ثورة الإمام الحسين – عليه السلام – تمثل روح الصمود والكفاح من أجل الحق والمبادئ الثابتة ودرساً لكل الأجيال التي تسعى للتخلص من الظلم
حصار اليمن وغزة اليوم تجسيد حقيقي لكربلاء جديدة
اليمن رفضت التسلط على رقاب شعبها فواجهت أبشع عدوان
واقع اليمن ومحور المقاومة نتاج لتلك الثورة وقيادات هذا المحور هم أحفاد لذلك الثائر العظيم
تحل علينا ذكرى عاشوراء وثورة الإمام الحسين -عليه السلام- الثورة التي أوقد بها شعلة ضد الظلم الذي ألحقه بني أمية في أمة جده رسول الله بعد أن انحرفت عن المسار الذي حدده الله لها في غدير خم واتخذت من السقيفة والشورى بديلا، وتخلت عن ولاية الإمام علي -عليه السلام-، وبذلك سلمت أمرها لبني أمية المعروفين بعدائهم الشديد للإسلام والنبي وآل بيته، على الرغم من تحذير النبي الكريم بأنهم لو حكموا الأمة فإنهم سيستخدمون من دين الله دغلا وعباده خولا وماله دولا!!
حقيقة ثبتت بعد أن تمكن بنو أمية من الوصول إلى سدة الحكم، فعاثوا في الأمة الفساد وحرفوا الدين بما يناسب مصالحهم وأحقادهم، الأمر الذي لم يقبله الإمام الحسين، فخرج إلى كربلاء بعد رفضه البيعة ليزيد المعروف بفسقه ومجونه، ولم يكن خروجه خروج الأشر ولا البطر بل خروج من قلبه على أمة جده ودينها للإصلاح فيها، لم يطلب منصبا ولا جاها، شعاره فيها “هيهات منا الذلة”، غير أن الأمة خذلته وتركته يواجه يزيداً وجيشه الذي اشتراه بسطوته وماله حتى انتهى الأمر بالإمام الحسين شهيدا تدوس جسده حوافر الخيول، ورأسه مرفوع مع رؤوس أصحابه وآل بيته الشهداء على أسنة الرماح.
ومن هنا تأسس منهج الذبح وحز الرؤوس وتهيأت الساحة لأن يبقي يزيد وأمثاله جاثمين على صدور الأمة حتى اليوم وفي ذات الوقت أسس الإمام الحسين ثورة لكل المظلومين حتى لا يقعوا فريسة حديث يحرم الخروج على الحاكم الظالم وإن قصم الظهر.
منهج وثورة نراهما يتكرران في اليمن التي رفضت التسلط على رقاب شعبها فواجهت أبشع عدوان عليها، مجسدة كربلاء بكل تفاصيلها إلى لبنان وإيران وفلسطين وغزتها التي تعيش كل يوم كربلاء، في ظل خذلان من أمة انتهجت منهج من خذلوا الحسين في الطف.
وحول هذه الذكرى، أجري المركز الإعلامي بالهيئة النسائية -مكتب الأمانة استطلاع للأسرة مع عدد من الإعلاميات والناشطات الثقافيات.. اليكم الحصيلة:
الثورة /…
البداية كانت مع الإعلامية وفاء الكبسي التي تقول: تُحيي الأمة الإسلامية هذه الأيام ذكرى عاشوراء التي هي بوابة الإباء والتضحية والفداء، والتي تتكرر اليوم بعد 1380 سنة بهذا العدوان البربري الظالم على غزة واليمن، فالتاريخ يعيد نفسه.
أهداف الثورة
وتضيف الكبسي: لو تحدثنا عن ثورة الإمام الحسين -عليه السلام- نجد أن خروجه في ثورته كان لإصلاح أمة جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أي من أجل الحفاظ على القيم الإسلامية البحتة، وليس القيم اللا إنسانية التي تخطها قوى الهيمنة أمريكا وإسرائيل تحت شعار كاذب وهو حقوق الإنسان.
فالإمام الحسين -عليه السلام- كان هدفه إحياء الدولة الإسلامية وفق تشريع إلهي يضمن للبشرية الحقوق التي أنزلها الله تعالى على نبيه محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإنقاذ الأمة من الفساد والطغيان، ولهذا حاربوا الإمام الحسين -عليه السلام- لأنه كان يمثل الحق والقرآن.
وأوضحت انه سبب سكوت كثير من الناس في ذلك الزمان إما ترغيباً أو ترهيباً من قبل الدولة الأموية الظالمة الباغية، فإنه منذ ذلك الوقت تبدلت المفاهيم وتغيرت وظهرت المداهنة للظالمين الفاجرين، ولهذا يُعد تخاذل أكثر الناس عن نصرة الإمام الحسين -عليه السلام- في كربلاء كارثة تاريخية كبرى شرعنة للظالمين الجريمة التي استمرت إلى اليوم.
وأكدت الكبسي أن ثورة الإمام الحسين -عليه السلام- أسست منهجا ثوريا للمظلومين، وأرست في الأمة سياسة تمثلت بالثورة على الظالمين من خلال تجسيده لقيم التضحية، والرفض المطلق للظلم، والإصرار على الإصلاح، وتقديم أنموذج فريد في التمسك بالحق ومواجهة الطغيان، وذلك عندما رفع الإمام بدمه ودم أولاده واخوته وأصحابه علما للهداية ومنارا لكل من ينشد الإصلاح ويرفض الفساد والظلم عبر العصور.
عواقب الخذلان
وأشارت وفاء الكبسي إلى أن ما حدث في كربلاء من خذلان للإمام الحسين أسس واقعا كارثيا على الأمة حتى يومنا هذا.
وقالت الكبسي: إن ما حدث في هذه الذكرى الأليمة بكل وقائعها وأحداثها يمثل جرحًا غائرًا في تاريخ الأمة، ويشكل رمزًا للظلم والاضطهاد، مما أثر على حاضر الأمة ومستقبلها، فأحداثها المتكررة يعيشها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والشعب اليمني وهما يواجهان أحقر عدوان صهيوني أمريكي على وجه الأرض، فالحصار اليوم على غزة كالحصار الذي تعرض له الإمام الحسين -عليه السلام-، مما يشهد الواقع امتداد المظلومية وامتداد الخذلان العربي المخزي.
بركان ثائر
ونوهت الكبسي: بأن الإمام الحسين بثورته أسس منهجا ثوريا للمظلومين، حيث ذكرت أن ثورة الإمام الحسين- عليه السلام- ليست واقعة جامدة في كتب التاريخ، بل هي بركان متحرّكٌ في وجوهِ المستكبرين، وشرارةٌ لا تنطفئ في كلِّ أرضٍ يعلو فيها صوتُ المظلوم، واليمن ومحور المقاومة امتداد لهذه الثورة الحسينية المباركة، ففي اليمن الإمام الحسين حيٌّ يُرزق من خلال خطابات السيد القائد عبدالملك الحوثي- حفظه الله- وفي دماء الشهداء، وفي شعار “هيهات منا الذلة” الذي تحوّل إلى ثقافة قتال وعقيدة ثورية، ومن خلال إغلاق البحر الأحمر في وجه الصهاينة، إلى استهداف البوارج الأمريكية، إلى نصرة غزّة فعلًا لا قولًا، ها هو سيف الحسين يُشهر من صنعاء ويضرب في يافا.
وتابعته: أن إحياء ذكرى الثورة الحسينية هو واحدٌ من تعابير حُبّ وولاء وارتباط الشعب اليمني بسيد الشهداء الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «حسينٌ مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينًا، حسينٌ سبطٌ من الأسباط»، وتجسيد الارتباط بالمنهج والرؤية والموقف التي تَحرَّك على أساسها ومن خلالها الإمام الحسين -عليه السلام-، وهي رؤية القرآن الكريم، ومسلك رسول الله محمد صلى الله عليه وآله.
مسؤولية آل البيت
بدورها الكاتبة إخلاص عبود بدأت حديثها بالقول: إن من يعرف معنى الولاية الإلهية – وتكليف الله أهل بيت رسوله الكريم، في أن يكونوا هم من يتحركون في هذه الدنيا ضد أي ظالم -سيفهم لماذا خرج الإمام الحسين -عليه السلام-.
وتابعت: حين طغى يزيد الملعون، واستنجد أهل العراق بسيدنا الحسين، خرج الحسين لإعلاء كلمة الله، وللوقوف في وجه شارب الخمر، وفاتح مجلسه للبغي والفساد، من عُرف بفجوره وفسقه.
وتواصل عبود ولأن المسؤولية تحتم على أهل البيت وأتباعهم الثبات والوقوف في وجه الظلم، فلم يتراجع صلوات ربي عليه، برغم أن أهل العراق أول من شهروا سيوفهم ضده وخذلوه، ومع ذلك وقف مع العشرات في مواجهة الآلاف من جيش الطاغية يزيد، مع المتخاذلين من أهل العراق.
وأوضحت عبود أنه لو لم يكن على أهل البيت ومن سار على هديهم تجسيد معنى الولاية، لكان الإمام الحسين تراجع بعد خذلان من خذلوه، ولو أنه تراجع لطمس ما كان بقي من معالم الدين، ولكان كل يزيد في كل عصر سيكون هو من يحكم رقاب الناس بالظلم بدون أي مواجهة، بدون أي موقف، لكن ثورة الإمام الحسين خلقت في كل قلب حر ثورة، وصنعت في كل زمان حسينيين، فكان نتاجها ثورة في وجه كل يزيد.
وذكرت عبود أن الحسين استطاع أن يجعل من ثورته منهجا للمظلومين موضحة انه استطاع ذلك حين حمل هم الأمة، وتحرك بوعي وببصيرة، يوجه الناس بأن يجعلوا من مظلوميتهم سببا للتحرك، وأن لا تكون المظلومية هي سبب الانهزام والذل والانحطاط، تحرك بشعار “هيهات منا الذلة”، و”مثلي لا يبايع مثله”؟
وأشارت إلى أننا اليوم في اليمن تحركنا بثورته، فمثلنا لا يبايع أمثال ترامب والنتن، وأمثال الأنظمة المطبعة، مثلنا لا يسكت على أي مظلومية في أي قطر من أقطار الأرض.
وفي سياق حديثها نوهت عبود: بأن كان يفترض أن تكون كربلاء مدرسة لكل مسلم، في أن يرفض الظلم، لأن الخذلان يسبب الوبال، وانه كان يفترض بنا أن يكون حالنا أفضل مما نحن عليه الآن، وانه كان يفترض بنا كأمة عليها مسؤولية عظيمة أن نتخذ من الطف نموذجاً لا نعود لمثله أبدا، ولكننا للأسف نعيش الطف في كل زمان، ونعيش مظلومية كربلاء، ونعيش الواقع المتخاذل والمنحط، بأهله الذين قبلوا بأمثال يزيد، وبايعوا أمثال معاوية.
واعتبرت عبود واقع اليمن ومحور المقاومة نتاجاً لتلك الثورة، بل إن قيادات هذا المحور، هم أحفاد لذلك الثائر العظيم، منطقهم، مواقفهم، تحركهم، شجاعتهم، تضحيتهم، هي صناعة ذلك الرجل الرباني المحمدي العلوي الفاطمي .
وعرجت عبود إلى أهمية الكلمة التي قد يستسهلها البعض حيث قالت: عندما نقارن ما بين مواقف الإمام الحسين، والإعلام الموجه الذي يخدم طواغيت الأرض من أمثال يزيد، نرى صوابية موقف الإمام الحسين الذي رفض البيعة ليزيد رغم أنها كلمة كما قال له الوليد الذي جاء يطالبه بالبيعة ليزيد، ونرى كم أن هذا الإعلام صناعة لا تنتج إلا جيوشاً تخدم قوى الظلم والعدوان، وتسهل الرضى بالظالمين حكاماً وولاة، وتدجن الأمة لتخدم من يجب أن لا يكونوا على رقابها ولاة، إن من يصنع اليوم الرؤى والمواقف هو الإعلام الموجه لخدمة قوى الطاغوت، والذي واجبه الحقيقي أن يوجه الأمة لتعرف عدوها الحقيقي، وتتجه لمواجهته، لا أن تصنع ولاءات وأعداء خارج نطاق التوجيه الإلهي.
وأكدت عبود على أهمية إحياء هذه الذكرى لأنها توضح للأمة والناس أجمعين، أن الظلم نستطيع مواجهته مهما كانت قوته، مهما كانت سطوته، مهما كانت سلطته، نستطيع ولو كنا أعداداً قليلة، بعتاد قليل، ما دمنا نحمل روحية المسؤولية، ونحمل نفوساً عزيزة، كريمة، أبيِّة، عصيِّة على تحمل الواقع المخزي، نتحرك بالحق مهما كانت التضحيات، مهما كانت المواجهات، ونعلم أن ما ندفعه ونحن ندفع الظلم عنا هو قليل جدا جدا في مقابل ما سندفعه في حال تخاذلنا، أو فرطنا.
أسباب الخروج
فيما أوضحت الناشطة السياسية دينا الرميمة أن ما حصل في كربلاء ما هو إلا نتاج للانحراف الذي وقعت فيه الأمة الإسلامية بعد انتقال نبيها الكريم إلى الرفيق الأعلى ومخالفتها أمر الولاية الذي جاء متمما للدين وإكمال للنعمة، وبالتالي فإن الأمة عندما أبعدت الإمام علياً عن ولايتها تسلط عليها الظالمون من خلفاء الإمبراطورية الأموية التي اتخذت دين الله دغلا وعباده خولا وماله دولا، توارث أمراؤها الحقد على الإسلام وأهله مع توراثهم سدة الحكم ورسخوا في عقول الأمة حرمة الخروج على الحاكم وإن كان ظالما حتى وإن قصم ظهورهم، واصبح هذا الأمر محرما لا يتجاوزه إلا من يمتلك شجاعة تمكنه من الوقوف بوجه هؤلاء المردة على الدين، شخص يعي ويعلم المبادئ والقيم المحمدية أنها ما جاءت إلا لانتشال الناس من تحت سطوة الظالمين.
وأوضحت الرميمة أن هذا الشخصية تمثلت بالإمام الحسين سبط رسول اللّه وامتداده الطبيعي ووارث علمه والذي امتلك من الشجاعة ما جعله يرفض مبايعة يزيد بن معاوية الذي اعتلى أمر خلافة الأمة وعاث فيها الفساد، كونه شخصاً فاسقاً فاجراً يحمل كل البغظ لآل رسول الله وللرسول نفسه والإسلام.
وأكدت الرميمة أن الأمام الحسين بذلك تحمل مسؤولية الحفاظ على المبادئ والقيم المحمدية التي أرست مبادئ العدالة بجهود بذلها جده المصطفى أسس فيها لدولة إسلامية أصبحت لا تذل الا لله رب العالمين.
وبرفض الإمام الحسين مبايعة يزيد هو أيضا فند أكذوبة عدم الخروج على الحاكم الظالم وأثبت أنها ليست إلا سلما يحاول بنو أمية من خلالها الاستئثار بالحكم وحرف الناس عن منهجية الإسلام الصحيحة التي أصبحت مجرد أحاديث جوفاء تتماشى فقط مع نزعاتهم الانتقامية من هذا الدين الذي قضى على أشياخهم من كفار قريش وسواهم بالعامة من الناس، وهو بذلك رسم للناس طريقاً للثورة على الظالمين فكانت ثورة مبادئها الأساسية القضاء على الظلم وإرساء قواعد العدالة والحرية.
ثورة حسينية
وأشارت الرميمة: ان ثورة الحسين كانت ثورة المظلوم على الظالم وتقويم المارقين عن نهج الرسالة المحمدية، ثورة تحمل كل القيم الإنسانية السامية، لم يخش فيها قلة تابيعه، ففيها جابه الظالمين مع القلة القليلة من المؤمنين الصادقين في وقت جبن الكثير من أبناء الأمة الذين خشوا عقاب السلطان ونسوا عقاب الرحمن وصموا أذانهم عن ندائه في كربلاء وهو ينادي “ألا من ناصر ينصرني”، فخذولوه مع أن قلوبهم كانت معه ويعلمون أنه على الحق إلا أن سيوفهم انهالت عليه تقطع رأسه ورؤوس أصحابه وتحملها كقرابين ليزيد ليتشفى بها أمام نكأة بدر التي أطاحت بأجداده ومشايخه من كفار قريش.
بين الحق والباطل
وهنا نوهت الرميمة بأن أولئك المنضمين لصف يزيد هم بذلك إنما جعلوا رقابهم تحت سطوته وسطوة الظالمين من بعده حتى يومنا هذا وأسسوا بذلك دولة يزيدية داعشية شعارها الظلم والفسق والفجور وذبح الرقاب لكل من يخالف أو يعترض أفعالهم هي دولة داعش الحالية التي تحت عنوانين دينية تشوه معالم الإسلام بذبح الجثث والتمثيل بها وحرقها ومعها تحرق القيم الدينية الأصيلة وتنسف كل ما له علاقة بالإنسانية.
وكما أكدت الرميمة أنه وفي الوقت ذاته سطر الحسين بدمه الطاهر منهجا قويما يستلهمه كل الأحرار في كل الكربلائيات التي حدثت بعد الطف، دائما فيها ينتصر الدم على السيف ويدحض الظلم وإرساء معالم العدالة وتنتصر الإنسانية مع كل تضحية ودم مسال.
اليمن تجسد كربلاء
مشيرة إلى أنها المنهجية التي سار عليها أحرار اليمن في كربلاء العصر ضد يزيديي آل سعود خدام أمريكا الذين انتهجوا نهجه في محاولة ارضاخ اليمن لهم وجعلها حديقة خلفية لأطماعهم تحت شعارات زائفة، تصدى لها وصدها اليمنيون في ثورة كربلائية شعارهم فيها قول ربهم (فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين) شعار ثائرهم الأول الحسين السبط (لا والله لا نعطي بأيدينا إعطاء الذليل ولا نقر إقرار العبيد)، هي كربلاء أخرى فيها قتل الطفل الرضيع والمرآة والشيخ المسن، وقدم فيها الأحرار رقابهم في سبيل حرية شعبهم وكرامتهم، تخلوا عن دنيا ارتأوا فيها الحياة مع الظالمين برما والموت في سبيل دينهم سعادة وقربى لربهم، كربلاء يمانية فيها أسرت المرأة وهي تجابه الظالمين وفيها سطرت مواقف زينبية تضاهي موقف زينب الحوراء في الطف، فيها قدمت أبناءها وأبيها وزوجها في سبيل الله وفي سبيل يمنها الحر والسالك مسلك مصابيح الدجى من آل البيت، عليهم السلام.
كربلاء كانت اليمن وحيدة تجابه كل قوى الاستكبار العالمي، كما وقف الحسين وحيدا مخذولا في الطف، وهم بذلك سطروا أروع مشاهد العزة والكرامة والإباء والفداء تحت منهج الحسين حبا وتمسكا بالدين والأرض وطمعا بنيل الشهادة ليكونوا بالقرب من الحسين وأصحابه في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
ومثل اليمن كانت غزة التي تعيش اليوم ألف كربلاء، تجابه فيها الظالمين والمحتلين وحيدة دون ناصر سوى من القلة القليلة الذين كانوا معها ممن امتلأت قلوبهم إيمانا بمنهج الإمام الحسين ومن ثورته استلهموا كل معاني العزة والكرامة والاباء.
دوافع الثورة
ختاما ذكرت علياء الأبيض أن الظروف التي دفعت الإمام الحسين (عليه السلام) للثورة هو استبداد بني أمية وتسلطهم على رقاب الأمة واستئثارهم بالحكم، حتى وصل ليزيد بن معاوية، أضف إلى ذلك تحريفهم لأصول الدين الحنيف، كل هذه الأسباب جعلت الإمام الحسين يرفض البيعة ليزيد ويخرج ثائرا للإصلاح في أمة جده النبي الكريم ودعوتها لتطبيق الشريعة على أسس العدالة.
وأشارت الأبيض: إلى أن الإمام الحسين رفض الحياة تحت سطوة الظالمين واعتبر السكوت على الظلم والتخاذل عن نصرة الحق يعني مشاركة في الجريمة، لذلك اختار أن يكون هو صوت الحق والعدل، ورفض الظلم والطغيان.
وأكدت الأبيض ان الإمام الحسين (عليه السلام)، جسد بمواقفه ودوره نموذجًا فريدًا للثائر على الظلم، حيث خط بدمائه رسالة حيّة تعلِّم الأجيال كيف تكون التضحية من أجل الحق، وفي مواجهة الطغيان، معتمدًا على المبادئ الثابتة التي لا تتغير، ولم تقتصر نتائج الثورة على معركة كربلاء فحسب، بل أصبحت منارا ومنهجًا لكل المظلومين على مدى التاريخ، تتكرر عبر الأزمان وأصبح هو رمزًا للتضحية من أجل الحق، وتذكيرًا دائمًا بضرورة مقاومة الظلم، والتشبث بثوابت الدين والكرامة الإنسانية.
منهجية حية
وأكدت الأبيض ان الثورة الحسينية ما زالت حتى يومنا ملهمة للأحرار والمظلومين، ولازالت تذكرنا بأهمية الوحدة ضد المستبدين، ومقاومة الهيمنة والاحتلال، سواء في فلسطين أو اليمن أو غيرها، وانها رمز للكَرامة والصمود، ومن خلالها نستمد الثبات على الحق.
واستشهدت الأبيض بموقف المحور المقاوم الذي قالت إنه امتدادً لنهج الإمام الحسين (عليه السلام)، حيث يقف الموقف المبدئي في مواجهة الظلم والعدوان من أعداء الله ورسوله، ويعمل على مقاومة الاحتلال واستعادة الحقوق، متماشيًا مع قيم الثائر الحق، الذي لا يساوم على حريته وكرامته.
وأوضحت الأبيض أن موقف الإمام الحسين (عليه السلام) برفضه مبايعة يزيد بعد أن حاولوا إقناعه بأنها مجرد كلمة يعكس أن كلمة الحق والدين والعزة أهم من المواقع والمصالح، وهو درس هام لكل من يعمل في الإعلام، لإبراز الحقائق، وإعلاء قيم العدل، والتصدي للإشاعات والتضليل، الذي يهدف إلى إضعاف الأمة وطمس مواقفها الشجاعة.
تعزيز الوعي
وشددت الأبيض: على ضرورة إحياء ذكرى الثورة الحسينية، لأن إحياءئها تذكير دائم برسالة الحق والعدالة، يعزز الوعي الثقافي والديني، ويحفز الأمة على مقاومة الظلم والفساد، ويرسخ في النفوس قيم التضحية والكرامة، ويرسخنا على نهج الإمام الحسين في الجهاد من أجل الحق.
واختتمت الأبيض حديثها بالقول: ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) روح الصمود والكفاح من أجل الحق، وتقدم القدوة والمبادئ الثابتة لكل الأجيال التي تسعى للتخلص من الظلم ونصرة المظلومين ومواجهة الظالمين في كل زمان ومكان.