هل تعرف على أي وضع ثرنا؟

نبيل المهدي

 

 

السفير الأمريكي يضع سياسات البلد في كل جوانبه ويأمر السلطة بتنفيذها، ويجتمع ـ بما لا يسمح له القانون ـ مع الوزراء والنواب والمحافظين بل والمشائخ ومنظمات المجتمع المدني، ويضع سياسة التعليم والإعلام والأوقاف والإرشاد بل والقضاء، وتأتي موظفة أمريكية بسيطة فتوجه النظام بكل أزلامه ـ الذين يظهرون كبارا ومتوحشين على الشعب ـ ليجمع صواريخ الدفاع الجوي وتفجرها تلك الأمريكية، والنظام يصفق، وتطال تفجيرات ـالجهاز الاستخباراتي الأمريكي المسماة قاعدة ـ المساجد والأماكن العامة وثكنات الجيش والشرطة، وتتناثر الأشلاء في ميدان السبعين وكلية الشرطة ومبنى وزارة الدفاع في العرضي، وتختلط أشلاء الصغار والكبار في المساجد بالمصاحف، وتتساقط الطائرات فوق الأحياء السكنية في صنعاء، وتُغتال مئات الشخصيات السياسية والأكاديمية والعسكرية وسط صنعاء، وتتفاقم المشاكل والحروب القبلية والثارات بين كل قبائل اليمن، ويتم تقسيم اليمن إلى أقاليم بمعايير طائفية ومناطقية تفتح المجال لحروب لا تنتهي فيما بينها، وبتوجيهات خارجية يتم محاربة الزراعة والصناعة في اليمن، وتدخل اليمن في اتفاقيات تُمنع بموجبها من الزراعة وخاصة زراعة الحبوب، وتتم محاربة المنتجات الأخرى من خلال افتعال أزمات للمشتقات النفطية في أيام حصادها، أومن خلال استيراد نفس المنتج من الخارج أيام حصاده؛ ليخسر المزارع ويعزف عن الزراعة، ويتم محاربة كل المنتجات التي كانت تنتجها اليمن أيام التخلف ـ حسب زعمهم ـ من المفارس والفؤوس والمساحي وأدوات الحراثة، والمقالي الحرض والملابس وحتى الجنابي، ويتم إغلاق مصنع الغزل والنسيج، وتستورد اليمن حتى الملاخيخ، ويتم تغيير المناهج بما يناسب رغبات أمريكا وإسرائيل، وتحذف آيات الجهاد منها وكذا الدروس الأدبية الحماسية والدروس التاريخية التي تشد إلى الجهاد وحتى إلى القتال، ويصبح التعليم والإعلام أداة لتدجين الشعب لأمريكا، ويتم بالتدريج فتح البارات وأماكن الاختلاط المحرم، والترويج للخمور والدعارة، ويأتي الصهاينة في زيارات متتابعة إلى صنعاء منذ عام 1996م للتنسيق للتطبيع، ولتجنيس 60ألف إسرائيلي بالجنسية اليمنية، ويتم إنشاء قاعدة للمارنز الأمريكي وسط صنعاء، وأخرى في العند وأخريات هنا وهناك، ولم ينفع اليمن ما ينتجه من نفط وغاز ـ يباع للخارج بأبخس الأثمان ـ لتفادي المشاكل الاقتصادية، ولم ينفع شريط ساحلي يمتد بما يقارب2500كم فهو مباح للخارج، ولم ينفع اليمن ممر مائي تمر منه ثلث تجاره العالم، وكنا في مدارسنا نردد يومياً (لن ترى الدنيا على أرضي وصيا) لكننا في الواقع كنا نخضع لأكثر من عشرة أوصياء.
هذا جزء بسيط مما لا أستطيع شرحه عن وضع اليمن قبل ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر.
ولذلك كانت ثورة 21سبتمبر ضرورة، وواجباً دينياً ووطنياً، فكانت القيادة اليمنية، والإرادة والحماسة والعزم والتصميم والهوية الإيمانية، والعاصفة اليمنية التي استغرب جمال بن عمر من سرعة احداثها واعتبرها معجزة، وأدرك نتنياهو خطورتها على سرطانه الخبيث وحذّر منها، وحاول السفير الأمريكي بعدها أن يمارس ما كان يمارسه قبلها من إدارة للبلاد فلم يستطع، حاول أن يخرج من مقر السفارة ليصول ويجول في اليمن، ويتفقد أحوال مستعمرته ويجتمع بهذا وذاك ممن كانوا خواتم في يده يديرهم كيفما شاء ويلبسهم أو يخلعهم متى شاء، يريد أن يتابع ويشرف على أعماله المشؤومة في مسخ هوية الشعب الإيمانية لإحكام السيطرة عليه، ولكن عذراً أيها السفيه، فقد قد كنت نائماً عندما هبّت العاصفة، وبالأحرى غُلبت على أمرك من قبل الله وبإرادته، لقد تفجَّرت ثورة جاءت من رحم المعاناة التي خلقتموها، جاءت ثورة رباها القرآن وقادها الأعلام وتولى إدارة أحداثها الله تعالى، اليوم يجب عليك أن تخضع لنفس القوانين التي يخضع لها السفراء في واشنطن، ومنهم السفير اليمني، لا تستغرب فنحن الشعث الغبر المستضعفون من أبناء الشعب لا نراكم كباراً كما يراكم الآخرون، الله أكبر كسرت هيبتكم في داخلنا وأصبحنا نراكم مصدر الظلم والفساد والرذيلة، لا مصدر العظمة والعزة، لا تستغرب حين يسجد لكم زعماء الأمة ويحتقركم المستضعفون فيها، فهذه إرادة الله التي تعرفها في سننه الإلهية، والمؤشرة على أفول نجمكم، لماذا يا (فايرستاين) أيها الفيروس الخبيث، تستغرب أن توقفك سيارات الأنصار وتمنعك من مغادرة السفارة دون التنسيق مع الجهات المعنية، ألستم تفعلون ذلك مع سفير اليمن في واشنطن؟ هل تستغرب لأنكم كباراً ونحن صغار، قلنا لك نحن نراكم صغاراً ونرى أنفسنا كباراً لأن المعيار لدينا هو الإيمان بالله لا القوة المادية، تفجّر إن استطعت، كسِّر أسلحتك، واحرق أوراقك، واخرج من اليمن مذؤوماً مدحورا، ولو جئتم بألف عاصفة مع أبقاركم ونعاجكم الحلوبة؛ فلن تستطيعوا أن تغلبوا عاصفة الله وقوته، ولن تغلبوا أنصار الله وأنصار نبيه وأهل بيته، فهذا شعب الأنصار يا عالم الأشرار.

قد يعجبك ايضا