أمين العملسي ..شاعر الدخان واللهيب

ومع تدفق الدماء تدفقت القصيدة..

 

عفاف محمد

عُرف عن الأدب أنه قد خدم العقيدة منذ القدم وسجل دعوتها وبث شعائرها وشرح مضانينها وشاركها في بث الفضائل في النفوس.
وفي كتب التاريخ دوَّن وأرخ الأدباء والمفكرون والمثقفون القصص والملاحم البطولية بكل تفاصيلها، وكان من أهم المخطوطات المحفوظة لتلك الملاحم الشعرية التي ثم تناقلها جيلاً بعد جيل وكانت بمثابة سجل وثيقة تاريخية تحكي الأمجاد القديمة، وكان الشعراء منذ عصر الجاهلية يتفننون في سرد ووصف الأحداث حتى كاد المتلقي يحس حومة المعركة من دقة الوصف وروعة الأسلوب.
وفي صدر الإسلام كذلك دوَّن الشعراء معاركهم الحامية ضد أعداء الدين وبرعوا في إشعال حركة الجهاد لمواجهة أعداء الأمة الإسلامية وكل المعتدين.
وفاخر الفرسان بفروسبتهم المقرونة بساح الوغى وساح القصيد، ولا يختلف فخرهم عن شعراء اليوم حيث يجاهد شعراء المرحلة بأنفسهم وبأشعارهم ويحثون على البذل والتضحية والصبر والمجالدة حاشدين للحبهات .
وبطولة الإنسان منذ القدم قد التحمت ببطولة الأرض وبات بينهما ارتباط وثيق ..وهنا عبّر الشاعر اليمني عن عمق انتمائه وولائه لأرضه مدعماً ذلك بمبادئ راسخة وقيم أصيلة تمزج كيانه مع أرضه المعطاء ، ونجد شعراء اليوم شديدي الشبه بشعراء الأمس حيث حددوا اليوم وجهتهم وحولوها إلى غايات دينية ووطنية عبَّروا بها عما مروا به من أفكار ومؤثرات وترجموها في قيم أدبية إبداعية انتزعوها من صميم الأحداث..
وفي الوقت الذي اتسع فيه الاهتمام بالتجديد الشعري نتجت فنون شعرية جديدة لم تخرج عن سياق المألوف
ولم يخالف شعراؤنا اليوم معايير القصيدة العربية شكلاً ومضموناً .
وقد نادوا في قصائدهم بالنفير العام لجبهات الشرف، مستخدمين كل مهاراتهم اللغوية التي تنسجم مع مهاراتهم القتالية التي ترسخ المفهوم الجهادي مصورين ذلك بأروع الصور.
وهذا التغير الثقافي حري به أن يلاقي اهتماماً من الباحثين والنقاد والدارسين وأن يسلطوا الضوء على سمات القصيدة الجهادية المعاصرة ،ودراسة الظروف التي تمخضت منها جهودهم وإنجازاتهم الجبارة والمؤثرة في هذه الحقبة الزمنية التي انتعش فيها الفكر والأدب واختلف مسارهما.
والتي ساير فيها تدفق القصيدة تدفق دماء الشهداء الأبرار من أنبتت شهادتهم كرامات.
ومن أهم سمات الشعر المعاصر أنه مرتبط بالدين حيث أن الدين مصدر هام يمد الأدباء والشعراء بموضوعاتهم وترقق مشاعرهم وأحاسيسهم وتوحي لهم بكثير من إبداعاتهم ويلتقي الدين والشعر في هدف واحد هو تقويم النفس، الإنسانية والمجتمع الإنساني وإشباع الحاجة الإنسانية بالخير والجمال .
وكي ندنو أكثر من القصيدة الجهادية نقوم بجولة في واحة شاعر جهادي معاصر هو الشاعر أمين العملسي:

الاسم الرباعي / أمين يحيى حليس العملسي
تاريخ ومحل الميلاد: صعدة عام 2000/2/24م.

اللقب الشعري: أبو كيان

الحالة الاجتماعية : عازب.
العمل: مجاهد في سبيل الله.

بدايته الشعرية كانت في وقت مبكر، حيث كان شديد التأثر بالشاعر الجهادي الشهيد الشاعر عبدالمحسن النمري وكذلك الشاعر الشهيد كيان السالمي الذي كان يجتمع معه ساعات المقيل واتخذوا من الشعر مظهراً من مظاهر اللهو الفكري، حيث كانوا يتجارون بالأبيات ما قوى موهبته الشعرية.
هو شاعر متمكن لا يحتاج إلى رصيد ثقافي كونه اكتسب ثقافته من بيئته التي اكتسب منها سمات المجتمع الصعدي الممتلئ قيم وشيماً وخصالاً حميدة.
وأسلوب شاعرنا سلس يضيف للشعر ثروة ويفتح للدارسين آفاقاً ويقدم للقراء مادة شائقة ممتعة فيها من الحيوية والذكاء ولمحات معبِّرة عن شخصيته وتصوره، معانيه مستمدة من القرآن، حيث انعكس وتأثره بالثقافة القرآنية على معانيه ومفاهيمه.
أنشدت له أول قصيدة شعرية بعنوان « صف واحد» أنشدها له المنشد المبدع عبدالخالق النبهان.
وتقول كلماتها:
في صف واحد كل رجَّال انطلق
ضد العدا يا شعب نحرقها حريق
الله أكبر منها الباطل زهق
والله لنا بلعون في شده وضيق..
وهنا يتحدث عن أهمية تلاحم الصفوف محرِّضاً المجاهدين ضد الباطل ومرغباً لهم في عون الله المرافق لهم في كل الحالات .

إلى جانب قصيدته الشعرية المُنشدة تلك أنشدت له عدة زوامل منها:

زامل «شل التحية يا طير» بصوت المنشد سالم المسعودي.
زامل «قوم الملاقي» بصوت المنشدين زين جدبان +علم جدبان.
زامل «يا مارب ابشر» بصوت المنشد هاشم الكبسي.
زامل «داعي الكرامة» بصوت المنشد أبو زين العياني.
زامل «جبين المرجله» بصوت المنشد هاشم الكبسي.
زامل «هبو القوم هبو» بصوت المنشد أبو عمير القاضي.
زامل «طقوم الجيش سريني» بصوت المنشد أبو حمزه الحنفاشي.
زامل «حايم الموت» بصوت المنشد هاشم الكبسي.
زامل «لبيك ابوجبريل» بصوت المنشدهاشم الكبسي.
زامل «التباب الماربية» بصوت المنشد هاشم الكبسي.
زامل «هل المجد» بصوت المنشد جبران العصيمي.
زامل «يا نهم بانسري» بصوت المنشد أبو زين العياني.
زامل «سرها يلكفو» بصوت المنشد جبران العصيمي.
زامل «جرح الموادع» بصوت المنشد أبو شيصان.
زامل «ربعي الجود» بصوت جبران العصيمي +أبو مازن المنصوري.
زامل «قابض على القبضة» بصوت المنشد أبو حمزه الحنفاشي.
زامل «مع الله نضحي» بصوت المنشد حسين الطير.
زامل «صفوت الأبطال» بصوت المنشد احمد مناع.
زامل «فخر لجيال» بصوت المنشد حمزه ستين.
زامل «يا شهيد المسيره» بصوت المنشد أبو شيصان.
زامل «سايق الطقم العماني» بصوت المنشد قايد رعمان.
أوبريت «نحبك يا رسول الله» أذا فرقة الطالب الجامعي.
زامل «جزيلات المعاني» بصوت المنشد حسين الطير.
زامل «هزايم فادحة» بصوت المنشد إبراهيم الملصي.
زامل أهل المدد /بصوت المنشد زين جدبان.
زامل «قل لابن سلمان» بصوت المنشد أبو مازن المنصوري
وغيرها مما سنذكره لاحقاً .
وقد اتكأ شاعرنا في شعره على الشعر القديم وأخذ منه المعاني والوزن محافظاً على هيكل القصيدة .
وكان للبيئة الصعدية تأثير بارز على أعماله، حيث تنسجم والطبيعة الصعدية التي خبر فيها قسوة المعارك، واتسمت أعماله بصورة مشرقة للتصوف سلوكاً وعلماً وشعراً.
ويتبين أسلوبه الجزل وتراكيبه المكتملة وألفاظه البارزة من خلال قصائده الحافلة بالأغراض المتعددة.
وغالباً ما تشير أبياته إلى قوة المحارب وأخلاقه لتشكل ملمحاً لتجارب الحكماء ومأثر الأجداد.
ويخاطب الطير من خلال قصيدته التالية:

شل التحية عن ضميري نيابة
يا طير لا تنسى أوصيك وتخون
للسيد اللي صار شعبي يحبه
معه معه في منهج الحق يمضون
قايد مسيرتنا العلم رمز شعبه
والشعب بأمره ف النوايب يلبون
راسي فدى راسه وروحه وقلبه
ومن دمي سجلت له عهد ما خون
واسلك طريق العز لوهيه صعبة
وانهج بنهجه رافض الذل والهون
واصرخ يموت الشر ويموت حزبه
والموت لسرائيل والكفر ملعون
والنصر للإسلام ربي وعد به
ووعد ربي وعد لنصر مضمون
هاتوا قواكم واضربوا ألف ضربة
ما همنا أمريكا ولا جيش صهيون
بر اليمن والبحر شرقه وغربه
من يحلم ان يغزوه ماعد يعودون
وهنا قصيدة:
ربعي الجود والله في الوغى وافتخاري
منهم الخصم هارب خاب كيده وكره
في الوغى قوم حرقا حاملين الجفاري
دون شعب الكرامة في الميادين خبره.

لديه اكثر من 500 قصيده لم تنشد ولا يزال نهر قصيده يتدفق بل ويزداد بهاء..

ولكون الشاعر «امين» يجاهد في ساحات الوغى من وقت لآخر، فهو يجسد من خلال قصائده المشهد الواقعي للجبهات ويصورها في ابيات بليغة وألفاظ جهادية متقناً المصطلحات الحربية وملماً بأسماء الأسلحة التي يصفها في قصائده وراسماً جغرافية وطن ممزوجة بروحية الجهاد، وقد تنقل في عدة جبهات ما أكسبه هذا الوعي والجلد والتدفق الشعري المواكب للاحداث من تلك الجبهات كجبهات نجران والطلعة والبقع، وسبق ان جرح شاعرنا في جبهة البقع بعدها من نهم الى صرواح ثم الاجاشر وتعز وحجور والصوح وعسير وجيزان ولا يزال إلى حتى اللحظة مرابطاً في جبهات الشرف.
وكان في بداية انطلاقه في عالم الجهاد شديد التأثر بالزوامل التي ينشدها المجاهدون وقال عن ذلك بنوع من التحميس الذي أثار شاعريته .
وللشاعر أمين بصمة عيدية يصف من خلالها حال العيد في الجبهة مؤخراً وهي بعنوان (العيد) والتي يقول مطلعها:
العيد هو في شمال الدار وحدوده
من حيث ما عيَّد الانصار عيَّدنا
نحمي بلدنا مع ابن البدر وجنوده
شلو جعبكم وفي الجبهات موعدنا
الوعد قُدَّام والساعات معدودة
والله يقوي عزايمنا .. ويسعدنا
جهاد واعياد فوق الحد وحيوده
واحراق الاوغاد في داخل مواقدنا
حنّا مع الله وبه لآمال مشدودة
به اتكلنا .. وقاتلنا .. وجاهدنا
اللي وعدنا بنصره ووفّت أو عوده
هو لي نصرنا وعززنا وأيَّدنا
وهنا نلحظ نبرته الموسيقية العالية والمتناسبة مع المواقف المعاشة، كالمواقف الإنفعالية الثورية النابعة من الإحساس الصادق والتي عبَّر من خلالها عن فرحته العيدية مع اخوانه المجاهدين وكلمات الشموخ والفخر تطرِّز قصيدته.
وننتقل معكم لقصيدة جهادية أخرى للشاعر يقول مطلعها:
لا هنت يا طقم يا للي ناوي المسرى
وصِّل سلامي لجند الله وانصاره
في كل جبهة على حد الوطن تطرأ
وكامل حدود هذا الدار واقطاره
كل عام وانتم بخير وعيدكم نصرا
الله يعيده عليكم نصر وبشاره
اكرم لحاكم ودمتم للوطن فخرا
انا اشهد انكم اسود الشعب ونماره
جهاد وصمود في الأرياف والصحراء
وكسر وصدود زحف الجيش والغاره
ونصر وافراح وارواح اتقياء طهرا
ودم وجراح من مدفع وطياره
وصبر وعزوم في الضرات والسراء
وزحف وهجوم فوق الخصم واوكاره
سادس سنة صامدين بهمة وصبرا
رغم الشدايد وحرب الخصم وحصاره
والقوة اللي جمعها ضدنا كبرى
الله نسفها وخاب الحلف وافكاره

وتقول إحدى روائعه:
عاصفة سلمان لي في الشرق هبت
رجعوها نجد يوم الله قلبها
والقرون اتكسرت والكف عطبت
والدواعش لي معه دسنا رقبها
وهنا يقول في قصيدته:
حنا الوحوش الكاسرة والطواهيش
سود المنايا رابطنها على الجاش
اوحوش صحراء ما نعرف الكرانيش
من صغرنا بين الذيابه .. والاوحاش
قل للمذله واهلها تبت ايديش
لا عاش من يرضى المذلات لا عاش
نعيش بالناموس ونموت ونعيش
ما هزنا حلف المريكي والاوباش
وننتقل لرائعة أخرى والتي يقول فيها:
يا قـبايـل دهـم يـا داحـنيـن الـهـم
يا بنـي العـم للـجـبـهـات هبـيـنا
عهـد بالـدم لن نخـضع ونسـتسلم
لا دعـانـا العـلـم بالـصـوت لـبيـنا
قــــالها أبو كــيان الليل ذا وانـــهم
يا الـمعـدل علـى قبـضـات ايـاديـنا
والـعيـارات مـن شــاخـوف ومـقـلّم
عـنـد وقـت المـلاقـي با تـخـاوينا
نعـصـب الـراس للـفـزعة ونـتحزّم
والـميـادين هـي تـشـهـد مـغازيـنا
بـانـحـارب وبـانـصمـد وبـا نـدعـم
نـحمـي ارض الـوطن والجـو والمينا
آل ســالــم وكُل عـمـلـسـي صـمــم
يـدحـروا مــن يـهـدد أراضينا
وهنا يتحدث عن أهله وقبيلته التي يمضي أبناؤها على نفس المنوال في الخط الجهادي متسلحين بالثقافة القرآنية متحدين الصعاب فازعين وقت الملمات ..
وهذه الكلمات البديعة يتم تجهيزها حاليًا لتدخل عالم الإنشاد وتصل اسماعنا بزامل حماسي يتطاير حماساً وعنفواناً.
كنا معكم اعزائي القراء في واحة شعرية لشاعر جهادي متمكن ساهم في الثورة الأدبية التي تركت أثراً ملموساً في النفوس وكان لها صداها.
كان هذا هو الشاعر الذي اختلطت قصائده باللهيب والدخان وتدفقت مع تدفق دماء الشهداء.

قد يعجبك ايضا