شهادة متجدِّدة وغاية سامية

 

الثورة / يحيى الربيعي
يوم العاشر من محرم (يوم عاشوراء) من كل عام هو يوم تاريخي.. يوم تجدر فيه الإجابة على تساؤلات الحاقدين عن ماهية فلسفة إحياء الذكرى الأليمة لاستشهاد الإمام الأعظم الحسين عليه السلام.
يوم تعج فيه الدنيا عنفوانا وفخرا بإحياء عاشوراء.. يوم تتجدد فيه حقيقة تاريخية مفادها أن إحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام في كل عام باقية بقاء أزليا ما دامت هناك انتهاكات صارخة وتجاوزات خطيرة ترتكب في أنحاء شتى من العالم ضد الإنسان وحضارته، وينسب إرهابها زورا وبهتانا إلى روح الإسلام الحنيف.. عاشوراء هو يوم التأكيد بأن إحياء هذه المناسبة الكبيرة التي أدمت الإنسانية مناسبة لها فلسفة راقية، مناسبة يراد بإحيائها التحقق من مدى:
– ترسخ أخلاقيات وأدبيات الإمام الحسين عليه السلام الراقية في أذهان أبناء الأمة الإسلامية في كل العصور والأزمان، وأن ترسيخها هو السبيل الأوحد كي تملأ الأرض قسطاً وعدلاً.
– تحصن شباب ورجال ونساء وأطفال الأمة الإسلامية بالمثل الأخلاقية والإنسانية العليا، التي تحلى بها الشهيد الحسين -عليه السلام- في كل حركاته وسكناته حتى آخر لحظة من حياته.. اللحظة التي رأي فيها الإرهاب الحاقد شموخ الإمام الحسين – عليه السلام – في كامل قوته وجلده صلباً ثابتاً على مبادئه الحقة، مؤمناً ومطمئناً بقضاء الله وقدره، والذي رغم ما أصابه من جراحات كثيرة، فلم يكن من بد أمام ذلك الإرهاب سوى أن يعلن شهادته المشهورة: «فوالله ما رأيت مثكولاً قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جأشاً ولا أمضى جناناً ولا أجرأ مقدماً منه والله ما رأيت قبله ولا بعده».
– اكتساب أبناء الأمة الإسلامية المناعة الداخلية الكافية ضد الكراهية والحقد العنصري والطائفي والمذهبي، وجعلهم يميلون بعقولهم ووعيهم ومشاعرهم الإنسانية إلى المحبة والسلام، ونبذ الإرهاب بمختلف مسمياته البغيضة والتنديد به.
– اكتساب الوجود الإنساني حيوية ونشاطاً، وإحياء الضمائر والمشاعر الإنسانية وجعلها متزنة وعاقلة وغير منفلتة نحو التطرف والإرهاب.
– صناعة أجيال عربية وإسلامية مسالمة ومتقبلة للآخرين، مهما اختلفت معهم في وجهات نظرهم، أو في مواقفهم وقناعاتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية في كل الأحوال والظروف.
– إفشاء ثقافة الحب والود والتسامح والاحترام المتبادل بين مختلف مكونات المجتمعات الإنسانية.
– الارتقاء بمجتمعاتنا العربية والإسلامية في مختلف المجالات، العلمية والتربوية والثقافية والفكرية، لكي يكونوا زيناً للإسلام ولا يكونوا شيناً له.
– إطلاع الأمم الأخرى على مبادئ الإمام الحسين – عليه السلام – سبط رسول الإسلام محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله وسلم، من أجل التمييز بين القيم الإسلامية السامية والرحمة المحمدية والإرهاب الذي يمارس في العالم باسم الإسلام زوراً وبهتاناً.
– تفهم الأمة الإسلامية والإنسانية الانعكاسات اللاإنسانية والخطيرة التي حدثت بعد ارتكاب الإرهاب المجنون و الجرائم الفظيعة في يوم عاشوراء.
– تحصين الشباب المسلم من جرهم نحو التطرف الديني، الذي يجعلهم أدوات بطش وقتل للإنسانية البريئة، وتدمير حضاراتها الممتدة إلى أعماق التاريخ، من دون أن يشعروا أنهم بعملهم هذا يحاربون الإسلام في مبادئه وقيمه وتعاليمه العظيمة.
إن المبادئ والقيم التي تركتها ذكرى استشهاد الإمام الحسين – عليه السلام – ستظل في ذاكرة الأمة النهر الجاري والطود المانع لأي آحاد عن التفوه بالقول “إن إحياء هذه المناسبة الكبيرة في معانيها الإنسانية من غير هدف سامٍ”.. ذلك أن كل الذين يحيون الإمام الحسين – عليه السلام – يأبون إلا أن يروا العالم يعيش في أمن وسلام ومحبة، خالياً من كل المنغصات المصطنعة، بل ويوقنون يقينياً مطلقا بعظمة ما حملته ثورة السبط من معان ودلالات إنسانية وعدلية تستوجب الانتصار لها، (السلام على الإمام الحسين يوم ولد، ويوم استشهد، ويوم يبعث حيا).

قد يعجبك ايضا