-فضائيات بلدان الثراء الخليجي تقوم هذه الأيام ببث وإعادة نشر برامج مسابقات الطبخ على غرار برنامجي “توب شيف-وطاهي الإبل” على قناة إم بي سي السعودية.
– لا أعلم حقيقة النوايا والدوافع خلف نشر مثل هذه البرامج في هذا التوقيت بالذات، لكنه كان قراراً غبياً ومستفزاً للمشاعر ومؤلماً للقلوب والأبصار وهي تتألم وجعاً من هول ما يعانيه إخوتنا في قطاع غزة إذ باتوا في انتظار الموت المحتوم جوعاً وعطشاً وقد أطبق العدو المتوحش عليهم الحصار ومنع عنهم الماء والطحين والدواء وأسرف قتلاً وتنكيلاً بالجوعى والمجوّعين في مراكز توزيع “الموت” على الطريقة الأمريكية الإسرائيلية الخالصة.
-رسالة المجاهد الكبير أبو عبيدة الناطق الرسمي باسم كتائب القسام إلى الأمة العربية والإسلامية يوم الجمعة الماضي كانت مؤثرة وتفيض بالوجدانية والحميمية والشعور بالقهر والغبن والخذلان من أمة الملياري مسلم، أكتفوا بمشاهدة أشقائهم في فلسطين يموتون جوعاً وعطشا وهم الذين نذروا أرواحهم وحياتهم دفاعاً عن كرامة الأمة ومقدساتها.
-أكثر من سبعمائة شهيد من أبناء فلسطين الأبية الصامدة، بينهم الكثير من الأطفال والنساء وكبار السن، ارتقوا إلى بارئهم لا بفعل قنابل العدو التي قتلت وأصابت مائتي ألف فلسطيني، بل من فراغ الموائد وبرودة الثلاجات الخاوية بينما تذهب تريليونات الدولارات من ثروة الأمة إلى العدو على شكل رشى تزلفاً ونفاقاً وخوفاً واستسلاماً.
-كان حديث أبو عبيدة صادقاً وهو يذكر قادة الأمة وعلمائها ونخبها بأن دماء أبناء فلسطين المسفوحة ظلماً وعدواناً ستكون خصيمهم أمام ملك الملوك وسيسألون عنها فرداً فرداً وسيكون لكل امرئ منهم من الوزر والعقوبات بقدر إمكانياته المعطّلة وتأثيره المُصادر وبقدر ما اكتسب من إثم الصمت والخذلان.
-قال أبو عبيدة فيما معناه “أن مجاهدي فلسطين لم يعودوا ينتظرون دعماً عسكرياً ولا نجدة ميدانية من أشقائهم العرب والمسلمين إزاء جريمة الإبادة الجماعية في القطاع على أيدي أعداء الله والإنسانية وإنما كل ما يأملونه من أكثر من أربعمائة مليون عربي هو شيء من الماء والطحين.
-تلك حجة المجاهدين وحجة الله تُلقى اليوم على حكّام وعلماء الأمة ونخبها ومؤثريها، وما أراها إلّا مقدمة لعذاب شديد سيطال الجميع دون استثناء في الحياة الدنيا قبل يوم القيامة.
– أطفال غزة ونساؤها باتوا يتساقطون بسبب الجوع مثل أوراق الخريف دون أن تهتز قصور القرار العالمي الذي يصدح بشعارات حقوق الإنسان في كل المنابر والمحافل لكنه يُنسى عند بوابة غزة.
-المأساة الإنسانية المتفاقمة في غزة لم تعد مجرد أزمة غذائية عابرة، بل باتت وصمة أخلاقية في سجل المجتمع الدولي. وليس المطلوب اليوم إزاءها شجباً جديداً، ولا صوراً تبكي لها الشاشات، بل يجب أن يكون هناك تحرك عربي وإسلامي ودولي واسع يردّ للإنسان إنسانيته.
أهل غزة اليوم وهم في مواجهة وحوش البشر ومرجعيات الشر والطغيان على وجه الأرض لا يطلبون المعجزات، بل شيئاً من الخبز والماء والحليب والدواء وظلاً من العدالة المفقودة.