موســـــــــــم بيـــــع الوهــم!


●تحقيق / أســــــماء حـيــدر البــزاز –
المتسوقون يشككون: الجوائز الصغيرة من نصيبنا والكبرى تذهب لجيوب المقربين
حماية المستهلك : وزارة التجارة تتحمل المسئولية الكاملة تجاه تقصيرها وقانون حماية المستهلك واضح
المراكز التجارية : المسألة حظ ونصيب والصندوق هو الحكم
” بمناسبة قدوم شهر رمضان المبارك تسوق أكثر لتزيد فرصتك بالربح بأضخم الجوائز العينية والمالية ” لوحة متكررة ترفعها العديد من المراكز التجارية مستغلة إقبال الناس للتسوق مع حلول شهر رمضان , الأمر الذي يضع العديد من التساؤلات حول صحة ومصداقية تلك الجوائز الباهظة التي يتهافت الناس عليها طمعاٍ في الظفر بها تحت شعارات براقة فيضطرون للشراء بأسعار تفوق دخلهم لاقتناء أكثر من كوبون لجلب الحظ وفي الأخير لهم الفتات ولغيرهم السمن والزبد.

جمعت أكثر من ثلاثين كوبوناٍ خلال تسوقي لجمع متطلبات رمضان في أحد المراكز التجارية بصنعاء أملا في كسب إحدى الجوائز العينية أو المالية المغرية والتي تقام نهاية كل أسبوع مسابقة يتم فيها فرز أرقام الكوبونات وإعلان أسماء الفائزين فمنهم من يفوز بتذكرة سفر للخارج ومنهم من يقتني سيارة وآخرون يحصدون جوائز مالية وعينية كثلاجة أو غسالة بالإضافة إلى إدخال كوبوناتهم في السحب الكبير على إحدى السيارات المقدرة بالملايين.
هكذا استهلت منى العمري – موظفة – حديثها معنا , وأضافت بالقول : ولكن للأسف كل أسبوع أحضر هنا طمعا في واحدة من تلك الجوائز منتظرة سماع رقم كوبوناتي بفارغ الصبر ولكني أعود فارغة اليدين ويكتفي المذيع عند إنهاء المسابقة لمن لم يحالفهم الحظ وما أكثرهم بالقول : هذه الجوائز حظوظ ولكن أمامكم فرصة للربح الأسبوع القادم في حال شرائكم أكثر من منتج رمضاني!!
غياب المصداقية
ولا يختلف حال محمد العيني – أعمال حرة – عن حال من سبقه إلا أن الأخير فاز بعد عناء بجائزة عينية وهي عصارة لا يوازي سعرها ما خسره أملا بالفوز بتلك الجوائز المغرية, حيث قال : صدقت تلك الإعلانات البراقة حول فرص الفوز في أكثر من مركز تجاري وأنا شخص دخله محدود وأملي في أن أحصل على سيارة أعمل عليها كمصدر رزق أو أبيعها لأفتح أي مشروع أستطيع من خلاله إيفاء مستلزمات أسرتي المعيشية وفي كل مرة نسمع جعجعة ولا نرى طحينا , لدرجة كنت أقترض مالا للتسوق لحاجيات غير ضرورية المهم أن أدخل السحب فتارة أفوز بساعة حائطية أو دراجة هوائية أو عصارة , خلاصة رحلة العيني مع تلك الجوائز عائد لا يوازي قيمة مشرياته من تلك المولات والمراكز لذا يقول: الجوائز الكبرى ليست من نصيبنا الأمر الذي يثير الشك في مصداقية تلك المسابقات المْبتزة لجيوب البسطاء والمتاجرة بأحلامهم .
جيوب المقربين
محمد أمين – أحد المتسوقين – يقول من وجهة نظره أن الجوائز الكبرى تذهب لجيوب المقربين من التجار أو أحد العاملين في المركز بحيث يتم الاتفاق معه على أنه أحد الفائزين بالجوائز الكبرى كسيارة فارهة مثلا وبعد المسابقة يعيد السيارة للتاجر ويأخذ عمولته من هذه التمثيلية وهذا ما أكد لي عامل في أحد المراكز التجارية المشهورة !!
تسويق تجاري
من جانبه يرى الحقوقي علي ناصر الجلعي إن تلك المسابقات التجارية نوع من التسويق التجاري للمنتجات مؤكدا ضرورة وجود معايير دقيقة وصادقة وشفافة و رقابة من الجهات ذات العلاقة لكون أكثرها تخلو من المصداقية الحقيقية مائة في المائة والمستهلكون يتعرضون للخداع والابتزاز وطالب بدور رقابي للجهات المختصة سواء وزارة الصناعة والتجارة أو جمعية حماية المستهلك وإحالة من يثبت عدم مصداقيتهم للجهات المختصة لاتخاذ الاجراءات القانونية
تحايل وإغراء
ويقول الناشط ثبات الحمدي : أنا شخصيا لا أتعامل مع مثل هذه الإعلانات ولا أحفل بها لأني لا أثق بها أبدا وهي في غالبها من قبيل الكذب والتحايل والخداع التي ينجرف وراءها الكثير من الناس, و فيما يتعلق برقابة الدولة يرى أن المسألة تتوقف بدرجة رئيسية على وعي الجمهور.
فيما يرى الحقوقي أبو نصر إبراهيم : إن هناك جوائز فعلا ولكنها محدودة لأجل إغراء الناس فما يكسبوه هو أكثر بكثير مما يقدموه وبهذا تعتبر استغلالاٍ لأموال البسطاء بدون حق وخصوصا ما نلاحظه في شهر رمضان فالناس تتهافت على كل ذلك وإن كان ما يأخذونه ليس من ضروريات حياتهم.
كساد السلع
من جهته يوضح الناشط الإعلامي محمد طاهر أن كل هذه المسابقات والجوائز تندرج تحت فئة الربح السريع وتحقيق الثراء واستنزاف جيوب المواطنين وتسويق السلعة قبل كسادها رغم حملها لعناوين جذابة ورنانة لكن طاهر لا يغفل مصداقية البعض منها ويقول: مع ذلك المواطن ينجذب إليها سريعا والأغلب يقع فريسة لهذه الدعايات خاصة لو عرفنا أن ما يربحه هؤلاء من مبالغ خيالية يتم التصدق بجزء يسير منه على الناس على هيئة جوائز وهدايا وربما سيارات وغيره . ويرى طاهر أن سكوت الرقابة مبرره عدم وجود مخالفة قانونية كوان الأمر اتفاق ضمني مع هذه الشركات لتسويق منتجاتها ولتعم الفائدة الجميع .
ثقة المستهلك
التقينا بعد ذلك بعدد من أصحاب المجمعات والمولات التجارية حيث يؤكد محمد الذيفاني صاحب مجمع الذيفاني التجاري أن المسابقات التجارية تْعد ترويجاٍ للمركز وكسب ثقة المستهلك أضف إلى ذلك ما تحمله من تخفيضات للمنتجات الموسمية الرمضانية ومن حق أي مستهلك الإعراض عن أي مر كز أو عدم دخول أي مسابقة لا يثق فيها
دليل المصداقية
ويرى سامي معياد – نائب مدير عام مركز شميلة هاري التجاري – إنه ومع حلول شهر رمضان يزيد إقبال الناس على التسوق في المراكز والمولات التجارية لشراء مشتقات الألبان والدقيق والأرز وموائد الشهر الكريم المعروفة وتتنافس المولات على تقديم أفضل الخدمات لكسب جمهورها من تخفيضات وهدايا وجوائز بشتى أنواعها وتصنيفها والإقبال الهائل على هذه المراكز هو خير دليل على مصداقيتها التي ولدت كل تلك الشعبية.
حظ ونصيب
محمود دبلان – عامل في أحد المجمعات التجارية – يقول إن حظوظ الناس في الجوائز هي سيدة الموقف , حيث أن بعض الناس يظن أن كثرة حصوله على كوبونات السباق كفيلة بفوزه بالجائزة الكبرى وعندما لا يحالفه الحظ يشك بمصداقية وموضوعية السباق متهجما على هذه المركز وإداراتها واتهامها بأنها تحتال.. وهذا لا يليق.
وأضاف : صحيح هناك مراكز ومولات مبتزة ولكنها معدودة والغالبية صادقة لكون مصدر ديمومتها الجمهور .
مسئولية الصناعة
رئيس الجمعية اليمنية لحماية المستهلك فضل منصور حمل وزارة الصناعة والتجارة المسئولية الكاملة تجاه ما يحصل من غش وكذب على المستهلك وكذا تقصيرها في تنفيذ قانون حماية المستهلك حيث أن القانون واضح ويضمن للمستهلك التعويض عن أي ضرر قد يلحق به ودعا المستهلكين إلى عدم الإنجرار وراء هذه الإعلانات التي ليس لها أساس من الصحة لأنها لا تهدف إلا إلى استنزاف أموالهم.
ولفت منصور إلى أن الإعلانات المضْللة والخادعة أصبحت من أكبر المشاكل التي يعاني منها المستهلك اليمني والتي انتشرت بشكل كبير جداٍ في كل المحلات والمولات التجارية حتى أصبح الأمر يؤرقنا حد قوله وزاد بالقول: ونحن الآن أمام كارثة كون الأسواق كلها تعلن عن تخفيضات وسحوبات وجوائز ليس لها أساس من الصحة فقانون حماية المستهلك رقم (46) لسنة 2008م نظم مثل هذه العملية وحدد بأن من يريد أن يضع إعلاناٍ يخص المستهلك أن يتقدم إلى وزارة الصناعة والتجارة لطلب الحصول على ترخيص حتى يتم التأكد من صحة ومصداقية هذه الإعلانات.
إجراءات قانونية
وفي الإطار ذاته أوضح رئيس الجمعية اليمنية لحماية المستهلك
أن الجمعية قدمت مذكرة لوزير الصناعة والتجارة لطلب اتخاذ الإجراءات القانونية المتعلقة بالإعلانات المضللة والخادعة والسحوبات التي تتم في المراكز التجارية خلال المناسبات الدينية ولكن للأسف الشديد أن تجاوب الوزارة كان محدودا جدا ولم يكن هناك تفاعل مع طلب الجمعية منذْ البداية.

قد يعجبك ايضا