خسرنا منتخباً

د. جابر يحيى البواب

 

 

ليست الخسارة في عالم الرياضة، بالتحديد في ملعب كرة القدم، فعلاً سيئاً، أحيانا، لأن لعبة كرة القدم فوز وخسارة هذا في حال ما تحدثنا عن منتخب أو فريق تم بذل جهد كبير جدا في تحضيره وإعداده وتهيئته لميدان المنافسات بالبرامج والخطط التدريبية الموضوعة بفترة زمنية كبيرة قبل الخوض في المنافسات، وفق القاعدة الثلاثية للإعداد والتحضير للمنافسات «قبل المنافسة ، أثناء المنافسة، بعد المنافسة»، وبالاستناد إلى العناصر الأساسية في التحضير والاعداد «الانتقاء والاختيار والاختبار، الدخول في معسكرات تدريبية مغلقة ومفتوحة داخلية وخارجية، التجارب عبر الاحتكاك من خلال المباريات الودية مع فرق ومنتخبات مختلفة؛ هنا نستطيع القول بأن القائمين على المنتخب أو الفريق بدءاً بأعلى مسؤول في الوزارة المعنية والاتحاد وانتهاء بالجهازين الفني والإداري للمنتخب، كما يجوز للبعض استعمال عبارة الخسارة بداية الوصول للكأس، ويمكننا أن نفتخر ونتفاخر بالاتحاد واتباعه لأنهم لم يقصروا ولم يفسدوا، وبذلوا الجهد المطلوب «لكن ما حدث ويحدث مع اتحاد كرة القدم اليمني هو العكس».
اللاعبون لم يقصروا في أدائهم بتاتاً، ولم يتهاونوا في إبراز ما لديهم من مواهب وقدرات ومهارات وعزيمة وعزم على تحقيق الفوز بشعور صادق بالانتماء والولاء للكرة اليمنية، لقد وظفوا قدراتهم وبذلوا الجهد الكبير من أجل إزاحة سحب الحزن والألم المخيمة على ربوع اليمن السعيد منذ سنوات، ولأنهم أفشلوا ولم يتمكنوا من تحقيق أهدافهم بكوا وتألموا وعضوا الأنامل ندما على الخسارة الأولى أمام المنتخب العراقي بهدفين مقابل هدف، وخسارة المباراة الثانية أمام الأردن بهدف وحيد ليودع منتخب الناشئين حامل لقب البطولة السابقة البطولة الحالية في بداية المشوار نتيجة لعدم الاهتمام والإعداد المبكر، واستغراق الوقت في الاحتفال والفرح والبذخ، لقد عاش الجميع أجواء الاستعراض والعرض واللهث وراء المكافآت والهدايا وعمل المسؤولؤن على إتاحة الفرصة لرجال المال والأعمال والتجار في استثمار فوز المنتخب بكأس غرب أسيا لتسويق منتجاتهم وأفكارهم وإشهار شركاتهم ومؤسساتهم، وتم تحويل المنتخب إلى لوحات إعلانية وتوظفيهم لعرض الأزياء وبيع المنتجات الغذائية، راق لهوامير الاتحاد هذا العمل فنسوا الجهاز الفني واللاعبين وأنسوهم ما لديهم من مهمة وطنبة واستحقاق قادم متمثل في بطولة غرب آسيا وبطولة كأس العرب بعد شهرين من الآن تقريبا، تهاون المدرب في السعي لوضع الخطط والاستفادة من العلوم التي تعلمها ويحضر عبرها رسالة الدكتوراه كعلم التدريب الرياضي ومنهجية التدريب الرياضي وعلم النفس الرياضي وعلم الاجتماع الرياضي، وغيرها من العلوم، التي كان يجب أن يوظفها ويستغلها في التحضير والإعداد للمنتخب الذي تنتظره مهام رياضية وطنية.
لا أعتقد أن مدرب المنتخب لم يسعى إلى حث المسؤولين بالاتحاد على تسخير الإمكانيات للبدء، لكن أؤكد ان الاتحاد لم يقم بدوره ولم يعمل بواجبه الوطني ولم يستعمل سلطاته ومسؤولياته في تحضير المنتخب «اتحاد فاشل فاشل فاشل».
اللاعبون في المباراة الأولى والثانية لم يفشلوا رغم خسارتهم، فقد قدموا أداء راقي وأبرزوا قدرات فائقة ومهارات عالية في لعبة كرة القدم، لكنهم خسروا المباراتين لغياب التخطيط وتوظيف المجهود، ولعدم استثمار ما لديهم من مهارات وعزيمة وقدرة وإبداع من قبل الاتحاد والجهاز الفني والإداري للمنتخب، ودليل ذلك عندما استفاق المدرب متأخرا في لعب دوره في الشوط الثاني من مباراة الأردن وتمكن اللاعبون في الشوط الثاني من تقديم أداء قوي ومجهود مضاعف من أجل تغيير النتيجة لكن الوقت فات، كذلك في مباراة تحصيل الحاصل أمام منتخب سلطنة عمان، قام المدرب باستخدام بعض ما لديه من خبرات علمية وأجرى بعض التغييرات والتعديل في صفوف المنتخب، فكانت النتيجة الرائعة والقوية التي تمنينا أن تكون أمام المنتخب العراقي، وكسب المنتخب اليمني المباراة بفوزه على المنتخب العماني بنتيجة أربعة اهداف دون مقابل.
لغة الفوز في عالم كرة القدم ليس اللعب بأفضلية أو التحكم في وسط الملعب وصنع الهجمات المتكررة والحصول على الكثير من فرص التسديد ولكن دون جدوى، لغة الفوز الحقيقية هي النتيجة النهائية التي يتحصل عليها الفريق، أما بهدف أو أكثر، لذلك في مباريات الدور النهائي والتي يجب فيها تحديد الفائز يتم إضافة أشواط وضربات ترجيح حتى يتم الوصول إلى نتيجة الفوز بهدف دون مقابل، صحيح لعب منتخبنا بأفضلية وأكد أفضليته في مباراته أمام سلطنة عمان لكنه خسر الاستمرار في المنافسة بخسارته للمباراة الأولى والثانية، ليس لأن اللاعبين كما سبق وذكرنا غير قادرين على تحقيق الأفضل، ولكن لأن اتحادنا هو الأسواء وأعضاؤه هم الأفشل، وهم الهوامير التي تبتلع مخصصات واعتمادات ودعم الكرة اليمنية دون أن يقدموا شيئاً يذكر للكرة اليمنية، وما يحدث من سوء تنسيق وفساد إداري خلال تنقل المنتخب «كمثال بسيط» من دولة لدولة شيء مخز ومؤلم، اللاعبون يفترشون أرضيات المطارات ويبحثون عن ما يسترهم ويسد جوعهم، والمدير الإداري للبعثة بعيد عنهم ينام ببيته ولا يعلم عنهم شيئاً أو يعلم ويدعي أنه لا يعلم، وفي كلتا الحالتين المصيبة أكبر، خسرنا منتخباً كاد أن يكون الأفضل وكان بالإمكان رعايته حتى يمثل اليمن كمنتخب أول، الفساد المالي والإداري واضح في اتحاد الكرة، وعلى المدعو العيسي البحث عن التغيير والتجديد والتعديل، حتى لا نخسر أكثر مما خسرناه.

قد يعجبك ايضا