القدس تنتفض العدو الصهيوني يصعّد ضد الفلسطينيين.. والعرب يتابعون منذ أكثر من ستين عاماً

 

الثورة / إدارة التحقيقات

فيما ادعت وسائل إعلام إسرائيلية أن من تسميهم بالقوميين اليهود ألغوا مسيرة لإحياء ذكرى احتلال إسرائيل للقدس الشرقية في عام 1967، رصدت لقطات تلفزيونية العشرات منهم يلوحون بالأعلام في أنحاء المنطقة.
وكانت الاشتباكات بين شرطة العدو وفلسطينيين في المسجد الأقصى بالقدس اندلعت قبل بدء مسيرة يهودية قومية يعتزم خروجها الاثنين.
رشق خلالها فلسطينيون بالحجارة القوات الصهيونية التي أطلقت الأعيرة النارية والقنابل، واستخدمت الخراطيم لرش مياه صرف صحي كريهة الرائحة على الفلسطينيين خارج منطقة باب العامود – ويسمى أيضا باب دمشق – في البلدة القديمة.
وقالت مصادر فلسطينية داخل المسجد الأقصى: أن عشرات الفلسطينيين أصيبوا، خلال تلك المواجهات مع الشرطة الإسرائيلية، بالاختناق والرصاص المطاطي.
وقال الهلال الأحمر الفلسطيني: إن أكثر من 215 فلسطينياً أصيبوا وإن 80 على الأقل نُقلوا إلى المستشفى لتلقي العلاج. وأضافت -في حينه- أن شخصا واحدا في حالة حرجة.
وارتفعت عدد الإصابات إلى المئات وما يقارب عشرة شهداء بعد استخدام العدو الصهيوني طائراته وشن غارات عنيفة على غزة.
وأقر سياسيون من بني صهيون بحماقة ما تمارسه حكومتهم، وربط محللون وسياسيون إسرائيليون، بين الأحداث التي تشهدها القدس الشرقية المحتلة، وبين الأزمة السياسية وعدم القدرة على تشكيل حكومة جديدة، حتى الآن، وسط تحذيرات من الانزلاق لانتفاضة في الضفة الغربية وحرب مع قطاع غزة.
ووجهوا انتقادات إلى «عدوانية» الشرطة ضد أهالي القدس و«قمعهم بقوة من دون مبرر وافتقار قيادة الشرطة والأمن للرؤية»، ولا سيما أول من أمس، عندما تم اعتراض حافلات المصلين كبار السن، المتوجهين إلى المسجد الأقصى.
ووصف المحلل العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، اعتراض الشرطة حافلات المصلين التي كانت متجهة إلى المسجد الأقصى لإحياء ليلة القدر، ومواصلة المصلين طريقهم سيراً على الأقدام، بأنه مس شديد بحرية العبادة، والتي ستأتي ردود فعل في أعقابها بالتأكيد.
وأكد أن مشاهد اقتحام أفراد الشرطة، للحرم القدسي أولى القبلتين، الجمعة، «والدوس بأقدامهم على سجاد الصلاة وإلقاء القنابل الصوتية، سيكون لها تأثير أسوأ على صورة الوضع، فهذه مشاهد يمكن أن تشعل موجة عنف أشد، داخل الخط الأخضر، في القدس والمناطق بالضفة».
من جانب آخر اتهم قادة إسرائيليون بارزون، من بينهم رئيس الوزراء السابق، إيهود أولمرت، وأحزاب يسارية، نتنياهو في الأيام الأخيرة بإثارة أعمال عنف في القدس لتحقيق مكاسب سياسية، بعد أن أفادت تقارير بأن أحزاب المعارضة على وشك التوصل إلى اتفاق ائتلافي لتشكيل حكومة جديدة.

السيادة للفلسطينيين
يقول حازم قشوع السياسي والمحلل الأردني: “كما كان مأمولا انتفضت القدس للذات العربية والإسلامية والإنسانية وانتفض أهل بيت المقدس من أجل كرامة الأمة ومن أجل صوت الحق على جبروت سوط القوة”.
ويضيف قشوع: “ها هم نشامى بيت المقدس بعد صبر طويل يطلقون انتفاضتهم المباركة بعدما تبدل بيت القرار في واشنطن وانحاز لصالح قرارات الشرعية الدولية مستفيدين من تغيير بيت القرار سياسيا ومستثمرين من درجة تغيير المناخ في الاصطفافات الإقليمية لصالح القدس وقضيتها المركزية”.
ويتساءل الكاتب: “هل يناصرهم النظام العربي بقمة طارئة تدعمهم، والمؤتمر الإسلامي يعقد بقمة داعمة تساندهم، والشعوب العربية بمظاهرات تأييد تدعم صمودهم، والمجتمع الدولي بقرار أممي يلزم إسرائيل بالتقيد بقرارات الشرعية الدولية؟”
فيما قال حسن المحمدي في “العرب” القطرية: “لن تفنى القدس من أهلها، ولن يظل الأقصى وحيدا، ولن يغدو التهويد فيها أمرا واقعا”.
ويضيف: “كلما أتى وقت خُيّل إلى هؤلاء أن القدس طواها النسيان والقضية الفلسطينية ماتت، تفاجؤوا بتضامن شعبي عربي وإسلامي مع هذا الشعب -الوحيد الباقي تحت الاحتلال في العالم- وقضيته العادلة. فالأحداث الجارية حاليا والتي تسببت فيها حركة ‘لاهافا’ بدعم من جيش الاحتلال، كشفت لهؤلاء المرتزقة أنهم مخطئون في تخيلاتهم. وفي الحقيقة، لا يحتاج الشعب العربي إلى أحداث أو مناسبات ليتذكّر القضية الفلسطينية ويهتم بها، فهذه القضية في وجدانه، ومرتبطة بالأمن القومي لدوله”.
وفي الرأي الأردنية، كتب رمضان الرواشدة تحت نفس العنوان يقول: “المواجهات المستمرة منذ يوم الخميس الماضي بين الفلسطينيين في القدس، … والمستوطنين وجيش الاحتلال تعيد إلى الأذهان مسألة وضع القدس والمقدسات والطابع الديمغرافي والسكاني للمدينة المحتلة. هذه الانتفاضة الشعبية أعادت أيضا إلى الواجهة ذكرى انطلاقة الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام2000”.
ويضيف الكاتب: “على العرب أن يقفوا مع الفلسطينيين وبما أن القوة العسكرية وإرسال الرجال غير متوفر فإن بالإمكان تقديم الدعم المالي لتعزيز صمود الهيئات المقدسية وحماية البيوت والأماكن المقدسة من التهويد والمصادرة، وهو أضعف الإيمان”.
وفي مقال بعنوان “الانتفاضة الثّالثة”، يقول عبدالباري عطوان في “رأي اليوم” اللندنية ” في الانتِفاضتين أن في الأولى كانت الحجارة، وفي الثّانية القنابل الحارقة والكلاشينكوف، وفي الثّالثة تعانقت الحجارة والقنابل الحارقة في الضفّة مع صواريخ المُقاومة في قطاع غزّة، وبدعم من جيش الإيمان الذي يحمي المدينة المُقدّسة بدِمائه وأرواحه، فعندما تُطلِق المُقاومة 35صاروخا باتّجاه المُستوطنات في غِلاف قِطاع غزّة تضامنا مع المدافعين عن المسجد الأقصى، ودعما لهم، ولم تنجح القبب الحديديّة إلا في اعتراض ستة منها فقط، فهنا يكمُن الإعجاز”.
ويضيف عطوان: “لن يشعر المستوطنون في كل فلسطين بالأمان والاستقرار، ولن تحميهم القبب الحديدية، ولا طائرات الشبح ‘إف 35’، ولا حتى حاملات الطائرات الأمريكية طالما استمر الاحتلال، فإرادة المقاومة أقوى من كل هذه الأسلحة، وأكثرها فاعلية، وأطولها نفسا وصبرا، وسيكون لها النصر في نهاية المطاف”.
كما تقول “الحياة الجديدة” الفلسطينية في افتتاحيتها “ما يجري في القدس اليوم، إنما هو التجسيد الواقعي البليغ، لحقيقة أن السيادة الفلسطينية، حاضرة بشجاعة فرسانها، في بيتها الجامع، ولا بيت لها سواه، والإجماع الوطني بهذا الشأن لا لبس فيه، لا لأن القدس هي درة التاج، وأيقونة التاريخ الحضاري والأخلاقي الفلسطيني فحسب، وإنما لأنها كذلك أساس التسوية العادلة، للسلام العادل، حين هي عاصمة لدولة فلسطين المستقلة”.
كما كتب رجب المدهون في “الأخبار” اللبنانية مقالاً بعنوان “غزة تؤازر القدس”، يقول فيه إن حركة حماس “حضّت على مواصلة الاحتشاد في البلدة القديمة وعلى أبوابها، مناشدة الفلسطينيين في الضفّة والداخل المحتل شد الرحال للمسجد الأقصى وأداء الصلوات أمام الحواجز العسكرية التي تحول دون وصولهم إلى القدس”.
ويؤكد الكاتب أن حركات المقاومة في غزة “أطلقت، خلال اليومين الماضيين، أكثر من 50 صاروخا وقذيفة هاون تجاه المستوطنات والمواقع العسكرية”، مشددا على أن حماس دعت باقي الحركات أن “تُبقي اليد على الزّناد، وتهيّئ صواريخها لتكون مستعدة لاستهداف معاقل العدو ومنشآته العسكرية والحيوية”.

الشيخ جراح
تصاعد التوتر منذ بداية شهر رمضان في منتصف أبريل، مع سلسلة من الأحداث التي أدت إلى الاضطرابات.
ثم اندلعت مع بداية شهر رمضان اشتباكات ليلا بين شرطة العدو وفلسطينيين نحتجين على الحواجز الأمنية خارج باب العامود، مما منعهم من التجمع هناك خلال المساء.
وتفاقم غضب الفلسطينيين بسبب مسيرة قام بها متطرفون يهود، بالقرب من نفس المنطقة، احتجاجا على سلسلة من مقاطع الفيديو التي نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي أظهرت فلسطينيين يعتدون على اليهود الأرثوذكس المتطرفين في المدينة، واعتداءات انتقامية على فلسطينيين على أيدي متطرفين يهود.
وكانت شوارع حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية شهدت لأيام متواصلة مواجهات بين فلسطينيين ومستوطنين يهود على خلفية دعوى قانونية طويلة الأمد ضد عائلات فلسطينية تواجه خطر الإخلاء من منازلها المقامة على أراض يطالب بها مستوطنون، بحسب وكالة رويترز للأنباء.
وهتف مستوطنون في الحي الواقع في مدينة القدس التي احتلتها اسرائيل في حرب عام 1967 في وجه الفلسطينيين “عودوا إلى الأردن”، ورد الفلسطينيون بهتاف:”عنصريون” و “مافيا”.
وخلال الأسبوع الماضي، نشرت شرطة العدو عناصرها في الحي واعتقلت شبانا فلسطينيين واستخدمت خراطيم المياه وسائلاً كريه الرائحة لتفريق الحشود.
يقع حي الشيخ جراح خارج أسوار البلدة القديمة في القدس مباشرة بالقرب من باب العامود الشهير، وتضم المنطقة العديد من المنازل والمباني السكنية الفلسطينية بالإضافة إلى الفنادق والمطاعم والقنصليات.
ويضع مستوطنون يهود أيديهم على منازل في الحي بدعوى أن عائلات يهودية عاشت هناك وفرَّت خلال حرب عام 1948 عند قيام الدولة الصهيونية.
ونسبت وكالة أنباء الأناضول التركية لمحمد الصباغ، أحد سكان الحي، القول إن معاناة السكان بدأت في عام 1972 حينما زعمت لجنة اليهود السفارديم، ولجنة كنيست إسرائيل (لجنة اليهود الأشكناز) إنهما كانتا تمتلكان الأرض التي أقيمت عليها المنازل في العام 1885.
وتعد دعاوى الملكية التي رُفعت في حي الشيخ جراح وحي بطن الهوى نقطة محورية لخطط زيادة عدد المستوطنين في القدس الشرقية التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967.
وأنذرت حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، التي تسيطر على قطاع غزة، إسرائيل بـ “الثأر” إذا استمرت عمليات الإخلاء في حي الشيخ جراح.
تحت عنوان “مأساة الشيخ جراح… فوضى التسوية المتعجلة”، يطالب سامح المحاريق في صحيفة القدس العربي اللندنية بإعادة “ترتيب الأوضاع القانونية المرتبطة باتفاقيات السلام المبرمة سابقا” مع إسرائيل.
ويقول الكاتب: “المشكلة لا تتوقف عند مأساة الشيخ جراح، فهي قد تشكل أسبقية لحالات أخرى في الضفة الغربية، خصوصًا للأوضاع التي تشكلت أثناء الفترة من 1948 إلى 1967، ويعيد ذلك إلى ضرورة العمل بين الطرفين الفلسطيني والأردني للتوصل إلى غطاء قانوني لهذه المرحلة، بكل ما يتطلبه ذلك من حذر وحنكة في التعامل مع عدو متربص بكل إجراء، ومستعد للاستغراق في التفاصيل، ويمكنه دائما أن يجد الشياطين التي يريدها داخلها”.

قد يعجبك ايضا