هدى الله “سبحانه وتعالى”.. نور بكل ما تعنيه الكلمة

 

قائد الثورة السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي


ضرورة تكاتف جهود الجميع على إنجاح الدورات الصيفية انطلاقا من الحرص والمسؤولية تجاه أبناءنا في مواجهة كل التحديات التي تحيط بأسرنا ومجتمعاتنا وأمتنا.
يأتي موسم الدورات الصيفية في هذا العام-كما في الأعوام الماضية- في إطار التوجه التحرري المبارك لشعبنا العزيز، الذي لم يوقفه العدوان على هذا البلد، والذي هو عدوانٌ شامل، استهدف حتى النشاط التعليمي، ولكن بعزيمة شعبنا الإيمانية، بثباته المستند إلى قيمه، ومبادئه العظيمة، وتوكله على الله «سبحانه وتعالى»، استمر النشاط التعليمي، ومن ضمنه هذه الدورات الصيفية، التي ندشنها اليوم، والتي تأتي- عادةً- في العطلة الصيفية، كما في الأعوام الماضية.
ميزة هذا النشاط التعليمي: أنه يأتي في إطار التوجه التحرري العملي الشامل لشعبنا العزيز، الذي هو بالاستناد إلى نور الله، وهدايته، وتوفيقه، وكتابه المبارك، وانطلاقاً من هويته الإيمانية، وانتمائه الإيماني.
فشعبنا العزيز الذي يتحرك في نهضته الحضارية، على أساس مبدأ الاستقلال والتحرر من هيمنة أعدائه، هو ينطلق انطلاقةً واعية، راشدة، مستبصرة، يستند فيها إلى نور الله، ليست انطلاقةً عمياء، بدون بصيرةٍ ولا رشد، أو توجهاتٍ حمقاء، ومواقف عشوائية، انطلقت من مزاج وأهواء وأطماع، أو تفكيرٍ ساذج، الذي يستند عليه شعبنا في إطار موقفه الحق، وموقفه الصحيح، وقضيته العادلة، ومظلوميته الواضحة، هو: هدى الله «سبحانه وتعالى»، هو نور الله، هو المبادئ الكبرى، التي ننطلق على أساسها في انتمائنا الإيماني العظيم، في مقدِّمتها: التحرر من هيمنة أعداء الإسلام والمسلمين، أعداء الأمة، وأن ننطلق في مسيرة حياتنا على أساس نور الله وهديه، كشيءٍ أساسيٍ لنا، بحكم إسلامنا، بحكم هويتنا وانتمائنا للإسلام.
الإسلام هو دين رشد، دين نور، دين بصيرة، دين العلم النافع، الذي ينتفع به الإنسان ابتداءً في واقعه الروحي، والنفسي، والتربوي، والأخلاقي، والسلوكي، ثم في إطار مسيرته في الحياة، نور الله الذي يضيء لنا الدروب، فنستضيء به في مسيرة حياتنا، لفهم دورنا في هذه الحياة بشكلٍ صحيح، لأداء مسؤولياتنا في هذه الحياة بشكلٍ صحيح، لنقف المواقف الصحيحة في واقعنا على أسسٍ صحيحة، لنتزود بالبصيرة، لمعرفة الحقائق في واقع هذه الحياة، ولنتحصن من الضلال، ولتتزكى نفوسنا، فهدى الله «سبحانه وتعالى» هو نور.
الله «سبحانه وتعالى» قال في القرآن الكريم:{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ}، يخاطب نبيه محمداً «صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله»، {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}،{لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}، ورسول الله «صلوات الله عليه وعلى آله» تحرَّك لإنقاذ البشرية بذلك النور، وأخرجهم من الظلمات بشكلٍ عمليٍ من خلال ذلك النور، حررهم من العبودية للطاغوت، إلى ألَّا يكونوا عبيداً إلَّا لله «سبحانه وتعالى»، علَّمهم منهج الله، ليكون هو الأساس الذي يعتمدون عليه لنظم حياتهم، قدَّم لهم شريعة الله «سبحانه وتعالى»، لتكون هي المعتمد في مسيرة حياتهم، هداهم إلى الله، بصَّرهم بنور الله حقائق هذه الحياة، قدَّم لهم التشخيص الكامل لواقع المجتمع البشري؛ ليعرفوا من هو العدو، ومن هو الصديق، قدَّم لهم ما أخرجهم من الضلال، وما حصَّنهم من الضلال… وهكذا هو هدى الله «سبحانه وتعالى» نور بكل ما تعنيه الكلمة.
الإنسان في مسيرة حياته يحتاج إلى هذا النور، في إطار دورنا الحضاري كبشر نحتاج إلى نور الله «سبحانه وتعالى»، دين الله، وهدي الله، ونور الله، هو لنا في هذه الدنيا نستضيء به في أداء مسؤولياتنا في هذه الحياة، لصلاح حياتنا، لنكتسب الرشد الحقيقي، ولنقتبس الحكمة في معناها الحقيقي، ولنسير بشكلٍ صحيح في هذه الحياة، وأيضاً وفيما بعد ذلك وعلى مستوى أساسي جدًّا لما بعد هذه الحياة، لمستقبلنا الأبدي في الآخرة، لفلاحنا، لفوزنا، لنجاتنا في مستقبلنا الآتي حتماً في الآخرة.
ولذلك العلاقة بنور الله، العلاقة بهدي الله، العلاقة بالعلم النافع، التزود للوعي والبصيرة، هي مسألة أساسية بالنسبة للإنسان المسلم، وإلا فالبديل عن ذلك هو الظلمات.
أمتنا الإسلامية تضررت كثيراً بقدر ما فقدت من النور، وبقدر ما انتشرت فيها الظلمات، ظلمات التجهيل من جانب، وظلمات التضليل من جانبٍ آخر، فتأثرت كثيراً، وانتشرت الكثير من المفاهيم المغلوطة، والأفكار الظلامية، والعقائد الباطلة، التي أثَّرت على أمتنا في مسيرة حياتها، في واقعها، في أدائها، إلى حدٍ كبير.
شعبنا اليمني، وانطلاقاً من هويته الإيمانية،في إطار توجهه- كما قلنا- التوجه العظيم، القائم على أساس الحرية بمفهومها الحقيقي، الحرية من هيمنة الأعداء بكل أشكالها: هيمنتهم السياسية، هيمنتهم الثقافية والإعلامية، التي هي خطرةٌ جدًّا، والتي هي عبارةٌ عن ضلال بكل ما تعنيه الكلمة، هيمنتهم العسكرية… كل أشكال هيمنة الأعداء شعبنا يثور عليها، يثور عليها انطلاقاً من هويته الإيمانية، يُرَسِّخ هذه الهوية، يُرَسِّخ هذا الانتماء، يترجمه عملياً في مواقفه، في توجهاته، في سياساته، وهذه هي نعمةٌ كبيرةٌ، وتوفيقٌ إلهيٌ كبير، نحمد الله ونشكره على ذلك.
ولذلك فإن من الأولويات هو: النشاط التعليمي والتثقيفي والتوعوي المكثف، الذي يبنينا، ويبني أجيالنا، ويبني أبناءنا البناء الصحيح، يُقَدِّم النموذج الحقيقي للإنسان المسلم، الإنسان الراشد، الذي يحمل الرؤية الصحيحة، المستنير بنور الله، الذي يمتلك النظرة الصحيحة إلى المسؤولية، إلى واقع الحياة، الذي يحمل الوعي تجاه حقائق هذه الحياة، تجاه واقع هذه الحياة، تجاه الأعداء، تجاه طبيعة الصراع معهم، وفي نفس الوقت يحمل زكاء النفس؛ لأن هدى الله يزكي النفوس، بمثل ما هو نور، بمثل ما هو رشد، بمثل ما هو حكمة، بمثل ما هو رؤيةٌ صحيحة وبصيرةٌ عالية وفهمٌ صحيح، هو زكاءٌ للنفوس، وإصلاحٌ للعمل، وتقويمٌ للسلوك، أثره في الإنسان أثرٌ مبارك، أثرٌ عظيم، يرقى بالإنسان إلى المستوى الإنساني الحقيقي، فيما منح الله هذا الإنسان في فطرته، ما أودع الله في فطرته من مكارم الأخلاق.
فنحن نحمد الله «سبحانه وتعالى» أن منَّ علينا أن يأتي نشاطنا التعليمي في إطار توجهنا العملي الصحيح، المبني على أساس من هويتنا الإيمانية، وانتمائنا الإيماني، في إطار الموقف الصحيح، شعب ينهض على المستوى الحضاري، لكن برؤية صحيحة، وشعب يتحرر من هيمنة أعدائه، وهو يحمل البصيرة، والوعي، والنور، هذه مسألة في غاية الأهمية.
في واقعنا الحياتي العلم هو أساسٌ لنهضة الأمم، ونهضتنا- إن شاء الله- هي نهضةٌ حضاريةٌ إيمانيةٌ إسلامية، ننطلق فيها من منطلق انتمائنا الإيماني لقيمنا، لا نجعل من التوجه الحضاري معول هدمٍ لأخلاقنا، لقيمنا، لمبادئنا، بل ننطلق لنصل الحاضر بالماضي في المبادئ الأساسية، والقيم الصحيحة، والتوجه الصحيح، لنبني واقعنا على أساسٍ صحيح، وتوجهٍ صحيح، بما يرضي الله «سبحانه وتعالى»، بما فيه الفلاح، بما فيه الفوز، بما فيه النجاة، وهذا لابدَّ فيه من العلم، لابدَّ فيه من التعلم، لابدَّ فيه من اكتساب المعرفة الصحيحة، وهذه مسألة في غاية الأهمية.
قدوتنا هو رسول الله «صلوات الله عليه وعلى آله»، الذي بعثه الله ليزكينا، وليعلمنا الكتاب والحكمة، فكيف كان تعليمه؟ كان تعليماً غيَّر الواقع، ونهض بالأمة، وحررها من العبودية للطاغوت، وبناها، لتكون في واقع الحياة في القمة، في مصاف الأمم في القمة، تعليماً مثمراً، ثمرته كانت ملموسةً في الواقع: عزةً، وكرامةً، وقيماً، وأخلاقاً، وعدلاً، وحقاً، وأضاء بنور الله «سبحانه وتعالى» ما غيَّر به الواقع الجاهلي، الذي كان في منتهى الظلمات، فهكذا هو العلم النافع الذي هو نور، يترك أثره العظيم، يحصِّن مجتمعنا من كل الجوانب، قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} الحكمة، أمةً تكون راشدةً في تفكيرها، حكيمةً في: مواقفها، وسياساتها، وتعاملاتها، الرشد، الحكمة، النظرة الصحيحة، الفهم الصحيح، الذي تحتاج إليه أمتنا بشكلٍ كبير.
ثم في إطار الواقع الذي نعيشه، في الميدان، في ميدان الصراع مع الأعداء، أعداء الإسلام والمسلمين، أعداء الأمة، في كل مراحل التاريخ وإلى اليوم، الأمة تخوض معتركاً خطيراً جدًّا مع الأعداء، في ميدان الأعداء يسعون فيه بكل جهد إلى إضلال هذه الأمة، يعني: واحدٌ من أخطر أساليب الاستهداف للأمة، من الشيطان وأولياء الشيطان، هو: السعي لإضلال الأمة، إلى الاختراق الثقافي والفكري لهذه الأمة، وإضلالها حتى في إطار العناوين الدينية، في إطار النشاط التعليمي،
هناك عمل كبير من جانب الأعداء، الله أخبرنا عنهم في القرآن الكريم، قال عنهم: {وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ}، قال عنهم كثيراً: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ}، {وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ}..
الآيات التي تتحدث عن هذا الموضوع في القرآن الكريم، والتي تبيِّن لنا أن هناك توجهاً كبيراً وأساسياً من جانب أعدائنا، يستهدفنا فكرياً وثقافياً، هو توجهٌ كبيرٌ وخطير، يهدف إلى إضلالنا، إلى إضلالنا؛ حتى نحمل المفاهيم المغلوطة، النظرة الخاطئة، التي تدجننا لصالح أعدائنا، التي تبعدنا عن هدى الله الذي هو نور، يهدينا به الله إلى ما فيه الخير لنا، والعزة لنا، وصلاح حياتنا في الدنيا، والفوز في الآخرة.
فالأعداء يتجهون بكل جد، ليس فقط من جانبهم بشكلٍ مباشر، الذي يمثِّل خطورةً كبيرةً: أنَّ لهم الكثير من الأبواق، ولديهم الكثير من الأيادي التي تكتب بأقلام الزور والتضليل ما يخدمهم، ما يدجِّن الأمة لهم، ما يفرِّق الأمة، ما يشتت الأمة، ما يضعف الأمة، فهذه حالة خطيرة جدًّا تستهدف أبناء الأمة تحت كل العناوين، وبكل الوسائل: على المستوى التعليمي، على المستوى الإعلامي، النشاط بالدعايات، التي هي أيضاً دعايات يسعون من خلالها إلى تزييف الحقائق، إلى التضليل للناس، إلى التشكيك لهم في موقفهم الحق، في قضيتهم العادلة، حتى تجاه مظلوميتهم الواضحة.

 

قد يعجبك ايضا