عقلانية امتلاك واستخدام الأسلحة النووية

طاهر محمد الجنيد

 

 

يغلف الساسة عموما وساسة الغرب خصوصاً أهدافهم ومطامعهم بتصريحاتهم، ومع ذلك فقد يصرحون أحيانا بها دون مراوغة؛ المستشار الألماني الحالي تحدث صراحة عن أن ما يقوم به كيان الاحتلال نيابة عن دول الغرب بتنفيذ المهام القذرة ولذلك يجب دعمه؟
ويرى بعض المؤرخين والسياسيين أن اختراع المحرقة كان أفضل أسلوب لتقديم العون للاستيطان في بدايته.
ما قاله المستشار هو رأي معظم ساسة الغرب بوجوب دعم إسرائيل والدفاع عنها وضمان تفوقها على الأمتين العربية والإسلامية، لأن استمرار الهيمنة الغربية مرهون بتخلف وتفرق العرب والمسلمين وهو أهم القرارات التي خرجت بها مؤتمرات وزراء المستعمرات الأوروبية المتعاقبة منذ القرن السابع عشر بداية النهضة وتجاوزها عصور الانحطاط والظلام.
الاعتماد على تطبيق المعايير المزدوجة وسياسة الكيل بمكيالين أساس سياسة الغرب في تعاملهم مع العالمين العربي والإسلامي، بعضهم يتحدث صراحة عن الحروب الصليبية وبعضهم يضمرها، لكنه يتحدث عن الحرب على الإرهاب ويتهمون المعتدى عليه حتى يكملون الإجهاز عليه؛ ويمارسون أبشع الجرائم ضده أما المعتدي والمجرم فلا يلام بل إنه -حسب تصنيفهم- يدافع عن نفسه.
قائد الجيش البريطاني السابق (مايك جاكسون) تحدث عن وجوب منع إيران من تصنيع السلاح النووي وأجاز لكيان الاحتلال ذلك والسبب من وجهة نظره أن ساسة الغرب يتمتعون بالعقلانية ولذلك يحق لهم امتلاك وتصنيع الأسلحة النووية أما أبناء ودول العالمين العربي والإسلامي فليس من حقهم امتلاكه ولا تصنيعه لأنهم غير عقلانيين.
كيان الاحتلال مسموح له امتلاك السلاح النووي وإيران محرم عليها، لأن بعض قادتها -في رأيه- يرون إنشاء إسرائيل فكرة سيئة ويتطلعون إلى اليوم الذي تمحى فيه إسرائيل .
حماية كيان الاحتلال مهمة الأنظمة الاستعمارية ومحاربة الدول العربية والإسلامية أساس لضمان تفوقها واستمرارها وسيطرتها.
الوكالة الدولية للطاقة الذرية مهمتها الأساسية منع دول العالمين العربي والإسلامي فقط من امتلاك الأسلحة النووية وفرض الرقابة الصارمة والدورية وعلى حساب الأنظمة ومن يحاول تجاوز ذلك فمن حق كيان الاحتلال تدمير البرامج النووية منفردة أو بالتعاون مع التحالف الغربي؛ ومن حقه (كيان الاحتلال) امتلاك الأسلحة النووية ولا يجب عليه الالتزام بمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية ولا الخضوع لرقابة الوكالة الدولية للطاقة.
البرنامج النووي العراقي من حق إسرائيل تدميره ويحق لها اغتيال العلماء والمفكرين ومن حقها تدمير البرنامج النووي الإيراني بالتعاون مع أمريكا وكما صرح سياسيو الغرب أن ذلك من باب الدفاع عن النفس، لكن ليس من حق إيران الرد عليها.
من حق كيان الاحتلال أن يسعى لتدمير السلاح النووي الباكستاني بالتعاون مع أمريكا أو الهند أو غيرها ولولا يقظة الجيش الباكستاني لتم تدميره.
ما يسعى إليه الغرب هو ما يجب أن يكون فبرغم تدمير البرنامج النووي العراقي إلا أنهم اخترعوا كذبه تصنيعه أسلحة محرمة (دمار شامل) دوليا لتبرير احتلاله وتدميره.
الوكالة الدولية أكدت عدم امتلاكه لها وقبل شن العدوان على إيران صرح مدير الوكالة الدولية (غروسي) أن بإمكان إيران امتلاك أسلحة نووية خلال فترة قصيرة خلال أسابيع أو أشهر، وان ذلك يسبب قلقا، مع أن الوكالة تراقب المنشآت النووية الإيرانية، أما المنشآت الخاصة بكيان الاحتلال فلا تشكل قلقا ولا تحتاج إلى الرقابة عليها.
العقلانية التي يتحدث عنها (جاكسون) منحتهم تصنيع أسلحة الدمار الشامل واستخدامها والتهديد بها وتدمير الدول التي يريدون تدميرها ويرون فيها تهديدا لهم وخاصة دول العالمين العربي والإسلامي.
بريطانيا اختارت امتلاك الأسلحة النووية، لكن إيران اختار الغرب منعها من امتلاك الأسلحة النووية وقدم الدعم لكيان الاحتلال وأمريكا من أجل تدميره بعد أن فرض حظرا اقتصاديا وسياسيا وتكنولوجيا عليها، مما جعلها تعتمد على ذاتها وتستفيد من علاقاتها بالصين.
إيران ممنوع عليها امتلاك السلاح النووي، لأنه من وجهة نظر (جاكسون) وساسة الغرب عموما أن بعض قادتها يعارضون كيان الاحتلال، أما عقلانية أمريكا فقد القت قنبلتين نوويتين على اليابان ودمرت فيتنام باستخدام الأسلحة الكيمائية وأبادت الجيش العراقي بالقنابل العنقودية وقنابل الفوسفور المنضب المحرم دوليا.
الدول الأوروبية استخدمت الأسلحة الكيمائية ضد الثوار في المغرب العربي وأبادت قرى بأكملها ولازالت آثارها حتى الآن؛ ففرنسا وحدها أجرت أكثر من ثمانين تجربة نووية في الصحراء الجزائرية وأبادت قرى بأكملها.
عقلانية الغرب التي يدعيها أعطته حق احتكار وامتلاك الأسلحة النووية واستخدامها وتدمير من يريد تدميرها من دول الأمتين العربية والإسلامية بدعوى تهديد السلام العالمي، أما من يستخدمها ويمتلكها فهو يحمي السلام العالمي .
البرنامج النووي العراقي تم تدميره والليبي والسوري والمصري وكل ذلك من أجل حماية الإجرام الصهيوني واستمراره.
دول العالمين العربي والإسلامي لا يحق لها امتلاك الأسلحة الاستراتيجية وحتى صفقات الأسلحة لا تعطى لها إلا بعد موافقة كيان الاحتلال عليها؛ (شارين هاسكل) نائبة الرئيس الإسرائيلي أمرت (الغرب) وصرحت أن إيران لا يجب أن تمتلك أي سلاح نووي، لأن ذلك يشكل خطرا على إسرائيل والعالم وتورد مقارنة تدعو إلى السخرية والرثاء على مدى الانحطاط الأخلاقي لدى هؤلاء، فتقول: إسرائيل تسهم في الاستقرار وإيران تزعج الاستقرار وترهب سكانها؛ إيران أساس معاناة شعب لبنان واليمن وإسرائيل ولكن إسرائيل تريد الرخاء الاقتصادي والحرية وإيران تمنع ذلك؛ إيران العدو الأكبر للعالم ونزع سلاحها من مصلحة إسرائيل والعالم”.
منطق معكوس يدعو إلى الرثاء كيف وصل الحال بهؤلاء إلى منح أنفسهم حقوق الوصاية والقتل والإبادة والتدمير للأمم والشعوب من أجل استلاب خيراتها وثرواتهم والسيطرة علي الأنظمة الحاكمة وتنصيبها وعزلها إن خالفت أوامرهم .
يدعون أنهم حماة الحرية والإنسانية والديمقراطية وحقوق الإنسان، لكنهم يقتلون شعوبا وأمما بأكملها ولا يسمحون لهم حتى برفع أصواتهم بالشكوى من الظلم والإجرام الذي يقع عليهم.
قد يعذر ساسة الغرب في سياساتهم الإجرامية لكن ما بال صهاينة العرب الذين ينفذون توجهات وأوامر الغرب على حساب شعوبهم ودينهم ودنياهم، فوزير الخارجية السعودي (الجبير) صرح قائلا :إن الاتفاق النووي مع إيران ضعيف و(الأسلوب) الإيراني يشكل خطرا على المنطقة، أما البرنامج الإسرائيلي فلا يشكل خطرا بل عامل أمن واستقرار.
ما تحذر منه اليهودية (هاسكل) هو ذاته الذي يتبناه د.حمدان الشهري إن امتلاك إيران للأسلحة النووية سيسبب تهديدا للعالم وليس على المنطقة فحسب، مع أن الوكالة الدولية للطاقة أكدت أنه برنامج سلمي وخاضع للرقابة، لكن لأن الإجرام الغربي يريد التخلص منه لحماية كيان الاحتلال .
التخوفات من البرنامج النووي الإيراني هي القاسم المشترك الذي جمع بين أنظمة الخليج والأنظمة الغربية، د.جمال السويدي -بحريني الجنسية- حذر من امتلاك إيران للسلاح النووي لأن ذلك يشكل خطرا على المنطقة وأن إيران قد تهاجم دول الخليج إذا تعرضت لهجوم من أمريكا وإسرائيل والحل يكمن في منع إيران من امتلاكه؛ لكن فرض رقابة على برنامج الإجرام الصهيوني أو نزعه أو منع الإجرام الصهيوني والصليبي من العدوان على إيران فلا يعد حلا .
الأنظمة الخليجية لديها من الإمكانيات ما تستطيع به امتلاك أسلحة نووية مجتمعة أو منفردة، لكنها لا تريد، حتى البرنامج الإماراتي سلمي تحت رعاية وإدارة وتحكم كيان الاحتلال الذي يتحكم بالأنظمة والإمكانيات.
قبل مدة خرج بيل كلينتون ليقول إن (نتن ياهو) يريد إبادة غزة ليحافظ على حكومته، كان (نتن ياهو) قد سرب تسجيلات (لبيل) مع متدربة البيت الأبيض من أجل الضغط عليه والآن (نتن ياهو) يقوم بتسريبات مع (ترامب) من أجل دعمه لإبادة غزة، والحقيقة أنهم متفقون على الإجرام واما التسريبات فهي للاستهلاك الإعلامي وإلهاء الشعوب عن إجرامهم الممنهج والمخطط والمنحط.

قد يعجبك ايضا