مشاهد..

محمد المساح

محمد المساح –

انطفأت أضواء الكهرباء.. واحدا تلو الآخر وغابت القرية عرض الجبل بدورها وبشرها كان القمر قد اختفى أيضا ولم يشعر بوجوده ولا ضوئه ولم يتذكره ويبحث عنه في اللحظة إلا بعد أن شاهد ببصره وهو يتحسس بذهابه إلى عرض الجبل والقرية قد غابت بكاملها في ظلام دامس.. لم يكن الجبل بعيدا عن مجال النظر وما زال يتراءى له في قممه العليا وحوافه كخط ينحني ويلتوي في لوحة سوداء خطه طباشير مبتل بالماء.. فتراه العين كحبل أغبر مفتول عرض الأفق الليلي..
مشهد ثان
> هي الأشجار وحدها لا تنام تظل واقفة تحيا حياتها الليلية أحيانا يناجيها الريح وتلعب معه لعبة «شعر ير» تختفي من أمامه لتنعزل مع نفسها لحظة تأمل.. تحاول لكن الريح تتبعها في أماكن اختفائها وتعيدها إلى أماكنها الأولى تحنو على أغصانها بهدوء وتربت على جذورها بود تطلب منها العفو والمسامحة إذا كانت تسبب لها الإزعاج..
مشهد صوتي
> الكلاب وحدها تستسيغ الليل وتظل ما بين الفينة والفينة قبح الليل وتشم من بعيد روائح الوحوش الليلية فتشن بأصواتها يحملها الليل مضخمة.. ترعوي تلك الوحوش.. وتأخذ طريقها بعيدا في الليل.. تبحث في رحلتها المعتادة شيء ما لو وجد تسد به الرمق.. كلما فرض الصمت بعضا منه على فراش الليل خدشته نباح الكلاب المتقطع وبددت جلاله ووقاره.
مشهد ضوئي
> في البعيد.. البعيد جدا يظهر ضوء ويختفي يعود بلمع ثم يغيب هل هو نجم في جدار السماء ضوء سيارة سراج رجل عجوز انزلقت عصاه التي يتوكأ عليها يقلب تراب الليل في الكدرة باحثا عن عصاه.. سراج إمرأة.. أرقها الليل وخرجت تسبح في بحره حتى تصل الشاطئ الآخر.. بقايا شعاع قذف به نجم خرج من مساره الفضائي البعيد وذهب يبحث عن روح شاردة في الليل سيقودها بقية نوره.. إلى مكان جانبي.. تستريح هناك على شرفته.
موسيقى تصويرية
> بكاء يصعد ويخفت لطفل حديث الولادة.. يبحث بكاءه الواهن عن ثدي أمه.. التي ذهبت في نوم عميق.. نقيق ضفادع وزار زير الليل مرور سحابات في السماء كأن بها تغني.. ربما.