هستيريا الاستهلاك في رمضان.. فوضى تسوق!!


مع دخول شهر رمضان االفضيل تبرز سلوكيات استهلاكية خاطئة لدى غالبية الأسر اليمنية .. حيث تتهافت الكثير من الأسر إلى الأسواق والمحلات التجارية في سباق محموم لشراء مستلزمات وحاجيات شهر رمضان من المواد الغذائية .. وكأن رمضان شهر للأكل والشرب فقط .متناسين دلالات وأبعاد الصوم وفضائله ..ولاهم لهم سوى التسوق وشراء أكبر قدر ممكن من المنتجات والمواد الاستهلاكية .. بشكل هستيري احيانا – مع غياب واضح للثقافة الاستهلاكية لدى معظم المستهلكين ..ويجمع الكثيرون على أن شهر رمضان يقترن بهستيريا موائد الإفطار ليتحول الشهر الفضيل من شهر عبادة إلى شهر أكل وتسوق يطغى عليه الإسراف والبذخ وتغيب فلسفة رمضان التي تقوم على الشعور بالمحتاجين لتحل محلها موائد تزخر بأصناف لا حصر لها من الطعام خلال وجبة الإفطار …ما يجعل مصير كميات كبيرة منها سلات القمامة .
ورغم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية البائسة لدى غالبية المستهلكين والتي فاقم منها تدني الأوضاع الاقتصادية والأمنية وتداعيات الأزمة السياسية التي القت بظلالها على الوضع العام في البلاد .. الا أن زيارة واحدة أو أكثر لأحد المحلات التجارية الكبيرة أو أحد الأسواق ستشاهد خلالها حجم الإقبال الكبير على التسوق في كل يوم رمضاني وشراء كل مالذ وطاب من أصناف المأكولات والمشروبات .. مع إدراك الكثيرين بأن جْل هذه المصروفات اليومية ستذهب إلى القمامة حيث يكتفي أفراد الأسرة بالقليل منها أثناء وجبتي الإفطار والعشاء فيما يتم رمي الباقي وهو كثير إلى سلة القمامة ..في إسراف وتبذير واضح من قبل هؤلاء المستهلكين الذين لا يعون بجهل أو بدون علم دلالات الصوم ومعانيه ولا يستشعرون معاناة الأسر الفقيرة والمحتاجة التي تتضور جوعاٍ ..
علي محمد يقول: إنه يتسوق حسب حاجته دون إسراف وأن العروض الترويجية لا تغريه ويحرص على عدم الإسراف والتبذير فيما يشتريه من الأسواق ولا ينكر بأن أسرته تسوقت عشية رمضان واشترت معظم حاجيات الشهر الكريم وبكميات تفي لنصف الشهر بخلاف مطهر عبد الله الذي اكتفى بشراء الضروريات الأساسية من عدد من المحلات من بينها المراكز التجارية الكبيرة التي تقدم عروضا وتخفيضات في أغلبها وهمية كما يقول لأنه من خلال الشراء وجد نفس الأسعار في محلات أخرى او تخفيضات زهيدة لا تكاد تذكر باستثناء منتجات شارفت على الانتهاء والتخفيضات فيها تصل الى 30 % .. ويستغرب من النهم الكبير لدى بعض المستهلكين الذين يتهافتون على هذه المحلات للشراء وبكميات كبيرة وكأن البلاد مقبلة على حرب فتجدهم يتسابقون ويتزاحمون على الشراء بشكل ملفت وكأن أمراٍ جلل سيحدث …ولا يهمهم ارتفاع الأسعار بقدر ما يهمهم الحصول على السلعة مع أن الأسواق تعج بجميع المنتجات الاستهلاكية ولا يوجد أي إشكال في هذا الجانب .

تناقضات
أم سهى ربة بيت “ما يهمها عند الشراء كما تقول هو الجودة والنظافة ونوع الخدمة المقدمة بالإضافة إلى الأسعار الأقل عند المقارنة وتعارض شراء الكميات الكبيرة من المواد والسلع التي قد يتلف نصفها قبل الاستهلاك وهذا نوع من التبذير ودليل على غياب الثقافة الاستهلاكية.
أما أحمد الصبري فاعتبر الاقبال الشديد على الشراء من قبل الكثير من الأسر – وهو واحد منهم -بمثابة عادة .. يقول: جرت العادة عند قدوم شهر رمضان من كل عام أن أقوم بشراء كافة احتياجات ومتطلبات البيت الرمضانية من مأكولات ومشروبات وبكميات كبيرة بعضها يفي لمدة أسبوع وبعضها لنصف شهر ناهيك عن المستلزمات اليومية الأخرى . ولا يعتبر أن في ذلك الامر إسراف أو تبذير لأن أسرته كما يقول تجهز وجبات الإفطار والعشاء بكميات كبيرة يوميا وتوزع منها على بعض الجيران من المستحقين والمحتاجين .

إغراءات
ويلاحظ علي البنوري صاحب بقالة زيادة في الاستهلاك خلال شهر رمضان مقارنة ببقية أشهر السنة معتبراٍ العروض الترويجية مغرية وتدفع بالكثير الى التسوق والشراء بحيث أصبحنا نشتري ما لسنا بحاجته ما يجعلنا نسهم بقصد وبدون قصد في ارتفاع الأسعار كما أن هناك قضية مهمة وهي بطاقة البيان على المنتج . إذ من الملاحظ أن كثيراٍ من المستهلكين لا يعيرها اهتماما ولا يركز عليها رغم أهميتها القصوى والتي يترتب عليها صحة وسلامة المستهلكين .. ما يؤشر لمدى غياب الوعي الاستهلاكي لدى معظم الأسر اليمنية بما في ذلك المتعلمين والمثقفين .

لا يجدون ما يأكلون
وفي المقابل هناك أسر كثيرة لا تستطيع توفير متطلباتها الضرورية وليس لها في التسوق سوى ما تشاهده عبر شاشة التلفزيون من إعلانات وإغراءات تسويقية لاناقة لها فيه ولا جمل وتندب حضها وحالها وهي تعيش حالة من الفقر والعوز والحاجة ..
أبو نزار واحد من أرباب الأسر الفقيرة والمحتاجة يقول لم أستطع توفير أبسط متطلبات الشهر الكريم باستثناء ماجادت به له إحدى الجمعيات الخيرية أو فاعلي الخير من جيرانه . ويحمد الله على كل حال ويتمنى على الأغنياء والميسورين أن يستشعروا معاني الصوم ودلالاته ويدركوا حجم الجوع والمعاناة التي تعيشها الكثير من الأسر الفقيرة والمحتاجة . ويستغرب على البعض من الذين يبذرون ويسرفون في كل ما يأكلون ويشربون ويرمون بما يفيض عن حاجتهم إلى القمامة رغم احتياج مئات الآلاف من الأسر لهذا الفائض .

فخ التخفيضات
واذا كانت العروض الترويجية والتخفيضات تغري بعض الأسر وتجبرها على شراء أشياء ليست بحاجة إليها أو تفوق حاجيتها ولكن ينبغي – وفقا لجمعية حماية المستهلك تجنب الوقوع في فخ الإغراءات الدعائية وما يسمى التخفيضات الوهمية عند قيامهابالتسوق كما أن عليه أن يكون ملماٍ بالأساليب الترويجية التي تتبعها المراكز التجارية حتى يتمكن من مشاهدة السلع بواقعية حقيقية من دون تجاهل أي من تفاصيلها واختيار بما يتناسب مع دوافع الشراء التي ينبغي تحديدها قبل التوجه إلى هذه المراكز .
وفي استطلاع لجمعية حماية المستهلك حول وجود وعي استهلاكي لدى الأسرة اليمنية .. تبين أن الأغلبية من المستطلعة آراؤهم يفتقدون للوعي الاستهلاكي وثقافة الترشيد وخصوصا في رمضان الذي تتضاعف فيه مصاريف الأسرة ويزيد فيه النهم الاستهلاكي الذي لا يخلو من الإسراف والتبذير ..
صالح غيلان أمين عام جمعية حماية المستهلك يقول – للأسف – معظم المستهلكين يقبلون على شراء السلع بطريقة قد تكون عاطفية وحماسية وخصوصا خلال شهر رمضان وفي خضم حمى الشراء يغيب عن أذهان الكثيرين الوعي الاستهلاكي إذ قد لا يفرقون بين ما هو ضروري وما هو غير ضروري بل وقد يكون هاجس الخشية من نفاد السلع من عوامل الحماس في تكديس العديد من الأطعمة في المنازل دون استخدامها فعلا لينتهي بها المطاف في أقرب سلة للمهملات! بفعل الترويج والتخفيضات الوهمية في أغلبها والتي يقع في شركها الكثير من المستهلكين الذين يعيشون حالة من هوس الشراء والتبذير غير المبرر واهدار المال فيما هو ضروري وغير ضروري وخصوصا من قبل ربات البيوت اللواتي يعتبرن المصدر الرئيسي للشراء والتسوق.

قد يعجبك ايضا