
–
إعداد/ د. محمد أحمد الدبعي
أفضل وأنجح ما يمكن إعطاؤه للأطفال المصابين بالحصبة لحمايتهم من أضرارها الخطيرة وصفة طبية من فيتامين »أ« يقرها الطبيب المعالج.
فهو بحق فيتامين هام لصحة وسلامة الأبدان وله استخدامات طبية واسعة تحقق – إذا ما رْوعي في جرعاته المعايير التي يوصي بها الأطباء – الشفاء للكثير من العلل والأسقام بل ومادة حيوية ضرورية تنجم عن نقصانها في الجسم أشكال وصنوف شتى من الأضرار الشديدة فكيف بالحال لو انقطع عنه ولم يحصل عليه نهائياٍ¿.
ونظراٍ لأهمية هذا الفيتامين وقيمته الغذائية والصحية فقد حرصت وزارة الصحة العامة والسكان في الحملة الوطنية للتحصين ضد مرضى الحصبة وشلل الأطفال على تقديمه لكل طفل من »6 أشهر – 10 أعوام« باعتبار أن هذه الفئة الأكثر احتياجاٍ للحصول عليه لما فيه من تعزيز لنمائهم وبنائهم المناعي ولدوره في الوقاية من داء الحصبة وغيره من الأمراض التي تتربص بهم.
فيا ترى ما حقيقة فيتامين «أ»¿ وما أهميته للإنسان¿ والدور الذي يؤديه للحفاظ على صحته¿ وماذا لو أن الجسم لم يحصل على كفايته منه¿ ثم لماذا في حملة التحصين ضد مرضى شلل الأطفال والحصبة يْقدم لفئة عمرية محددة وليس للأطفال المستهدفين عموماٍ¿
تساؤلات نستعرض الإجابة عليها مسترشدين بالحقائق وما خلصت إليه الدراسات العلمية من كشف فوائده ومزاياه وأهميته الحيوية الملحة للصحة وذلك في السياق التالي
مصادر فيتامين (أ)
ما ليس معلوم لدى الكثير من الناس أن فيتامين «أ» لا يمكن تصنيعه في الجسم إنما يوجد – بحسب خبراء التغذية – في بعض الأغذية الدهنية مثل «الكبدة الحليب كامل الدسم الزبدة الجبن السمك الغني بالزيوت والبيض» وإلى حدُ ما في الفواكة ذات اللون الداخلي الأصفر «كالمانجو المشمش الخوخ» وفي الجزر والخضراوات ذات القشرة الخضراء الداكنة مثل «الكرنب الخس والسبانخ… إلخ».
بينما تشمل المصادر غير الطبيعية لفيتامين «أ» الزيت المضاف إليه هذا الفيتامين والأدوية بأشكالها وأصنافها المتعددة والجرعات المركزة منه التي تْعطى للأطفال خلال مرحلة التحصين الروتيني وفق المنظومة الصحية المتبعة في اليمن – بالتزامن مع موعد إعطاء جرعتي لقاح الحصبة حيث موعد الجرعة الأولى للقاح الحصبة مع هذا الفيتامين الحيوي بعد الشهر التاسع من عمر الطفل أما الثانية فعند بلوغه من العمر عاما ونصف كذلك خلال حملات التحصين لا سيما حملات التطعيم ضد الحصبة وشلل الأطفال.
أهميته وفوائده الحيوية
> أكثر الفئات العمرية حاجة لفيتامين (أ) وأكثرها تأثراٍ من جراء نقصه الذين ينتمون إلى الفئة العمرية من (9 أشهر – 5 سنوات).
فأجسادهم الصغيرة إذا افتقرت إليه لضعف الكمية المطلوبة منه فيما يقدم لهم من وجبات أو أغذية أو نتيجة الإصابة بمرض ما من الأمراض أو لأي سبب آخر.. حتماٍ ستتضرر كثيراٍ وعندها لن تقوى مناعتهم على مقاومة عدوى الأمراض الخطيرة الفتاكة وعلى رأسها (الحصبة الإسهال التهابات الجهاز التنفسي الحاد).
بالتالي الذين يفتقرون لهذا الفيتامين الحيوي لن يكونوا بمأمن من التعرض لمعاناةُ مرضية سيئة من هذا النوع أو لأضرار فادحة تترك آثاراٍ سلبية على بعض وظائف الجسم.
فالجهاز العصبي والدماغ – وفقاٍ للدراسات العلمية التي أجريت في حقل الغذاء والصحة – ينالهما جراء هذا النقص والعوز جانب من الضرر ينعكس في اضطراب وترنح المشي وصعوبة القدرة على حفظ توازن الحركة.
بينما يصف الأطباء ذوي الاختصاص وخبراء التغذية نقص فيتامين (أ) وضعف المخزون منه في الجسم من جراء سوء التغذية والإسهال أو نتيجة الإصابة الحادة بمرض الحصبة أو الملاريا وما إلى ذلك من أمراض خطير بأنه مدعاة لحدوث جفاف القرنية والملتحمة للعين والعشى الليلي (العمى) وفي الحالات المزرية الشديدة ومع استمرار حالة العوز في الجسم يفضي إلى الوفاة بعد مدة من وقوع العمى.
ويعتبرون نقصه من العوامل المؤدية إلى ضعف وهشاشة العظام والهزال وتأخر النمو وتقصف الأظافر وكذلك جفاف وتقصف الشعر.
وهذا لا شك يجسد أهمية وفوائد هذا الفيتامين الحيوية العظيمة فمن دونه يدخل الإنسان وبالذات الأطفال في معترك المعاناة بسوء التغذية ومآلاته الخطيرة على الصحة.
إذ تجمع المصادر الطبية على أنه يساعد في خفض وفيات المواليد ناقصي الوزن والنمو ويعمل على وقاية العينين من جفاف الملتحمة والقرنية وبذلك يقي من العمى.
وبمساعدة فيتامين (أ) – وفقاٍ للدراسات العلمية – تنتج العينان مادة الأرجوان البصري التي تمكننا من الرؤية في الظلام وتمييز الألوان وهو مفيد أيضاٍ لنمو العظام والتحامها.
فيما يحمي البشرة ويحافظ على نظارتها ووقايتها من الجفاف والتشققات ويساعد على الشفاء المبكر من الالتهابات الجلدية وعلى وقاية الجلد من الأمراض السرطانية لذلك كثيراٍ ما يضاف في مستحضرات التجميل للعناية بالبشرة والحفاظ على نظارتها.
ومن الحقائق التي توصل إليها العلم أن وجدت لهذا الفيتامين علاقة بعملية ترابط الخلايا السطحية والأغشية المخاطية خاصة في الجهاز التنفسي والجهاز التناسلي والجلد واللثة بالإضافة إلى أنه يساعد في عمليات دخول الحديد في تركيب كريات الدم الحمراء.
هذا.. وتفيد الدراسات بأن آلاف الأطفال الذين فقدوا حاسة البصر من جراء مضاعفات الحصبة إنما يْعزى السبب بما آل إليه حالهم إلى نقص فيتامين (أ) فضلاٍ عن سوء التغذية.
الأسباب الكامنة وراء نقصه
> ليس من الصواب أن تمتنع الأم عن إرضاع طفلها من حليبها الذي اختصه الله بفوائد فريدة من نوعها ومن هذه الفوائد – بحسب خبراء التغذية – أنه غني بفيتامين (أ) وبعد الستة الأشهر الأولى من عمره يتعين عليها إطعامه ومده بوجبات مكملة متوازنة تتدرج لتتناسب مع سنه بموجب توصيات منظمتي الصحة العالمية واليونيسف مؤكدة وجوب استمرار الأم في رضاع طفلها الرضيع من حليبها دون انقطاع إلى أن يكمل عامه الثاني دون أن يستعاض عنه بالحليب الصناعي حتى وإن قل إدرار حليب ثديها ذلك لأن الاستمرار في عملية الإرضاع من الثديين كفيل بزيادة الإدرار.
وعلى الأسباب الأخرى الكامنة وراء نقص فيتامين «أ» يعزو خبراء التغذية والأطباء إلى أنها تنشأ إما لخلل ما في خزن الجسم له أو لضعف امتصاص قدر كاف منه في الأمعاء أو لشحة وضعف القدر المطلوب منه في الأغذية المتناولة وسوء التغذية مشيرين إلى أن الجسم يلجأ إلى الاستهلاك السريع للمدخر والمخزون منه عند الإصابة بمرض ما وخصوصاٍ الحصبة أو عند التعرض للإسهال أو ارتفاع درجة حرارة الجسم «الحمى» وذلك من أجل تحسين الحالة المناعية في الجسد لمقاومة المرض.
وأنوه إلى أن من الخطأ جداٍ استخدام فيتامين « أ» بشكل عشوائي كتناول أقراص منه أو أدوية أياٍ كانت تحتوي على هذا الفيتامين أو تناول الأغذية به بإفراط لكي لا يتسبب بآثار جانبية ضارة بالصحة.
أما في حال علاج النقص أو عند الإصابة بأحد الأمراض التي تتطلب بالضرورة أن يحصل الطفل على قدر منه فأمر تقدير الحالة وتقدير الاحتياج متروك للطبيب فقط.
فيتامين «أ» وحملة الحصبة والشلل
> حملات التحصين كما أشرنا سلفاٍ وبالأخص تلك التي تستهدف تطعيم المستهدفين من الأطفال بلقاح الحصبة تتيح لا ريب حصولهم على جرعة من فيتامين»أ» لما له من ضرورة داعمة لصحتهم ونموهم الصحي ولبناء مناعتهم ضد هذا المرض وغيره من الأمراض الخطيرة بما فيها أيضاٍ شلل الأطفال الفيروسي كذلك يعطي هذا الفيتامين للأطفال بعد الشهر التاسع من العمر ثم في عمر عام ونصف ضمن جلسات التحصين الروتيني بالمرافق الصحية تزامناٍ مع موعدي لقاح الحصبة.
وأمام الأوضاع الاستثنائية التي أفضت إلى أزمة معيشية خانقة خلال العام المنصرم فيما لا تزل مستمرة حتى الآن فقد أتاحت وهيأت الفرصة لانتشار الحصبة بعد سنوات من حالة تدني الإصابة بالمرض امتدت من العام 2006م وحتى العام 2010م.
وبطبيعة الحال أخذ المرض ينتشر خلال العام المنصرم 2011م ومطلع العام الحالي 2012م بعنفوان شديد بين الأطفال ضعيفي المناعة ومن يعانون سوء التغذية ما أسفر عن ارتفاع حالات الإصابة الجديدة بالحصبة بوتيرة عالية تنذر بوضع كارثي لاسيما وأن الإصابة بالمرض وصلت إلى درجة من الخطورة بأن أفضت إلى وفاة العشرات من الأطفال ليعود الحال بوزارة الصحة وبرنامج التحصين الموسع والتابع لها إلى مربع الصراع مع هذا الداء في الكثير من مناطق ومحافظات البلاد فكان منها أن أعادت زخم تلك الحملات لتستهدف بالتطعيم الأطفال المشمولين بخطر الإصابة بمرض الحصبة بدءاٍ بالمناطق والمحافظات العالية الاختطار ثم الأدنى خطورة فالأدنى.. عبر مراحل تنفيذية مزمنة.
ومن هذا المنطلق قررت وزارة الصحة والسكان عبر برنامج التحصين الموسع تنفيذ حملة تحصين وطنية ضد الحصبة وشلل الأطفال وفي مرحلتها الأولى خلال الفترة من « 10-15 مارس 2012م» ستشمل فقط محافظات» عدن لحج أبين شبوة صعدة البيضاء ذمار» بينما المستهدفون فيها بالتطعيم ضد مرض الحصبة هم الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين (6أشهر – 10سنوات) في حين تستهدف باللقاح الفموي المضاد لفيروس شلل الأطفال جميع فلذات الأكباد دون سن الخامسة.
علماٍ بأن جرعة فيتامين (أ) خلال هذه الحملة تعطي للأطفال المستهدفين من عمر (6 أشهر – 5 سنوات) وفق معايير علمية منضبطة ومعتمدة عالمياٍ ويقدمها مع لقاحي الحصبة وشلل الأطفال عاملون صحيون مؤهلون حيث تعطي منه خلال الحملة:
– جرعة واحدة: فئة (100 ألف) وحدة دولية للأطفال الذين من عمر (6 – 11 أشهراٍ).
– جرعة واحدة: فئة (200 ألف) وحدة دولية للأطفال من عمر (12 شهراٍ – 5 سنوات).
مواقع التحصين في الحملة
> لن تكن حملة التحصين الوطنية ضد مرضى الحصبة وشلل الأطفال بمرحلتها الأولى في المحافظات الآنفة الذكر من منزل إلى منزل وإنما ستنفذها المرافق الصحية ويؤازرها فرق تحصين صحية تتخذ مقار معنية لتحصين الأطفال المستهدفين كالمدارس إلى جانب مواقع مختلفة يْعلن عنها الناس في عموم أنحاء وأرجاء المديريات المستهدفة المشمولة بالتغطية وذلك لتؤدي مهامها في نسق تكاملي يحقق الهدف الأسمى وهو التغطية الشاملة بالتطعيم ليضم كافة المستهدفين بلا استثناء لأجل نزع فتيل مشكلة الحصبة وكبح خطرها ومن جانب آخر للحفاظ على بقاء اليمن وأطفالها وبيئتها نظيفة خالية من فيروس مرض شلل الأطفال فننأى بالطفولة من خطره المروع إن وفد إلى البلاد وعاود الظهور فيها مجدداٍ لا سمح الله.
إلى هنا ويصل بنا المطاف إلى منتهاه مجددين دعوة وزارة الصحة لجميع الآباء والأمهات بمحافظات «عدن – لحج – أبين – شبوة – صعدة – البيضاء – ذمار» إلى تحصين جميع أطفالهم دون سن العاشرة حتى من سبق تحصينهم مسبقاٍ وذلك في حملة التحصين الوطنية ضد مرضى الحصبة وشلل الأطفال بمرحلتها الأولى في الفترة من (10 – 15مارس 2012م) وسيحصلون خلال الحملة إلى جانب لقاحي الحصبة وشلل الأطفال على جرعة من فيتامين (أ).
فهذه الحملة هي بمثابة إجراء احترازي بالنسبة لمرض شلل الأطفال للمستهدفين دون سن الخامسة وصوناٍ في الوقت ذاته لفلذات أكبادهم في عمر (6 أشهر – 10 سنوات) من خطر الإصابة بداء الحصبة الآخذ في الانتشار الواسع بشكل ينذر بوضع كارثي ما لم يتحل المجتمع بالحكمة ويصر على تحصين فلذات الأكباد المستهدفين في سائر المديريات والمحافظات المستهدفة حتى الذين سبق لهم التحصين مسبقاٍ بالعديد من الجرعات وحتى المصابين بمرض طفيف مثل (الحمى العادية والإسهال الزكام نزلة البرد..) والذين يعانون سوء التغذية أو هزلاٍ باعتبارهم يشكلون أولوية فهم الأكثر عرضة للإصابة بالمضاعفات الخطيرة للحصبة بفعل تدني المناعة التي يسببها سوء التغذية.
وصدق المثل القائل: درهم وقاية خير من قنطار علاج فيجب على الآباء والأمهات وقاية لأطفالهم أن يلبوا نداء التحصين للطفولة كلما دعوا إليه.
> المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني بوزارة الصحة العامة والسكان.