
تقرير /أحمد الطيار –
كشفت تقارير دولية أن قدرة اليمن على تحقيق أهداف التنمية الألفية تراجعت بشدة وباتت اليمن تصنف رسميا خارج المسار للوصول إلى تحقيق معظم أهداف الألفية بحلول عام 2015م بسبب ضخامة حجم الاحتياجات المطلوبة لتحقيق تلك الأهداف في مقابل محدودية الموارد الممكن تعبئتها.
فوفقاٍ لتقرير الإنجاز لأهداف التنمية الألفية 2010م المعد من البنك الدولي وفي ضوء المتغيرات المستجدة منذ بداية 2011م يتوقع أن تكون بعض الإنجازات التي تحققت خلال الفترة الماضية قد تم تقويضها وبالتالي زيادة حجم الاحتياجات المطلوبة لبلوغ الأهداف المنشودة.
ويقول التقرير أن تدهور الأوضاع الأمنية ألقى بظلاله على الأوضاع الإنسانية في مناطق المواجهات كما نجم عنها تدمير للبنية التحتية والمساكن والمنشآت العامة والخاصة. وفي سبيل تجاوز الآثار السلبية للمتغيرات المستجدة وإحداث تقدم ملموس في تحقيق أهداف التنمية الألفية ينبغي إعطاء أولوية لتوفير التمويلات اللازمة لتنفيذ برنامج المسار السريع لأهداف التنمية الألفية.
ويشير التقرير إلى أن أبرز المتغيرات المستجدة التي أثرت على أهداف الألفية تمثلت في تجميد البرنامج الاستثماري العام للأعوام 2009-2011م الأمر الذي اضعف القدرة على تطوير الموارد البشرية والارتقاء بالبنية التحتية والخدمات الأساسية بالإضافة إلى تدني فرص العمل وفقدان الوظائف لكثير من العاملين.
كما أدى تعليق كثير من البرامج والمشاريع الممولة خارجياٍ والتي يوجه جلها لتحقيق أهداف التنمية الألفية والتصاعد الجامح لمعدلات التضخم و ارتفاع تكاليف المعيشة إلى إعاقة التقدم في إنجاز تلك الأهداف مما يزيد مستويات الفقر وسوء التغذية وحرمان المواطن من الوصول للخدمات الأساسية.
ولفت التقرير إلى أن إضراب شريحة واسعة من العاملين وخاصة المدرسين أدى لتوقف الدراسة لأشهر في كثير من المدارس والجامعات الحكومية مع تدني إمدادات السلع والخدمات الأساسية وخاصة انقطاعات الطاقة الكهربائية يومياٍ لأوقات طويلة جداٍ وشحة المشتقات النفطية والغاز المنزلي وصعوبة الوصول إلى المياه النقية. مما أدى لتعطيل حركة الحياة وتدني أداء معظم الأجهزة والمؤسسات العامة والخاصة. ومن ذلك تدني خدمات المستشفيات والتأثير السلبي على سير العديد من برامج الرعاية الصحية الأولية وخدمات التحصين والصحة الإنجابية بما يرفع احتمال تفشي الأمراض الفتاكة.
وكشف التقرير أن التدهور في الوضع السياسي والأمني منذ بداية عام 2011 ادى لتراجع حاد في مؤشرات المستوى الاجتماعي وتفاقم الأوضاع المعيشية والتنموية بدرجة غير مسبوقة .
فقد ارتفعت معدلات البطالة إلى مستوى غير مسبوق بنسبة تبلغ 52.9% في الفئة العمرية (15-24) سنة كما تبلغ نسبة 44.4% في الفئة العمرية (25-59) وتعد البطالة إحدى أهم التحديات التي تواجه عملية التنمية وتساهم في تقويض الاستقرار السياسي والأمني في البلاد خاصة وأنها تتركز بدرجة عالية في أوساط الشباب وتنتشر البطالة حتى بين المتعلمين فحوالي 25% من العاطلين هم ممن يحملون مؤهلات التعليم الثانوي فما فوق.
وخلال عام 2011م أدى التدهور في الأوضاع السياسية والأمنية وما انبثق عنها من أزمة خانقة للمشتقات النفطية إلى تعليق المشاريع الاستثمارية المحلية والأجنبية وتعثر حركة كثير من الأنشطة الاقتصادية التي تستوعب معظم الأيدي العاملة مثل الزراعة الصناعة التحويلية البناء والتشييد السياحة والنقل. وتتجلى مظاهر ذلك في تسريح كثير من العاملين بتلك الأنشطة وإعطاء بعض العاملين إجازات بدون راتب وتخفيض بعض المنشآت لساعات العمل مقابل إعطاء جزء من الراتب. وبالنتيجة أضحت البطالة أمراٍ غير مقبول اقتصادياٍ واجتماعياٍ وسياسياٍ وأمنياٍ. وتمثل تهديدا للسكينة العامة والاستقرار الاجتماعي.
وللحد من البطالة تعول اليمن على استيعاب العمالة اليمنية في أسواق العمل الخليجية. حيث سيؤدي ذلك إلى أثر سريع في تحسين مستويات المعيشة وسيسهم بصورة فعالة في تثبيت الأمن والاستقرار وإنجاز مستويات عالية من التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وتعد اليمن الدولة الأشد فقرا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حيث تقدر نسبة الفقر بحوالي 42.8% وتصل مستويات سوء التغذية بين الأطفال التي تعتبر ضمن المعدلات الأعلى في العالم إلى حوالي 59% عام 2009.
وعلى مدار الشهور الماضية تركت التطورات التي شهدها الاقتصاد اليمني أثراٍ سلبيا مزدوجاٍ على الحياة المعيشية للسكان متمثلاٍ في انخفاض القوة الشرائية بسبب تصاعد الأسعار من جهة وفقدان الوظائف ومن ثم الدخول من جهة أخرى. الأمر الذي يقود لزيادة شدة الفقر بين الأسر الفقيرة وكذلك انزلاق الكثير من الأسر تحت خط الفقر الوطني.
ويزيد من حدة تفاقم ظاهرة الفقر وانعدام الأمن الغذائي ضعف مناعة الأسر في مواجهة الصدمات الجديدة فحوالي 96% من الأسر اليمنية مشترُ صافُ للغذاء كما أن الأسر الأشد فقرا تنفق ثلث دخلها على الخبز فقط وبالتالي فإن ارتفاع أسعار الخبز بحوالي 50% وأسعار المياه بحوالي ثلاثة إلى سبعة أضعاف خلال الشهور الماضية يعكس مدى شدة الأثر السلبي لارتفاع الأسعار على فئات الفقراء. خاصة وأن أسعار الغذاء ارتفعت في المناطق الريفية (التي يتركز فيها 84% من الفقراء) بحوالي 7% مقارنة بالمناطق الحضرية.
ويظهر مسح العينة المنفذ من قبل برنامج الغذاء العالمي في أربع من المحافظات الأشد انعداماٍ للأمن الغذائي (ريمة عمران حجة إب) أن الأسر الأشد فقراٍ اختارت آليات المواجهة السلبية للتأقلم مع الضائقات مثل تخفيض عدد الوجبات شراء الأغذية الأرخص والأقل تفضيلا عدم استهلاك اللحوم وحتى اللجوء إلى الصيام.