حققت الاكتفاء الذاتي في نطاقها الجغرافي من الثروة الحيوانية

عزل الحدب والثلث وربع الوادي في بني مطر تفتقر إلى الإرشاد الزراعي

 

 

بناء السدود وزراعة الأشجار الحراجية في سواقي الوديان والجبال مطلب مهم للتقليل من انجراف التربة
مصادر المياه تعاني من سوء الاستغلال بسبب الشراكة وغياب الوعي

شاركت “الثورة” في رحلة نظمتها مؤسسة بنيان التنموية بالتعاون مع صندوق تنمية المهارات من أجل إتاحة فرصة عملية لعدد 50 فارسا بحثيا تم تدريبهم وتأهيلهم على نفقة الصندوق في أكاديمية بنيان للتدريب والتأهيل خلال الفترة من 20 يونيو- 16 يوليو 2021م.
الوجهة كانت صوب عزل الحدب والثلث وربع الوادي “بني قيس”، والتي تتبع إدارياً مديرية بني مطر، محافظة صنعاء، ويسود العزل من المناخ ما يسود مديرية بني مطر بشكل عام؛ مناخ بارد شتاء ومعتدل صيفا تصل درجة الحرارة على قمم المرتفعات إلى ما تحت الصفر في بعض الأحيان مثل قمة جبل النبي شعيب، ومتوسط سقوط الأمطار (300 ملم/ سنة)، تتساقط الأمطار عليها بغزارة صيفا، بالإضافة إلى الأمطار الشتوية التي تسقط أحيانا على مناطق من المديرية إلا أنها غالبا ما تكون خفيفة ونادرة، وحسبما توفر من المعلومات فإن تعداد سكان العزل الثلاث يقدر بحوالي 50 ألف نسمة.

الثورة / يحيى الربيعي

مصادر المياه
تمتاز العزل الثلاث بوجود الآبار وتختلف من منطقة الى أخرى ومن قرية الى أخرى من حيث العدد والنوع والعمق ونسبة التدفق وموقعها ونوع المضخة والاستخدامات، ويستخدم الكثير منهم منظومات شمسية لضخ المياه والبعض يستخدم المواطير، منها ما هو للشرب ويمد بمشاريع مياه إلى البيوت، ومنها ما يستخدم لري المزروعات، كري تكميلي، وكذلك لشرب الحيوانات وللغسيل، وتحفر الآبار بأعماق متفاوتة ما بين 5 – 8 أمتار، وفي أماكن 10 – 15متراً، ومنها ما يصل إلى 25 – 30 مترا.
أما عزلة بني قيس ربع الوادي العشاش، فيوجد بها بئران ارتوازيتان، حيث يصل عمق البئر الأولى إلى 220 متراً، وتقع في بيت الفرانصي، وتستخدم في ضخ المياه ماطور (معطل)، أما البئر الثانية فيصل عمقها إلى 360 متراً، ويستخدم في ضخ المياه منظومة ويستخدم الشرب ولري القات والغسيل والمواشي، وهناك بئر القطع في وادي أرحب وتستخدم للري وغسل الملابس والبناء، يبلغ عمقها 200م وتضخ 2 هنش وهي مشتركة بين قرية القطع وقرية حماسل المجاورة التي تتبع بني قيس، تم حفر هذه البئر بمساهمة من قبل المجتمع في 1983م.
أما فيما يخص الغيول، فيوجد في قرية حيد جلب سبعة غيول ويعتبر غيل الفقيه أكثر الغيول استخداما للشرب والسقي، وفي فترة الجفاف يعتمد عليه اعتماداً كلياً، وفي قرية المرجلة غيل الرباح يستخدم للشرب وسقي الحيوانات مستمر على مدار العام، ويقل في وقت الجفاف، وغيل في نفس السايلة يصب في موسم الأمطار، وفي قرية حظران يوجد سد ويستخدم لري القات ويستحوذ عليه أشخاص معينون.
كما تمتاز المنطقة بوجود وديان متعددة كبيرة تصب في البحر الأحمر، ويشكل وادي المرجلة فرصة كبيرة لأبناء المنطقة في الري نتيجة استمراره أثناء مواسم الخير وتجميعه للمياه، إلا أن هذا الوادي يهدد الأراضي الزراعية ويؤدي إلى انجرافها وإذا استمر على هذا الحال دون تدخل فإنه سيؤدي إلى انجراف كامل الأراضي الزراعية وكذلك الطرق التي تعتبر المتنفس لأبناء المنطقة.
ويوجد في المنطقة أنواع من البرك التي تختلف في مواصفاتها واستخداماتها من عزلة إلى أخرى ومن قرية إلى أخرى، ففي عزلة الثلث قرية حيد الجلب يوجد خمس برك يبلغ عمقها بين 3 – 7م وطولها بين 1_5م وتستخدم للماشية وللري، أما قرية المرجلة البرك طبيعية تجميعية توجد في وسط الوادي فعند انتهاء السيل وجفافه يحتفظ الوادي بالمياه وتستخدم للري وللماشية، وتحوي قرية حظران على برك أثرية توجد في وسط القرية فيها القليل من المياه للغسيل وسقي الحيوانات، أما قرية بيت مهدم فتحوي على برك قديمة أثرية تستخدم للشرب وسقي الحيوانات، وفي عزلة ربع الوادي قرية العشاش توجد 2من البرك.
وتعاني مصادر المياه من سوء الاستغلال بسبب الشراكة وقلة الوعي لدى أبناء المجتمع بأهمية المياه، وأضرار الإسراف في الاستخدام مما أدى إلى توقف بعض المواطير عن العمل بسبب الاتكالية، أو الانتظار للمنظمات من أجل إصلاحها، ناهيك عن قلة الآبار، وحاجة المنطقة إلى بناء سدود.. ما يعني وجوب العمل على تفعيل المجتمع نحو إطلاق (مبادرات مجتمعية) لإصلاح المواطير المعطلة، وأخرى توعوية بأهمية ترشيد استخدام المياه، بالإضافة إلى ضرورة تفعيل مبادرات مجتمعية لإصلاح وشق الطرق وبناء سدود لاستغلال مياه الأمطار بما يعود بالفائدة على المنطقة طوال العام.
التربة والغطاء النباتي
يكسو المنطقة غطاء نباتي كثيف ومتنوع من الأشجار : السدر، والقرض، العسق، الطلح، التالوق، الطنب، الزعفران، والصيرمان، والمض وغيرها، ويختلف تموضعها من عزلة إلى أخرى حيث تقع في الجبل والسهل والوادي، وفي ذلك فرصة لأبناء المنطقة في تحسين وضعهم الاقتصادي من خلال تربية النحل ورعي الماشية، ومنع التحطيب العشوائي وتوعية أبناء المجتمع بأهمية الغطاء النباتي في تحسين وضعهم الاقتصادي والصحي وتوعيتهم وتدريبهم عن كيفية الاستغلال الأمثل للغطاء النباتي وخاصة فيما يتعلق بالنباتات الطبية والعطرية.
كما تمتاز مناطق العزل الثلاث بتنوع التربة الخصبة الصالحة لزراعة جميع أنواع المحاصيل إلا أن هذه التربة في بعض المناطق تعاني من الانجرافات بسبب السيول، خاصة تلك التي تمر منها الوديان، وذلك لأن أبناء المنطقة لا يهتمون بتصريف السيول بسبب قلة الوعي في تجميع وتنسيق وتفعيل الإمكانيات المتاحة لدى المزارعين من معدات لإنشاء المصدات الترابية التي تحافظ على التربة من الانجراف، وبقاء الوضع الحالي سيؤدي إلى كارثة تٌهدد الأراضي الزراعية الممتدة على سوائل الوديان، وهنا يجب توعية أبناء المجتمع عن أهمية المبادرات والمشاركة المجتمعية في هذا الجانب، وكذلك زراعة أشجار حراجية مثل الطلح وغيرها في المساقي والجبل لتقلل من انجراف التربة، كما نوصي بسرعة تفعيل الجمعيات الزراعية من أجل توفير القروض الميسرة لمالكي الأراضي الزراعية.
وتحاط المنطقة بمراعٍ متنوعة وكثيفة وملكيتها عامة للجميع، كما يتم استخدام هذه المراعي لرعي جميع الحيوانات المتواجدة في المنطقة (أبقار، أغنام، ماعز، ودجاج) كما توجد في الوديان والجبال الشجيرات والحشائش عدا قرية حظران وبيت مهدم فالمراعي فيها متوسطة، وكذا عزلة ربع الوادي قرية العشاش فتشكو الجفاف.
الزراعة
تشتهر العزل الثلاث بزراعة المحاصيل الزراعية المتنوعة من الحبوب والبقوليات والمحاصيل النقدية والفواكه: منها الحبوب (ذرة، شعير، بر، بلسن، قلّى) ويفضل أبناء المجتمع زراعة الذرة الرفيعة عن غيرها من المحاصيل لما لها من أهمية كبيرة في غذاء الإنسان وتوفير الأعلاف للحيوان، وكذلك تحملها للجفاف.
وتعد الذرة الرفيعة من أكثر المحاصيل زراعة في المنطقة والتي يتم زراعتها لغرض الاكتفاء الذاتي من إنتاج الحبوب والأعلاف التي تستخدم لتغذية الحيوانات، ويستخدم أبناء المنطقة المنتجات للاستهلاك الذاتي حيث يحصد المزارع ما بين 7 – 50 قدحاً -سعر القدح ما بين (6 – 9 آلاف ريال)- وتخزن في براميل ودبات بلاستيكية، ونوصي بتوعية المزارعين بعمل انتخاب للبذور الجيدة القابلة للزراعة.
وتزرع الذرة الشامية في المنطقة في موسمين الصيفي والشتوي ولكن بنسبة قليلة جداَ وذلك لأن أراضيها الزراعية غير واسعه بحكم أن المنطقة جبلية، ويتم زراعتها في شهر مايو في موسم الصيف ولا يجري عليها أي عملية زراعية منذ زراعتها حتى حصادها في شهر ديسمبر في فصل الخريف، أي في فترة من 3 – 4 أشهر، كما تزرع في الموسم الشتوي في شهر نوفمبر وتستمر فترة 3 أشهر حتى الحصاد في نهاية شهر يناير.
والقلي من المحاصيل التي تزرع في القياض والصرابي وتكون بداية الزراعة في نهاية شهر 12، ويكون موعد الحصاد في شهر 4 ويعتمد على الأمطار، أما زراعة الصربي تكون في نهاية شهر 5 ويكون موعد الحصاد في شهر9 بحسب الأمطار.
ويزرع القمح في الفصل الشتوي في شهر7 حيث يعتمد على مياه الأمطار في ريه ويضاف له السماد البلدي، لكن المحصول يصاب بمرض (التفحم) في حال استخدام التقاوي من العام السابق، أما في حال استخدام التقاوي من منطقة أخرى، فإن النبات لا يُصاب بهذا المرض، ويخزن في براميل أو في دبات، ويقدر سعر القدح من البذور بــ (15000) ريال.
والشعير يتم زراعته بنفس طريقة زراعة البر في الفصل الشتوي في شهر7 حيث يعتمد على مياه الأمطار في ريه، ويضاف له السماد البلدي، ويُخزن في براميل أو في دبات، ويشتري المزارع القدح البذور بـ(15000) ريال.
ومن الخضار تزرع الطماطم في بيوت محمية وتتم زراعتها في الشهر الرابع عن طريق الشتول والمسافة بين الشتلة والأخرى من 30 – 40سم، عملية الري بالتقطير بعد الغرس بأسبوع ويتم الري كل 4 أيام، بعد شهر ونصف تزهر وبعد التزهير يتم ريها كل ثلاثة أيام وعند نضجها تروى يوميا، النوع المزروع (المنار).
وينتج البيت الواحد ما بين 200 – 300سلة خلال الموسم، ويعاني المزارع صعوبة تسويقها بسبب وعورة الطريق وبعد المنطقة عن السوق مما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف النقل وكساد البضاعة قبل وصولها وهذا بدوره يؤدي إلى خسارة المزارعين ناهيك عن الأمراض المنتشرة (الفراشة، اللفحة، نقص عناصر) تنتشر الفراشة في أثناء التزهير، وتنتشر اللفحة عند زيادة الرطوبة وتصيب الثمرة، وتكافح بالمبيدات الكيمائية.
وتزرع الخضار في بعض من عزلة الحدب مثل الحرف والقطع، كما يزرع القات في جميع مناطق العزل الثلاث بالإضافة إلى اللوز في عزلة الثلث وبعض من أجزاء من الحدب -الجزء الشمالي ومن الفواكه الجوافة والتين العربي والشوكي وعنب المانجو وعنب الفلفل والرمان والموز إلا أن الموز يزرع بكميات قليلة جداً وتتركز زراعته في قرية المرجلة والشاهلية.
إجمالا: تعاني الزراعة في المناطق الثلاث من عدم استغلال الأراضي الزراعية وزراعتها بالمحاصيل الزراعية المناسبة، وتدهور بعضها بشكل كلي، وعدم انتخاب البذور في العمليات الزراعية، كذلك اقتلاع شجرة البن واستبداها بالقات، وزيادة توسع زراعه اللوز على حساب مزارع الحبوب، واعتماد المجتمع على القمح الخارجي بسبب قلة دخل المحاصيل وزيادة دخل شجرة القات، كذلك إصابة شجرة البن في منطقة العشاش باليبس والجفاف بسبب انبعاث المواد الكيمائية من مصنع الجلود ناهيك عن قلة المياه، وعدم توفر الآلات الزراعية مما يؤدي إلى عدم استغلال الموسمين بشكل كامل.

وهنا ينصح بتفعيل خدمة وحدة البذور، وتقديم خدمات التوعية والإرشاد المجتمعية للتوسع في زراعة وإنتاج الحبوب، والمساندة في تفعيل الزراعة التعاقدية للتوسع في زراعة وإنتاج وتسويق الحبوب المحلية، وتفعيل الأيادي العاملة وتوعيتهم بأهمية المحاصيل، وتفعيل الأراضي الزراعية، والتوسع في زراعة المحاصيل الزراعية واستغلالها بزراعة الحبوب وخاصة القمح.
الثروة الحيوانية
الاهتمام بالثروة الحيوانية له مردود إيجابي في تحسين وضع أبناء المنطقة حيث يهتمون بتربية المواشي، لأن المراعي والغطاء النباتي كثيف في أكثر مناطق العزل الثلاث، إلا أن كل ما ينقص المواطنين هناك هو غياب التوعية (لأبناء المنطقة في هذا المجال، والتدريب البيطري وتشجيعهم في تيسير الطريق لتسهيل مرورهم إلى السوق، لاسيما وأن هناك ثروة حيوانية متنوعة من الأبقار والأغنام والماعز والدجاج والنحل، والأغنام أكثر انتشارا حيث تملك الأسرة الواحدة ما بين 30 – 100 رأس، ومن الأبقار ما بين 1 – 5 رؤوس، ويُستفاد من الأبقار والأغنام في تحقيق الاكتفاء الذاتي لأبناء المناطق كما يتم تسويق الفائض إلى سوق متنه، وتعاني مناطق الإنتاج الحيواني من وعورة الطريق في بعض القرى كحيد الجلب والمرجلة وبعض مناطق الحدب ويتم تسويقها مشيا حتى الوصول إلى خط الإسفلت بعد ذلك تحمل على سيارة مقابل أجر، يباع الثور بسعر 500 – 600 ألف ريال والعجل يبتاع بسعر 180 ألفاً، وسعر الكبش 20 – 100ألف، والتيس، (ذكر الماعز) 20 – 50ألف ريال.

قد يعجبك ايضا