الفرق بين الحليف الكريم والمحتل اللئيم

عدنان باوزير

 

 

الجمهورية الإسلامية في إيران – التي تعاني هي بنفسها من الحصار والعقوبات الأمريكية ضدها – قامت بتزويد لبنان بثلاث بواخر مشتقات نفطية، واحدة أفرغت في ميناء بانياس السوري وتم نقلها بالشاحنات إلى البقاع اللبناني، والثانية تشق طريقها في البحر نحو نفس الوجهة، والثالثة يجري تحميلها حالياً بميناء بندر عباس الإيراني لنفس الغرض.
وذلك إسهاماً منها في مساعدة الشعب اللبناني الشقيق وتخفيف المعاناة عنه، واستجابة لطلب السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله، الذي استشعر المسؤولية وتطوّع بتغطية عجز حكومة ميقاتي العتيدة، وسابقتها حكومة تصريف الأعمال المنصرفة.
حيث يعاني لبنان من أزمة خانقة في المحروقات بسبب شحة السيولة النقدية الناتجة عن الأزمة المالية والاقتصادية الشديدة التي يعاني منها، بسبب الحصار الأمريكي عليه ومن تداعيات الحرب الاقتصادية الشعواء التي تشنها ضده أمريكا، ونتيجة لفساد النظام السياسي وعجز الحكومة وتواطؤ أدواته المحلية مع الخارج، والتي أدت إلى تعطيل تموينات الكهرباء المتعثرة أصلاً وهددت عمل المستشفيات وباقي المؤسسات الحيوية وأعطبت وسائل النقل وفاقمت معاناة المواطن اللبناني.
وفي الجنوب اليمني الرازح تحت الاحتلال السعودي الحاقد، ثمة أزمة محروقات ليست خانقة فحسب بل قاتلة، وانهيار مهول في صرف العملة الوطنية وتطحنه المعاناة، وحسبك القول اختصاراً لتعداد كوارثه أنه وغيره من بقية أنحاء اليمن يعاني من أسوأ أزمة إنسانية في التاريخ بحسب توصيف الأمم المتحدة.
جنوب اليمن المحتل من أغنى دولة في العالم وأكبر إمبراطورية مالية وهي السعودية ، ودعك من حقوق الجوار ونخوة الأخ العربي وموجبات التكافل الإسلامي والتراحم الإنساني ، فهذه كلها أمور لا تعرفها الجارة الشريرة ، ودعك حتى من مصالحها السياسية ومقتضيات البراغماتية التي تقتضي أن تقدم نموذجاً في المناطق التي تحتلها من أجل أن يتنامى نفوذها وتقوى شوكة أدواتها المخذولة ، ويُحدث هذا تأثير مفيد لها في باقي المناطق المستعصية عليها ، فهذه تكتيكات أعميت عنها الجارة الغبية ، دعك من كل ما سبق وخذ فقط قانون الأمم المتحدة الذي يلزم الدولة المُحتلة بتسيير أمور المناطق التي تحتلها وتقديم الخدمات لسكانها ويحملها مسؤولية ذلك .
الجنوب الذي يقع في نطاق مناخ حار تصل درجة حرارته إلى 50 درجة صيفاً يكتوي أهله من الحر بسبب انقطاعات الكهرباء المتكررة والتي تصل إلى ساعات طويلة في اليوم، والتي سببها في الغالب شحة المحروقات وارتفاع أسعارها، وما يصاحب ذلك من شلل يصيب مستشفياته ومدارسه وكل مؤسساته، ولم تقدم له الدولة المحتلة أي شيء يُذكر لتخفيف هذه المعاناة أو حتى تقصير أمدها.
ودعك من كل الجنوب وسأعطيك فقط حالة واحدة أعرفها وبالأرقام : حضرموت ، وليس حتى كل حضرموت بل حضرموت (الداخل) فقط ، أو ما يسمى بالوادي والصحراء ، والمتاخمة للسعودية التي تكاد أن تتمازج معها جغرافياً وتاريخياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً ..الخ ، تعاني من أزمة خانقة في إمدادات الكهرباء ، حيث تحتاج المنطقة إلى (145) ميجا وات ، بينما كل منظومات الكهرباء فيها (الكهرباء الغازية ، الكهرباء القديمة بمكائن الديزل ، كهرباء شركة بترومسيلة ، محطات الكهرباء المستأجرة ) كل هذه المنظومة لا تنتج سوى (95) ميجا وات ، يعني العجز هو (50) ميجا وات ، (50) ميجا وات فقط لحل كل مشاكل الكهرباء في هذه المنطقة ، رقم تافه وبسيط للغاية ومع ذلك تقف السعودية متفرجة على معاناة الناس المتفاقمة ولا تقدم أي معونة لحلها ، مع أن المسافة بين آخر عمود كهرباء يمني يتبع كهرباء حضرموت في منفذ (الوديعة) مع السعودية ونظيره عمود الكهرباء السعودي لا يتجاوز مجموعة أمتار ، يعني لو أرادت فسلك قصير يصل بين المصدرين سوف يغذي شبكة كهرباء حضرموت العاجزة ويحل كل المشكلة ، لكنها ببساطة لا تريد !!
وهذا لعمرك هو الفرق بين إيران والسعودية

قد يعجبك ايضا