خريجون خارج نطاق تخصصاتهم .. غياب الكفاءات المهنية باسم لقمة العيش !!

<مستشار وزارة الخدمة المدنية: ندعو القطاع الخاص ودول الجوار إلى استقطاب هذه الكفاءات الشبابية للحد من البطالة

سنين من البذل والجهد راحت في نظرهم سرابا وهم يودعون كفاءات ومؤهلات صارت زينة على جدران منازلهم بعد أن استفيظوا من حلم الوظيفة إلى واقع البطالة فشمروا سواعدهم لامتهان مهن بعيدة كل البعد عن مؤهلاتهم العلمية, وربما مهن لا تحتاج إلى كفاءات ولا خبرات , لتغدو مستقبلا أعرضوا يوما عن طريقه ولكنهم وجدوا أنفسهم اليوم مرغمين على دخوله وسط إحباط وذهول يصحبه إنكار يجر وراءه أذيال القهر والمعاناة, فكانت النتيجة هي ضياع تلك الكفاءات واندثارها أمام دخائل المهنة وأصحاب الوساطة والمحسوبية  !!
هذا الاستطلاع حاولنا فيه مناقشة هذه القضية وخرجنا بالحصيلة التالية:

عبدالله علي الصالحي بكالوريوس كيمياء – جامعه صنعاء  منذ تخرجه كان على أمل أن يلقى ثمار جهده بالوظيفة التي تكفل له العيش الكريم وتفي بمتطلبات أسرته الحياتية ولكنه شبه واقعه بالكابوس حيث قال: أفقت على كابوس لا يعترف بالكفاءات ولا المؤهلات ولا الخبرات وكأن دراستنا أشبه بمسرحية أو كذبة كبيرة أضعنا فيها سنين من العناء والجد رغم الظروف الصعبة التي آلمتنا وما زالت حتى أصبح الجهلاء والأميون يضحكون علينا قائلين … (تعلمتوا ودرستوا وآخرتكم جامعة القات كلية البزغة) !!
وأضاف الصالحي مناشدا: إلى كل الجهات الحكومية إلى كل من يتغنى باسم الشباب ومطالبهم وهمومهم لا نريد منكم سوى حقنا في الوظيفة إنه لمن العيب بل والهوان أن ينتهي بنا المطاف بعد مشوارنا التعليمي إلى عالم القات والتبزيغ !!
الخبرة
وهو الحال ذاته الذي أقحم أيمن الصبري بكالوريوس علوم إدراية جامعة تعز بهذه المهنة ردحا من الزمن ومن ثم عمل صيدلانياٍ كمهنة اكتسبها بالخبرة على حد قوله, وأضاف بالقول:  لجأت  إلى بيع القات من بداية تخرجي ومن ثم صيدلاني  لأبحث عن القوت والعيش الهانئ بدلاٍ من التسول بمؤهلاتنا من مكان إلى آخر   فامتهنا عدة مهن  كمصدر الرزق لي أنا وكافة أفراد أسرتي بعد أن كانوا معولين على مستقبل كبير ينتظرني حال تخرجي من الجامعة لكوني الوحيد من واصلت دراستي الجامعية من بين إخوتي.
حاملا تطلعه وأمله على  مستقبل البلاد الذي لا زال مجهول الملامح قائلا : مازال فينا بصيص أمل جرته إلينا رياح التغيير بأن نرى ثمار الوعود التي استوجبت قضايا الشباب أولا فواقعنا – اللهم لا شماتة – ومع ذلك سنظل بانتظار الوظيفة ونخشى أن يكون هذا الأمل مجرد أضغاث أحلام !!
نسبة البطالة
وهذا ما أكده الدكتور علي العمار – كلية الإعلام جامعة صنعاء- بأن اليمن تعاني من ارتفاع كبير في نسبة البطالة وخاصة أثر الأوضاع الأخيرة التي مرت بها وأثرت بشكل مباشر وكبير على اقتصاد الدولة بالإضافة إلى انحسار وقلة الاستثمار في اليمن ومخرجات تعليمية لا تلبي متطلبات واحتياجات سوق العمل في البلاد وعدم قبول بعض الخريجين لضعف معدلاتهم وتقديراتهم العلمية تلك الأسباب أدت إلى امتهان الخريجين مهنا لا تتلاءم ولا تتناسب مع مستوياتهم ومؤهلاتهم العلمية  !!
ودعا العمار الحكومة لوضع حل لهذه المعضلة والتي تكمن من وجهة نظره بإيجاد بدائل للعديد من التخصصات المستكفية واقعيا وإنشاء كليات نوعية ومجتمعية تلبي حاجة السوق والعدالة في توزيع وظائف الشباب في مختلف  محافظات الجمهورية.  
جواز سفر
ويرى الأكاديمي نصر الضبيبي  – جامعة صنعاء  أنه لا فرق بين الجامعي صاحب الشهادات وفاقدها إلا أن الأول بذل مجهوداٍ جباراٍ ليحصل على مؤهله الجامعي والذي يعتبره جواز سفره لكن مع الأسف دعته الظروف لمهن عدة لا توافق تخصصاتهم  بفعل صعوبة الحياة والتي يتكبدها في كل حين وآخر في ظل غياب العدالة التي يبحث عنها والمساواة التي يحلم بها بما بذله خلال سنوات الدراسة التي أنجزها.
مهنة المستقبل
وأرجع الدكتور أحمد العباسي – جامعة صنعاء – أسباب ازدياد أعداد خريجي الجامعات لامتهان مهن بعيدة عن تخصصاتهم والمستقبل بعيدا عن مخرجاتهم التعليمية حيث تتعلق بعدة أسباب منها الزواج المبكر وتحمل الطالب المسؤولية الأسرية قبل توفير الأسس المعيشية لهذا الزواج وأيضا  اختيار الطالب الجامعي لتخصص لا يتوافق مع ميوله وإنما مع معدله المتدني بالإضافة إلى عدم وجود تنسيق بين الخدمة المدنية والقطاع الخاص لاستيعاب الخريجين كما هو حادث في جميع أنحاء العالم وقد لعبت الوسيلة التعليمية المتدهورة وضعف الكادر التدريسي في عدد من الكليات والجامعات وغياب الكفاءات إلى تدهور مخرجات الطالب الجامعي حيث يتخرج من الجامعة ولا يملك أدنى خبرة ولا مهارة ليجد نفسه عاكفا على مهنة آبائه وكأنه لم يقتن من عصر العلم والنهضة شيئا !!
ضرورة التنسيق
وأكد العباسي على ضرورة التنسيق بين الجهات الرسمية ممثلة بوزارة التعليم العالي والمالية والمجلس الأعلى للجامعات اليمنية والخدمة المدنية والغرفة التجارية ووزارة التخطيط والتنمية لمعالجة هذه القضية الغاية في الأهمية لمراجعة التخصصات واستحداث أخرى والعمل ككيان واحد وضرورة إبعاد الوظيفة العامة من مربعات المحسوبية والوساطة والولاءات الضيقة والاستفادة من الكفاءات العلمية وما أكثرها في بلادنا.
درجات وظيفية
من جهته أوضح الأخ حسين الأهجري – مستشار وزارة الخدمة المدنية ـ بأن الدولة سنويا تعتمد في موازنتها العامة درجات وظيفية بحسب احتياجات الجهاز الإداري للدولة والقطاع الإداري المختلط وتقوم الخدمة بتسجيل كل مخرجات التعليم العام والخاص ووضع معايير وأسس للمفاضلة بين المتقدمين للوظيفة العامة وهذا يرجع حسب الأقدمية والمهارات والتقدير وما إلى ذلك.
موضحا: ومهما يكن فإن الدولة في أي حال من الأحوال لا تستطيع أن تستوعب كل مخرجات التعليم الهائلة بل إننا نشد على القطاع الخاص باستيعاب العمالة اليمنية ومحاربة البطالة المقنعة داخل أجهزة الدولة ومن هنا ايضا يأتي دور دول الجوار في استقطاب هذه الكفاءات للتخفيف من نسبة البطالة في اليمن وإعانة الخريجين في الالتحاق بوظائف تتلاءم مع تخصصاتهم العلمية ومؤهلاتهم الجامعية ..

قد يعجبك ايضا