انطلقت الثـورة من رحم المسيـرة القرآنيـة التي أسسها الشهيد حسين بدر الدين الحوثي، والتي مثّلت حركة تجديدية إيمانيـة تهدف إلى إعادة الوعي القرآني للأُمّـة.
ولم تكن هذه المسيـرة مجرد دورات ثقافية ودروس دينيـة، بل كانت مشروعاً تحررياً متكاملاً يهدف إلى صناعة الإنسـان المُؤمن القادر على مواجهـة التحديات.
وقد فهم قائد هذه الثـورة المُباركة أنّ التحرر الحقيقي يبـدأ من تحرير العقل والروح قبل تحرير الأرض فكانت الدروس القرآنية واللقاءات الإيمانيـة هي الأسلحـة الأُولى في معركة التحرير، مِمّا جعل الثـورة تتميّـز بعمقها الفكري ورسوخها العقائدي وكانت المرجعيـة الإيمانيـة هي البوصلة التي قادت المسيرة حيثُ استندت ثورة 21 سبتمبـر إلى رؤية قرآنيـة واضحة، تجلّت في شعارها المركزي “الله أكبر.. الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيـل.. اللعنـة على اليهـود.. النصـر للإسلام”.
وهذا الشعار لم يكن مجرد هتاف سياسي، بل كان تعبيـراً عن فلسفـة كاملة تقوم على التوحيد والتحرّر من العبودية لغير الله ، ورفض الهيمنة الخارجية والتبعية ، وكانت ولا تزال وستبقى ثورة الـ 21 من سبتمبر ثورةٌ التأكيد على الهوية الإسلامية للأمّة وتربط بين القضية اليمنية والقضايا المركزية للأمة.
وهو ما جعل من ثـورة الحادي والعشرين من سبتمبر 2014م ظاهرة فريدة في تاريخ الثورات العربيـة، حيث لم تستند إلى أي طرف خارجي وكانت ثورة شعبيـة يمنيـة خالصة.
وخلال فترة قصيرة جداً من عمر هذه الثورة ظهرت تحقّقت أهدافها وتحوّلت من النظرية إلى التطبيق ولا ينكر إنجازات ثورة 21 سبتمبر سوى خائنُ أو عميل ومنافق، ويمكن الإشارة باختصار فقط إلى بعض تلك الإنجازات:
على الصعيد الأمني: تحولت صنعاء من ساحة للاغتيالات والتفجيرات الإرهابية إلى واحة أمن واستقرار، بعد أن تم تطهيرها من الجماعات التكفيرية وشبكات التجسس. وقد اعترف الجميع بأن العاصمة صنعاء أصبحت أكثر استقراراً وأمناً مما كانت عليه قبل الثورة.
على الصعيد الاقتصادي: انطلق مشروع التحول من الاقتصاد الاستهلاكي إلى الاقتصاد الإنتاجي، عبر دعم الزراعة المحلية والصناعة الوطنية، في محاولة جادة لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتحرير الاقتصاد من التبعية للخارج.
على الصعيد العسكري: تم بناء قدرات عسكرية متطورة مكنت اليمن من مواجهة أعتى تحالف دولي وإقليمي، وتحويل المعادلة من الدفاع إلى الهجوم. أصبح اليمن يصنع أغلب سلاحه محلياً ويضرب أهدافاً في عمق دول العدوان.
التحديات.. إرادة الصمود في وجه العاصفـة
واجهت الثورة منذ انطلاقها تحالفاً دوليـاً شرسـاً قاده التحالف السعودي الإماراتي بدعم غربي وإسرائيلي، بالإضافة إلى حرب إعلامية مُمنّهجة تهدف إلى تشويه صورة الثورة وعزلها عن محيطها العربي والإسلامي.
لكن الثـورة استطاعت بفضل رسوخها الإيماني وتماسكها الشعبي أن تصمـد في وجه هذه العاصفـة، وأن تحوّل الحصار إلى فرصة للاعتماد على الذات وتنميـة القدرات المحليـة.
استطاعت ثورة 21 سبتمبر خلال سنوات قليلة أن ترسم ملامح مشروع تحرري متكامل، قائم على المرجعية الإيمانية والمنهج القرآني.
حيث أثبتت أن الأُمّـة عندما تعود إلى القرآن وتستنـد إلى إيمانها، فإنها قادرة على صناعـة المعجزات ومواجهـة أعتى القوى العالميـة.
وفي الذكرى الحادية عشـرة لثورة 21 سبتمبـر، يؤكد اليمنيـون مرة أخرى تمسّكهم بهذا الخيـار ومواصلتهم المسيـرة حتى تحقيق جميـع الأهداف التي انطلقت من أجلها الثـورة.
لقد أعادت لليمـن مكانتـه وللشعب العِـزّة والشموخ والكرامـة بعـد أن كانت قُوى الاستكبار تتحكّـم بقراره وتعبث بمصيره.