذلك باكستان لديها ما يؤهلها للعب دور الوسيط في الأزمة.
وأوضح رخا أن تركيا تحاول الوساطة في الأزمة اليمنية خاصة عقب الزيارة الأخيرة التي أجراها الرئيس أردوغان إلى طهران حيث التقى كبار القيادات الإيرانية أمثال المرشد الأعلى علي خامنئي ونظيره الإيراني حسن روحاني حيث كانت الأزمة اليمنية في صدارة الملفات التي تم بحثها بين الطرفين.
وحول تنفيذ عملية برية في اليمن واحتمالات مشاركة القاهرة فيها لاسيما عقب قرار البرلمان الباكستاني الخاص بعدم المشاركة في عملية “عاصفة الحزم” أوضح الخبير العسكري اللواء نبيل فؤاد أن قرار البرلمان الباكستاني أحرج القيادة المصرية في خياراتها المستقبلية خاصة وأنه جاء بخلاف التوقعات التي تنبأت بموافقة باكستان على المشاركة في العملية العسكرية ضد اليمن نظرا للعلاقات الاستراتيجية التي تربط الرياض بإسلام آباد لافتا إلى أن الطبيعة الجغرافية لليمن تشكل تحديا قويا للجيوش النظامية حال مشاركتها بريا حيث لا تتوفر لديها المعلومات الكاملة التي تتعلق بالتضاريس الجبلية.
وأضاف فؤاد: إن هذه الطبيعة الجغرافية والتضاريس الجبلية في اليمن تجعل قرار القيادة المصرية بالمشاركة في العملية البرية محفوفا بالمخاطر لافتا إلى أن الأزمة اليمنية داخلية وتتطلب حوار الأطراف المعنية بعيدا عن التدخلات العسكرية الخارجية.
إن رفض البرلمان الباكستاني للمشاركة في عاصفة الحزم يجعل القاهرة الخيار المتاح أمام السعودية حال التفكير في تنفيذ عملية برية باليمن لكن على ضوء التطورات الأخيرة في المنطقة والجهود الرامية لإنهاء الأزمة اليمنية عبر الحوار السلمي فإن القاهرة واحدة من الدول التي يمكنها طرح مبادرة التسوية والتشاور مع الأطراف اليمنية المعنية بالأزمة ومن ثم التوافق عليها مع هذه الأطراف وتحقيق اختراق دبلوماسي بعيدا عن الخيار العسكري الذي أدى إلى تعقيد الأزمة دون حسمها.
* صحيفة البديل المصرية