أكاديميون وناشطون يتحدثون لـ”الثورة”: القيم الإسلامية العليا تمثلت في السيدة فاطمة الزهراء فكراً ونهجاً وسلوكاً

 

هالة النور واصل العز وعنوان الشرف أم سيديّ شباب أهل الجنة سيدة نساء العالمين فاطمة عليها السلام أجمل صورة صاغتها العناية الربانية لتكون آية في القيم والأخلاق الإنسانية وعنواناً يدرَّس عن حقوق المرأة وواجباتها ومدىٰ فاعليتها في الإسهام ببناء المجتمع وتطويره، هي زوج من ومن يكون أبوها؟.. كل هذا واكثر في ثنايا الاستطلاع التالي:

الثورة / أمين العبيدي

كانت البداية مع الدكتور صلاح غالب العباسي – أستاذ القرآن الكريم وعلومه حيث قال: حري بنا أن ندرّس هذه السيرة العطرة سيرة الزهراء البتول قمر المصطفى وأم خير شباب العالمين.. و نسلط الضوء علىٰ مراحل حياتها  كي نجعل نصب أعيننا المثل الإسلامية العليا التي تجسدت في الزهراء ، فكراً ونهجاً وسلوكاً، فعند زوجها عليها‌ السلام مثلاً جعلت من التواضع والبساطة
وسمو الخلق ومبادئ الدين تتغلب على كل مظاهر البذخ والترف وما يتبعه من حسن الاخلاق وطيب المعاشرة مع ابن عمها الوصي المرتضى أمير المؤمنين عليه ‌السلام، وتربيتها سبطي النبي الأكرم وإمامي الرحمة، الحسن والحسين، عليهما ‌السلام.  كل ذلك يعكس لنا أبعاد الرسالة الإسلامية السمحة التي رسمها الإسلام للزواج الذي ارتضاه خالق الوجود، ويرسم لنا صورة عن حقوق المرأة وواجباتها ومدىٰ فاعليتها في الإسهام ببناء المجتمع وتطويره
وأضاف العباسي بقوله: فما عسى الكاتب أن يكتب والمتحدث أن يتحدث عن هذه البضعة الطاهرة وأي قلم يرقي لها ليكتب عنها، بل أي بنان يستطيع أن يحيط بها هي فريدة في سجاياها ومناقبها و خصائصها وأدوارها فأصبحت عليها السلام متميزة في كل شيء، فاجتباها ربها لأن تكون سيدة نساء العالمين من الأولين و الآخرين.
وأشار أن فاطمة الزهراء  وصلت إلى أقصى درجات الكمال البشري والأحاديث التي دلت على فضلها إنما هي كاشفة مبينة لبعض مقاماتها ولا تدل على كل ما لها من فضل، كما أن تلك الأحاديث مؤسسة لفضلها فإن الأحاديث لا تعدو كونها كاشفة فقط يعني أن فاطمة  كانت امرأة عظيمة لما فيها من مناقب عالية وفضائل عظيمة خفيت على أكثر الخلق والنبي صلى الله عليه وآله في أحاديثه الشريفة كشف عن هذا الفضل، وبينه للناس وأرشدهم إليه، لأن فاطمة  ما كان لها أي فضل عند صدور تلك الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وإنما صار لها فضل بتلك الأحاديث!!
أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وأحاديث الأئمة الأطهار عليهم السلام، كانت كاشفة عما امتازت به سيدة النساء  من علو الفضل وسمو المقام ومن الطبيعي أنها سلام الله عليها كانت قد وصلت إلى أقصى درجات الكمال البشري وفاقت جميع نساء الدنيا منذ أن خلق الله الخليقة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها فإنه غير معصوم من لا يتمكن من أن يعرف حقيقتها أو يدرك كنهها ولا سيما أن فاطمة  اتصفت بصفات لم تتصف بها أي امرأة من نساء الأمة فإنك لا تجد في هذه الأمة امرأة معصومة غير فاطمة ، رغم وجود نساء جليلات عظيمات على مر التاريخ والنبي صلى الله عليه وآله لم يقل في حق امرأة أخرى غيرها عليها السلام: «إن الله يرضى لرضاها، ويغضب لغضبها» وهكذا الحال في باقي فضائلها العظيمة.
أما خطيب جامع الأقصى الاستاذ عبد الرحمن حجر فيقول: بشر  رسول الله صلى ‌الله عليه‌ وآله‌ وسلم السيدة أُمّ المؤمنين خديجة فقال : « يا خديجة ، هذا جبرئيل يبشرني أنّها أُنثىٰ ، وأنّها النسمة الطاهرة الميمونة ، وأنّ الله سيجعل نسلي منها ، وسيجعل من نسلها أئمة في الاُمّة ، ويجعلهم خلفاء في أرضه بعد انقضاء وحيه ، ووضعت خديجة فاطمة عليها ‌السلام طاهرة مطهرّة …».
لا شك في أن رسول الله صلى الله عليه وآله والأئمة الأطهار عليهم السلام قد أوضحوا للناس ما هو قدر فاطمة، فإن النبي صلى الله عليه وآله بيَّن للناس من هي فاطمة عليها السلام، وكذلك صنع الأئمة الأطهار عليهم السلام، فإن الأحاديث المتواترة التي صدرت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وعن أئمة أهل البيت عليهم السلام كافية في إيضاح كثير من مقامات السيدة فاطمة عليها السلام وكاشفة عن جملة من فضائلها الكثيرة.
وعن الدور المهم للمرأة المسلمة والاقتداء بسيدة النساء يقول حجر: فتحت عينها عليها‌ السلام على المحن التي قاساها أبوها المصطفى صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم في سبيل الدعوة  وما رافقها من التعذيب والتنكيل بالمستضعفين من أتباعه وهجرتهم إلى الحبشة وحصار بني هاشم في شعب أبي طالب نحو ثلاث سنين قضتها الزهراء عليها‌ السلام مع أمها وأبيها ( صلوات الله عليهم ) بحرمان وفاقة وانقطاع عن الناس ولم تهنأ الزهراء عليها‌ السلام بالعيش الرغيد مع أمها وأبيها ( صلوات الله عليها ) بعد خروجهم من مخمصة الشعب إلّا نحو عام واحد ، حيث فجعت بوفاة أمها، يجب على كل نساء العلم الاقتداء بهذه المدرسة التي ليس لها نظير  وتبعاً لهذا الإجتباء والاصطفاء نرى أن أباها المصطفى صلى الله عليه وآله قد أولاها من التقدير والاحترام والاهتمام  ما لم يول أحداً سواها وسوى زوجها علي بن أبي طالب عليه السلام، كل ذلك بتدبير رباني وحكمة إلهية ليعرف قدرها ومنزلتها الفريدة ولكي لا ينافسها أحد في ما خصها الله تعالى به.
وعن سبب تكنية فاطمة بأم أبيها فيقول الاستاذ شمسان عطية – ماجستير دراسة أسلامية ،لا شك أن هذه الكنية تحمل في طياتها دلالات ظريفة وعميقة في نفس الوقت، ولعل هناك أكثر من سبب وراء تكنية الزهراء بهذه الكنية .
فمن الأسباب رعايتها المتميزة لأبيها أن الزهراء صلوات الله عليها كانت ترعى رسول الله صلى الله عليه وآله رعاية متميزة كرعاية الأم لولدها، فكانت لرسول الله بمثابة الأم الرحيمة والعطوفة التي تغدق عليه حنانها ومحبتها، بل كانت له أكثر حناناً وعطفاً، وشفقة من الأم
وكذلك تقدير النبي لها لعل النبي صلى الله عليه وآله أراد بتكنيته لها بهذه الكنية أن يظهر تقديره وحبه وحنانه تجاهها بإظهار المحبة لها على مستوى محبته صلى الله عليه وآله لأمه البارة الحنونة السيّدة آمنة بنت وهب رضوان الله عليها ليعرف الجميع بأن إبنته الزهراء هي موضع دلاله و تقديره وحبه وحنانه على هذا المستوى الرفيع، وأيضاً بيان أفضليتها على أمهات المؤمنين..
ولعل السبب الأهم في تكنيتها بأم أبيها هو إظهار أفضلية الزهراء عليها السلام على نساء النبي صلى الله عليه وآله وأمهات المؤمنين، حيث أن نساء النبي هن بمثابة الأمهات بالنسبة للمؤمنين، إذ يقول الله عزَّ وَجلَّ: ﴿ النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ … ﴾ 2 ، فأراد رسول الله صلى الله عليه وآله أن يُبيِّن أن إبنته فاطمة الزهراء عليها السلام أرفع شأناً ومنزلة من أزواجه أمهات المؤمنين، فهن رغم ما لهن من المنزلة والاحترام باعتبار كونهن زوجات النبي وأمهات المؤمنين، إلا أن فاطمة الزهراء أعلى شأناً منها لأنها أم النبي محمد وهو أشرف الخلق وأفضلهم جميعاً بما فيهم المؤمنون والمؤمنات بل الأنبياء والمرسلون، فأين هذه الفضيلة؟
وعن المرأة ومنهجية الزهراء “عليها السلام” فقول: الكاتبة أمل المطهر: ما زالت المرأة اليمنية حتى هذه اللحظة تقف بثبات في وجه عدوان كوني استهدف وطنها، دمر منزلها، قتل أطفالها وأحرق مزرعتها وقصف مدرستها وسوقها، استهدف حياتها بكل تفاصيلها.
لكنها رغم كل ذلك الدمار المنتشر حولها والاستهداف الممنهج لم تضعف لم تنهر قواها فهي ما زالت تواجه وإيمانها يزداد يوما بعد الآخر وثقتها بربها وبنصره تكبر أكثر فأكثر فقد ضربت المرأة اليمنية أروع الأمثلة وأعظم الدروس في صبرها وثباتها وقوة عزمها للمضي في رحلة التحرر من عبودية وهيمنة قوى الاستكبار العالمي.
ولو أتينا للبحث عن سر تلك القوة وذلك الصمود الأسطوري لمن يفترض بها أن تكون أول من يرفع راية الاستسلام كونها تحمل الكثير من العاطفة التي تجعلها سهلة الانكسار حين العواصف؛ سنجد الزهراء موجودة في كل زاوية من زواياها توجهها، تقودها إلى الصواب، ترشدها وتهمس في أذنها برفق: كوني حرة بتعبيدك نفسك لخالقك، استمدي منه القوة، واطلبي منه العون، تزودي بالتقوى في رحلتك نحو التحرر من الطغاة، تمسكي بسلاحكِ الذي لا يُقهر ،وهو الإيمان القوي الواعي، المرأة اليمنية نهلت من نبع البتول الصافي الزلال كل تلك القيم والمبادئ هي التي صقلتها وكونت شخصيتها، فرأينا الزهراء وهي تربي أبناءها التربية الجهادية التي صنعت منهم رجالا، يقفون في وجه كل الطغاة بقوة الله وبأسه، رأينا الزهراء وهي تثقف وتوعي من حولها بهمة ونشاط عاليين كي تصنع أمة واعية تواجه عدوها بكّل ثبات وصمود، رأينا الزهراء وهي تعد القوافل وترفد الجبهات بالمال والسلاح وتعد العدة لتعلي كلمة الله وتنصر دينها رأينا الزهراء وهي تربى زينب وتقف بجانبها في كربلاء العصر وهي تنذر أبناءها وزوجها وإخوتها لله وفي رضاه، حتى يرضى، رأيناها تدفع بفلذة كبدها للمضي في درب الهدى والنور وتملي على مسامعه آيات الله العلي العظيم ليسير قدما في درب العلا ويزداد عزما وإصرارا رأيناها تواجه حربهم الاقتصادية بالاستغفار والتسبيح والعمل نحو ما يجعلها تكتفي هي وأطفالها كي لا يكون لعدوها أي ثغرة يمرق من خلالها لإضعافها وإضعاف المجاهدين في الجبهات، رأيناها تواجه الحرب الناعمة الشيطانية التي تستهدف قيمها وأخلاقها ودينها بإيمانها ووعيها العالي بقيمها وأخلاقها العظيمة التي استمدتها من منهجيتها الصلبة الأساس القوية الأركان، كل ما ذكرته وأكثر كان حاضراً وبقوة في كل امرأة يمنية عرفت من هي الزهراء، وتعلمت منها وتمسكت بها، لتنجو وترتفع في عصر الانهيار المتسارع للمرأة وإنسانيتها ودينها لتقع في فخاخ نصبت لإيقاعها وإبعادها عن سر عزتها وقوتها وحريتها حيث أصبحت النساء هن السلاح الموجه لصدور رجالهن إن لم يكن معهم في خندق واحد،  فعدونا يعلم خطورة اتباع النساء لمنهجية الزهراء عليها السلام، فماذا يعني أن تكون نساؤنا فاطميات الولاء؟ إلا أنه سيواجه رجالا تربوا تربية حيدرية، لا يقهرون مهما تعاظمت قوى عدوهم، وكبرت تضحياتهم، معناه أنهم سيفشلون في كل تحركاتهم ضد هذه الأمة؛ لأن لديها نساء يتحركن بخطوات الزهراء ويستنرن بقيمها ويتخلقن بأخلاقها، فما أحوج نساء العالم العربي والإسلامي إلى الرجوع إلى الزهراء ليعرفن قيمتهن الحقيقية ومكانتهن الراقية، ما أحوجهن للتمسك والاقتداء بالزهراء في كل تفاصيل حياتهن ليعدن إلى الطريق المستقيم الذي يبني الأمم بناء سليما معافى من داء التهاون والتخاذل والهوان، فالزهراء هي ميزان القيم والمبادئ الإنسانية وأساس السمو والرقي والرفعة، ولن تنجو المرأة المسلمة من استهداف العدو لها إن لم تلتحق بركب الفاطميات، وتلبس رداء عزتها وكرامتها بتلك المنهجية التي صاغتها لهن الزهراء دروسا قيمة.

قد يعجبك ايضا