فاتورة التعويضات تكبر وفرص السلام المشرف للرياض تتضاءل السعودية تخسر الوقت ولا تكسبه

الأخطـار باتــت تطــوق جغرافيــا العــرش السعــودي.. وعـقديــا مـن داخــل الممـلكـة

 

ضــربـــة قطــــر درس لعــدم الثقــة بالأمــريــكان والإســرائـيـليين وأدواتهــم الطيعــة فــي ســوريا

الثورة /

عشية ذكرى ثورة أكتوبر التي طرد من خلالها اليمن المحتل البريطاني، دعا رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط، السعودية إلى إنجاز استحقاقات السلام مع اليمن وإنهاء عدوان وحصار امتدا لـ 10 أعوام منذ الـ 26 من مارس 2015م، بشكل رسمي عبر اتفاق سياسي بين البلدين يضمن المعالجات والتعويضات المتوجب دفعها كون السعودية معتد، والمعتدي في الشرعتين الإسلامية والدولية يتحمل كل الأضرار التي أحدثها ويعوض عن الخسائر التي تسبب بها.

تختلف دعوة الرئيس المشاط عن سابقاتها، فهي أتت بعد أيام من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة والذي يبدو حتى الآن صامدا رغم الخروقات الإسرائيلية، ومرد صموده بالأساس يرجع إلى إنهاك الجيش الصهيوني وعجزه عن إنهاء حالة المقاومة، والكلف العالية التي بدأ بدفعها مع قراره دخول مدينة غزة التي تراجع عنها مع بدء الاتفاق منقذا نفسه من وحل كبير وكمين قاتل.

لعامين وخلال مرحلة إسناد غزة الممتدة، أطلقت القيادة اليمنية عدة نداءات إلى السعودية، تذكيرا للطرف السعودي بأن الانشغال اليمني لا يلغي ملف التسوية اليمنية السعودية، بل يجب على الرياض اتخاذ ذلك فرصة للنزول عن شجرة العدوان رسميا، لكن الرياض لم تفعل.

تحركت الرياض في حادثتين الأولى حين رأت تهديدا حقيقيا باستئناف المواجهة العسكرية، عقب انكشاف تورط الرياض في عمليات أمريكية لتشديد الحصار الاقتصادي على صنعاء، بغية جعل الإسناد لغزة أكثر كلفة، عبر نقل البنوك إلى عدن، ومع أن ذلك تم في مرحلة لاحقة وهو ما يرقبه الجميع لتتضح الصورة وقد فرغت صنعاء من ملف الإسناد مؤقتا إن قدر للمدافع أن تصمت مدة أطول بعد الجولة الثانية من طوفان الآن الأقصى.

والحادثة الثانية حين جرى احتجاز الحجاج اليمنيين ومحاولة إجبارهم على الرجوع عبر المناطق المحتلة بدل العودة عن طريق مطار صنعاء الذي انطلقوا منه، قبل أن تتراجع الرياض عن فعلتها تحت التهديد.

اجتماع مسقط نوفمبر 2023 م بين الوفدين السعودي واليمني وقبيل أيام من انطلاق الإسناد اليمني وفرض الحصار البحري على الملاحة الإسرائيلية أو المتعاونين مع الكيان لاحقا.. أجهز تقريبا على مجمل النقاط الخلافية، واقر بصورة عاجلة دفع الرياض للرواتب من حساب النفط اليمني المنهوب لديها والية جديدة لبيع النفط وصرف عوائده، وإعادة توحيد الاقتصاد اليمني بما يعالج وضع العملة المنقسمة ووجود بنكين مركزيين في صنعاء وعدن، وما يتصل بملف التعويضات، وكذا ملف إعادة الإعمار، كي يصار إلى إعلان رسمي من البلدين بانتهاء العدوان السعودي على اليمن رسميا ورفع الحصار.

وبالتالي فما أعقب هذا الاجتماع من مطالبات، هو بغرض التنفيذ، فلم يعد هناك ما يتحاور بشأنه وقد سوت جميع النقاط وقتلت بحثا، منذ الزيارة الأولى للوفد السعودي إلى صنعاء في أبريل 2023م بحضور الوسيط العماني، بعد نحو عام على بدء خفض التصعيد بين البلدين، وزيارة أخرى في سبتمبر 2023م وأيضا بحضور الوسيط العماني.

كان يمكن لاجتماعي صنعاء ولاحقا اجتماع أخر في الرياض أن يذهبا بالأمور إلى خواتيمها المرضية، لكن التدخل الأمريكي والرضوخ السعودي، حمل الرياض عامين آخرين من العدوان المستمر والحصار القائم وفقا للقانون الدولي، كون إنهاء العدوان وفك الحصار لم يجر رسميا ولاتزال السفن تخضع للتفتيش في جيبوتي ومطار صنعاء خاضع لقيود الحصار، وترفض معظم الشركات الطيران اليه حتى رفع الحصار من قبل الرياض.

عرقل الطرف الأمريكي وبموافقة سعودية ذهاب الرياض نحو الحل، واشترطوا في سبيل ذلك توقف اليمن والتزمها بعدم إسناد غزة، وكرر هذا الطلب إلى صنعاء خلال محطات الإسناد، بل وتلقت صنعاء وفقا لمصادر، مغريات أكبر بشأن اختصار جداول التنفيذ لاتفاق مسقط والاتفاقات السابقة في صنعاء ليس المجال هنا لتفصيلها.

بشكل واضح أعلن الرئيس المشاط في خطابه عشية ذكرى ثورة أكتوبر 2025م أن مرحلة اللا سلم واللا حرب لم تعد مقبولة، وان خفض التصعيد الذي جرى الاتفاق بشأنه في أبريل، لم يعد قابلا للاستمرار أو الحياة في ظل تراكم المعاناة الاقتصادية أو حتى استمراره إلى مالا نهاية، باعتبار ذلك معطلا لخطط التنمية أن تبقى دولة ما في وضع كالذي عاشته صنعاء لـ 4 سنوات، وهي ترى أن الأوان حان للذهاب إلى إقفال ملف العدوان بشكل رسمي وتحمل الطرف المعتدي استحقاقات السلام.

جملة خطوات اقتصادية تمت خلال فترة الإسناد اليمني لغزة، وفعلت لمزيد من التضييق على صنعاء كي تفك ارتباطها مع غزة، فجرى تجفيف موارد رغم كونها ضئيلة للحكومة في صنعاء على سبيل المثال شركة السجائر، قصف مصانع الأسمنت من قبل العدو الإسرائيلي، قصر استيراد كثير السلع على ميناء عدن تحت الاحتلال وملفات اقتصادية أخرى ليس التقرير مكان سردها .

الثقل الذي فرضه الإسناد على غزة وتخللهما 3 مواجهات عسكرية الأولى مع تحالف الازدهار انتهت بهزيمة التحالف وتفككه، ثم الطرف الأمريكي انتهت بانكسار أمريكي في معركة البحر الأحمر واتفاق لوقف إطلاق النار وفك الارتباط الأمريكي الإسرائيلي لأول مرة منذ نشأة الكيان، وأخيرا المواجهة اليمنية الإسرائيلية، جميع ذلك مكن الرياض من أن تمرر خطوات اقتصادية ما كانت لتجرؤ على فعلها لو لم تكن مطمئنة إلى انشغال صنعاء بالإسناد كنقل البنوك مثال.

يصنف اليمنيون السعودية في خانة المعسكر الأمريكي الصهيوني، خلال فترة الإسناد لغزة كان هناك تفهم شعبي وتحمل للمعاناة لتصدر ملف فلسطين الأولوية الأولى، تركت السعودية تلعب بالوقت لكنها لم تكن تكسبه بل تخسره أيضا، الآن لم يعد الأمر كذلك، ورويدا رويدا يتحول هذا الموقف الشعبي إلى من موقع التفهم إلى الضغط لإنجاز متطلبات السلام وإنهاء العدوان باتفاق سياسي أو بوسائل أخرى، تنهي وضع المراوحة القائم.

ذهاب الرياض إلى محاولة تشكيل تحالف بحري يرفع شعار حماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، يؤكد هذا التصنيف اليمني، وخط استراتيجي ستقدم عليه الرياض، يدفع بها إلى صدارة المواجهة مع اليمن مشعلا فتيل المواجهة.

السعودية أغنى ما تكون عن التورط عسكريا مع اليمن، فصنعاء التي عجز عن كسرها الأمريكي وتحالفان شكلهما، لن تكون حظوظ السعودية بأفضل، ناهيك عن معاينة نهاية رؤية 2030م قبل موعدها، وحرائق بقيق وخريص وجدة وينبع ستغدو لا شيء مقارنة بما أظهرته صنعاء في حرب الإسناد، أو لا تزال تحتفظ به في جعبة المفاجآت.

المماطلة لعامين آخرين خلال فترة الإسناد اليمني لغزة، لم يكن مكسبا بقدر ما مثل قيمة مضافة على فاتورة السلام المتوجب على الرياض دفعها، وكان الأولى بدل إعطاء ترامب الأموال، إنقاذ نفسها من ورطة مضت اليه بقدمها في الـ 26 من مارس 2015م، وهي تحمل نفسها مزيدا من الأعباء مع كل تأخير..

ذهاب الرياض إلى إطلاق الذباب الإلكتروني لتشويه الإنذار إن صح التعبير عبر القول إن قيادة صنعاء لا تستطيع العيش دون حروب، لا يمكن صرفه في ميدان السلام.

خسرت الرياض نزولا مشرفا عن شجرة العدوان والحصار خلال فترة الإسناد اليمني لغزة، لطالما لفتها اليه السيد القائد، والرهان على الأمريكي أو الإسرائيلي لإحداث تغيير ما قد يجعل من كلفة السلام باهظة غدا، إن لم يكن ذهاب العرش السعودي، أمام ما قد تحدثه جولة إسرائيلية أمريكية متوقعة للعدوان على اليمن تتحضر لها صنعاء جيدا، ولن تأتي بجديد عما تم تجريبه خلال 8 سنوات من القتال، وجولتا القتال مع الولايات المتحدة ديسمبر 2023 (تحالف الازدهار)، معركة البحر الأحمر مارس – مايو 2025م.

لدى صنعاء ما يقارب مليوني مقاتل نظامي وشعبي والأعداد في ازدياد، وذراع صاروخية ومسيرة ضاربة، ومفاجآت لم تكشف عنها، وحال انتهاء الجولة القادمة بهزيمة إسرائيلية وأمريكية مركبة، وهذا هو المتوقع بالنسبة إلى ما جرب سابقا واستعداد صنعاء، ووعد الله لعباده المؤمنين.

ثمن المماطلة السعودية أمام فائض القوة هذا والحق المقترن به، وتداعيات الهزيمة الأمريكية الإسرائيلية وأدواتها المحلية والإقليمية متى وقعت، قد تكون كارثية على العرش السعودي الذي باتت تحوطه التهديدات من كل جانب.

تكفيريي سوريا وامتدادهم العقدي والبشري داخل المملكة إضافة لكونهم أكثر ولاء للأمريكان وإسرائيل على خاصرة المملكة الشمالية يمثلون أخطر تهديد، ويفترض أن يكون ذلك دافعا إضافيا لإحداث تسوية مع اليمن، تسوية تعد ضرورية لنقل اليمن من خانة العدو إلى مرتبة الصديق ومنع الحبل أن يشتد حول عنق النظام السعودي.

المصلحة القومية السعودية تفترض ذلك.. والضربة الإسرائيلية الموجهة لقطر تحذر من ذلك.. والوقت أيضا ليس في صالح السعودية

قد يعجبك ايضا