دروس من هدي القرآن الكريم: الموالاة والمعاداة

 

الثورة / 
ببصيرته الإيمانية الثاقبة المرتكزة على قاعدة (عين على القرآن وعين على الأحداث) يشخص الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي (رضوان لله عليه) واقع الأمة ويستشرف آفاق المستقبل.
وفي هذا الدرس يشير الشهيد القائد إلى قضية القدس وتهاون الحكام العرب والمسلمين تجاه هذه القضية ونتيجة لهذا التهاون وموالاة الأنظمة الخانعة لأمريكا وإسرائيل وانجراراهم الأعمى لتنفيذ المشاريع الاستكبارية وتفريط هذه الأنظمة في قضية المقدسات الإسلامية التي كانت القدس في المقدمة تأتي التهديدات اليوم لباقي المقدسات مكة والمدينة والكعبة ومسجد رسول الله ، رأينا كيف دنس الصهاينة المسجد النبوي الشريف في فضيحة مخزية للنظام السعودي الخائن والعميل. ورأى أبناء العروبة والإسلام كيف أسهم النظام السعودي والنظام الإماراتي في إنجاز صفقة القرن والتقارب مع الكيان الصهيوني الغاصب على حساب الأرض والكرامة.
يقول الشهيد القائد: نحن اليمنيون بطبيعتنا فينا تحليل كثير للأحداث، ومع تخازين القات تقريبًا في أي بيت في أي مكان يحللون كل الأحداث، ونبدأ من أمريكا إلى أقصى منطقة، حتى أني أذكر مرة ونحن مخزنون في صنعاء في بيت الشايف وكان عنده ضيف وهو سفير عمان أيام تلك الأحداث بين الشطرين السابقة، أحداث ما بين علي عبد الله وعلي سالم، بين الحزب الاشتراكي والمؤتمر، والناس ملان تحليل، ملان أخبار، ملان.. فقال: أنتم اليمنيون توجدون في أنفسكم قلقًا، وتوجدون في أنفسكم أيضًا رعبًا، وتحللون الأحداث بطريقة أحيانًا تكون معكوسة، يخرج الناس وهم يحملون همًا فيما يتعلق بحاجاتهم من [قمح] أو نحوه.. قال هذه طبيعة يلمسها في اليمنيين غريبة.
التحليل إذا كان تحليلاً إيجابياً وفهماً للأحداث على حقيقتها ليكون لي موقف منها، موقف إيماني.. لا أن أتلقى ما يقوله الآخرون وأتأثر بالآخرين، أنا لابد أن يكون عندي قدرة على أن أفهم الأحداث، فهم كيف أقف الموقف الإيماني منها، هذا جيد.
لكن عندما يكون الناس يتحدثون بما يتحدث به الآخرون، ويحللون تحاليل قلب يترتب عليها تأييد ومعارضة، هذه هي نفس القضية الخطيرة، يخرج الناس من مجلس معين بعد تخزينة – وخاصة إذا هي بزغة جيدة وأذهان صافية والأريلات كلها تستقبل تأتي تحاليل – ويخرج الإنسان وهو ما يدري، قد هو متجه لأن يصلي صلاة المغرب والعشاء وفي علم الله قد يكون ممن قال الله عنهم: {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} ما معنى منهم؟ ألم يقل هناك: اليهود والنصارى؟ لا تتخذوا، جاء بالاسم لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء، فعندما يقول: {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} يعني ماذا فإنه من اليهود والنصارى.
فيخرج واحد لا سمح الله وقد هو يهودي – متجه إلى المسجد – من حيث لا يشعر، يهودي بغير زنانير، نتيجة التحليلات الخاطئة والفهم الخاطئ وسهولة اتخاذ الموقف على حسب ما يسمع.
الشيء الذي لا بد منه أن الإنسان إذا ما تبينت له الأحداث يكون له موقف بأنه لا يتخذ من داخل نفسه تأييداً أو معارضة إلا بعد أن يتبين له وجه الحق في المسألة، أو أن يرى ممن يثق بهم في فهمهم في تدينهم من قدواته لهم موقف من هذه المسألة فيقف موقفهم.
غير هذه تكون المسألة خطيرة، كما حكى الله سبحانه وتعالى في كتابه فقال: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ} (النساء140) ألم يقل مثلهم؟ يخوضون في القرآن يتحدثون عن آيات في القرآن بسخرية أو بنقد أو بأي شيء من هذه، وأنت هنا تزعم أنك مسلم ومؤمن بالقرآن، لكن بجلوسك معهم قد تتأثر، أو بجلوسك معهم وأنت ساكت، يعتبر تشجيعاً لما هم عليه يحولك هذا الموقف الذي أنت تتهاون به إلى أن يكون حكمك حكمهم.
لاحظوا لخطورة المسألة كيف أن القرآن يتحدث: فإنه منهم، إنكم إذًا مثلهم، وإن أطعتموهم إنكم لمشركون، يقول لك: أنت مثل هذا، مثل هذه الجهة التي أنت تقف موقفها، أنت مثل هذه الجهة التي تتولاها، أنت حكمك حكم هذه الجهة التي تطيعها ولو في مسألة واحدة مما هي معصية لله سبحانه وتعالى.
في هذا الزمن أصبحت القضايا خطيرة جدًا جدا ًبشكل رهيب فيما يتعلق بأعمال اليهود والنصارى لم تعد تقف عند حد، أن يصبح مثلا أي زعيم عربي عبارة عن مدير قسم شرطة، يقولون له: نريد فلاناً، يقول: أبشر بنا! نريد زعطاناً، يقولون: تفضل، كلهم جميعًا! هذه الحالة رهيبة جدًا.
وحتى نحن إذا فرحنا بأنهم مسكوا فلاناً، وفلاناً قالوا: مطلوباً لأمريكا تحت عنوان خطير – قد يشمل أي إنساناً يتحرك في هذا الموضوع – إرهابياً، ما هم يقولون: إرهابي، إرهابي لمن؟ أي إرهابي لأمريكا، لمصالح أمريكا، إرهابي يحمل عداء لأمريكا، كيف ما كانت وضعيته، أتركهم اليوم مسكوا فلاناً، أعجبنا؛ لأن فلاناً نحن نكرهه، لكن العنوان مفتوح والقضية مفتوحة، أن هذا الزعيم أو ذلك الزعيم مكلف بأنه أي شخص إرهابي، تسميه أمريكا إرهابياً فيلقى القبض عليه ويسلم لأمريكا فيتحول الزعماء العرب إلى مدراء أقسام شرطة عند أمريكا!
هذه الحالة رهيبة جدًا جدًا، إذا افترضنا بأننا نحن نفرح إذا مسكوا فلاناً أو فلاناً كذا أو.. فمعنى هذا أن الموضوع أقفل أمام الجميع، وأن نفس القضية ممكن أنها تطبق مع الجميع تحت عنوان إرهاب ضد أمريكا، مطلوب من بوش، مطلوب مدري من أين، فمن تلفون نريد فلاناً، قال: تفضلوا، معنى القضية هذه بأنه في الأخير الناس يكممون أفواههم عن الحديث عن أمريكا وإسرائيل، عن اليهود والنصارى وخطورتهم، وأنت تلمس فسادهم يصل إلى كل بيت، إلى كل رأس، لأنه إذا ما تحرك هذا أو ذاك أو هذه الفئة أو تلك الفئة تحرك باعتباره واجباً إسلامياً، أن ندافع فساد هؤلاء، أن نقاوم فساد هؤلاء، فساد تجاوز الحدود المعقولة أصبحت المسألة تهدد المقدسات الإسلامية كلها، تهدد البلاد الإسلامية كلها، تهدد المبادئ الإسلامية كلها.
ما العرب الآن حانبين في قضية القدس؟ احتمال فيما بعد تطلع لنا ثلاث مشاكل هي القدس ومكة والمدينة الكعبة ومسجد رسول الله (صلوات الله وسلامه عليه) والقدس.
ألقاها الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي بتاريخ شهر شوال 1422هـ / اليمن – صعدة

قد يعجبك ايضا