الكشافة في اليمن مدرسة الحياة الغائبة

حسن الوريث

 

 

كنت أتابع مع ابني الصغير الكابتن علي حسن صور قديمة ينشرها القاضي محمد الجلال على صفحته في الفيسبوك وكان ضمنها صور لعدد من الأصدقاء والزملاء بالزي الكشفي وقد سألني عن هذه الصور والزي الذي يرتدونه فقلت له أنه زي الكشافة فعاد وكرر السؤال: ماهي الكشافة؟
طبعا ليس ابني الصغير علي من يجهل ماهي الكشافة فهناك الكثير من الشباب اليمنيين لا يعرفونها وليس لديهم أي فكرة عن هذا المكون لأنه غاب طويلاً خلال الفترة الأخيرة وربما تم تغييبه عن قصد أو عن غير قصد، رغم الأهمية القصوى لهذا المكون الشبابي الحيوي، فبعد أن كان نشاط هذه الحركة العملاقة يومياً يلامس حياة الناس أصبح غائباً بحسب رغبات البعض وأهوائهم.
وللإجابة على سؤال ابني الصغير علي والشباب الذين لا يعرفون ماهي الكشافة؟ فإن التعريف البسيط والمختصر لها أنها حركة تربوية تطوعية غير سياسية تعمل على تربية وتنمية الشباب والارتقاء بقدراتهم المختلفة ليقوموا بخدمة وطنهم وبلدهم ويكونوا أفراداً ومواطنين مسئولين في مجتمعاتهم المحلية والقومية والعالمية والسؤال الأهم الذي يتبادر إلى الذهن هو لماذا غابت الحركة الكشفية في اليمن؟.
بالتأكيد أن تراجع دور الكشافة في اليمن أو بالأصح غيابها ليس وليد اللحظة بل هو نتيجة لتراكم تحديات معقدة أهمها يتمثل في قصور فهم لدى مسئولي وزارة الشباب والرياضة بأهمية الحركة الكشفية، وبالتالي فقد غابت عن برامج الوزارة تماما رغم الأهمية الكبيرة التي تمثلها في بناء شباب مسؤول وقادر على المساهمة الفاعلة في بناء وتنمية مجتمعه.
مما لا شك فيه أن غياب الكشافة اليمنية عن المشهد العام ظاهرة تستدعي التوقف والتأمل ليس فقط لأنها تمثل اختفاء لمؤسسة شبابية عريقة بل لأنها تُشير إلى فقدان بيئة تربوية حيوية كان لها دور مهم جدا في صقل شخصية الشباب وتنمية مهاراتهم وغرس قيم المواطنة الصالحة، ورغم الصورة القاتمة فإن الحاجة إلى الكشافة لم تنتهِ بل تضاعفت في ظل التحديات الحالية حيث يحتاج الشباب اليمني أكثر من أي وقت مضى إلى بيئات آمنة تُنمّي قدراتهم وتُعيد غرس قيم التسامح والتعاون وتُبعدهم عن الانخراط في السلوكيات السلبية.
إن إعادة إحياء الحركة الكشفية يتطلب من وزارة الشباب والرياضة إدراك الدور الاستراتيجي للكشافة وتقديم الدعم المالي واللوجستي وتضمينها في خططها، وكذا تحديث البرامج الكشفية لتكون أكثر جاذبية للجيل الجديد مع دمج مفاهيم ريادة الأعمال الصغيرة والإعلام الرقمي المسؤول، وإعداد مناهج كشفية جديدة تواكب روح العصر ومتطلباته وقبل ذلك تدريب جيل جديد من القادة الكشفيين القادرين على قيادة وتوجيه الشباب وأيضا تنظيم حملات توعوية بأهمية الحركة الكشفية ودورها في بناء جيل واع ومنتج على اعتبار أن إعادة إحياء الكشافة اليمنية ليست مجرد استعادة لموروث، بل هي استثمار في مستقبل اليمن وشبابه رمز الأمل والبناء والتنمية، ولتذكرنا بأن أرض اليمن الطيبة تستحق جيلاً مبادرًا مسؤولًا، وعاشقًا لوطنه.. نتمنى أن تكون الرسالة وصلت وأن نرى عملا حقيقيا وجادا لإنعاش الحركة الكشفية في بلادنا.

قد يعجبك ايضا