الخرطوم وجوبا تؤجلان خلافاتهما مؤقتا

الخرطوم/ رويترز –
كشف دبلوماسيون¡ إن السودان وجنوب السودان سيتعرضان لضغوط كي يتوصلا إلى إتفاق جزئي لتأمين الحدود بينهما في محادثات يجريانها الأسبوع القادم تمهيدا لاستئناف صادرات النفط ومنع تردي وضع الدولتين إلى هاوية الانهيار الاقتصادي والحرب.
ووقعت بالفعل اشتباكات بين جيشي البلدين على الحدود الممتدة 1800 كيلومتر¡ منذ انفصال الجنوب العام الماضي دون تسوية خلافات من بينها الخلاف على ملكية مناطق منتجة للنفط.
وأوقف جنوب السودان إنتاجه النفطي تماما في يناير “كانون الثاني”¡ بسبب خلاف آخر مع الخرطوم حول رسوم تصديره عبر أراضيها. وأدت هذه الخطوة إلى قطع رافد أساسي لاقتصاد البلدين.
ويتوقع أن يستأنف الجانبان المفاوضات¡ التي يستضيفها الإتحاد الافريقي في أديس ابابا يوم الأحد القادم¡ بعد أن توصلا إلى إتفاق مؤقت بشأن رسوم تصدير النفط هذا الشهر. ويقول السودان¡ إنه يريد إتفاقا يضمن الأمن في المناطق الحدودية قبل أن يستأنف جنوب السودان ضخ النفط.
وصرح دبلوماسيون لرويترز¡ إن من شأن استئناف تصدير النفط أن يقدم للبلدين دعما اقتصاديا سريعا وقد يساعد في تقريب مصالحهما وهما يسعيان للتوصل إلى إتفاق شامل يضع نهاية للقتال عند الحدود.
وأفاد دبلوماسيون غربيون وأفارقة¡ بان وسطاء الإتحاد الافريقي اقترحوا اتفاقا أمنيا جزئيا يترك القضايا الأكثر تعقيدا مثل ملكية منطقة أبيي إلى وقت لاحق. وقال دبلوماسي غربي¡:”الخطة هي استئناف تصدير النفط حتى يستطيع الجانبان تحسين اقتصاديهما ويتوفر لهما الحافز كي يستمرا في المحادثات بشأن بقية القضايا”.
وقال¡ محجوب محمد صالح¡ رئيس تحرير صحيفة الأيام السودانية المستقلة¡ إن من المرجح أن يوافق السودان على إتفاق جزئي يتيح استئناف تصدير النفط¡ حيث أنه يواجه احتجاجات شعبية على إنفلات التضخم وإجراءات التقشف
القاسية التي اتخذتها حكومته.
ورحبت وزارة المالية السودانية بالاتفاق على رسوم تصدير النفط كوسيلة تساعد على إعادة الاستقرار إلى الاقتصاد¡ الذي يعاني من خلل شديد¡ بسبب فقدانه ثلاثة ارباع انتاج البلاد النفطي – قرابة 350 الف برميل في اليوم – بانفصال الجنوب.
وتمثل العائدات النفطية 98 في المئة من إيرادات الدولة في الجنوب¡ ومن ثم فهو يحرص أيضا على استئناف التصدير. لكن حتى إذا توصل الجانبان إلى إتفاق فقد يحتاج استئناف الصادرات النفطية الجنوبية إلى شهور حيث تقول مصادر في صناعة النفط¡ إن انبوبي التصدير ضخت فيهما المياه لطرد النفط حتى لا يتكثف داخلهما ويسدهما¡ كما أن بعض الابار لم تغلق على النحو الصحيح.
وقد أبدى الدبلوماسيون قدرا أكبر من التفاؤل مقارنة بجولات المحادثات السابقة التي شابتها الشكوك العميقة المتبادلة بين الجانبين وهي شكوك تراكمت على مدى سنوات الحرب الأهلية وزادتها حدة الاشتباكات الحدودية التي وقعت في أبريل “نيسان”.
وقال دبلوماسي افريقي من بلد يقوم بدور في المحادثات¡:”الوضع مختلف الآن. فقد تغيرت الظروف منذ وقوع القتال وأصبح من الممكن التوصل إلى اتفاق نهائي”. ومن بين نقاط الخلاف الأساسية ترسيم الحدود حيث يتنازع الجانبان على خمس مناطق على الأقل. وكان مجلس الأمن الدولي أمهل البلدين حتى 22 سبتمبر “أيلول” لتسوية جميع الخلافات وإلا تعرضا للعقاب¡ لكن مع طول قائمة النزاعات يريد وسطاء الإتحاد الأفريقي التركيز أولا على خط أمني يقيم منطقة عازلة عرضها عشرة كيلومترات بطول الحدود.
وقال عدة دبلوماسيين¡ إن جنوب السودان أبدى تأييده لذلك الخط أما السودان فلا يعترض عليه¡ إلا عند نقطة واحدة تضع شريطا عرضه 14 ميلا تستخدمه قبيلة المسيرية العربية في ناحية الجنوب.
وقال دبلوماسي غربي¡:”هذا هو إلى حد بعيد الشيء الوحيد المختلف عليه. إن قالت الخرطوم نعم¡ فستصبح المنطقة العازلة واقعا قائما”. وسعى وسيط الإتحاد الأفريقي¡ ثابو مبيكي¡ إلى طمأنة السودان إلى أن الخط لن يرسم الحدود النهائية¡ لكن الخرطوم تخشى أن تفقد شريط الاربعة عشر ميلا.
وقال¡ صالح رئيس تحرير صحيفة الأيام¡ إن هذا الشريط أغنى مراعي المسيرية¡ وان الخرائط التي ترجع إلى استقلالالسودان عام 1956¡ تبين أنه كان جزءا من الإدارة الشمالية. ويريد السودان أيضا ضمانات تؤكد له أن جوبا ستضع حدا لدعمها لمتمردي الحركة الشعبية لتحرير السودان – قطاع الشمال في ولايتي جنوب السودان والنيل الأزرق السودانيتين الواقعتين على الحدود. وتنفي جوبا أي صلة لها بالمتمردين¡ لكن كثيرا من المحللين والدبلوماسيين يقولون إن مزاعم السودان جديرة بالتصديق.

قد يعجبك ايضا