الأقاليم : التقسيم العلمي هو الحل

خبراء: يضمن استقرار ووحدة اليمن وينهي مراكز القوى ويحد من العبث بثروات البلد

استطلاع/ أسماء البزاز

أكد محللون سياسيون على أن نجاح تجربة النظام الاتحادي للدولة بغض النظر عن عدد الأقاليم له متطلبات تبدأ بوجود مؤسسات الدولة القوية ومن ثم اعتماد المنهج العلمي الواقعي في عملية التقسيم بعيدا عن أي تأثير.
فريق آخر يرى في التقسيم إلى أقاليم قفز على خيارات متاحة يمكن العمل بها قبل التفكير في هذا النظام.

البداية كانت مع السياسي الدكتور طارق مصطفى سلام والذي أفادنا بالقول: إن الحكم الفدرالي(الاتحادي) واسع الانتشار عالميا وثمانية من بين أكبر دول العالم مساحة تحكم بشكل فدرالي, وأقرب الدول لتطبيق هذا النظام الفدرالي على المستوى العربي هي دولة الإمارات العربية المتحدة أما على المستوى العالمي فهي دولة الولايات المتحدة الأمريكية وفي اليمن وعلى طاولة الحوار اختلف الساسة والفرقاء ورواد الحوار الوطني الشامل القائم حاليا على شكل الدولة اليمنية وعدد أقاليمها بينما يتحدث البعض عن دولة لامركزية يذهب آخرون للمطالبة بدولة فدرالية بينما نجد غيرهم يطرحون فكرة الدولة الاتحادية, إلا انه تم مؤخراٍ الاتفاق على النظام الاتحادي كشكل للدولة اليمنية المستقبلية بعد إجماع مختلف الأطراف على استبعاد فكرة الدولة المركزية البسيطة وخيار استعادة الدولة الشطرية على أن تؤجل مسألة تحديد عدد الأقاليم وتقسيمها الجغرافي وتحال إلى آلية توافقية تقوم على معالم واضحة في ما يتعلق بنسب التمثيل والمهام والجدول الزمني .
دولة اتحادية
ومضى سلام يقول: إن الدولة الاتحادية المتعددة الأقاليم نتمتع بخصوصية ثقافية واقتصادية واجتماعية لكنها لا تستطيع النهوض بواجبات التنمية المستدامة إلا عن طريق الدخول في الاتحاد مع أقاليم أخرى, ويؤكد الدكتور سلام أنه لنجاح التجربة ضرورة وجود دولة اتحادية قوية بمؤسسات راسخة وقدرات عالية في العمل بهذا المسار مع توفر حاجة وخصوصية اقتصادية وبيئية في هذا النظام الذي فيه يتخلص المركز من سلطاته ليمنحها للأقاليم .
ويرى بأن هيكلة الدولة الجديدة على هذا النحو الموضوعي والعقلاني السليم وفي إطار الأقاليم (سواء من ستة أقاليم أو بداية من إقليمين تتوسع لاحقا لعدد من الأقاليم بحسب العامل الزمني والبناء المعرفي لهذه التجربة وبحسب الحاجة والخصوصية الاقتصادية والبيئية) سوف يسهم بفعالية كبيرة في تجنيب اليمن ويلات الحروب والصراعات المناطقية بل وسوف يضمن وجود التوافق المطلوب في سبيل الحفاظ على الوحدة .
الجماعات المؤثرة
الدكتور أحمد حميد الدين –أستاذ النظم السياسية بجامعة صنعاء- يقول: إن مسألة الأقاليم ليست بالتنظير بقدر ما تكمن في التطبيق بعيدة عن منظور علقليات “الأنا” في الجماعات المؤثرة وبعيدة عن ثقافة الكراهية والمناظقية.
مؤكدا أن الحكم المحلي سيخفف من مشكلة المطالب لكنه لن يحسم غايات السياسة.
فيما يرى السياسي حسين الغشمي أن الضامن الوحيد هو توطيد العدل وليس شكل الدولة.
مواجهة التحديات
ويرى الناشط السياسي خلدون باكحيل أن تطبيق النظام الاتحادي في اليمن سيرتكز أساساٍ على مواجهة كل تلك الإشكالات والتحديات سواء الاجتماعية أوالاقتصادية أو السياسية أو الأمنية من خلال تأسيس واستحداث كيانات إدارية محلية ضمن سياق المنظومة العامة أي أنه نظام ينطوي في معناه على تواجد كيان واحد عام (النظام السياسي الاجتماعي) ذي سمات متميزة يتألف من مكونات عدة ولكل من هذه الكيانات ومكوناتها خصائصها المتميزة أيضاٍ والغرض من إقامتها هو احتواء هذه الخصائص الاحتواء الإيجابي وما ينشأ عنها من إشكالات لصالح عملية تطور النظام جزءاٍ وكلاٍ.
صراعات الأقاليم
البرلماني والسياسي كهلان صوفان يرى بأن جيش الدولة الاتحادية سيكون الضامن لأي صراعات بين الأقاليم أو الولايات وحامي منجزاتها وستكون مبادئ وأسس الدولة الجديدة التي سيتضمنها الدستور الاتحادي هي نفسها التي ستحكم العلاقة بين الاتحاد والأقاليم دون تغول طرف على آخر وبالتالي ستعزز من قيم المحبة والتسامح بين أبناء هذا الشعب وستقوي روابط الوحدة والحفاظ عليها .
عامل استقرار
يقول الدكتور نبيل الشرجبي -أستاذ العلاقات السياسية والقانون الدولي بجامعة الحديدة- إنه لا بد من رؤية جذرية مستقبلية موحدة وبما يحقق توافق كل القوى للخروج من سيطرة الماضي بكل أحداثه وصوره والشروع في الهيكلة الجديدة بحس وطني.
فيما يرى الدكتور عبدالباسط الحكيمي –جامعة صنعاء- إن تقسيم اليمن إلى أقاليم إذا أحسن توظيفه وتم التقسيم على أسس علمية فإن ذلك سيكون عامل استقرار وترسيخ للوحدة الوطنية لأنه سيؤدي إلى إضعاف هيمنة القوى الابتزازية والتخريبية ويقلل من نفوذهم بشكل كبير.
أسس علمية
موضحا بأن مشكلة اليمن هي هيمنة المراكز والعبث بثروات البلاد مما يؤدي في نهاية المطاف إلى تعزيز الاستقرار وتوثيق عرى الوحدة عندما يشعر الجميع أنهم شركاء في الحكم والثروة مستطردا على مر التاريخ لم تستقر اليمن إلا في ظل نظام الحكم الذي يقوم على المخاليف وهو ما يسمى في العصر الحديث الأقاليم أو الولايات ولكن يشترط أن يتم التقسيم على أسس علمية.
وهو الأمر ذاته الذي أكدته الناشطة السياسية الدكتورة آمنة باسليم مضيفة إلى حديث الحكيمي: إذا صدقت نوايا القوى السياسية في تغليب المصلحة الوطنية وتحقيق العدالة الاجتماعية ونبذ المناطقية وتسليم السلاح للدولة فإن إقليمين أو ستة أقاليم لن يستنزف ثروات البلاد ولن يهدم مشروع الوحدة الوطنية .
إطار الوحدة
من جهته يقول السياسي الدكتور عبدالملك الشرعبي: تأتي مطالبات الأقاليم إيمانا منا بوحدة الأرض والإنسان اليمني ومنها تأتي أهمية توسيع المشاركة للقاعدة الشعبية في بناء الدولة والإسهام في مختلف مجالات الحياة التنموية والسياسية وتقليص المركزية مع الحفاظ على قوة الدولة المركزية في ظل المواطنة المتساوية وخلق التنافس والتكامل في التنمية الشاملة وهنا أضع خطوطاٍ تحت التنافس والتكامل بين الأقاليم بما لها من أهمية في بناء اليمن الجديد والدولة المدنية الحديثة, وهنا يمكن أن نقتبس النجاح الذي حققته العديد من الدول الاتحادية في مختلف دول العالم ويضيف: على الإعلام والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني عليهم مسئولية كبيرة بنشر ثقافة الفدرالية لكي يصل ذلك المفهوم الجيد إلى كل الناس وخاصة لمن ليس لهم اطلاع على تجارب الآخرين ومن شأنه طمأنة كل من في نفسه أدنى شك أو خوف حول مستقبل اليمن ووحدته وأمنه واستقراره.
مستعرضا نماذج لنجاح الدول الاتحادية سواء في الدول الغربية أو الأوروبية أو العربية واصفا إياها بأنها تجارب أخذت الخطوط العريضة من بعضها في النجاح مع بقاء الخصوصية لكل دولة.
مضيفا أنه لا توجد أنظمة اتحادية في العالم تأخذ بالنظام النمطي لفلسفة نظام الأقاليم وهنا نؤكد أن النظام الاتحادي هو نظام يعمل على تقليص المركزية ومشاركة القاعدة الشعبية والتنافس والتكافل بين مكونات الأقاليم في البناء والتنمية وخلق فرص استثمارية جديدة يصعب تنفيذها على مستوى الدولة المركزية نظراِ لتحكم السلطة المركزية باتخاذ والانفراد في القرار .
معيار المساواة
السياسي الدكتور عبد الرحمن صلاح يقول: إن الدول الحديثة تبنى عندما يكون معيار الكفاءة ومعيار المساواة في فرص الحصول على المناصب هي المعايير الرئيسية لشغل وظائف الدولة بدون النظر إلى مسقط رأس المسئول لأن الشخص يمكن أن يغير منطقته الإقليمية بمجرد الانتقال من إقليم إلى إقليم جديد الذي سيعمل به وسيدفع فيه ضرائب دخله هكذا تعامل الدول الحديثة.
مشددا على ضرورة أن يتم اختيار المسئولين التنفيذيين على مستوى الأقاليم أو المحافظة من بين أبناء المنطقة نفسها وبانتخابات حرة ونزيهة لكي تحد من شعور الناس بالنقمة على غيرهم في حال فشل الإدارة المحلية التي اختاروها بأنفسهم بكون الحكم المحلي سيحد من الشعور بالنقمة على المركز.
وأضاف: إن ذلك لن يحد من سنة الصراع على السلطة بين الأحزاب والقوى السياسية ضمن هذه الأقاليم أو الولايات لذلك يجب تنظيم آليات التنافس على السلطة وترسيخ مفاهيم الصراع الحميد عليها بأساليب ديمقراطية من أجل خدمة المواطن والوطن بدون استغلال الأموال العامة أو المناصب للتأثير على اختيار الناخب سواء كان ذلك على مستوى المحافظات أو الأقاليم أو على مستوى اليمن ككل.
ويرى السياسي ساري العجيلي أن المشكلة في اليمن ليست في شكل الدولة وإنما في فساد بعض القائمين عليها حتى الوحدة لا تحتاج للبقاء إلا إلى العدالة والمساواة ورد الحقوق وإعادة المقصيين أما التقسيم إلى أقاليم فلن يخدم مصلحة اليمن في ظل وجود مراكز قوى فاسدة.
حلحلة القضايا
من جهته يقول السياسي والناشط الحقوقي بسام الحميدي: إذا اتفقت جميع الأطراف السياسية ووافق الشعب اليمني على شكل الدولة الجديد دون المساس بالوحدة الوطنية ودون التميز الجغرافي بين الأقاليم والاقتناع بذالك وعدم الانجرار وراء الفتن والبدء الجدي للدولة في حلحلة قضايا الماضي في الجنوب وتنفيذ مخرجات الحوار وتطيق النقاط العشرين الذي قد تعيق التصالح السياسي والمناطقي والطائفي وتعرقل بناء الدولة وتزرع النزاعات فهنا سوف يبدأ اليمن الجديد بالتنافس في البناء والتنمية وهجر الصراعات والنزاعات والحروب.
ومضى يقول: إذا تم تحديد شكل الدولة دون توافق سياسي وحزبي ومناطقي وتطبيق الدولة الاتحادية بالقوة أو استخدام القوة أثناء بناء الدولة فهنا سوف تبدأ الصراعات والحروب وسوف تفقد الدولة السيطرة على الوطن وهذا يعتبر انتحار الدولة سياسياٍ ولن تستطيع التعافي من جديد ولن تنجح الدولة الاتحادية وبناء الأقاليم إلا بموافقة القوى السياسية والشعب اليمني ومعالجة القضايا العالقة.
20 ملياراٍ
فيما السياسي هاشم علوي له رأي آخر فهو يرى أن اليمن يحتاج إلى حكم مركزي قوي يعيد بناء الدولة ويعيد هيبتها من وجهة نظر علوي ليست هي الحل المفترض لإعادة الحقوق إلى أصحابها ورفع المظالم .
ويقدر علوي حاجة اليمن لـ 18-20 ملياراٍ للتحول إلى نظام الدولة الاتحادية وتهيئة الأقاليم لكي تكون لها مؤسسات دستورية وتنفيذية وهذا يتعارض مع وضع الحكومة اليمنية التي تعتمد على المساعدات الخارجية من المانحين وغيرهم من دول الإقليم الخليجي حسب قوله.
ويضيف علوي: إن الحل يكمن في أن تعاد حقوق الجنوب وتعالج قضية صعدة ويتم إيقاف الحروب الهزلية في الشمال ومنع دعمها من قبل قوى سياسية وعسكرية وقبلية والكل يخضع للقانون والقانون وحده هو الذي يسود كل شبر من أرض اليمن ويحقق دولة المدنية والاستقرار.
الفدرالية
الناشط السياسي ياسين العقلاني: ليس هناك بديل عن الفدرالية لحل القضية الجنوبية وامتصاص غضب وسخط الشارع في محافظات الجنوب الذي يشهد حراكاٍ واسعاٍ منذ عام عام2007 للمطالبة بفك الارتباط واستعادة دولة الجنوب إلا أن هناك من لا يريد الانفصال وإنما يطالب بالمساواة في إشراكهم في السلطة والثروة وإعادة المظالم والحقوق التي سلبت منهم في الفترة السابقة.
وتابع حديثه قائلا: في كلا الحالتين لا بد من حل يرضي الجميع وهو الخروج إلى دولة اتحادية بغض النظر عن عدد الأقاليم التي ستقسم بطريقة علمية بحسب الجغرافيا والبنية الاجتماعية حتى لا نقع في فخ الصراعات الفدرالية لأن ذلك هو الحل الأمثل في حال ارتفاع أصوات تنادي بالانفصال .
التهدئة المطلوبة
السياسي الدكتور جياب مسعود اليهري –جامعة عدن: الوضع يتفاقم بشكل يدل على وجود أطراف تسعى إما إلى إعادة الوضع إلى ما قبل الوحدة وبالتالي التخلي عن كل الالتزامات وما تم التعهد به لدول الخليج ومجلس الأمن, وإما التوجه نحو دولة اتحادية بإقليمين أو ستة أقاليم لكنها بحاجة إلى إيقاف تدخل الأطراف الداخلية ومحاصرتها وبحاجة إلى التهدئة المطلوبة في سبيل محاولة حل المشكلات الخدمية المتأزمة عن طريق إظهار ذلك على الواقع الحياتي في زمن وفارق وقياسي للخروج من الوضع المتأزم والانطلاق الجاد إلى تحقيق شكل الدولة برؤية موحدة
دوائر التأزم
أما الناشطة السياسية ماجدة طالب فتقول: إن الإقليمين لليمن هو الأنسب لحل القضية الجنوبية, لأن الوعي والحنين في الماضي لتشييد دولة في الجنوب خلال أقل من سنتين, يجعل من الحكم المركزي الذي اعتادت عليه اليمن من بعد حرب 94إلى التنافس في الاتحادين للنهوض شيئا فشيئا وهذا من خلال انتخاب رئيس جديد .
توزيع الثروة
باسم الحكيمي –عضو مؤتمر الحوار الوطني: إن إعادة هيكلة الدولة بشكل اتحادي سوف يفتت مراكز النفوذ التي كانت تحتكر السلطة وسيعمل على توزيع الثروة والسلطة بشكل عادل بين كل مستويات الحكم المختلفة ما يعني أن عجلة التنمية ستدور وسيتحقق الاستقرار السياسي وسيتم الحفاظ على الوحدة التي كانت قد بدأت في التصدع –على حد قوله- بسبب ممارسة النظام السابق .

قد يعجبك ايضا