حضرموت تحت الاحتلال الأمريكي المباشر تحقيق خاص

 

أمس وصلت طائرات أمريكية إلى مطار الريان تحمل عتادا عسكريا وجنودا إضافيين
أعادت أمريكا تدوير »المدمرة كول« بعد عشرين عاما وجعلها ذرائع لاحتلال السواحل

كشفت مصادر لـ (الثورة) عن وصول قوات أمريكية أمس السبت مكونة من عشرات الجنود ، والمدرعات والعتاد والأسلحة المتنوعة والمتطورة إلى مقر لواء الدفاع الساحلي «قارة الفرس» في حضرموت وقالت المصادر بأن وصول القوات العسكرية الأمريكية يزامنه تحركات أمريكية غير مسبوقة في مدينة غيل باوزير وفي مطار الريان ، وتوقعت المصادر أن وصول القوات الأمريكية المدججة إلى مقر لواء الدفاع الساحلي يأتي استكمالا لمخطط احتلال عسكري أمريكي لحضرموت باتت فصوله تتضح يوما بعد آخر.

الثورة/تحقيق خاص: المكلا

منشور ممول
كان لافتا وعلى غير العادة حين نشرت السفارة الأمريكية على حسابها في تويتر يوم الاثنين 12 اكتوبر 2021 ، إعلانا ممولا لمكافأة مالية رصدتها لمن يأتيها بمعلومات خاصة عن أي معروف له علاقة بحادثة المدمرة كول التي وقعت في أكتوبر من العام 2000 بسواحل مدينة عدن.
وجاء في إعلانها : « هاجم تنظيم القاعدة المدمرة يو إس إس كول في عام 2000 حيث قتل 17 من أفراد القوات الأمريكية. إذا كان لديك معلومات عمّن يقف وراء الهجوم، فقد تحصل على مكافأة ، راسلنا عبر تلغرام أو سغنال أو واتساب على الرقم أدناه، أو عبر خط الاتصال الخاص بنا على متصفح تور».
الإعلان الممول فضيحة مدوية ، فالمكافأة المالية المجهولة رصدت لمهمة مجهولة أيضا ، فهو لم يحدد الشخص المطلوب رصده ولم يحدد مقدار المكافأة كذلك ، بل يعد سابقة في إعلانات أمريكا الممولة التي لم يسبق لها أن بثت إعلانا ممولا في ما يخص المدمرة كول من قبل ، لكنها بثت آلاف الإعلانات الممولة ورصدت فيها مكافآت مالية لمن يأتيها بمعلومات عن مطلوبين تسميهم دائما على عكس هذه المرة.
وفي الحقيقة فإن أمريكا اتهمت تسعة أشخاص بالوقوف وراء حادثة المدمرة كول وقد قتلتهم جميعا وكان آخرهم البدوي في العام 2019 ، بعدما ظلت لسنوات تلعب معهم لعبة القط والفار ، فقد مكنتهم من الهروب مرتين من السجن ، الأولى من سجن الأمن السياسي في عدن عام 2003 ، والثانية من سجن الامن السياسي في صنعاء عام 2006.

إعادة تدوير
لا يوازي الفضيحة في الإعلان الممول لهذا الأسبوع ، إلا مستوى الوقاحة والجرأة في اجتراح الكذب بإعادة التدوير والاستخدام ، فقد أعادت أمريكا تدوير الذريعة التي استخدمتها لأكثر من عشرين عاما – منذ أكتوبر 2000 إلى إعلانها قتل آخر شخص تضمنته قائمة الاتهام بشأن حادثة المدمرة كول وهو جمال البدوي الذي أعلن ترامب قتله في العام 2019 بغارة جوية شنتها امريكا على اليمن – دفعة واحدة ، وحتى مع بقاء المتهم السعودي الناشري في معتقل غوتنامو إلى اليوم ، لم تجد السفارة الأمريكية حرجا في إعادة تدوير هذا الركام من الأكاذيب من جديد وبالطريقة المنصوص عليها في الإعلان الممول.
غير أن أمريكا لا تخشى الفضيحة لأنها الفضيحة ذاتها ، لكنها تعمل لتذريع احتلالها المباشر لحضرموت وإن كان ذلك بتدوير ركام الأكاذيب.
خلال عشرين عاماً لم تقم أمريكا بأي إعلان مشابه، باستثناء تذكرها في العام الماضي لذكرى تفجير المدمرة كول الذي يصادف أكتوبر من كل عام ، وتلك هي المرة الأولى الذي تقيم فيها أمريكا ذكرى تفجير كول ، والهدف واضح محاولة إحياء هذه القضية من جديد ، بعدما أعلن ترامب نفسه قتل آخر المتهمين فيها.
أكثر من ذلك فالرواية الأمريكية في الحادث الذي تعرضت له المدمرة في أكتوبر من العام 2000 كانت رواية مشكوك في صحتها ، وقد أنكر حدوث التفجير رئيس النظام اليمني حينها علي عبدالله صالح في بداية الأمر وقال إن ما حدث ليس تفجيرا ولا استهدافا وأنه حادث مفتعل من داخل السفينة ، ثم رضخ لاحقا بعد ضغوط واسعة النطاق وشكل لجنة تحقيق مشتركة مع الأمريكيين ليفتح لهم أبواب السيطرة العسكرية على اليمن تحت هذا المبرر.
انتشار عسكري
في اليوم الثاني من بث الإعلان الممول الأخير ، انتشرت قوات من البحرية الأمريكية في مدينة غيل باوزير مدججة بالكلاب والمدرعات والأسلحة والكاتمات ، ونصبت يوم 13 أكتوبر نقاط تفتيش وحواجز مسلحة في شوارع وطرقات المدينة وقامت بتفتيش السيارات والمارة من المواطنين.
وقد قامت وحدة من البحرية الامريكية المتواجدة في مطار الريان الثلاثاء 13 اكتوبر 2021 ، بعملية انتشار مسلح واسع النطاق في شوارع مدينة غيل باوزير ، وتم انزال كلاب بوليسية ومدرعات وسيارات إسعاف، حيث قامت القوات الأمريكية بتمشيط شوارع مدينة غيل باوزير ، قبل ذلك بيوم كان قد أعلن عن حدوث انفجار بإحدى مدن حضرموت استهدف سيارة عليها قائد أمن.
أظهر انتشار القوات الأمريكية المدججة بالكلاب البوليسية عن حجم كبير من التواجد العسكري الأمريكي في مديريات ساحل حضرموت ، تواجد مر عليه زمن حولت فيه القوات الأمريكية مطار الريان إلى ثكنة عسكرية مغلقة لحاكم أمريكي يحتل مع قواته محافظة يمنية.
وتأتي هذه التحركات الأمريكية الأخيرة بالتزامن مع إكمال الجيش واللجان الشعبية السيطرة على مدينة مارب، والذي يحتمل أن تكون أمريكا تعمل من خلال تحركاتها الأخيرة لإيجاد المبررات لإظهار تواجدها العسكري في حضرموت وأماكن النفط، وتجعل من هذه التحركات وخاصة حادثة «كول» مبرراً لتواجدها العسكري هناك، أو أنها تريد إيصال رسائل لصنعاء بأن أي تقدم بعد مارب، ستواجهون القوات الأمريكية مباشرة.
حضرموت تحت الاحتلال
منذ سنوات تحتل محافظة حضرموت واجهة اهتمام الإدارة الأميركية ، فقد أظهرت الإدارات الأمريكية المتعاقبة اهتماماً استثنائياً بمحافظة حضرموت ليس من العام 2015 بدء الحرب على اليمن بل من العام 2011 والسفير الأمريكي ينزل إلى حضرموت ويزورها ويتدخل في أمورها ويتحدث عنها.
حسب المعلومات التي حصلت عليها (الثورة) فإن مدينة المكلا تحولت خلال الأعوام الثلاثة الماضية إلى محطة رئيسية للأمريكيين ، وكشفت المصادر لـ(الثورة) عن تحركات كثيفة ومتلاحقة قام بها أمريكيون خلال الفترات الماضية إلى حضرموت ، ورصدت وصول وفود أمنية وعسكرية إليها حتى بدون أي علم مسبق مع حكومة الفار هادي.
يتمركز عدد كبير من الجنود الأمريكيين على رأس قوات كبيرة في مطار الريان بالمكلا الذي تحول إلى قاعدة عسكرية أمريكية محتلة ، تكشف مصادر لـ(الثورة)إن الجنود يتمركزون وينتشرون في حضرموت مع قوات كبيرة من المدرعات والأسلحة والمعدات العسكرية والاستخبارية ، وتكشف عن وجود طائرات متعددة ، وتسجل المصادر رحلات عسكرية أمريكية شبه يومية من المطار وإليه ، بعدما حولته القوات الأمريكية إلى قاعدة محتلة.
تنشر أبرز التحركات والزيارات للمسؤولين الأمريكيين في حضرموت:
ــ خلال النصف الثاني من العام 2019 ، قام السفير الأميركي لدى اليمن كريستوفر هنزل والمقيم في الرياض بزيارتين للمكلا ، في كما حطّت طائرة سعودية تقلّ هنزل ووفداً أمنياً واستخبارياً رفيع المستوى في مطار الريان في مدينة المكلا ، أي قبل الموعد المفترض لإعلان «الهيئة العامة للطيران المدني» التابعة لحكومة هادي إعادة افتتاح المطار بحوالي أسبوع ، وفور وصوله إلى المطار، توجّه هنزل إلى مقرّ قيادة «المنطقة العسكرية الثانية» وترأس اجتماعاً للمحافظ المعين قائدا للمنطقة من قبل الفار هادي ، ولمختلف القيادات العسكرية والأمنية فيها.
كرس الاجتماع الأمريكي لبحث الملف الأمني في صحراء حضرموت وواديها، وما تسميه أمريكا جهود مكافحة الإرهاب في حضرموت ، علما بأن أول حادث إرهابي سجلته حضرموت كانت في العام 2011 عقب زيارة قام بها السفير الأمريكي جيرالد فايرستاين حينها إلى المحافظة ، لتضرب محافظة حضرموت موجة اغتيالات عارمة لم تتوقف حتى اليوم طالت العسكريين والأمنيين.
ناقش في الاجتماع الترتيبات الأميركية لإقامة قاعدة عسكرية دائمة قرب مقرّ قيادة المنطقة العسكرية الثانية في المكلا ، وفيما اقتصر بيان السلطة المحلية في المدينة حول الزيارة على أنها ناقشت احتياجات المحافظة التنموية ، اعتبر الناطق باسم المنطقة الثانية أن زيارة هنزل أكدت حجم الثقة التي حظيت بها حضرموت بعد دحر قوى الإرهاب في مناطق الساحل ، ناقلاً عن السفير الأميركي وصفه التجربة هناك بـالفريدة والنموذجية.
ـ شهدت المكلا وفودا أمريكية عدة قبل ذلك ، وقام مسؤولون أمريكيون بزيارات بعضها سرية ، مثل وصول السفير الأميركي السابق ماثيو تولر إليها أواخر عام 2017، زيارة جاءت عقب وصول أولي لقوات أميركية إلى مطار الريان الذي تستخدمه كقاعدة عسكرية إماراتية – أميركية مشتركة أنشأتها أواخر العام 2016.
• قام السفير الأمريكي السابق ماثيو تولر نفسه ورفقة محمد آل جابر سفير السعودية ، في حضور احتفال لمشاركة تسليم الإماراتيين «قوات إماراتية» مهامّ حماية سواحل حضرموت إلى قوات دربها أمريكيون بتمويل إماراتي وأسميت «قوات خفر السواحل» إذ تلقّى قرابة 1000 عنصر منها تدريباً عسكرياً مكثّفاً من قِبَل مدرّبين أميركيين.
• أواخر العام 2018، وصل وفد أميركي أمني برئاسة القائم بأعمال السفارة الأميركية لدى اليمن، جنيد منير، بعد انتهاء فترة السفير تولر ، وصل الوفد إلى مدينة المكلا مطلع فبراير من ذلك العام ويحمل حزمة من الأجندة التي طرحها في حينه.
• وفي يونيو من العام الحالي وصل وفد أميركي رفيع المستوى رأسته مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الصراعات ودعم الاستقرار، دينيس ناتالي إلى المكلا في 25 يونيو ، لتكرر ما طرحه القائم بالأعمال وتظهر حزمة الأجندة نفسها التي تتمحور حول القاعدة والإرهاب المزعوم في حضرموت.
تقوم السفارة الامريكية بالتواصل مع شباب من حضرموت وتنشط في حركة استقطاب واسعة النطاق منذ أواخر العام الماضي ، وتستخدم السفارة الأمريكية منصات التواصل الاجتماعي وتقوم من خلالها بتجنيد واستقطاب عملاء في وادي حضرموت حسب المعلومات.

خارطة تواجد القوات الأمريكية وحجمها في حضرموت
تكشف المصادر عن وجود عدد كبير من الجنود الأمريكيين داخل مطار الريان ، مع قوات كبيرة من المدرعات والأسلحة والمعدات العسكرية والاستخبارية ، وتكشف عن وجود طائرات متعددة ، وتسجل المصادر رحلات عسكرية أمريكية شبه يومية من المطار وإليه ، بعدما حولته القوات الأمريكية إلى قاعدة محتلة.
وتكشف المعلومات الخاصة بـ(الثورة) أن عناصرا من البحرية الأمريكية تتواجد في معسكرات تتبع تحالف العدوان في مديريتي «رماه» و «ثمود» ، تفيد المعلومات بأنه وبعدما انسحبت القوات الإماراتية في أكتوبر من العام 2019 ، وإحلال قوات سعودية بدلا عنها ، قامت هذه العناصر من البحرية الأمريكية باستلام هذه المعسكرات والإقامة فيها.
• صباح الثلاثاء 13 أكتوبر 2021 قامت وحدة من البحرية الامريكية تتمركز في مطار الريان باجتياح واسع لمدينة غيل باوزير بحضرموت ، ونصبت نقاط تفتيش وحواجز ، وقامت بإنزال كلاب بوليسية ومدرعات وسيارات اسعاف وتمشيط شوارع المدينة ، هذا الانتشار أظهر الحجم الكبير للتواجد العسكري الأمريكي في مديريات الساحل.
سبق هذا الانتشار انتشار في أواخر سبتمبر ، فقد انتشر الجنود الأمريكيون بشكل مفاجئ بمدينة غيل باوزير ، وتمركزوا في شوارع المدينة بالمدرعات لمدة ست ساعات ، ثم غادروا على متن المدرعات نحو مطار الريان.
– تتمركز القوات الأمريكية في مطار الريان منذ سنوات ، لكن المصادر رصدت لـ(الثورة) وصول تعزيزات عسكرية كبيرة وصلت إلى مطار الريان في شهر يوليو الماضي ، حيث أكدت وصول 100 جندي أمريكي إلى المطار ، وأفادت بأنهم تمركزوا بداخله ضمن قوات أمريكية تتمركز داخله ، المصادر أوضحت أن عشرات العناصر من القوات الأمريكية الإضافية وصلت إلى مطار الريان نفسه وتمركزت فيه قادمة من مطار الغيضة الذي يعد هو الآخر قاعدة عسكرية أمريكية بريطانية في المهرة ، وقالت إن الانتقال حدث قبل شهر من وصول قوات بريطانية إلى مطار الغيضة ، أعلنت عنها وسائل إعلام عدة في أغسطس 2021.م.
– ورصدت المصادر لـ(الثورة) عن حركة طيران نشطة شهدها الأسبوع الماضي مطار الريان ، ووفقا للمصادر فقد غادرت طائرتان أجنبيتان يوم الاثنين الماضي مطار الريان بمدينة المكلا ، وكشف عن أن طائرة عسكرية إماراتية وأخرى عمودية أمريكية غادرتا المطار ولم تفد بحمولتهما.
خلال الثلاثة الأشهر الأخيرة قامت القوات الأمريكية بإنشاء مدرج عسكري في مطار الريان بطول يقدر ب ٣٥٠م ، وقالت المصادر ان المدرج يتم استخدامه لقدوم أكثر من رحلة يومية ليلية وفي ساعات متأخرة بطائرات نوع C-130 والمعروفة بحمولتها الكبيرة والمخصصة للنقل العسكري .
ــ الاهتمام الأميركي بحضرموت ليس وليد اللحظة، بل يعود إلى ما قبل عام 2010، حيث تمكّنت إدارة الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، من إنشاء غرفة عمليات لمكافحة القرصنة بعد «ثورة الشباب» التي أطاحت نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح، إلا أن هذه الغرفة تعرّضت للتدمير في العام 2013، عقب اقتحام تنظيم «القاعدة» بعملية انغماسية مقرّ «المنطقة العسكرية الثانية» في المكلا.
السيطرة على منابع النفط
تلهث أمريكا وراء منابع النفط في العالم ، وفي حضرموت فإن نهب النفط بعد السيطرة على منابعه من أهم الأهداف التي تسعى أمريكا لتحقيقها ، علاوة على السيطرة على السواحل الشرقية والتحكم بخط الملاحة في بحر العرب ، ومن المهم الإشارة إلى أن أمريكا وضعت حضرموت ضمن أهم أهداف احتلالها منذ وقت مبكر ، ففي العام 2011 تمكّنت إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، من إنشاء غرفة عمليات قالت إنها لمكافحة القرصنة ، إلا أنها أعلنت أن الغرفة تعرّضت للتدمير في العام 2013 عقب اقتحام تنظيم القاعدة بعملية تفجير انغماسية لمقرّ المنطقة العسكرية الثانية» في المكلا ، لكن اسقاط المكلا حينها من تنظيم القاعدة والسيطرة عليها استمر حتى بداية العدوان على اليمن وانسحاب القاعدة بمفاوضات جرت بتنسيق أمريكي.
لا يستبعد متابعون أن تشهد المكلا وحضرموت تفجيرات واغتيالات وفوضى أمنية خلال المرحلة المقبلة ، ضمن مخطط أمريكي تعمل عليه القوات الأمريكية المحتلة بهدف خلق مبررات وذرائع تواجدها الاحتلالي لحضرموت والمكلا.

قد يعجبك ايضا