مأساة اليمن وملهاة الأمم!

علي الشرجي

 

 

يعيش اليمن أسوأ أزمة إنسانية في العالم.. هذه الحقيقة الوحيدة التي لم يكذب فيها الإعلام اليمني والدولي.
وباعتراف الأمم المتحدة فإن قرابة 20 مليون يمني مهددون بالمجاعة في ظل عدوان تمادى في غيه وشروره وتحت حصار جوي وبحري طال أمده باستثناء بعض الجرعات الخجولة من النفط والدواء والغذاء التي لا تفي بالغرض المطلوب، خاصة في ظل رفع قوى العدوان سعر الدولار الجمركي في المنافذ الواقعة خارج سيطرة حكومة الإنقاذ وهي حرب اقتصادية عدوانية مستجدة.
وإزاء الحالة الاقتصادية والتموينية المنهارة في اليمن عموماً ولم تُستثن منها عدن وبقية المناطق المحتلة هكذا نسميها بفعل الحال والمجال لتأتي القيود المفروضة على ميناء الحديدة لتضاعف الأزمة الإنسانية.
كما كان وما يزال إغلاق مطار صنعاء إضافة عدوانية حاقدة لمفاقمة مأساة اليمنيين، ولأترككم هنا مع بعض الحقائق والأرقام الصادمة التي تؤكد أن سبعة آلاف مدني كانوا يسافرون عبر مطار صنعاء لتلقي العلاج في الخارج قبل 2015م وخلال خمس سنوات لم يسافر مريض واحد، بينما مليون مريض بالسرطان والثلاسيميا والفشل الكلوي يصارعون الموت، منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر بعد أن أُوصدت أمامهم فرص السفر لتلقي العلاج في الخارج، ولأسباب أخرى يطول ذكرها.. منها انهيار الجسر الطبي بعد عام من وعود منظمة الصحة العالمية والتي كشفت فسادها مصادر وثيقة الصلة تؤكد حصول المنظمة على 5 ملايين دولار العام الماضي ولم تسعف مريضاً واحداً!!
مقابل مأساة اليمنيين هناك الاستعراض الأممي الذي يشبه الملهاة خاصة إذا ما علمنا أن أكثر من خمسة آلاف رحلة أممية تمت خلال خمسة أعوام عبر مطار صنعاء وبمتوسط ثلاث رحلات يومياً!!
هذه (الأمم المتحدة) التي تدَّعي الإنسانية وأولويتها في الإغاثة والإنقاذ وجبر خواطر الشعوب المضطهدة والدول المنهارة امتنعت عن نقل ولو مريض واحد في خمسة آلاف رحلة لكنها – والعهدة على الراوي – شغلت رحلة جوية طارئة لإعادة لابتوب محمول لأحد موظفيها ضل في المطار، دون إيضاح الملابسات والأهمية القصوى لذلك اللابتوب المعجزة الذي كان يمكن في طريق رحلته الأممية أن يعيد لابتوبات الحياة لمئات المرضى!
كانت تلك الواقعة الشهيرة، في عهد المبعوث الأممي غريفيث الذي خذل مهمته الإنسانية وأضاع فرص نجاحه المهني في اليمن، ومع ذلك وبقدرة قادر تمت مكافأته بمنصب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية!!
وللأمانة، فإن مارتن غريفيث من خلال كلمته في جلسة مجلس الأمن الدولي الأخيرة بشأن اليمن كان أكثر جدية واستيعابا لهموم الشعب اليمني بتأكيده على ضرورة أن تكون الأولوية للعمل الإنساني والإشارة إلى أهمية تحييد الاقتصاد وفصله عن الجانب السياسي والعسكري.
لا مجال لليمنيين سوى انتظار وعود وأولويات الأمم المتحدة ومجاراة “عرقوب” في كذبه حتى لا يسدوا في وجوههم كل أبواب الأمل، فهو حصنهم الأخير في مواجهة التحديات والحرب الشاملة.

قد يعجبك ايضا