الإذاعة المدرسية .. الإعلام المصغر والتأثير الكبير

¶ عبدالوهاب البنا –
تظل الإذاعة المدرسية بمرسومها ومفهومها نتاجاٍ مصغراٍ للإذاعة الحقيقية لأن تنفرد به الإذاعة المدرسية تلك السعة القابلة للخطأ والتعلم كونها قاعدة إنشاء إلى جانب أنها تصدر المعلومة وتحتفى بالقبول مثلها مثل الإذاعة الرئيسة وربما كانت أهمية الإذاعة المدرسية أبلغ من الرئيسة كونها تحت إشراف تربوي لا تخضع لآراء مغلوطة كالإذاعات التجارية مثلاٍ كما تظل قاعدة يتعلم منها الطالب الوقوف لتعلم الإلقاء إلى جانب الابتكار ككتابة القصيدة والمقال الخطابي.
هكذا ظهرت الإذاعة تحمل مثل هذه الأهداف الرامية إلى إبراز وتقويم المواهب لكن ما انتهى به الأمر إلى أنها أْهملت لتصبح روتيناٍ تقتص دقائق معدودة من الوقت يصل إلى عشر دقائق في ظل عدم إنتباه من المدرسين والطلبة إليها إلا في بعض المناسبات القليلة ويعد ظهور بعض القصائد الشعرية النابض الوحيد لظهور موهبة هنا وهناك وخصوصاٍ المدارس الثانوية أما المقال وما يعنى بتسميته كلمة الصباح فربما أفتقد وجوده وقد يكون سبب افتقارنا إلى تشجيع الطلاب على مواضيع الإنشاء والتعبير من قبل مدرسي اللغة العربية كما كان يعول عليها في السابق قبل ثلاثين عاماٍ والسؤال لماذا لا تكون الإذاعة المدرسية ضمن ما تم تطويره وتحسينه على كل المستويات لماذا لا نجعل الإذاعة المدرسية حصة تربوية نستعين في تطويرها مع بعض المتخصصين وكذلك الطلبة لنوجد كل يوم موضوعاٍ تربوياٍ هادفاٍ نبني به تلك التشققات والتصدعات في حب الوطن وبهذا نكون قد أثرينا الطالب كل يوم حصة تتضمن جانباٍ تربوياٍ دينياٍ نغرس كل يوم مفهوم عن الصدق مثلاٍ وإيجابياته عن الأمانة عن الكذب وسلبياته فيأتي إعداد الإذاعة مثلاٍ بآيات عن الصدق يليها حديث صحيح عن الصدق وكذلك كلمة الصباح عن الصدق والحكمة … إلخ. لنجد التلميذ بعدها قد تشبع بالمفهوم الذي حاولنا غرسه وقد يستطيع مشرف الشعبة التي يوكل إليه إعداد هذه الإذاعة تحضيرها في وقت مبكر حتى وإن تم الاستعانة بالنت.
الإذاعة ابتكار
لماذا لا يكون للإذاعة مواضيع مقررة إن لم أقل مبتكرة تتضمن توعية الطلاب عن حب الوطن وإمكانية التعايش مع الآخر بسلام وتسامح وكيفية إيثار الآخر على أنفسنا طالما تاريخنا الإسلامي مليء بهذه المواضيع لماذا لا يكون لنا إذاعة مدرسية مترابطة بعيدة عن العشوائية رغم أن المسألة لا تحتاج إلى كلفة أو إلى ميزانية ينصب ثقلها على كاهل الدولة¿ ما السر في أن تكون الإذاعة المدرسية شتاتاٍ لا تحمل موضوعاٍ معيناٍ ¿ ولذا لا نجد إنصاتاٍ لها من مدرس أو طالب ¿ لماذا لا يوجد متخصصين في الإذاعة المدرسية مثلما يوجد متخصصون في التربية الرياضية وهل الترفيه الرياضي أهم من الترفيه في مجال الإبداع والتميز الفكري ¿ كيف لوزارة التربية والتعليم أن تتطرق إلى مثل هذه الجوانب¿
التأثير السلوكي
أين ومتى تدرس المفاهيم التربوية التي تخضع للأحداث والمتغيرات الجديدة إذا سلمنا جدلاٍ أن بعض نصوص القراءة في منهج اللغة العربية قد تطرقت إلى بعض المفاهيم التربوية التي من شأنها التهذيب والتقويم لكنها قطعاٍ لا تشمل ما هو جديد فالمناهج لا تتجدد بين يوم وليلة ولذا يكون المعول على أن تخضع الإذاعة المدرسية لمثل هذه التوجهات التربوية التي خارج نطاق المنهج ويظل حدث المعلومة الجديدة والتطور بأبوابه المفتوحة سلباٍ أو إيجابا متجدداٍ مع مظاهر السلوك التي تختلف من جيل إلى آخر ومن سنة إلى أخرى لذي فقد أصبح من الضروري أن يكون للإذاعة المدرسية محرك الهدف منه حث النشء على بعض السلوك السيئ كالنت والتعلق به كسلوك غريزي عبثي لا يسمو إلى مستوى حيثي قائم على البحث العلمي والمعلومة المفيدة ففي زمننا كان المدرس يتولى مثل هذا الأمر إن وجد مايدعو الى تقويم اعوجاج في سلوك طالب ترك الحصة العلمية ليبدأ بحصة في السلوك يعلمنا فيها ما يجب فعله والالتزام به إيزاء ما يحدث من سلوك سيئ أدركه المعلم كاعتياد السينما في ذلك الوقت أو النظر إلى الصور الماجنة وغيرها من الأشياء التي لم يكن حينها يتطرق إليها المنهج كسلوكيات.
الإعلام التربوي
فالفعل المشين الذي يظهره الطالب بقصد مدرك أو غير مدرك يدفع المعلم حينها لاستنكار فعلته هذه ومن ثم يقوم بتوضيح انطباع المجتمع عن مدى سوءه وسلبيته واستنكار المجتمع له فنتعلم انطباعاٍ يرسخ في أذهاننا عن طريق ما يسمى بتربية حدث الساعة فلا نتجاوز بعدها اختراق مثل هذا السلوك أو الإساءة إن صح التعبير في حين أن المدرس لا يقيم هذه الأيام اعوجاج الطالب وأكثر ما يقوم به هو طرده من الحصة وربما أطال حرمانه من حصص عدة مستنفراٍ من فعله عاجزاٍ عن توجيهه ما أوجد الشرخ الذي نسمع عنه موضوع الاعتداء على المدرس وكل هذا بسبب صلة الإحساس للأبوية الذي أنعدم لصبح كل اهتمامه المادة العلمية التي سيقدمها كان الجانب التربوي ليس من شأنه هذا بالنسبة للمدرس فكيف بالطالب الذي وجد العالم شاشة مصغرة في يده بكل الثقافات القبيح قبل المليح في ظل غياب حصة في اليوم تعنى بالجانب التربوي وإن كان ما يدرس يعنى بجوانب علمية بحتة وكل هذا القصور تأتي بسبب تعثر دور الإعلام التربوي وإن وجد ككيان داخل هيكل وزارة التربية والتعليم إلا أنه غير مفعل برغم ما تبذله الدولة من أموال لعدد من موظفيه الذي ليس لهم أصلاٍ صلة بالجانب الإعلامي فقد نجد مدير عام الإعلام التربوي على سبيل المثال للوزارة مجرد موظف لا يمت للإعلام بصلة فهو ليس كاتباٍ صحفياٍ ولا مذيعاٍ ولا ندري ما الذي جعله يتبوأ هذا الموقع ومن ثم فإن فاقد الشيء لا يعطيه وتظل الحكاية همزة وصل ونقطة انطلاق لا ندري متى تبدأ إلا أن كل وسائل التغيير متاحة إذا توافرت النية كون إدارة الإعلام الموزعة على مكاتب محافظات الجمهورية مأهولة بعدد من الموظفين الذين يمكن تحريكهم أو استبدالهم بكوادر تستطيع في ظل خطة عمل وميزانية لا تكاد تذكر الوصول إلى الغاية فإن كنا قد لاحظنا توجهاٍ لمكتب التربية بالأمانة كإصدار صحيفة شبه شهرية والنزول الميداني للإشراف والتوجيه على الإذاعة إلا أنني أرى أن يسبق هذا حملات توعية تضم تعاميم لمدراء ومديرات المدارس عن أهمية الدور الريادي للإذاعة المدرسية وما بمقدورها أن تلعبه.

قد يعجبك ايضا