تواصل الإمارات اللعب بالنار في المحافظات اليمنية الجنوبية والشرقية المحتلة غير مدركة العواقب والتداعيات المترتبة على ذلك، من خلال إطلاق العنان لمليشياتها المسلحة للسيطرة على حضرموت وبقية المحافظات الجنوبية المحتلة وإخضاعها لهيمنتها، في ظل حالة من الصمت المريب تسيطر على الشرعية المزعومة، التي لم يجد رئيسها المرتزق رشاد العليمي من خيار تجاه تقدم هذه المليشيات صوب قصر المعاشيق بعدن سوى حزم أمتعته وأغراضه الشخصية وبقية طاقمه المساعد والفرار إلى السعودية حفاظًا على سلامته بعد أن أشهر الانتقالي ومن خلفه الإمارات في وجهه الكرت الأحمر، تاركًا حضرموت ومن ثم المهرة وبقية المحافظات المحتلة عُرضةً للاستباحة من قبل مليشيات الانتقالي المسماة بقوات (درع الوطن)، والتي تعمل لحساب الإمارات وأدواتها القذرة في الداخل اليمني المحتل.
سيطرة تامة على المنطقة العسكرية الأولى، بعد عمليات هروب جماعية لقواتها، تاركةً خلفها الآليات العسكرية والعتاد العسكري الهائل الذي استولت عليه مليشيات الانتقالي بكل أريحيّة لتستخدمه في تحركاتها التوسُّعية التي ترافقها الكثير من الانتهاكات وأعمال النهب والسلب للممتلكات العامة والخاصة، والممارسات العنصرية المناطقية المقيتة التي تطال أبناء المحافظات الشمالية في حضرموت وغيرها من المناطق الجنوبية، والتي تعكس النفسية المريضة والمأزومة لهؤلاء الأوغاد، الذين تم تجنيدهم من أجل القيام بهذه المهمة القذرة خدمةً للإمارات.
عمليات تسليم طوعية، وعمليات هروب جماعي لقوات المنطقة العسكرية الأولى بعد أن داخلهم اليأس والإحباط لعدم تجاوب من تسمَّى بالشرعية مع مطالبهم بالدعم والإسناد الجوي والعسكري لمواجهة المليشيات التي تقوم بالهجوم عليها، العليمي هرب، ووزير ما يسمَّى بالدفاع في القاهرة يتابع جديد التصنيع الحربي، وبقية فرقة «حسب الله» موزعة ما بين السعودية ومصر وتركيا وقطر وغيرها من الدول يتابعون مصالحهم ومشاريعهم واستثماراتهم الخاصة، غير مبالين بما يحصل.
والمضحك أن كل هذه الأحداث والمتغيرات التي تمت بتفاهُم سعودي – إماراتي تستهدف في المقام الأول حزب الإصلاح الذي وجد نفسه خارج نطاق التغطية في المحافظات الجنوبية، بعد أن فقد حضرموت التي كانت تُعَدُّ معقلًا من معاقله، وذلك في سياق الاستجابة السريعة للتوجهات الأمريكية التي أعلنها ترامب بشأن جماعة الإخوان المسلمين، حيث سارعت السعودية والإمارات للتنفيذ من خلال القضاء على القدرات العسكرية المحسوبة على الإصلاح، وتمكين ما تسمى بقوات درع الوطن التي تمثل امتدادًا للجماعات السلفية التكفيرية، من إدارة الشؤون العسكرية والأمنية في المحافظات الجنوبية والشرقية؛ من أجل إحكام سيطرتها على هذه المحافظات، وتهيئتها لخوض مواجهات مسلحة مع سلطة صنعاء، في سياق المخطط الصهيوأمريكي المموَّل من الإمارات والسعودية، والذي يأتي ردًّا على عمليات الدعم والإسناد اليمنية المساندة لغزة العزة.
ومع ذلك يواصل حزب الإصلاح المضي في حماقاته، من خلال استعداء صنعاء والتحريض عليها، والدعوة إلى مواجهتها، متجاهلًا الخطر المحدق به والذي يتهدد وجوده، والذي يتطلب منه أن يتحلى بالحكمة والعقلانية وأن يذهب لإنقاذ نفسه من مشنقة الإمارات التي أعدتها له، ويعمل على إعادة تقييم مواقفه، وتغيير سياسته التي أوصلته إلى هذه المرحلة التي لا يحسد عليها، فمن الحماقة أن يتحدث المرتزق العرادة عن معركة تحرير صنعاء، في الوقت الذي يتهدد الخطر مارب التي تمثل معقل الإصلاح الأخير، حيث كان المؤمَّل أن يذهب للتنسيق مع صنعاء لمواجهة الخطر الذي يتهدد مارب، ولكن الحمق والحقد والغباء الإخواني دفع حزب الإصلاح وقادته لمهاجمة صنعاء والتقليل من خطر الانتقالي ومليشيات ما تسمى بقوات درع الوطن التي تضع السيطرة على مارب من ضمن أهدافها، وتتحرك من أجل الإعداد والتحضير لهذه المعركة بدعم وإسناد إماراتي، وتواطؤ وتنسيق سعودي، ولكن الحقد أعمى أبصارهم، فلم يعودوا يمتلكون القدرة على التفكير السليم والتعاطي الإيجابي مع الأحداث، وهو الأمر الذي سيجعل منهم صيدًا سهلًا للإمارات ومليشياتها.
خلاصة الخلاصة: ما حصل في حضرموت هو دور تسليم واستلام بين مليشيات ومرتزقة السعودية والإمارات؛ من أجل تدشين مرحلة جديدة من الاحتلال والهيمنة على المحافظات الجنوبية والشرقية اليمنية، بغية السيطرة على ثرواتها النفطية ومقدّراتها، وبسط نفوذها على المنافذ والموانئ وتوظيفها لخدمة الاقتصاد الإماراتي الذي يسعى جاهدًا لتعويض الخسائر التي تكبّدها في اليمن خلال السنوات الماضية تحت يافطة دعم الشرعية المزعومة، وهو الأمر الذي يتطلب تحركات شعبية واسعة والتفافًا جماهيريًّا واسعًا خلف تحالف القبائل اليمنية في المحافظات اليمنية الجنوبية والشرقية المحتلة؛ من أجل مواجهة هذه المؤامرة الخطيرة جدًّا قبل فوات الأوان، وحذارِ حذارِ من الإمارات ووعودها الورديّة، والسعودية ومشاريعها الوهميّة، وسيجدون كل أبناء اليمن إلى جانبهم دعمًا وإسنادًا.
والعاقبة للمتقين.
