خبطات 2013م.. و(فقه الضرورات)


> 70 اعتداء تخريبياٍ.. أشدها وطأة تحطيم البرج 425

> مدير عام مؤسسة الكهرباء: نعول على الخطوات الأمنية التي أقرها رئيس الجمهورية.. ومعها سنتجاوز المشكلات

> أغلب الإصلاحات تتم في الليل وسط الرمال المتحركة .. ومخاطر جمة

>7 مليارات ريال خسائر عام 2013م .. والحل في التحرك الأمني

تتطلع المؤسسة العامة للكهرباء إلى العام الجديد 2014م كعام يتوقف خلاله نزيف استمر ثلاثة أعوام من الاعتداءات على خطوط النقل مارب – صنعاء 400 كيلو فولت غير أن وتيرة هذه الاعتداءات قد زادت في العام 2013م تحديداٍ لأنه حمل معه تفاصيل أخرى من المعاناة التي عاشها المواطنون في عموم المدن في حين بدت خلاله المؤسسة العامة للكهرباء في مهمة استنزاف لكل جهودها وإمكانياتها خاصة مع تواتر الاعتداءات التي وصلت إلى 70 اعتداء خلال العام 2013م بتكلفة خسائر تصل إلى 7 مليارات ريال.
مع ذلك بدت المؤسسة أكثر إصراراٍ على عدم الاستسلام أو التراجع على الرغم من صعوبة المهمة وحجم الدمار الذي لحق بمنشأتها.

نحن هنا نرصد أبرز المحطات والصعوبات التي واجهتها الكهرباء ولعل أهمها تمثل في تحطيم البرج رقم 425 في منطقة الدماشقة وتفاصيل مهمة لم يسبق نشرها في وسائل الإعلام عن المعالجات التي اتخذت لتجنب تحمل تبعات انهيار المنظومة الكهربائية.. بشكل عام ومعاناة الفرق الهندسية الجندي المجهول في كل هذا العناء.
تداعيات حادة
على الرغم من مساحة الإحباط التي سادت خلال الأعوام الثلاثة جراء اعتداءات لم تتوقف على خطوط نقل الطاقة الكهربائية مارب – صنعاء مع حيث شكل العام 2013م ذروة القلق لاستمرار وتيرة هذه الاعتداءات المتتالية إذ كان الناس خلاله على موعد مع المزيد منها وقبل أن نودعه كنا مع تفاصيل مريرة في 28 ديسمبر منه حيث وصلت النتائج التي عادة ما تحدث إلى الذروة فعقب كل اعتداء ثمة نتائج كارثية تلحق دماراٍ هائلاٍ في محطات التوليد تخرج على إثرها العديد من الوحدات التوليدية عن الخدمة يقول مدير عام المؤسسة العامة للكهرباء المهندس عبدالرحمن سيف عقلان: عادة ما نجد أنفسنا أمام تنفيذ مهام اضطرارية جراء النتائج المترتبة على كل اعتداء من إصلاحات وصيانة للأعطال التي يخلفها كل اعتداء على سائر المحطات.. من أجل إعادة الوحدات التي خرجت وإصلاح المعدات التي تتضرر مع كل اعتداء وعلى سبيل المثال في الثلاثة الأيام الأخيرة من الشهر الأخير من العام الفائت حدثت اعتداءات أكثر حدة حيث زادت الاعتداءات المتكررة على ابراج نقل الطاقة وخروج غازية مارب عن الخدمة وترافق ذلك مع تأخر وصول الوقود لوحدات التوليد في تعز والحديدة إلى جانب الأعطال التي طالت العديد من الوحدات التوليدية وقد مرت ساعات طويلة والاطفاءات مستمرة جراء هذه الاعتداءات وتداعياتها على الوحدات التوليدية التي خرجت كنتيجة مباشرة لهذه الاعتداءات والتي من آثارها خروج محطة المخا بشكل كامل وكذا وحدتين في محطة رأس الكثيب بالحديدة لكننا سرعان ما عملنا على اتخاذ الخطوات الفنية اللازمة ولا زلنا نعاني من تداعيات الاعتداء الأخير في منطقة نهم.. حتى اليوم.
تفاؤل مع مطلع العام الجديد
لكن مدير عام المؤسسة العامة للكهرباء حسب قوله يتطلع أن يكون عام 2014م عاماٍ حاسماٍ من خلال اتخاذ الحلول الأمنية لأن الحل بالدرجة الأساسية حلاٍ أمنيا وهذا ما كنا نؤكد عليه على الدوام لأنه لا يمكن بأي حل أمني الأحوال القبول باستمرار هذه الأعمال الإجرامية إلى ما لا نهاية دون أن تتحرك الدولة لإيقاف هذه المأساة ولا يمكن لهذه العصابات الإجرامية أن تفلت من العقوبة وأن تواصل جرائمها دون رادع مؤكداٍ أن المؤسسة العامة للكهرباء قامت بما يجب عليها فعله في تنفيذ الإصلاحات انطلاقاٍ من مسؤوليتنا لأن هذه مهمتنا وليس بمقدورنا القبض على مرتكبي هذه الاعتداءات لأن ذلك مهمة الجهات الأمنية.
وأشاد عقلان بتحرك اللجنة الأمنية العليا في اتخاذ خطوات شجاعة في وضع حد لمسلسل هذه الاعتداءات عبر ما شهدناه مؤخراٍ وهذه الإجراءات تبعث على التفاؤل وعلى مرتكبي تلك الاعتداءات أن يدركوا بأن صبر الدولة عليهم قد نفذ فعلاٍ وأنه قد حان الوقت لأن ينالوا جزاءهم الرادع.
المهندس محمد الشيباني مدير عام التوزيع بالمؤسسة العامة للكهرباء يرى بأن التحرك الأمني من شأنه أن يضع حداٍ للأعمال الإجرامية لكنه يتمنى استمرار هذه الجهود وعدم التهاون في المستقبل أمام أي أعمال إجرامية قد يقدم عليها أي فرد أو جماعة وأنه لا يجب أن تمر مثل هذه الجرائم في الاعتداء على خطوط نقل الطاقة أو أي من الممتلكات والمنشآت دون أن تقوم الدولة بمسؤولياتها في هذا الشأن.
المهمة الشاقة
في مسلسل الاعتداءات المستمرة على خطوط النقل مارب – صنعاء تكمن قصة أخرى من التحدي التي يخوضها المهندسون في أعمال الإصلاحات في مناطق ظلت تتسم بالخطرة لكن الأبرز خلال العام 2013م تتمثل في إصلاحات ليلية نفذها المهندسون وسط رمال متحركة ومناطق لا تزال ساخنة لازالت تشكل مسرحاٍ لارتكاب الاعتداءات حيث تبقى الفرق الهندسية في حالة جاهزية بانتظار السماح لها بالدخول إلى موقع الأضرار لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة في مهمة محفوفة بالمخاطر لكن المهمة الأبرز في هذه المعاناة التي يتكبدها المهندسون خلال العام 2013م تلك المهمة التي خاضوها في تركيب البرج الخشبي البديل عن البرج المنهار 425 في منطقة الدماشقة.
ففي مساء الأربعاء الثالث من أكتوبر 2013م بدأت المهمة التي تظهر إصرار المؤسسة العامة للكهرباء على خوض التحدي في إنجاح تجربة حل إسعافي يمكن من عودة غازية مارب لنطاق الخدمة بالاعتماد على البرج الخشبي الذي شرعت في تركيبه كبديل مؤقت عن البرج المنهار في منطقة الدماشقة 425 كمهمة صعبة تتسم بالكثير من التعقيدات التي أدت إلى تأجيل عودة المحطة للعمل حسب ما كان متوقعاٍ مساء الاثنين من مطلع الأسبوع الأول من أكتوبر حيث كان يستعد الفريق الهندسي لمغادرة موقع الإصلاحات عند الساعة العاشرة مساء بعد أن اعتقدوا بأنهم أكملوا أعمال الإصلاحات لكن النتائج التي أظهرتها الاختبارات الفنية التجريبية تمثلت بعدم نجاح إمكانية عودة المحطة وهو ما أفسح المجال أمام الشائعات في صفوف الشارع حول عدم عودة غازية مارب مما عزز من مشاعر اليأس لدى المواطنين خاصة بعد ما تناقلته المواقع الإخبارية والعديد من وسائل الإعلام عن عدم عودة المحطة الغازية إلا بعد الانتهاء من إنشاء البرج الحديدي الذي يتطلب إنشاؤه 20 يوما وفقا لأقل التقديرات.
وهنا نضعكم أمام تفاصيل انجاز تلك المهمة المعقدة التي تكللت بالنجاح من موقع العمل في منطقة الدماشقة وكانت بمثابة تحدي خارق عاشته مؤسسة الكهرباء خلال 2013م أمضى الفريق الهندسي مساء الاثنين بعد الانتهاء من تركيب البرج الخشبي وكافة الأعمال الفنية في مراجعة كافة الأعمال التي قاموا بها لكن أيا من تلك التعديلات التي أجروها والتي استمرت أياما حتى عودة المحطة لاصطدامها بنتائج محبطة كادت تذهب بكل جهودهم أدراج الرياح.
ومع كل ذلك ونحن نتابع تفاصيل المهمة أولا بأول لم يضع أيِ من مسؤولي المؤسسة العامة للكهرباء الذين تواصلنا معهم أي احتمال لفشل التجربة التي تطبق لأول مرة هذا ما أكده لنا مدير عام المؤسسة العامة للكهرباء وذلك على الرغم من تعثر كل الجهود التي بذلت وقال بأنه على ثقة بأن الفريق الهندسي سيتمكن من إجراء التعديلات المطلوبة للأعمال التي قاموا بها لإعادة المحطة في حين أن الفريق الهندسي بذل كل ما بوسعه فعلة ولم يكن لديه المزيد من الخيارات ربما لكن المعادلة تغيرت مساء الأربعاء من الأسبوع الثاني من شهر أكتوبر حيث فوجئ الفريق الهندسي بوصول المهندس عبدالرحمن سيف عقلان مدير عام المؤسسة العامة للكهرباء إلى الموقع في منطقة الدماشقة في زيارة غير معلنة على رأس فريق هندسي يرافقه فيها المهندس محمد الشيباني مدير عام التوزيع بالمؤسسة وغيرهم ولم ترافقهم كاميرات التصوير وحين لمناه على إبعاد الإعلام عن هذه المهمة في هذا الظرف وفي منطقة صحراوية خطرة وما إذا كان قد صار فعلا يخشى فشل التجربة على الرغم من كل التطمينات التي حرص على تأكيدها لنا بأن عودة المحطة بحاجة إلى وقت قصير ربما لساعات قليلة وقال لنا أنه جاء إلى المنطقة بصفته مهندساٍ عمل في هذا المجال لسنوات ليكون إلى جانب المهندسين الذين يدرك معاناتهم في هذه الصحراء وإنه لن يغادرها إلى مكتبه في صنعاء إلا برفقتهم بعد ان يكونوا قد نجحوا معا في إعادة غازية مارب.
والكل أمام هذا الظرف وضعوا أنفسهم أمام تحد صعب في مهمة يجري تطبيقها لأول مرة بالنسبة لخطوط نقل 400 كيلو فولت والمخصصة لنقل الطاقة من محطة مارب الغازية لأن المرة الوحيدة التي جرى فيها تركيب برج خشبي على خطوط نقل ضغط مرتفع كان لخطوط دوائر نقل 132 كيلو فولت حين تعرض البرج رقم 32 لخطوط نقل مارب – صنعاء للتدمير في بيت دهرة بتاريخ 20/10/2011م واستمرت غازية مارب خارج نطاق الخدمة حتى تاريخ 18/2/2012م أي قرابة خمسة أشهر عاشتها عموم المدن اليمنية كأسوأ حالة إطفاءات ربما هي الأعلى منذ بداية ظهور الاعتداءات على خطوط نقل مارب – صنعاء بشكل أقوى مطلع 2011م وهذا ما يجعل المهمة مختلفة لأهميتها وهذا الاختلاف في هذه المهمة يرجع إلى خيارات المؤسسة العامة للكهرباء في اللجوء إلى ابتكار حل إسعافي ليس سهلاٍ حسب وصف المهندس محمد الشيباني مدير عام التوزيع بالمؤسسة العامة للكهرباء من خلال اللجوء إلى تركيب برج خشبي بديلاٍ عن البرج المنهار 425 وتبدأ الصعوبة من عدم وجود أعمدة خشبية بطول 30 متراٍ ثم في تركيب الغازات والتوصيلات حسب أبسط تعبير فهناك إلى جانب القياسات والمسافات بين الأعمدة الخشبية التي تم نصبها وهذا ما جعل مدير عام المؤسسة العامة للكهرباء يتواجد ليلاٍ في مهمة استثنائية وسط الرمال المتحركة وأعماق الصحراء الموحشة في منطقة لا تزال حتى اليوم توصف بأنها ساخنة وخطرة وبدا مساء ليل الأربعاء من منتصف الأسبوع الأول من وصول الاعتداء استثنائياٍ منذ لحظة وصول مدير عام المؤسسة العامة للكهرباء عند الساعة السابعة مساءٍ من ذلك اليوم عاملاٍ حاسماٍ في مهمة استمرت حتى الصباح لتستمر حتى الواحدة من ظهر الخميس أمضاها مدير عام المؤسسة برفقة المهندسين الذين رأوا في الزيارة عاملاٍ رفع من معنوياتهم وزادهم ثقة بحتمية نجاح التجربة وقضوا ساعات ممتعة على الرغم من التعب والمجهود الشاق حسب وصف «مسعد» من إدارة خطوط النقل وخلال هذه الأوقات ومنذ الساعة السابعة مساءٍ أمضى الفريق مراجعة الأعمال التي نفذها في تصميم البرج الخشبي والتوصيلات والغازات وغيرها من الأعمال الفنية وإجراء التعديلات الجوهرية على كل ما تم وسبق من أعمال وبقيت الثقة هي الشعور السائد لدى الكل بأن العمل في نهاية المطاف سيكلل بالنجاح وقد أيقنوا ذلك عند الساعة الثانية فجراٍ من يوم الخميس وكانت قد أظهرت النتائج نجاح المهمة فعلاٍ لكن ذلك كان يتطلب أيضاٍ بعض الأعمال الأخرى لضمان كفاءة أداء البرج وتطلب الأمر بعدها الانتقال إلى محطة صافر لاتخاذ معالجات فنية أخرى قبل أن تعود فعلاٍ محطة مارب الغازية إلى نطاق الخدمة عند الساعة الثانية و44 دقيقة من يوم الخميس الموافق 4 أكتوبر 2013م ليتم الفريق بقية اليوم في نقاش أعمال تتعلق بإنشاء البرج المنهار وقبل أن يصل الفريق الهندسي صنعاء كانت خيوط الضوء قد عمت المدن اليمنية بعد أسبوع من حالة الإطفاءات الحادة التي عانت منها.

قد يعجبك ايضا