يخلـق العـداوة ويقـودهـم إلـى الانحـراف..

آباء:
تفضيل ابن عن آخر لتحفيز الفاشل على النجاح

استطلاع مراد الصالحي

بسبب تمييز بعض الآباء والأمهات بين أبنانهم الذكور أو بين الذكور والإناث تبرز المشكلات بين الأسر اليمنية وتخلق العداوة والكراهية بين الأخ وأخيه والأخت وأخيها والأخت وأختها وينحرف الكثير من الابناء من الجنسين فيصبح من السهل اصطيادهم من قبل الجماعات الإرهابية والمتطرفة وعصابات التقطع والنهب والسرقة.
هذا ما أكده العديد من الآباء والأبناء والمختصين في الاستطلاع التالي:

البداية كانت مع الدكتور في علم النفس خالد ناصر منصور الذي أكد أن التمييز بين الأبناء وتفضيل أحدهم على الآخرين من قبل الوالدين سبب لزرع الكراهية بينهم ودافع رئيسي للعداوة بين الأبناء وكما هو حاصل في بعض الأسر اليمنية وبعض الأسر في العالم الثالث فالولد الذي يميزه والديه يذهب إلى أن والديه هم السبب في كراهية أخوانه له كما أن الأخ المنبوذ أو غير المميز يعيش جراء ذلك حياة صعبة للغاية ويكون عرضة للانحراف السلوكي والنفسي ويشعر بأنه إنسان غير مرغوب فيه ولا فائدة منه لأسرته أو لمجتمعه فينعكس ذلك على نفسيته وتصرفاته ويتولد لديه الشعور بالنقص.
اضطرابات نفسية
ويضيف أن الآباء والأمهات الذين يقومون بالتفرقة والتمييز بين أبنائهم بأن أحدهم ناجح ومتفوق والآخر فاشل أو أن يكون التمييز بشكل آخر كتمييز الذكور على الإناث أو الصغار على الكبار والعكس غير واعيين بواجباتهم تجاه أولادهم وغير مدركين بالعواقب الوخيمة لحالات التمييز التي يمارسونها وهذا النوع من الآباء والامهات على الارجح يعانون اضطراباٍ نفسياٍ وعاطفياٍ تعرضوا له أثناء فترة طفولتهم وهذا الاضطراب انعكس على تصرفاتهم وطريقة تعاملهم مع أبنائهم وهنالك بعض الآباء والأمهات وبدون قصد منهم يشجعون أبنائهم المتفوقين في مقابل إهانة ومعاتبة الأبناء المقصرين معتقدين أنهم بهذا التصرف يحفزون أبناءهم المقصرين للمثابرة والتفوق كشقيقهم الناجح إلا أنهم بذلك يزيدون أولئك الأبناء المقصرين غرقاٍ في الفشل ويدفعون بهم إلى هاوية الانحراف.
تبرير
الأخ محمد علي عبده أحد الآباء ولديه ثلاثة أبناء يعترف أنه يفضل ابنه الأكبر على إخوانه ويبرر ذلك التمييز بأنه ليس من فراغ أو عبثاٍ فابنه الكبير مجتهد ومكافح وأخلاقه عالية ومْبر لوالديه ومثابر في عمله وكان مثابراٍ في دراسته دون كلل أو ملل بعكس أخوانه الأصغر منه فهم مستهترين وغير مبالين بمن حولهم بالإضافة إلى فشلهم في إكمال دراستهم رغم أنه لم يقصر معهم يوماٍ واحداٍ والسبب في ذلك حسب قوله أنهم لا يستمعون إلى نصائحه ولا نصائح والدتهم بخلاف أخيهم الأكبر الذي استطاع إكمال دراسته الجامعية رغم عمله في شركة خاصة التحق بها عندما أكمل الثانوية العامة وحينذاك كان يصرف على دراسته الجامعية إضافة إلى مساعدته في مصاريف ومتطلبات البيت.
مشاكل وأحقاد
ويختم الأخ محمد حديثه بالقول: أنا لا أهتم بابني الأكبر من فراغ بل لأنه يستحق أكثر من ذلك إلا أنني ومع ذلك اعترف أن اهتمامي به يزيد الفجوة والمشاكل والأحقاد بينه وبين أخوانه إلا أن ذلك ليس بيدي فهو رغما عني وأتمنى أن يحذو أبنائي الآخرون حذو أخيهم الأكبر وأن يتحلوا بأخلاقه وأدبه ويقتدون به حتى يحققوا التفوق والنجاح.
إحباط وفشل
الأخ سالم فوزي عبدالرحمن شاب في مقتبل العمر له قصة غريبة في هذا الموضوع حيث أنه وحيد أبويه من الذكور إلى جانب ست بنات والواقع المتعارف عليه في مثل هكذا حال في بلادنا وبعض البلدان العربية أن الولد الوحيد يحظى بمعاملة خاصة وباهتمام كبير من قبل والديه لكونه الولد الوحيد الذي رزقهما الله به إلى جانب عدد من البنات غير أن الشاب سالم لم يكن له نصيب مما هو معتاد من تميز الذكور على الإناث في مجتمعنا بل حصل معه العكس كما يقول حيث كان والداه في أوقات كثيرة يبالغان باهتمامهما بأخواته دون الاهتمام به بذات الصورة وهو الأمر الذي أدى إلى خلق المشاكل والمشاحنات بينه وبين أخواته وكذلك أبويه.
ويضيف سالم: منذ طفولتي وأنا أشعر بالتمييز تجاهي من قبل والدي ووالدتي لصالح شقيقاتي الست وهذه المعاملة أو هذا التمييز أصابني بالإحباط وانعكس ذلك على سلوكي وتصرفاتي وولد لدي شعور بأنني إنسان فاشل وبسبب تمييز شقيقاتيه عني أهملت دراستي وأصبحت شخصاٍ منطوياٍ على نفسي وفي مشاكل لا تنتهي مع أسرتي داخل المنزل وفي المقابل استطعن بعض شقيقاتي إكمال دراستهْن الجامعية والأخريات على وشك ذلك بفضل ما يحظين به من تشجيع ودعم من قبل والدي بينما أنا محلك سر.
أسير الوحدة
أما الشاب أ. ن البالغ من العمر 16 سنة فتحدث عن قصته مع التمييز بحرقة شديدة حيث قال: منذ طفولتي وأنا أشعر أن والدي ووالدتي يحرصان دائماٍ على الاهتمام بشقيقي الأصغر مني ويعطفان عليه كثيراٍ وخاصة والدي فالملابس الأجمل والأغلى وكذلك الألعاب تكون من نصيبه كما يتم منحه مصروف يومي يساوي ضعف ما يتم منحه لي رغم أنني أكبر من شقيقي بعامين إلا أن هذا لم يشفع لي عند والدي حتى يومنا هذا.
وأضاف قائلاٍ: إن أكثر ما كان يزعجني ويزعلني هو اصطحاب والدي لشقيقي أثناء زياراته للأهل والأقارب والأصدقاء وكذا اصطحابه معه في المناسبات الفرائحية .. أما أنا فلا ورغم سؤالي المتكرر لماذا وما هو الذي اقترفته لكي يعاملني هكذا¿! إلا أنه للأسف لم أجد أي إجابة على هذا السؤال كون والدي مجرد ما يسمع السؤال يتهرب من الإجابة وقد كنت في المناسبات الاجتماعية كالأعراس وغيرها أطلب منه اصطحابي معه إلا أنه كان يتهرب وأكثر الأحيان يرفض بينما يقوم بالمحايلة والتودد لأخي ليذهب معه تلك المعاملة جعلتني أكره أخي وأتمنى زواله أو موته فمرارة شعوري بأن والدي يخجل من ذهابي معه في المناسبات وهذا الشعور جعلني أسير الوحدة والإنعزال عن الأهل والأصحاب.
من جانبه تحدث رجل الدين الشيخ محمد فؤاد عامر أن الدين الإسلامي الحنيف حرم التمييز بين الأبناء وحث على العدل والمساواة بينهم سواء كانوا ذكوراٍ أو إناثا فالتمييز بين الأخوة يخلق الكراهية والعداوة بينهم ويؤدي إلى العقوق للوالدين ويجعل ذلك الابن الذي يعيش تحت ضغط التمييز فريسة سهلة لاستقطابه من قبل الجماعات الإرهابية والمتطرفة كما أن عصابات التقطع والنهب والسرقة ترى في ذلك الابن شخصاٍ مؤهلاٍ للانضمام لها وهو ما يستوجب معه على الآباء والأمهات إدراك مخاطر وعواقب التمييز وأن يحرصوا على المساواة بين أبنائهم في جميع النواحي وإتاحة المجال لهم للتعبير عن ما يدور في عقولهم لفهم مشاكلهم والعمل على حلها.

قد يعجبك ايضا