صيف الحديدة.. أعباء باهظة

المولدات الكهربائية معاناة إضافية.. وأجهزة تبريد الهواء تعصف بميزانية الأسر

خدمات الكورنيش لم تكتمل.. وهذا يضاعف معاناة السكان

استطلاع/ يونس الشميري

مع قدوم فصل الصيف بحرارته اللاهبة المتزامنة مع جفاء الكهرباء وانحسار تدفق الماء يضع سكان المناطق الساحلية أيديهم على قلوبهم تصبراٍ وترقباٍ بانتظار معاناة مركبة تتكاتف مجتمعة في أشهر شديدة البأس يذوقون فيها الأمرين.. معاناة إذا كان لشطرها الأول “حرارة الجو” قدرة إلهية وحكمة ربانية لا يعلمها إلا هو سبحانه فإن لشطريها الأخريين مسببات بشرية بإمكانها تحسين أدائها وتقديم خدمة أفضل للتخفيف عن كواهل المواطنين ما يثقلها في أيام وليالُ قالوا عنها إنها عصيبة قحطاٍ في سريان التيار الكهربائي وجدبا في جريان الماء آملين أن يكون صيفهم المقبل أرأف بهم بخلاف سابقيه شوقاٍ لنسمة هواء عليلة وشربة ماء باردة.

الصيف عند الحاج مبخوت الحساني “من أهالي مدينة الحديدة” كابوس ثقيل – على حد وصفه – يؤرقه بمجرد تخيل مقدمه هز يده يميناٍ ويساراٍ أمام وجهه تعبيراٍ عن الرفض المطلق وهو يقول: “لا تذكرني بأيام الحر فذلك كابوس من عدة نواحي إذ تكون حرارة الجو مرتفعة والكهرباء منقطعة حتى الماء يكون ضعيفاٍ ربما بسبب الاستهلاك والطلب المتزايد عليه”.
في حين يقول المواطن سعيد عبدالرزاق “45 عاماٍ”: “يتضرر كبار السن والأطفال كثيراٍ في فصل الصيف ويجب هنا تضافر الجهود من أجل التخفيف من هذا الضرر فكيف يذوق الأطفال طعم النوم في وجود تلك الحرارة اللاهبة!!.
سعادة ولكن!!
لا يزال سكان الحديدة هذه الأيام “أواخر شهر فبراير” يتداركون ما تبقى من أيام لطيفة الجو يمر فيها اليوم بسلام سواء أكانت الكهرباء حاضرة أم غائبة هذه الأجواء المريحة على وشك أن تلفظ أنفاسها الأخيرة مودعة أشهراٍ أربعة وجد فيها الأهالي لذيذ المنام وهم في الوقت ذاته يستعدون لوصول الأشهر القادمة بما في متسعهم من أدوات وأجهزة كهربائية تستخدم للتبريد ما بين مستعملة يصلحونها أو يتفقدون صيانتها وبين جديدة يشترونها وتتمثل هذه الأدوات بـ”المكيفات – المراوح – الثلاجات”.
وتتفاوت أسعار هذه الأدوات هبوطاٍ وارتفاعاٍ بحسب الحجم وبلد المنشأ والعلاقة التجارية وجميعها تؤدي الغرض ذاته في التبريد مع فارق كفاءة الأداء وفترة الخدمة إلا أن المواطن “عبدالرؤوف ناصر” لم تكن سعادته بتلك المروحة التي اشتراها من أحد المحلات بشارع صنعاء كبيرة بقدر تذمره من عدم جدوى هذه الآلة التي قال عنها وهو يحملها عائداٍ بها نحو منزله: “ما فائدتها إذا كانت الكهرباء في فصل الصيف شبه معدومة”.
نية صادقة
في أحد محلات التصليح بمدينة الحديدة كانت أجهزة تبريد الهواء التي تحتاج إلى إصلاح مكدسة تنتظر دورها للوصول إلى يدي المهندس ليكشف عن خللها ومن ثم إصلاحه وكان الحاج عبدالواحد النصيري منهمكاٍ في إصلاح أحد المكيفات مسابقاٍ الزمن قبل أن يحل موعد الحرارة الشديدة لم يكن بوسعي إشغاله عن عمله فاتجهت باستفساري إلى أحد المتواجدين في المحل فأجابني بأنه أحضر مكيفاٍ من أجل إصلاحه وقال: “انقطاع الكهرباء في الصيف ألحق بنا الضرر فهو إلى جانب الحر الشديد الذي يسومنا سوء العذاب يتلف أجهزتنا من مراوح ومكيفات وثلاجات وبذلك نتحمل خسائر كبيرة ولكن نتمنى أن يتبدل الحال في هذا الصيف نحو الأحسن قاطعة سليمان علي بالقول:
قاطعه سليمان علي بالقول حين يدرك الجميع أهمية التيار الكهربائي ويعملون بنية طيبة وصادقة سواء مواطنين أو معنيين من أجل المحافظة على الموجود وإضافة خدمات جديدة وترشيد الاستهلاك فإن توالي الأيام كفيل بصنع المستحيل وتابعه أحدهم مقداد سيف بالقول هذا هو الكلام الصحيح حيث تتكاتف الأيادي وتتضافر الجهود تصبح الأحلام حقيقة والكل يعلم أنه في موسم الصيف السابق وغيره ازدادت الانقطاعات والربط العشوائي للتيار الكهربائي.
تبديل مهنة
احتدم النقاش بين المتواجدين وأفسح مساحة للحديث داخل محل تصليح المراوح والمكيفات ووصل الأمر بصاحب المحل إلى أن يترك ما بيده من أدوات تصليح ويتجه ببصره نحو الجميع وهو يقول مازحا كأنكم تريدون إغلاق المحل إذا صلحت الكهرباء ولم تتعطل الأجهزة أجابه أحدهم أدعو الله أن تصلح الكهرباء بدون انقطاع وتخفف عنا حرارة الصيف التي لا يطيقها لا كبير ولا صغير وأنا سوف أتبرع لك بمكيف وثلاجة على حسابي وأقلب هذا المكان إلى محل لبيع الآيسكريم.
الحياة مصالح
موسيقى عربية الآيسكريم كانت تعزف أنغامها على ممر كورنيش مدينة الحديدة وهي تزرع ذلك الممر ذهابا وإيابا بحثا عن من يشتري وكان المكان قبل ظهر حد الأيام يبدو خاليا إلا من بعض المرتادين متناثرين هنا وهناك قال بائع الآيسكريم هلال عبدالغفار هذه الأيام الرياح قوية وأمواج البحر مرتفعة والناس لا تستطيع النزول إلى الماء خوفا من الغرق والعمل ضعيف سألته عن العمل في الصيف فقال: أنا بانتظار هذا الموسم حيث العمل فيه متواجد ولله الحمد برغم حرارة الشمس التي تكسر الرأس وتنشف الدماغ وهنا اتضح أنه إذا كان هناك من لا يحبذون حر الصيف فإن هناك وبكل تأكيد من يجد مصلحته فيها ومنهم بائع الآيسكريم الذي يتحمل الحرارة الشديدة من أجل كسب رزقه.
دعوة نحو الأفضل
“عندما أقف على كورنيش الحديدة وأرنو ببصري ممعناٍ النظر يمنة ويسرة وألاحظ ما يمتكله هذا الكورنيش من بنية أساسية موجودة حالياٍ أدرك أنه لايزال بحاجة إلى لمسات إضافية إنشائية وتجميلية كونه متنفساٍ للمواطنين وخاصة العوائل للتخفيف من نقل ساعات المصيف الطويلة التي يخنقها الحر الشديد”.
هكذا قال (محمود علوان – مثقف) مضيفاٍ: “نتمنى أن تؤدي أيضاٍ حدائق المدينة إلى جانب الكورنيش واجبها في غرس البهجة والسعادة في نفوس المواطنين أكثر مما هو موجود الآن”.
أمنيات ودعاء
غالباٍ حين تمر في شوارع مدينة الحديدة ليلاٍ أو نهاراٍ تستقبلك أصوات المولدات الكهربائية بنشاز معزوفاتها التي لا تطرب غير أن الحال يشتد ضراوة في فصل الصيف إذ لا تكف تلك الآلات عن التوقف وهذا ما جعل الحاج (ناجي عبده) يقول معلقاٍ: “الضوء والهواء البارد من المولد والماء والبارد من قوالب الثلج” وأضاف: “ندعو الله أن يمن على بلادنا بالخيرات وأن نراها في قادم الأيام ترقى من أفضل إلى أفضل وتنعم بالأمن والأمان والتطور والازدهار”.
قوالب ثلجية
صباح كل يوم شتاءٍ وصيفاٍ تجوب سيارات الثلج شوارع مدينة الحديدة لتزويد البقالات والمحلات المتخصصة ببيع الثلج بقوالب ثلجية يتم وضعها في صناديق من الخشب والفيبرجلاس صغيرة وكبيرة موضوعة أمام كل محل ومن ثم بيعه بالتجزئة يقول (حسن – صاحب بقالة): “يكون سعر القالب في فصل الشتاء ستمائة ريال ويصل إلى تسعمائة وخمسين ريالاٍ في فصل ريالاٍ في فصل الصيف وقد يتجاوز هذا السعر وخاصة عندما يزيد الطلب عليه في أيام الحر الشديد”.
أرحم بكثير
إذا ما كان البعض ممن تحدثوا لـ”الثورة” رأوا في بادئ الأمر أن فصل الصيف مفعم بالحيوية والنشاط على العكس من أيام الشتاء التي قالوا عنها: إنها تبعث على التكاسل وتكثر فيها الإصابة بأمراض البرد فإنهم عادوا مؤكدين أن الشتاء بأوبئة أرحم بكثير من حرارة الصيف التي تقض المضاجع.
يقول “نجيب محمد”: “كنت أقف في صف أشهر الحر مفضلاٍ إياها على أشهر البرد التي أصاب فيها كثيراٍ بالزكام والانفلونزا إلا أني عندما أتذكر عدم وجود النزر القليل من الوقت الملائم للنوم في وجود ذلك الحر أعود مفضلاٍ أشهر البرد” ويوافقه الرأي زميله “زيد سيف” الذي أضاف: “يزداد نشاطي في العمل في أيام الحر ولكني أتضرر كثيراٍ منه ولا أهنأ بوقت للراحة وعندها يشدني الحنين لذلك الجو اللطيف بعيداٍ عن الحرارة المتوقدة”.
ختاماٍ
تتوالى السنون وتتقلب الفصول وما أوجد الله سبحانه وتعالى ذلك الأمر إلا لمنفعة الإنسان غير أنه أصبح بالإمكان استخدام الوسائل المتاحة للتخفيف من حرارة الصيف اللاهبة وخاصة عن الأطفال وكبار السن فهل إلى نظرة عطوفة من سبيل!!

قد يعجبك ايضا