على خطى ترمب

حمدي دوبلة

 

من المعلوم للقاصي والداني أن الأهداف والسياسات الاستعمارية للولايات المتحدة الأمريكية ثابتة ولا تتغير أبدا ولا تختلف بتغيير الإدارات والرؤوساء المتعاقبين على البيت الأبيض، ما يحدث فقط أن الأساليب والتكتيكات تتبدل قليلا من الأسلوب الإرهابي الفج للرئيس الجمهوري إلى أسلوب الإرهاب الناعم للرئيس الديمقراطي، وكلاهما يظلان على النهج الاستعماري الذي ورثته وطورته من بلدان الاستعمار القديم على غرار فرنسا وبريطانيا وغيرهما من طغاة العصر، وكل ذلك لبلوغ الهيمنة الشاملة على خيرات ومقدرات وإيرادات الشعوب ونهب ثرواتها تحت مبرر وذريعة الحفاظ على الأمن القومي الأمريكي.
– كل ما ترفعه أمريكا من شعارات جوفاء حول الحقوق والحريات ومكافحة الإرهاب وتشجيع قيم الديمقراطية ودفع الشعوب للتحرر من أنظمة القمع والاستبداد من قبل الأنظمة الشمولية في المنطقة والعالم؛ تبقى يافطات جوفاء وعبارات براقة لإخفاء نواياها وأهدافها الحقيقية التي تسعى لتنفيذها حرفيا وفق خطط واستراتيجيات وبرامج معدة سلفا ولها أفاق ورؤى مستقبلية تصل إلى عقود قادمة، تضمن لها أن يكون الجميع في العالم- سواء كانوا حكومات أو شعوبا أو قوى سياسية أو نخباً مجتمعية- خانعا وتابعا ذليلا لها وإن لم يكن كذلك فهو إرهابي وديكتاتوري ومصدر خطر على السلام الدولي وعلى القيم الإنسانية الحديثة أما إذا مَسلَّمَ أمره لها فهو حليف مأمون الجانب ولو كان غارقا في الاستبداد والظلم وفي سفك دماء الناس كما هو حال النظام السعودي.
– اليوم وكما هو العهد دائما من أمريكا تسير إدارة جو بايدن الديمقراطية على خطى إدارة ترمب الجمهورية في كل صغيرة وكبيرة وان تسترت بشيء من العبارات الفضفاضة حول الديمقراطية وحقوق الإنسان وما إلى ذلك من مفردات الاسطوانة الأمريكية المشروخة التي سئمتها النفوس وعفا عليها الزمن ولم تعد قادرة على إخفاء حقيقة استخدام أمريكا لتلك المفاهيم أوراقا لتنفيذ غاياتها في كسر إرادة الشعوب وقهرها وإخضاعها سياسيا وعسكريا وأمنيا واقتصاديا وثقافيا باعتبار ذلك الهدف الاستراتيجي الأول للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط وفي مختلف إنحاء العالم.
– أمريكا أوجدت تنظيم القاعدة خلال فترة الحرب الباردة لمواجهة الاتحاد السوفيتي، وهي من وقف خلف التفريخ وخروج كيانات متطرفة بمسميات مختلفة من هذا الكيان، وهي من ترفع شعار مكافحة إرهاب داعش والقاعدة وغيرهما من التنظيمات للتوسع في بناء القواعد العسكرية وتعزيز وجودها العسكري في المنطقة، وخير مثال على ذلك ما يجري في اليمن من رعاية ودعم لا محدود تتلقاه هذه التنظيمات بشكل مباشر من واشنطن أو عبر وكلائها من دول تحالف العدوان، وهو ما ورد بوضوح من خلال تقرير جهاز الأمن والمخابرات الذي تم نشره أمس الأول مشتملا على معلومات دقيقة تثبت مدى العلاقة الوثيقة مابين أمريكا وأنشطة عناصر الإرهاب في الوقت الذي تتسارع فيه الخطى لبناء قواعد عسكرية أمريكية وصهيونية في المناطق المحتلة من الأراضي والبحار اليمنية.

قد يعجبك ايضا