تعيين مبعوث أمريكي أعاد نشاط التنظيمات الإرهابية

أمريكا تحرك القاعدة وداعش لفرض أجنداتها ومشاريعها التوسعية في اليمن

 

الثورة /

“رمتني بدائها وانسلت” بهذا المثل العربي القديم، وبهذه الكلمات الثلاث، يمكننا وصف الإرهاب الذي صنعته الولايات المتحدة الأمريكية وأوجدته من العدم واستخدمته لعشرات السنين في تنفيذ أجنداتها ومؤامراتها ضد الكثير من الدول في شتى بقاع العالم وحولته إلى سلاح لتدمير أمن واستقرار الشعوب، ومبرر لتدخلاتها العسكرية وتهمة تلصقها ضد كل من يقف في طريقها ويرفض سياساتها وتوجهاتها للسيطرة على العالم.
الولايات المتحدة الأمريكية ورغم يقينها بأن العالم يدرك أن الإرهاب مولودها الشرعي -ابتداء بتنظيم القاعدة وانتهاء بـ داعش- إلا أنها تتعامل معه كمولود غير شرعي تنسبه كل يوم لدولة وتستخدمه كورقة ضغط ضد الحكومات والأنظمة التي تعارض سياساتها لتبرير تدخلاتها السياسية والعسكرية.

ملفات أمريكية
اليوم وفي قراءة سريعة للسياسات الأمريكية وسيناريوهاتها التوسعية في اليمن -خلال الفترة الماضية- تتكشف الكثير من الحقائق والكثير من المخططات التي فشلت واشنطن عن تحقيقها في ظل إدارة الرئيس ترامب من خلال التدخل المباشر عسكريا عبر أدواتها في المنطقة وفي مقدمتها السعودية والإمارات اللتان أعلنتا -من واشنطن- شن حرب عدوانية وحصار جائر على اليمن قبل سبع سنوات وما يزالان مستمران حتى اللحظة.
فشلت أمريكا ولم تستطع تنفيذ سيناريوهاتها وأجنداتها في اليمن من خلال أدواتها في تحالف العدوان أثناء فترة حكم الرئيس ترامب، ولذلك لجات -بعد وصول الرئيس بايدن لإدارة البيت الأبيض- إلى تحريك أدواتها التي طالما اعتمدت عليها في تدمير الدول من الداخل، والمتمثلة في التنظيمات الإرهابية وفي مقدمتها القاعدة وداعش، والتي مثل تعيين مبعوث أمريكي إلى اليمن تدشينا لعودة عملياته وعودتها إلى الواجهة من جديد.
أمريكا التي تعلن اليوم عن توجهاتها لتحقيق السلام في اليمن لم تأت اليوم وهي تحمل ملفات للتسوية السياسية فحسب، بل جاءت ومعها القاعدة كورقة للضغط على الطرف الوطني الذي بقدر إيمانه بالسلام إلا أنه يرفض التدخلات الأجنبية والتوسع الأمريكي تحت غطاء السلام.

أمريكا لم تعد هنا
في العام 2015م تلاشت هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية فأغلقت أبواب سفارتها في صنعاء، وأدرك السفير الأمريكي عدم الجدوى من بقائه فحزم حقائبه وملفاته ولحق بقطعانه الفارة إلى الرياض، فيما اتخذت الحكومة في صنعاء قرارا جريئا لم يكن يتوقعه أحد، إذ قامت بفتح الشارع المحتل أمام السفارة الأمريكية وأعادته إلى السيادة اليمنية وتحريره من سلطة وهيمنة السفير الأمريكي، ومنحت المواطن اليمني الحق في تجسيد حريته واستقلاله واستخدام الشارع الذي منع من المرور عبره منذ سنوات طويلة.
وفي يناير من العام 2017م – وفي مناورة سياسية لإثبات براءة واشنطن من رعاية التنظيمات الإرهابية في اليمن – استهدفت القوات الأمريكية مواقع وأبنية قالت إنها تابعة لتنظيم القاعدة في محافظة البيضاء، معلنة مقتل 14 عنصرا من مقاتلي التنظيم بالإضافة إلى سقوط ثمان نساء وثمانية أطفال في الهجوم.
ونجم عن الهجوم – الذي عُد أول هجوم يستهدف التنظيم بعد تسلم دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة – ردود أفعال متباينة خاصة وأن الهجوم الذي قامت به القوات الأمريكية واستخدمت فيه إنزالاً جوياً بالمروحيات استهدف نساءً وأطفالا بينهم ابنة الإرهابي أنور العولقي الذي يحمل الجنسية الأمريكية وقتل في غارة أمريكية عام 2011م بمنطقة بين محافظتي مارب والجوف، بدعم لوجستي من قيادات في حزب الإصلاح، وأثارت عملية تصفيته جدلا في الكونجرس الأمريكي يتعلق بمدى سماح القانون للدولة الفدرالية باغتيال مواطنين أمريكيين.

قاعدة البيضاء
الادعاء الأمريكي باستهداف قيادات تنظيم القاعدة في محافظة البيضاء سرعان ما تلاشى وأثبتت الأيام أن العملية التي نفذتها القوات الأمريكية لم تكن سوى فبركات سياسية وإعلامية ومقدمة لسيناريو أمريكي جديد وأن عمليتها في البيضاء كان الهدف منها إعادة ترتيب أوضاع التنظيم وتوحيد صفوفه المنقسمة بعد مقتل أنور العولقي والتخلص من بعض القيادات التي خرجت عن نطاق السيطرة، وهو ما ترجمه الهجوم الذي جاء بعد أيام على لقاء جمع تلك القيادات بعلي محسن الأحمر في مارب وحصلوا خلاله على دعم بالمال والأسلحة.
المخططات الأمريكية سرعان ما تكشفت إذا أصبحت القاعدة بعد الهجوم الأمريكي أكثر تماسكا وحضورا وهو ما بدا واضحا وجليا خلال الفترة الأخيرة، من خلال وقوف الولايات المتحدة الأمريكية خلف العملية العسكرية التصعيدية في مديرية الزاهر بمحافظة البيضاء وقيامها بتحريك تنظيمي “القاعدة” و”داعش” كورقة ضغط لتمرير أجنداتها السياسية وفرض هيمنتها على ملفات التسوية التي تأتي في إطار مساعيها للسيطرة على اليمن.

قد يعجبك ايضا