7 أكتوبر…البداية لنهاية الكيان الصهيوني

محمد عبد المؤمن الشامي

 

في صباح السابع من أكتوبر، ارتجّت الأرض تحت أقدام الكيان الصهيوني الإسرائيلي المحتل للأراضي الفلسطينية، ليس بفضل السلاح وحده، بل بإرادة شعب رفض الخضوع، وبعزيمة مقاومة قلبت كل المعادلات العسكرية والسياسية، محطمة أسطورة «الجيش الذي لا يُقهر». لم يكن هذا اليوم مجرد مواجهة عابرة، بل انفجار تاريخي أعاد كتابة قواعد الصراع، يوم أرسل فيه الفلسطينيون رسالة صادمة للعالم: فلسطين حية، وغزة صامدة، والكيان الصهيوني على موعد مع الحساب.

من اللحظة الأولى، أثبتت المقاومة الفلسطينية أنها ليست قوة محلية محدودة، بل محور إقليمي موحّد خلف القضية الفلسطينية. لبنان، العراق، واليمن، كلهم أعلنوا موقفًا واضحًا: أي عدوان على فلسطين سيقابَل برد شامل على جميع الجبهات. هذا التلاحم الإقليمي خلق واقعًا جديدًا، أجبر الكيان الصهيوني على التشتت بين ساحات متعددة بدل التركيز على غزة وحدها، وكشف هشاشة المشروع الاستيطاني أمام إرادة الشعوب الموحدة.

المقاومة الفلسطينية لم تستهدف مواقع أو قواعد فقط، بل اخترقت الأسطورة العسكرية للكيان الصهيوني، وأظهرت أن الإرادة القوية يمكن أن تُسقط أسطورة القوة العسكرية المطلقة. الإعلام العالمي سجل الصدمة والانهيار الداخلي، بينما عانى الاحتلال من ارتباك سياسي وأمني غير مسبوق، ليظهر أن أسطورة الجيش الذي لا يُقهر كانت مجرد وهم استمر طويلًا حتى جاء السابع من أكتوبر ليُنهيه.

اليمن بقيادة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي لعب دورًا محوريًا منذ ذلك اليوم، فقد أعلن بوضوح أن فلسطين ليست وحدها، وأن دماء غزة تتطلب الرد والمواجهة المستمرة. منذ عامين، يواصل اليمن استهداف الكيان الصهيوني الإسرائيلي بصواريخ باليستية وطائرات مسيّرة متطورة، ويمنع مرور السفن المرتبطة بالكيان في البحر الأحمر، ما حوّل جزءًا من المواجهة إلى أبعاد بحرية وجوية استراتيجية، وأرغم الاحتلال على تحمل أعباء إضافية وتعطيل خطوط شحنه العالمية. هذه العمليات لم تكن مجرد ضربات عابرة، بل رسائل استراتيجية تؤكد قدرة محور المقاومة على الضغط على العدو من كل اتجاه، وإجباره على الدفع بثمن باهظ مقابل كل عدوان يرتكبه.

وعلى صعيد المقاومة اللبنانية، جاء حزب الله ليؤكد أن القضية الفلسطينية جزء من صميم وجوده. لقد حملت المقاومة اللبنانية القضية في كيانه، ودفعت ثمنًا باهظًا في سبيل القدس. استشهد في هذا الطريق قادة أفنوا حياتهم دفاعًا عن فلسطين، من بينهم سيد شهداء الأمة الأمين العام السيد حسن نصر الله، ثم السيد الشهيد هاشم صفي الدين، إلى جانب أعداد كبيرة من خيرة المجاهدين الذين سقطوا وهم يسيرون على طريق التحرير. هذه التضحيات ليست مجرد أرقام أو أسماء، بل دليل حي على التزام محور المقاومة بالقضية الفلسطينية، وعلى أن معركة التحرير تُقاس بالدم والشجاعة والعطاء الذي لا ينتهي.

مرّت سنتان على السابع من أكتوبر، والكيان الصهيوني ما يزال يعيش حالة ارتباك داخلي غير مسبوقة. الانقسامات السياسية والفشل العسكري والفوضى الأمنية تظهر كل يوم، وكل محاولة للرد الوحشي، سواء بالمجازر أو القصف العشوائي، لم تُخمد عزيمة المقاومة، بل زادت صمود الشعب الفلسطيني، وعززت التلاحم الإقليمي والدولي. القوى الغربية التي طالما ادعت الدفاع عن حقوق الإنسان انكشفت شريكة مباشرة في جرائم الاحتلال، تقدّم له الغطاء السياسي وتبرّر المجازر، لكن هذا الانكشاف زاد من وعي الشعوب وأعاد القضية الفلسطينية إلى قلب المعادلة السياسية، وأظهر أن كل ظلم سيقابَل بردّ أقوى من الداخل والخارج.

ما يميز هذه المرحلة أن المقاومة لم تعد مجرد عمل دفاعي، بل محركًا للتوازن الإقليمي الجديد. الكيان الصهيوني الذي اعتقد أنه قادر على الاستمرار إلى الأبد، وجد نفسه عاجزًا أمام شعب موحّد ومحور مقاوم متضامن، وكل تحركاته العسكرية والسياسية لم تعد قادرة على تغيير المعادلة. اليمن بصواريخه وطائراته المسيّرة ومنعه مرور السفن، لبنان بحزب الله وتضحياته، محور المقاومة كلّه متماسك خلف الفلسطينيين، كل هذا يثبت أن أيام الاحتلال محدودة وأن النهاية قريبة.

السابع من أكتوبر لم يكن نهاية معركة، بل بداية مرحلة جديدة في الصراع الفلسطيني – الصهيوني. كل صاروخ يُطلق، كل ضربة تُنفذ، كل تضامن إقليمي، وكل تضحية تسطر في التاريخ، يضيف فصلًا جديدًا في كتاب التحرير. المقاومة اليوم ليست خيارًا، بل حقيقة واقعية على الأرض، تجعل الكيان الصهيوني عاجزًا عن فرض هيبته مهما حاول.

إلى جانب اليمن والمقاومة الفلسطينية، جاءت المقاومة اللبنانية لتكون درعًا وركيزة ثابتة في مسار تحرير فلسطين. حزب الله أكد أن الدماء التي فُقدت على طريق القدس لن تذهب سدى، وأن استشهاد سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله والسيد الشهيد هاشم صفي الدين، مع خيرة المجاهدين، هو شهادة على صدق الالتزام وفداء القضية الفلسطينية، وعلى أن القدس تبقى محوراً للمقاومة ووحدة الأمة.

اليوم، في الذكرى الثانية، يمكن القول بثقة أن السابع من أكتوبر كان بداية العد التنازلي للكيان الصهيوني الإسرائيلي المحتل للأراضي الفلسطينية. كل الدماء التي سالت، كل التضحيات، كل دعم محور المقاومة للفلسطينيين، كل صواريخ اليمن وطائراته، وكل مشاركة حزب الله وخيرة المجاهدين اللبنانيين في طريق القدس، يشير إلى نهاية وشيكة لمشروع استعماري فاشل.

من 7 أكتوبر انطلقت ساعة الحساب… والكيان الصهيوني الإسرائيلي المحتل للأراضي الفلسطينية على طريق النهاية. فلسطين وحدها الباقية، حرة شامخة على أرضها، والمقاومة تتقدم على كل الجبهات، من غزة إلى اليمن، ومن لبنان إلى العراق، ماضية نحو التحرير الكامل للقدس. كل لحظة تمر، كل صاروخ يُطلق، وكل تضحية تُقدّم، تؤكد أن إرادة المقاومة أقوى من أي قوة احتلال، وأن تحرير القدس أصبح وشيكًا لا محالة.

 

قد يعجبك ايضا