الاستعمار وصناعة العملاء

عبدالله الأحمدي

 

 

قبل أن يصل حسن البنا إلى الإسماعيلية، وصل المركيز لويس انطوان -وهو رأسمالي فرنسي يمتلك مع أسرته بنك فرنسا – إلى إدارة شركة قناة السويس، وكان يرأس جمعيات زراعية وخيرية، ومؤسساً لجمعية اسمها ( التبصر ) تتبع المحفل الماسوني الفرنسي.
الخمس مائة جنيه التي تلقاها البنا عند تأسيس جماعة الإخوان المسلمين في العام 1928 م، كانت من هذا المركيز باسم فاعل خير، لكن حسن البنا أخفى هذه الحقيقة، وقال إن المبلغ من شخص اسمه البارون ( دي بنوا ) مغالطة للتاريخ.
ظل هذا المركيز مديرا لشركة قناة السويس لمدة عشرين عاما يتعهد جماعة الإخوان بالرعاية ويغدق على أنشطة حسن البنا بالمال، حتى صدور قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين عام 1948 م، ثم غادر إلى فرنسا.
يقول صاحب كتاب سر المعبد ج 2 : إن الهدف من تأسيس جماعة الإخوان كان شق صف المصريين، إذ كانت مصر تغلي حينها بالثورة ضد الإنجليز.
المستعمرون بارعون في صناعة الفتن وصناعة العملاء، وبالذات للعرب والمسلمين في الشرق، فقد اختاروا للوهابية رجلا مشكوكاً في أصله هو محمد بن عبدالوهاب، وللإخوانية رجلا آخر مشكوكاً في أصله أيضا. وقيل إن الاثنين ( عبدالوهاب والبنا ) ينحدران من أصول يهودية، وإن حسن البنا من أصول يهودية مغربية جاءت من الأندلس، كما قال محمود العقاد.
عند نزول البنا إلى الإسماعيلية اختار أن يقيم في بنسيون تملكه امرأة يهودية من أصول بريطانية.
لم يكتف البنا بإنشاء تنظيم الإخوان، بل قام بإنشاء جهاز سري خاص مهمته القتل والتفجير، كان من أولى مهامه قتل النقراشي باشا رئيس الوزراء، والمستشار الخازندار.. وبالمناسبة لم يقتل هذا الجهاز جنديا من جنود الاحتلال البريطاني، بل إن الإخوان عملوا على تأجيج الشارع المصري ضد عبدالناصر، وثورة يوليو 52 في حالة مفاوضات الجلاء، وكان القصد من ذلك هو تأخير جلاء الإنجليز عن مصر، بل إنهم توجوا مؤامراتهم بمحاولة اغتيال عبدالناصر. لقد انشأ المستعمر جماعة الإخوان ضمن أسباب متعددة، وضمن استراتيجية استعمارية لمواجهة الثورة العالمية المتمثلة حينها بالمد الاشتراكي والشيوعي، ثم حركات التحرر التي بدأت في المستعمرات تطالب بالجلاء وتحقيق الاستقلال. لقد استخدم المستعمر كل الوسائل لتمزيق المنطقة، وتفكيك النسيج المجتمعي من أجل بقائه متحكما ومسيطرا على المنطقة، حتى بعد رحيله العسكري.
وكانت الجماعات الدينية – وعلى رأسها الإخوان – إحدى وسائله لتفخيخ المجتمعات العربية وتمزيقها باسم الدين.
رعا الإنجليز قيام دولة إسرائيل وخدعوا العرب بأنهم يحاربون إسرائيل، ومن العجب أن بعض قادة جيوش العرب كان إنجليزياً!! اتخذ المستعمر من إسرائيل والسعودية والإخوان أدوات لمشاغلة الأنظمة الوطنية، واتخذ الإخوان من التكفير أسلوبا لاستهداف معارضيهم؛ سواء أكانوا أنظمة، أو أفرادا أو جماعات.

ولا يزال التاريخ يذكرنا بموقف ذلك الشيخ الإخواني الذي ظل يصلي لله أياما من أجل انتصار إسرائيل على نظام عبدالناصر في مصر في حرب 1967 م، وكيف هلّل الإخوان و”زغرطوا” للهزيمة.
تكفير المجتمع وجاهليته كان المهمة التي خرج بها سيد قطب من السجن، ومن هذا المنطلق فالمجتمعات كلها كافرة ولابد من محاربتها بكل أشكال العنف حتى تعتنق الإسلام الإخواني.
واتخذوا العنف والتصفيات الجسدية وسيلة لإرهاب أصحاب الأفكار المغايرة لهم، حتى وإن كانوا من رجال الدين؛ كأمثال الإمام الذهبي الذي تم تصفيته في سبعينيات القرن الماضي.
عندما تفاقم عنف الإخوان في الأربعينيات من القرن الماضي، تحرج حسن البنا أمام السلطات الأمنية والمجتمع، فاضطر إلى كتابة بيان بخط يده: ( ليسوا إخوان وليسوا مسلمين ) تقية، فصدق وهو الكاذب، بل قيل إن التنظيم السري الخاص كان قد خرج عن طوعه.

قد يعجبك ايضا