حفريات الشوارع تلتهم المال العام


*مهندسون:
عدم وجود مخططات واضحة وخارطة خدمية للجهات يكرس العشوائية

* الاتصالات:
نخسر 4 ملايين ريال مع كل 2 كيلو طرق بسبب تكسير وتركيب الكابلات وإعادة السفلتة

* الكهرباء: المستفيد من الخدمة لا يقوم بدفع رسوم الأعمال المدنية.. مما يبقي الحفر دون ردم

* دراسات الأشغال:
26 مليار دولار هدر في مشاريع خارج المدينة و40% من سكان العاصمة دون خدمات صرف صحي

حفريات وتكسير للطرقات وإغلاق خطوط حركة السير لاستكمال بناء جسور وأنفاق بأماكن متعددة بأمانة العاصمة لغرض إعادة التأهيل للبنية التحتية.. كل هذا يأتي في إطار تنفيذ أمانة العاصمة لمشاريع أو القيام بأعمال تأهيلية في الطرق الرئيسية والفرعية ذلك ما يتسبب بخلل في الحركة المرورية في المناطق.. ناهيك عن شكوى المواطنين وامتعاضهم الشديد لغياب التنسيق بين الجهات والتداخل الذي يحدث في أعمال البنية التحتية مما ينتج عنه إهدار للمال العام..
والسؤال الذي نسعى للإجابة عليه من خلال هذا التحقيق هو: ألا يوجد تنسيق وخطة مزمنة لإنجاز تلك الأعمال بين الجهات الخدمية كجهات كالصرف الصحي والمياه والكهرباء الاتصالات¿! أم أن المسألة تتم بشكل عشوائي¿

يشكو عبدالله رسام من سكان الخط الجديد بالروضة من الحفريات المستمرة التي تقطع الطرق التي تؤدي إلى منطقته قائلاٍ: “ترص الشوارع بالإسفلت وما هي إلا أشهر قليلة حتى تبدأ حفريات الصرف الصحي ولا ندري ما سبب تلك الحفريات ولماذا لم تتم تلك الحفريات قبل أن يتم رصف الشوارع”.
مضيفاٍ بأن الشوارع تبقى مقطوعة لفترة من الوقت وحتى مع وجود حركة مرورية لكنها صعبة للغاية.
يشاركه الشكوى زيد سلام من سكان منطقة شارع السلال ويضيف بأن أي عمل لا يسبقه تخطيط مصيره الفشل.. والأعمال التي تتم في الشوارع الرئيسية والفرعية غير منظمة ولا تخدم المواطن بل تزيد من معاناته في تأدية حياته اليومية بشكلها الطبيعي.. كما تساهم وبشكل كبير في إهدار المال العام وإضعاف خزينة الدولة ..

غياب الخارطة الخدمية
مشاكل عديدة تواجه مكتب الأشغال العامة والطرق في أمانة العاصمة بالنسبة للبنية التحتية هكذا بدأ المهندس وليد حاجب مدير إدارة الإشراف بمكتب الأشغال العامة والطرق حديثه عن المشكلة..
مضيفاٍ بأن هناك تنسيقاٍ مع الجهات الخدمية ويسير باتجاهين النوع الأول الترتيب الزمني للعمل ويسمى بالتتابع الزمني لأعمال جديدة بحيث تبدأ الجهات كالاتصالات والكهرباء والمياه والصرف الصحي العمل قبل الرصف والسفلتة أما الاتجاه الثاني من التنسيق فيشمل عملية الخدمات الموجودة التي تتمثل في الحفاظ على الخدمات الأخرى..
ومضى يقول: “لكن تظل تواجهنا مشكلة عدم وجود مخططات واضحة وغياب الخارطة الخدمية للجهات وتنفيذ الخدمات بأعماق بسيطة أو سطحية مما ينتج عنه انقطاع في الكابلات أو تكسير في المواصير وفي بعض الأوقات يتم النزول للعمل في الموقع من قبل المقاول أو الجهة بدون الرجوع للجهة المختصة أو الخدمية لكنها في الأخير تكون محدودة مقارنة بحجم العمل المنفذ..
ويؤكد حاجب بأن التخطيط على المدى القصير موجود مع الجهات وهناك تنسيق بشكل عام في الشوارع الترابية حيث يتم النزول في منطقة معينة.. لكن بالنسبة للحفريات في الشوارع الإسفلتية لا يمكن الحفر في أي شارع إسفلتي إلا بموافقة من مكتب الأشغال العامة.. كما أشار إلى أن التنسيق مع الإدارة المحلية للمياه والصرف الصحي يتم بصورة أفضل حيث وعلاقتها بالأمانة أقوى من الناحية الإدارية لكن الاتصالات والكهرباء تظل علاقتها بالمركز داخلها أكبر.. مما يضعف التنسيق المشترك معنا.
لافتاٍ إلى أن المشكلة الحقيقية تكمن في عملية التخطيط أي أن القرار النهائي بالنسبة للاتصالات والكهرباء مرتبط بالمركز والتمويل.
ويرى مدير إدارة الإشراف بمكتب الأشغال أن حل مشكلة التنسيق بين الجهات يتوقف على مركزية التخطيط ولا مركزية التخطيط بحيث كل جهة تقدم خطتها على الخمس سنوات.. حيث وثقافة التنفيذ الاستراتيجي لا بد وأن تكون على مستوى الدولة كاملة..
ويقول حاجب “هناك عشوائية لكن ليس لدرجة إهدار المال العام ونحن نبذل قصارى جهدنا في أمانة العاصمة للخروج بأفضل الحلول والنتائج لنرى شيئاٍ ملموساٍ على الواقع من خلال هو متوفر من حد أدنى من التمويل”..
وختم حجب بالقول: “نحاول في الفترات الأخيرة أن نستكمل مشاريع الرصف والسفلتة ومشاريع التقاطعات والجسور والأنفاق حيث تصل تكلفة التقاطعات إلى 200 مليون ريال لعمل إزاحة كاملة للاتصالات والخدمات الأخرى كالصرف الصحي وخدمات المياه..

ضعف التنسيق
على الجانب الآخر يقول المهندس هشام سالم سنان- مدير إدارة الأعمال الفنية والمباني بالمؤسسة العامة للاتصالات: “قبل أي عمل تنفذه الأشغال العامة والطرق في الأنفاق والجسور يتم إبلاغنا بإزاحة خدمات الهاتف ومن ثم نعيد خدماتنا للمستفيدين من المواطنين ولا تستطيع أية جهة إعادة هذه الخدمة سوى الاتصالات لأنها تعتبر أموراٍ فنية يقوم بها مهندسو الاتصالات والأشغال العامة مهمتها منح التصاريح والإشراف فقط”..
مضيفاٍ بأنه لا يتم العمل في أي مشروع إلا بعد استخراج التراخيص اللازمة من الفروع التابعة للأشغال العامة.. كم طول وعمق الحفر وكم تتطلب مدة العمل به.. وتابع: لدى الاتصالات مشاريع كبيرة في أمانة العاصمة بنحو 600 كبينة تتفرع منها 300 كبينة وعادة العمل المطلوب لكل كبينة (20 يوماٍ) كما وصلت رسالة من أمانة العاصمة مع آلية المشاريع التي ستنفذ في مجال رصف طرقات الأمانة وسفلتتها حيث ولدينا 300 كبينة هناك ومطلوب منا إنجازها قبل رصف الإسفلت”.
مؤكداٍ بأن التنسيق ضعيف بين أمانة العاصمة وبقية الجهات.. فعدم التنسيق يؤدي إلى تأخر الخدمة كما أنه يهدر مبالغ كبيرة على الدولة مثلاٍ قبل سفلتة الطرق يتم العمل في المناطق الترابية ويكلف المتر (500 ريال) لكن في الطرق المسفلتة والتي تتطلب تكسير وتركيب الكابلات وإرجاع السفلتة يكلف المتر (4000 ريال ) وأقل كبينة 2 كيلو أي ما يقارب 4 ملايين ريال للكبينة الواحدة.. فحين يتم التنسيق بين الجهات لعمل خدمات البنية التحتية ستوفر مليارات لخزينة الدولة ..
ويقول سنان: “لدينا فرق خاصة لعمل قطعيات الإسفلت وإعادة الإسفلت كما كان وعقودنا واضحة ومحددة حيث ما يتم من حفر ودفن وتسوية ورفع مخلفات تحت مسؤوليتنا”.
ولفت إلى مشكلة تواجههم بالقول: رغم وجود تصاريح لتنفيذ العمل من قبل المهندسين التابعين للاتصالات في بعض المشاريع إلا أنه يتم اعتقالهم وحبسهم من قبل بعض الأطقم العسكرية لا نعلم أي جهة تتبع ويتوقف العمل لحين إخراج المهندس ودفع غرامات دون وجه حق ومضى يقول: “نتيجة لذلك التعامل غير اللائق مع موظفي الاتصالات تم توقيف العمل من قبلنا في بعض المناطق”..
ويضيف مشكلات أخرى منها أن المقاول المتعاقد مع أمانة العاصمة يتم احتساب المتر الواحد له بمبالغ خيالية لكن في الاتصالات التكلفة بسيطة 318 ريالاٍ للمتر لذلك يرفض المقاولون العمل مع الاتصالات مما يستدعي خروج عمال الإنشاءات للعمل الميداني.. راجياٍ من أمانة العاصمة توجيه المقاولين التابعين للأمانة بالتعاون مع الاتصالات لأن الاتصالات تسعى لخدمة المواطن في تنفيذ أعمال البنية التحتية..
حوادث طارئة
الاجتماعات التنسيقية غير موجودة في جميع مؤسسات الدولة “بشكل مشترك” هكذا بدأ حديثة المهندس أمين الشميري مدير رقابة على المشاريع بالمؤسسة العامة للكهرباء..
ويضيف: حال الرغبة بالحفر في أي شارع سواء كان لمستثمر أو مؤسسة وبعد تحديد موقع توصيل خدمة التيار الكهربائي لمنشأة أو حارة معينة تتم الحفريات بعد أن يسبقها مخاطبة رسمية من الكهرباء لمكتب الأشغال العامة بأمانة العاصمة للحصول على رخصة حفر شارع معين بطول وعرض وعمق محدد وهذا يعتبر استكمال إجراءات وليس تنسيق أو تخطيط..
ويتابع الشميري بالقول: ثم نقوم بالتمديدات ودفع رسوم السفلتة لمكتب الأشغال وهذا ما جرت عليه العادة منذ زمن طويل وحسب الشميري يتم مؤخراٍ تحديد الأعمال الكهربائية والمدنية من قبل المؤسسة العامة للكهرباء المطلوبة لهذا العمل وعند التنفيذ يترك العمل المدني على المستفيد من الخدمة ونقوم بأخذ وتحصيل تكاليف الأعمال الكهربائية وتكمن المشكلة هنا- حد قول مدير عام الرقابة- على المشاريع بالكهرباء لأن المواطن لا يقوم بدفع رسوم الأشغال ويترك الحفر كما هو.. هذا في ما يخص الأعمال المبرمجة ضمن برنامج في إطار توصيل الخدمة لكن أحياناٍ تحدث حوادث طارئة ولا بد من مواجهتها ووضع الحلول لها وإعادة الخدمة للمواطن..
إهدار للمال العام
المهندس ماهر العمودي نائب مدير إدارة التخطيط مدير إدارة الدراسات بمكتب الأشغال العامة والطرق بأمانة العاصمة يؤكد بأن التخطيط والتنسيق مع المرافق غير موجود كما أن هناك سوء تخطيط مما يؤدي إلى تبديد المال العام وعدم إكمال البنية التحتية وظهور العشوائيات وإضعاف المظهر الجمالي للعاصمة..
ويقول العمودي “أهدرنا الآن ما يقارب 26 مليار دولار في مشاريع خارج صنعاء ونفق براش بطول واحد كيلو وستمائة متر بتكلفة 50 مليون دولار ومن العام 2003 وإلى الآن لم يستكمل كما لفت العمودي إلى أن ما يقارب50-40 %من سكان أمانة العاصمة بدون خدمات صرف صحي”.
وانتقد بشدة العبث بالمال العام وغياب التنسيق بين مكتب الأشغال والمديريات والمرافق الخدمية وغياب الشفافية وعدم وجود خطط مستقبلية مؤكداٍ أن أي عمل بهذا الشكل ينتج عنه عشوائيات ومشاكل كثيرة.
ويشكو من عدم إعطاء المهندسين بالأشغال والطرق أهليتهم المهنية حين يتم اعتماد حقوقهم من المقاول المنفذ للمشاريع لا من مكتب الأشغال العامة والطرق متسائلاٍ: كيف سيحافظ على المال العام¿!..
ويرى أنه من الأولى توسعة المداخل وشق الشوارع الشريانية بين مداخل العاصمة المربوطة والقريبة من الكثافة السكانية للتخفيف من معاناة المواطنين مشيراٍ إلى أن أغلب مناطق العاصمة صنعاء عشوائيات بسبب سوء التخطيط.

قد يعجبك ايضا