القطاع الزراعي هو عمود الاقتصاد المقاوم وأولى الأولويات بالنسبة لليمن

21سبتمبر 2014م ثورة لنأكل مما نزرع

تجسيداً لمشروع الرئيس الشهيد صالح الصماد “يدٌ تبني ويدٌ تحمي”، تم تبني جائزة الشهيد صالح الصماد لإنتاج الحبوب لخلق روح التنافس بين المزارعين
اليمن تحوَّل إلى حقل تجارب للمنتجات الخارجية بسبب الثقافات الزراعية المغلوطة التي رسختها قوى الاستكبار الأمريكي

أكد خبراء ومختصون في الجانب الزراعي أن ثورة 21سبتمبر 2014م هي ثورة زراعية، حيث أصبحت اليمن اليوم تمتلك التوجه والإرادة سواء من قيادة الثورة أو من القيادة السياسية، لتفعيل الجبهة الزراعية والاهتمام بالقطاع الزراعي وأنه لا يوجد الآن عائق أمام الناس سوى عدم وجود الخطط الاستراتيجية الواضحة الأهداف، وأن يُشرك الجميع في تنفيذها.
وقالوا: إن هناك مفاهيم مغلوطة ترسخت لدى الناس بسبب رضوخ الأنظمة السابقة للإملاءات الخارجية فيما يتعلق بالوعي الإنتاجي والأمن الغذائي ما أدى إلى وجود قصور عززه الغزو أو الاستعمار الغذائي الذي تشنه الدول الكبرى، والتي عملت على تحويل الثقافة الاستهلاكية لمعظم الشعوب من المحاصيل الزراعية الوطنية ، إلى المحاصيل التي تنتجها دول الاستكبار، وأنه من خلال ذلك تعزز المفهوم لدينا بأننا غير قادرين على تحقيق الاكتفاء الذاتي، لأنهم حصرونا في محصول واحد اسمه القمح.
الثورة / أحمد المالكي

وأكد الخبراء والمختصون الزراعيون أن الاستعمار الغذائي العالمي حول ثقافة الاستهلاك المحلية إلى القمح.لأنهم يمتلكون نقاط القوة كلها في إنتاج القمح، مثلاً: بلادهم غزيرة الأمطار، لديهم ثلوج ومساحات شاسعة جدا أُدخلت فيها الميكنة حتى أصبح لديهم فائض كبير في إنتاج القمح، لكن كقيمة غذائية وكأمن غذائي يمني نحن لا بد أن يكون القمح حاضراً ومتوفراً بنسبة معينة في المائدة اليمنية، والذرة يجب أن تأخذ الحيز الأكبر، لأن الذرة عندنا هي سيدة المحاصيل الزراعية اليمنية، واليمن هي بنك الذرة على مستوى العالم، حيث نمتلك حوالي 73 صنفاً، ويقع تحتها أكثر من 1600 طرز، يعني بنك بنوك الذرة الرفيعة في العالم كله.. مشيرين إلى أن هناك بعض القصور في الوعي، ما جعل الكثير من أبناء المجتمع يتخيلون أننا غير قادرين على تحقيق الاكتفاء الذاتي، وهذا القصور عززه الغزو أو الاستعمار الغذائي الذي تشنه الدول الكبرى، فنحن الآن واقعون تحت استعمار غذائي من قبل دول الاستكبار العالمي، التي تمتلك البذرة، المصدر الرئيسي للغذاء، فعملت هذه الدول على تحويل الثقافة الاستهلاكية لمعظم الشعوب من المحاصيل الزراعية الوطنية لتلك الشعوب، إلى المحاصيل التي تنتجها دول الاستكبار، ومن خلال ذلك تعزز الفهم لدى المجتمعات أننا غير قادرين على تحقيق الاكتفاء الذاتي، لأنهم حصرونا في محصول واحد اسمه القمح.

في وقت قياسي
وقالوا أنه لتحقيق الأكتفاء الذاتي في وقت قياسي فلا بد من العمل على الذرة كرقم أولا في الزراعة الحبية اليمنية، كون الذرة محصولاً مطرياً، يزرع في كل الأقاليم الزراعية اليمنية سواء في السهل أو المرتفعات أو الهضبة، أما القمح فيزرع في الهضبة الشرقية التي تتمثل في مارب والجوف وحضرموت وأجزاء من شبوة.. وأن هذه هي مناطق زراعة القمح بشكل استراتيجي وكبير، وأنها لو زرعت كلها بمحصول القمح، فمن الممكن أن نسد قرابة 50 – 60 % من احتياجنا من فاتورة القمح الخارجي، لكن لو دخلت الذرة جوار القمح، سنكون مكتفين 100 %، ولن نحتاج إلى كيس واحد من الخارج.
ويؤكد الخبراء والمختصون الزراعيون أن الأقماح اليمنية هي على عهدها وطبيعتها كما خلقها الله، وأن جودتها تكون عالية، أما الأقماح التي نستهلكها هي أقماح معدلة وراثياً، وتسمى مطفرة تتم عملية تطفير لها، من خلال اللعب بخارطتها الجينية، ويشتغلون شغلاً تجارياً دون مراعاة الجانب الغذائي والصحي للقمح الخارجي.
وأكدوا أن تهامة عندما تزرع من الجبل إلى البحر فستكفينا وتزيد، إلى جانب الجوف ومارب وأبين وحضرموت وتُبن، وأن هذه المناطق كاملة لو تمت زراعتها ستكفينا في اليمن وشبه الجزيرة العربية، وستحقق فائضاً.

صعوبات
ولفت خبراء الزراعة إلى الصعوبات التي تواجه القطاع الزراعي بشكل عام، وفي المقدمة المزارعين المزارعون، وهي كثيرة، والتي من أبرزها سوء إدارة المحصول، وغياب الجانب الفني (التسويق، التصنيع الزراعي). كل هذه الأمور غائبة، وهي عبارة عن عراقيل مصطنعة وضعتها الحكومات السابقة أمام المزارع، حيث لم تعمل على إيجاد الحلول الناجعة للصعوبات التي تواجه القطاع الزراعي في اليمن، بل عملت على تدمير ممنهج للزراعة بوضع العراقيل أمام المزارعين، على سبيل المثال السماح بإدخال القمح الخارجي إلى السوق المحلية، حتى أصبح هذا القمح منافساً قوياً وبسعر زهيد، وكانت قيمة الكيس الخارجي توازي أجرة العامل ليوم واحد، وهذا تسبب في تدمير الأراضي الزراعية، حيث اتجه الجميع لشراء القمح الخارجي الرخيص.
وقالوا إنه بسبب الثقافات المغلوطة وتزييف الوعي الزراعي الذي انتهجته الحكومات السابقة التي خضعت للهيمنة الأمريكية الصهيونية فإن اليمن تحول إلى حقل تجارب للمنتجات الخارجية، ولازال المزارع اليمني إلى اليوم حقل تجارب لمنتجات الغير، والسبب في ذلك أننا تبنينا سياست البنك الدولي والشركات الأجنبية ، وتحولنا من زراعة الاكتفاء إلى زراعة الرفاه، بينما لو كانت تهتم بمجال المحاصيل الاقتصادية، لكانت اليمن حالياً الأولى في تحقيق الأمن الغذائي على مستوى الوطن العربي.

ثورة زراعية
معتبرين أن ما شهد القطاع الزراعي تاريخ 21 سبتمبر 2014م، كان عبارة عن تدمير ممنهج الزراعي عبر سياسة تبناها البنك الدولي ونفذتها الحكومات اليمنية، فأبعدوا الناس عن معارفهم وعاداتهم في إدارة محاصيلهم، وسحبوا المزارعين من مناطقهم الريفية وحولوا الريف اليمني باسم التطور والتحضر إلى ريف مستهلك بدلاً من كونه ريفاً منتجاً ورافداً للمدينة، وأوجدوا فرص عمل وهمية للشباب بسحبهم من قراهم إلى حواضر المدن، ومن حواضر المدن قامت دول الجوار بسحب الشباب والطاقات إلى دول المهجر، وحولتهم إلى عاملين لديها.
وأن ثورة 21 سبتمبر 2014م هي ثورة زراعية، حيث صرنا نمتلك التوجه والإرادة السياسية سواء من قيادة الثورة أو من القيادة السياسية، هناك توجه واضح للقطاع الزراعي , وبرغم أن الخطط والجهود لازالت مبعثرة نوعاً ما، لكن طالما أن هناك توجهاً وحراكاً مجتمعياً ورسمياً وتنظيمياً لمؤسسات المجتمع المدني، فإن هذا الحراك وهذا التوجه سيصل في الأخير إلى الهدف المنشود، وهو تحقيق الاكتفاء الذاتي.

متراس
وأضاف الخبراء والمختصين أن الجبهة الزراعية هي متراس من متاريس اللجنة الزراعية، والتي انطلقت مع أول قذيفة سقطت على بلادنا من دول الاستكبار في مارس 2015م، حيث ظهرت الجبهة الزراعية ممثلة في الجانب الإعلامي والإرشادي والتوعوي، ثم توسعت أنشطتها، وهي ليست تنظيماً رسمياً، وإنما هي جهد وحراك شعبي مجتمعي متمثل في مجموعة كبيرة من الأخصائيين والأكاديميين والفنيين الذين تطوعوا في الجبهة، ومهام هؤلاء هي إيصال الرسالة الإرشادية والتوعوية للمزارعين مباشرة عبر مختلف وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي والاتصالات.

أولوية
وشدد الخبراء والمهتمون بالجانب الزراعي في الجمهورية اليمنية على ضرورة أن يكون القطاع الزراعي هو أولى الأولويات بالنسبة لليمن، لأن القطاع الزراعي هو عمود الاقتصاد المقاوم في العالم كله، وليس في اليمن فقط، خاصة وأن اليمن لها خصوصيات تتمثل في كون معظم المجتمع اليمني عبارة عن مَزارع ومزارعين، حتى المدن والحضر كانت في الأساس مناطق زراعية، لذلك الأولوية يجب أن تكون للإنتاج الزراعي وتفعيل المجتمع بصدور قرارات أو تصحيح قوانين أو توفير أموال، أو أي إجراء، خصوصاً وأن لدينا رأس المال الحقيقي، وهو المزارع اليمني.
مضيفين إن الأولوية تكمن في الحبوب لتحقيق الأمن الغذائي، ولا يمكن أن تحقيق ذلك إلا في حالة واحدة، وهي توفير “البذرة والحراثة”، لأن أكبر عائق في التوسع الزراعي لمحاصيل الحبوب هو ارتفاع تكاليف الحراثة وانعدام البذرة الجيدة والمحسنة، والتي إذا توفرت فمن الممكن خلال موسم زراعي واحد في 6 أشهر، نستطيع إنتاج ما يقارب الـ50 % من معدل ما يتم استيراده من الخارج، بدلاً مما يتم إنتاجه حالياً ويقدر بأقل من 30 % من النسبة التي يتم استيرادها من الحبوب. وأنه عندما نتحدث عن إنتاج محلي من الحبوب خلال موسم واحد، وبنسبة 50 % من الكمية المستوردة، فهذا يعني أننا نتحدث عن مليار دولار سنضعها في خزينة الدولة، ولن ندفعها للاستيراد الخارجي، وهذا سيحقق لنا نقلة نوعية في الجانب الزراعي.
وقالوا : إنه تجسيداً لمشروع الرئيس الشهيد صالح الصماد “يدٌ تبني ويدٌ تحمي”، تبنت المؤسسة العامة لإنتاج وتنمية الحبوب، في 2018م، جائزة الشهيد صالح الصماد لإنتاج الحبوب، كجائزة سنوية تُمنح لأفضل بحث علمي في مجال إنتاج الحبوب، وأفضل مزارع يحقق إنتاجية مرتفعة من محاصيل الحبوب الرئيسية “الذرة الشامية، الذرة الرفيعة، الدخن، القمح، الشعير”، من أجل خلق روح التنافس بين المزارعين للتوسع في زراعة الحبوب.

قد يعجبك ايضا