الخطوات الحكيمة صنعت الإنجاز المذهل

ثورة الـ 21 من سبتمبر.. بين حكمة القائد ويقين الشعب

 

لا تشكل ثورة 21 سبتمبر ظاهرة أو حالة ثورية عابرة مثل نظيراتها من الثورات بما فيها ثورة الشباب في اليمن عام 2011م ، بل كانت عبورا تحرريا من مرحلة الوصاية والارتهان وحكم السفارات القسري المفروض على الشعب اليمني بالقوة وبالعسكر وبالحكومات وبالأحزاب وبالمنظمات وبمجلس الأمن ، إلى حكم الشعب بإرادته وهويته وإيمانه وبكامل حريته واستقلاله.
هذا التحول لا يصنعه إلا قائد وشعب وهما متلازمتان لا ينفكا عن بعضهما ، أما الشعب فيتعلق إنجازه بمدى وعيه باتجاهات الواقع ومتطلباته التاريخية، وبمدى ثقته بنفسه وبالله سبحانه وتعالى وبقيادته ، وبمدى تحمله على طريق التحرر للأثمان التي سيدفعها ، والشعب اليمني حينما استجاب لدعوات قائد الثورة كان يدرك ما عليه أن يفعل ويدرك أن له قائداً حكيماً ، ويدرك أن واقعه المعاش لا بد أن يتغير ، ومن خلال هذا كله يكون موقفه ضمن السياق والاتجاه العام للتحول التاريخي وبما يدفعه قدما لصناعة هذا التحول.
الثورة / عبدالجليل الموشكي

قائد الثورة المباركة في خطابه العام الماضي – بمناسبة العيد السادس لثورة الحادي والعشرين من سبتمبر- قال “إن المسار الذي اختطه ثورة الشعب في 21 سبتمبر 2014 ، كانت خطوات متسارعة، وكانت عملية منظمة، وأوصلت الحال بأولئك الأجانب الذين كانوا يقودون هم الحالة الرسمية والسياسية من أوكارهم في السفارات، إلى إرباك شديد أمام هذا التحرك الذي تفاجئوا به، فقد كانوا يقيسون الحالة الشعبية بمقياسهم للحالة الرسمية والسياسية، وكان لعابهم قد سال، وأطماعهم قد كبرت، وقد ظنوا أن هذا الشعب فريسةً سهلة، وظنوه لقمةً سائغة، ففوجئوا بحالة مختلفة كلياً عن تلك الحالة الرسمية والسياسية المتوددة إليهم دائماً، الخانعة لهم دائماً، والمنحنية أمامهم دائماً، إذا بهذا الشعب أبي وحر، وصوته مرتفع، ومواقفه قوية، وثباته على موقفه صلبٌ وصامد، لا تراجع، ولا انكسار، ولا مساومة، عمدوا إلى خطوات للترهيب، إلى إثارة العناوين الطائفية المناطقية، عمدوا إلى القمع، فوجه إليهم هذا الشعب صفعةً تاريخيةً مدوية”.
وفي تفاصيل ما عناه قائد الثورة في خطابه لا بدّ وأن نبدأ بدراسة الظرف التاريخي للوضع الذي تفجرت فيه الثورة الشعبية ، ولحالة الاستلاب الكامل التي كان يعيشها اليمن وقتذاك.
لم تكن موجة ثورة الشباب في العام 2011 لتمر على اليمن دون أن يتزود الشعب اليمني منها دروسا ، صحيح أن السفارات استطاعت اختراق الثورة حينها من خلال من فرضوا أنفسهم كقيادات عليها أكانت تلك الأحزاب العميلة أم الشباب الذين طوعوا من قبل السفارات الأمريكية والأوروبية ، وصحيح أن نهاية المطاف بحال الثورة الشبابية ، كانت تكريسا للتبعية السياسية والاقتصادية لأمريكا والغرب وللخارج المعادي ، تجلت بأقصى صورها في توقيع المبادرة الخليجية ، ثم انتخاب هادي وتشكيل حكومة وفاق وغير ذلك من الإجراءات التي كرست الفقر والظلم الاجتماعي والاستبداد السياسي، والحكم بالوصاية الأجنبية – لا بالإرادة الحرة للشعب.
وما كانت تلك الحالة الثورية لتمر على اليمن دون أن تأخذ فيها برهة وتترك بها بصمة ، ففيم كان يعتقد السفراء والمخابرات الأجنبية أن تلك الحالة قد جذرت من وصايتهم فإن الشعب استفاد حتما من تجربتها وثغراتها وعثراتها ومساراتها وخطواتها ، وكان يعرف أن الوضع يقتضي الثورة ، لكنها ثورة مدروسة وبقائد حكيم يثق فيه.

خطوات مدروسة
مثّل قرار الجرعة، الذي اتخذته حكومة باسندوة في 30 يونيو 2014، بعد وضع اليمن تحت الفصل السابع ، تعبيرا عن ذروة الصراع بين الشعب والسلطة التي تمثل وصاية الأجانب ، وحين ظن الوصاة وأدواتهم أن الشعب بات في حالة مغيبة ، قرر الشعب أن يثور.
51 يوما استعاد الشعب اليمني فيها قراره السيادي بموقف حكيم وبخطوات مدروسة وفاعلة ، من دعوة قائد الثورة في يوم 30 أغسطس 2014 بالخروج والتحرك في مظاهرات سلمية لإسقاط الجرعة ورفضها ، قائلا ” سيسمع الشعب اليمني صوته للعالم “، إلى خطابه بالنصر في 22 سبتمبر 2014 ، كانت بمثابة ملحمة تاريخية عبر فيها الشعب مرحلة تحول هائلة وانتزع بها القرار ، فلم تتراجع الحكومة عن الجرعة فحسب بل وأسقطت بموجب اتفاق السلم والشراكة الذي توج الثورة حينها ، لتبدأ مرحلة تحررية جديدة لم تنته إلى اليوم في مواجهة تحالف العدوان على اليمن.
انطلقت الثورة بمظاهرات في صنعاء ، ثم اتسعت خارجها ، ثم تدرجت في التصعيد ، ثم أمهلت الحكومة خمسة أيام للتراجع ، ثم بدأت مراحل التصعيد الأولى ، ثم الثانية ثم الثالثة متدرجة في خطوات سلمية ضاغطة وفاعلة أزعجت الدول العشر ومجلس الأمن وأمريكا وبريطانيا ، ثم دخلت مرحلتها الحاسمة التي استغرقت عشرين يوما ، بعدما تعرضت للقمع والاعتداءات من قبل السلطة الحاكمة ، لتتوج انتصارها صبيحة 21 سبتمبر بسقوط منظومة الوصاية والارتهان ، وإعلان النصر.

عملية منظمة
منذ يوم الإنذار منح الشعب الحكومة أسبوعين فقط للتراجع عن قرارها ولم ترجع، ولم تبال بصوت الشعب الثائر، وتآمرت عليه بخطوات ظالمة، ما أدى في 17 من أغسطس من ذات العام، إلى إطلالة قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، في كلمة له حول الخطوات الثورية التصعيدية الأولى، أكّد فيها أن حديثه حديث الشعب بكل فئاته ومحافظاته بتطلعاته وآماله وبدافع المسؤولية، وأن الشعب أمام اختبار إرادة في مواجهة تعنت الظالمين والفاسدين، في مرحلة خطرة ومهمة في ذات الوقت.
لا شك أن وجود القيادة الشعبية الحكيمة الصادقة، هو من أهم عوامل نجاح الثورة، وتجلّى ذلك في مخاطبة قائد الثورة للحكومة في المرحلة التصعيدية الأولى، حيث أوضح أنه ليس من العيب أو من الخطأ أن تستجيب الحكومة لشعبها، بل إن ذلك هو الشرف كل الشرف، وأنه كان بالإمكان أن تناقش مع شعبها سبل الخروج من هذا المزرى، وأن تعترف بالفشل، بدلاً من الكبر والغطرسة وتجاهل واستحقار الشعب محذراً لها من تعنتها، ومؤكداً أن تجاهلها لشعبها كان خطأً كبيراً.
حكمة القيادة تجلت أيضاً في خطاب القائد لدى التصعيدية الأولى حيث، شخّص المشكلة في البلد قائلاً “نحن قلنا في الكلمات السابقة إن مشكلتنا هي مشكلة سياسية ترتب عليها الأزمات والفشل في كل المجالات، لأن الشلة الفاسدة تحسب حسابها الشخصي ومصالحها الخاصة، ولأن التوجه القائم للحكومة هو إيثار الفاسدين على شعب بأكمله”.

حذار حذار
لأنها مجرد أداة بيد قوى نافذة ومتسلطة لا تبالي بالشعب، ومحكومة بتوجهات ضيقة وحزبية وإقصائية، فقد كانت حكومة تحكم البلاد بأزمات واختلالات وتدهور أمني واقتصادي، وجب على الشعب والقيادة الاستمرار في التصعيد الثوري، وفي خطابه في المرحلة التصعيدية الأولى، أكد قائد الثورة على ضرورة اتخاذ مجموعة من الخطوات، منها الخروج الجماهيري، في اليوم التالي لخطاب القائد، في العاصمة وسائر المحافظات، والاتجاه إلى صنعاء لمساندة الثوار فيها، وافتتاح المخيمات وساحات الاعتصام في صنعاء، على أن تشهد أمانة العاصمة مسيرات مكثفة لخمسة أيام، واستجاب الشعب لدعوة القائد بصورة غير مسبوقة.
قائد الثورة حذّر الجهات المعنية من عدم الاستجابة، باتخاذ خطوات سلمية ومشروعة ستكون مزعجة لهم، وفي السياق، أيضاً حذّر السيد القائد من أي اعتداء على أبناء شعبنا اليمني الثائرين، قائلاً “لن نقف مكتوفي الأيدي أمام أي جرائم ترتكب بحق أبناء شعبنا”، وأضاف “نحذر من استهداف التحرك السلمي عسكريا لأنهم سيندمون، حذار حذار حذار وقد أعذر من أنذر”.
وقطع قائد الثورة الطريق على أبواق التضليل والدجل، وبيّن أن أهداف الثورة ومطالب واضحة ومحددة، وهي إسقاط الجرعة وإسقاط الحكومة الفاسدة وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني التي ظلت حبيسة الأدراج، مؤكداً أن التصعيد الثوري سيكون سلمياً.

مرحلة التصعيد الثانية
دشن الشعب اليمني المرحلة الثانية من التصعيد الثوري، بأداء صلاة 22 من أغسطس، بشكل عظيم وحضاري في خط المطار بالعاصمة صنعاء، إيذاناً منه باستمراره في مشواره الثوري حتى تحقيق تطلعاته المشروعة، وفي خطابه لإعلان المرحلة التصعيدية الثانية، الخميس 21 أغسطس، شدّد قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، على أن هذه المرحلة الثانية ستشهد خطوات مشروعة سلمية حضارية مؤثرة مهمة ستنزل عبر اللجان التنظيمية، كما أنها مرحلة مهمة تحتاج إلى الجمع بين التحرك الكبير والواعي والمنضبط والمفند لدعايات الفاسدين وأباطيلهم.
السيد في خطابه بالتصعيدية الثانية كرر أيضا التأكيد على ثبات الموقف في التصدي لأي عدوان يستبيح دماء الشعب اليمني العظيم في تحركه الثوري السلمي الحضاري.
السيد القائد وجّه في خطابه بالتصعيدية الثانية نداءً إلى الجيش والأمن، قائلاً “البعض يحاول أن يزج بكم أنتم في الاعتداء على أبناء شعبكم، على إخوتكم، على أهاليكم، على من مسؤوليتكم الدفاع عنهم وحمايتهم، فلا تقبلوا بأي حال أن يزج بكم الآخرون في الاعتداء على أبناء شعبكم”، مضيفاً أن القضية هي قضيتهم، وأنهم بالتأكيد يعانون من الجرعة ويتأثرون بالسياسات الخاطئة، ومنذ بداية اندلاع شرارة الثورة، لم يكد يخلو خطاب من خطابات القائد في مراحل التصعيد، من توجيه النداء للجيش والأمن.
قائد الثورة في كل خطاباته التصعيدية خاطب القوى السياسية في البلد، بضرورة الالتفاتة الإيجابية والفاعلة لأوجاع ومعاناة الشعب بعيدا عن أي حسابات أخرى ضيقة، في حرص واضح منه على التحاقها بركب الثورة وعدم الاتجاه إلى التوجه الذي يعزز بقاء منظومة الحكم الفاسد والظالم للشعب، وهنا إِشارة إلى حكمة وحنكة القائد الذي لا يحاول الاستئثار بالثورة دون المكونات الأخرى، بقدر حرصه على أن يشارك فيها الشعب كل الشعب.

أمريكا تستنفر ومجلس الأمن يهدد
لم تكن الثورة بأهدافها ومطالبها المشروعة مجرد ثورة ضد الجرعة فقط، بل كانت ثورة شعبية خالصة، تصادمت فيها إرادة الشعب اليمني مع إرادة قوى الهيمنة والوصاية، التي كانت حينها تمثلها الحكومة الظالمة التي لم تأبه بالشعب، بل كانت تتلقى توجيهاتها من الخارج، وإلا فما الذي يمنعها من التراجع عن الجرعة الظالمة، خصوصاً أن السيد القائد في كل خطاباته دعاها أكثر من مرة إلى ذلك، حيث قال في كلمته الثانية في المرحلة التصعيدية الثالثة “الذين يشككون في أهدافنا ليجربوا تنفيذ هذه المطالب وحينها سيتضح هل لدينا أهداف أخرى نتستر خلفها، الحل أن يستجيبوا للمطالب الشعبية”.
خلال المرحلة التصعيدية الثورية الثانية وصلت لقيادة الثورة رسالة من الدول العشر تضمنت مساندة لموقف الحكومة في فشلها الكبير وإخفاقها الواضح، وتحذير للقيادة، وفي الصدد رد السيد القائد على الرسالة في خطابه بذات المرحلة قائلاً “أي تحذير ورد سواء في تلك الرسالة أو في غيرها، نحن لا نحسب له أي حساب، لأن تحركنا تحرك شعبي وشعبنا عظيم”، وهنا ما يكشف كيف أثمر التحرك الشعبي ثمرة مهمة جعلت الفاسدين يستنجدون الخارج.
وبشأن اللجنة التي أتت خلال فترة المرحلة التصعيدية الثانية إلى صعدة، فنّد القائد ادعاءاتها ومزاعمها بأن قيادة الثورة أبدت استعدادها للتخلي عن المطالبة بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني وتغيير الحكومة، وقال “هذا لم يعد مطلبا بقدر ما هو استحقاق ولم يعد التنازل عنه متعلق بأي طرف، ولا يمكن التنازل عنه بأي حال من الأحوال” ، مؤكداً أن الحكومة فاشلة بالإجماع المحلي والإقليمي والدولي وحتى من أحزابها.
السيد القائد في خطابه بالتصعيدية الثالثة أوضح أن تلك الدعايات وغيرها تأتي بهدف التشويش على الشعب اليمني حتى لا يستمر في المطالبة بحقوقه المشروعة.

مرحلة التصعيد الثالثة
أمام التعنت الذي أبدته الحكومة المرتهنة للخارج، كانت القيادة والشعب يدركان ضرورة تسريع وتيرة التصعيد الثوري، وعن هذا قال السيد القائد في خطابه، “نحن كشعب يمني عظيم لن نجلس من مرحلة إلى أخرى، أي نظل في سلسلة لا تنتهي من المراحل، فتنتظرون منا مرحلة رابعة وخامسة وسادسة لا، نحن لن نستمر، نحن سندخل في الثالثة، ونتحرك بخطوات متدرجة”.
بعد أسبوع فقط من انطلاق المرحلة التصعيدية الثانية، أعلن قائد الثورة انطلاق المرحلة التصعيدية الثورية الثالثة والأخيرة، في 31 أغسطس، ودشنت الحشود الجماهيرية المرحلة بالاحتشاد إلى ساحة التغيير في العاصمة صنعاء، واستمر الاعتصام لأسبوع، وكان السيد حذّر في خطابه من أن الثالثة يمكن أن يندرج معظمها في العصيان المدني، وهو ليس عصياناً مدنياً بإغلاق البقالات والمحلات التجارية، هو بخطوات متقدمة وكبيرة.

الحسم الثوري
في الثامن من سبتمبر الثورة، وفي خضم التصعيدية الأخيرة، أطل السيد القائد على جماهير شعبه، معزياً في شهيديّ المحاولة الظالمة لاقتحام مخيم الاعتصام بساحة المطار في صنعاء، ومؤكداً أنه لن يتم التغاضي أو نسيان الحادثة، وأن سياسة الترهيب والترويع والتهديد والقتل والقنابل الغازية الأمريكية لا يمكن أن تثني الشعب اليمني عن الاستمرار في مطالبه، بل تزيده إصرارا وثباتا وعزما في مواصلة تصعيده حتى تحقيق مطالبه.
مع محاولة الاعتداء الظالمة على مخيمات الاعتصام، ارتفع سقف التصعيد الثوري الشعبي، وبدا ذلك من شدة لهجة القيادة التي حمّلت بدورها من يقف في مواجهة مطالب الشعب كل التبعات لما يمكن أن يترتب على مواقفه من مشاكل وأحداث، ولأنها الأخيرة، حذر القائد في خطابه الأخير الفاسدين قائلاً “الشر الذي يدبرونه قد يحيط بهم، ويمكن أن تطالهم يد العدالة الإلهية، ويد الشعب الضاربة يمكن أن تطال رؤوسهم”، وفي السياق العام للتصعيد الثوري في أوجه أضاف القائد “إذا رأينا أن هناك تعنتاً كبيراً ورفضا للاستجابة لمطالب الشعب وأن المسألة ستتعقد أكثر، فنحن سنقدم على خيارات استراتيجية وكبيرة جدا”.
التوكل على الله، والثقة بالله، والصبر في مقام العمل، والثبات على كل المتاعب لأي أحداث أو مواقف، الحذر من الملل الاستمرار في العطاء والتضحية، هي أبرز الموجهات التي وضعتها قيادة الثورة، لاستمرار التصعيد الثوري مواجهة الطغيان الحكومي، حتى تحقيق المطالب الشعبية كل المطالب، وهنا يتضح الفرق بين قيادة وشعب يثقان بالله ونصره، وحكومة تثق بالخارج، وعن رهان السلطة على الدور الأمريكي قال السيد القائد في خطابه التصعيدي الأخير” أقول للسلطة إذا كانت تراهن على الموقف الأمريكي فهي خاطئة، فإسرائيل راهنت على أمريكا ولكنها لم تنتصر على الشعب الفلسطيني برغم الدعم المقدم لها”.
كالعادة جرى تأكيد السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي في كل خطابات التصعيد على موقفه الثابت مع شعبه وثورته، وقال في خطاب ما قبل انتصار الثورة، “نؤكد أننا عند التزامنا بالوقوف مع شعبنا، والدفاع عن ثورته، والتزامنا هو التزام صادق ومبدئي وقيمي وأخلاقي وإنساني، لا يمكن أن نتركه أو نتنصل عنه أياً كان الثمن، أنا شخصياً حاضر لو كان الثمن أن أدفع حياتي في سبيل الله وفي سبيل الشعب، لن أتردد في ذلك”، وهنا تتجلى صور الحكمة والحنكة في قيادة يمنية صادقة وشجاعة، تقف مع شعبها في أحلك الظروف.
في كل مرحلة من مراحل التصعيد الثوري الثلاث حرص السيد القائد على توجيه النصح للعابثين والفاسدين وإقامة الحجة عليهم حرصاً منه على عدم زيادة التوتر وإدخال البلاد في الفوضى، وكما هو كذلك بالنسبة لباقي القوى السياسية حيث وجه النصح لها في كل خطاباته لأن تتعاطى بإيجابية أكثر وبمسؤولية أكبر تجاه مطالب الشعب، وفي ذات الوقت تتجلى حكمة قائد الثورة في حرصه عند كل خطاب له على التحذير من استهداف المتظاهرين.

انتصار الثورة
حينما يتحرك الشعب وله قيادة عظيمة ومطالب مشروعة، تصدق التوقعات، وتتحقق الطموحات، وهو ما تم فعلاً يوم 21 من سبتمبر 2014، حينما انتصرت ثورة الشعب على الفاسدين، بتوقيع اتفاق السلم والشراكة ثاني يوم إعلان انتصارها، وإسقاط الجرعة والحكومة معاً، في سابقة تاريخية لا تتكرر ثورياً، حيث استطاعت الثورة السبتمبرية التي توقد هذا العام شعلتها السابعة، أن تخضع موازين التغيير لإرادة الشعب الحر.
في خطابه بمناسبة انتصار الثورة لجماهير الشعب اليمني، توجّه السيد القائد بالشكر لله على منه وفضله في انتصار ثورة الشعب، بالرغم من وقوف بعض الدول والقوى الإقليمية والدولية ضد إرادته، وضد مطالبه المحقة والمشروعة والعادلة، وبارك للجماهير انتصار إرادتهم، ونّوه إلى تميز دور الجيش والأمن في إنجاح الثورة ومساندتها.
إن من أهم إنجازات ثورة 21 سبتمبر أنها أزالت عقبةً كبيرةً وعائقاً من أخطر العوائق التي كانت تحول دون بناء دولةٍ عادلة، كان متمثلاً في أكبر وأخطر قوى النفوذ المتغلغلة في البلد بقيادة علي محسن الأحمر، الذي كان يسعى لفرض إرادته فوق إرادة الشعب، ويتحالف مع بعض القوى الخارجية بُغية لإخضاع الشعب، والهيمنة على قراره، ومع سقوط قوى النفوذ هذه تحررت الدولة من قيود الوصاية الخارجية بكل أشكالها، وما تزال الثورة تخوض معركة التحرر والاستقلال، في خضم عدوان سافر يحاول وأد طموحاتها منذ أكثر من سبعة أعوام.

قد يعجبك ايضا