أبعاد توازن الردع الخامسة ومدلولاتها

منير الشامي

 

 

عملية هجومية جديدة هي الأولى من نوعها وتمثل عملية توازن ردع حقيقية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وهي عملية توازن الردع الخامسة التي اشتركت في تنفيذها وحدة الطيران ووحدة القوة الصاروخية استمرت لساعات ما يجعلها عملية واسعة وطويلة استهدفت أهدافاً حساسة في العمق السعودي وشملت الرياض وأبها وعسير.
توقيت هذه العملية أتى بعد يوم واحد من مسيرات الشعب اليمني المليونية التي خرجت فيها حشود في ما يزيد عن عشرين ساحة طالب فيها المشاركون القيادة والجيش بالرد القاسي على استمرار الصلف العدواني بجرائمه البشعة تجاه الشعب اليمني بقصفه وحصاره واحتجاز المشتقات النفطية واستمرار حظره لمطار صنعاء وتدخله السافر في معارك مارب، كما جاءت هذه العملية المباركة بعد تصريح قوي لرئيس الاستخبارات العسكرية اللواء أبو علي الحاكم مما جعل هذه العملية ترجمة عملية لتوجهات القيادة وتنفيذاً لمطالب الشعب وهو ما يكسبها المشروعية المطلقة في حق الرد وحق الدفاع النابع من الإرادة الشعبية الثابتة والواضحة والمعلنة أمام العالم في مختلف وسائل الإعلام.
أهداف هذه العملية تمثلت بمنشآت عسكرية مشروعة، مطارات حربية وقواعد عسكرية ينطلق منها الطيران الحربي للعدوان وغرف إدارة العمليات والسيطرة والتحكم ومنصات ووحدات الرادار والرصد، إضافة إلى أهداف عسكرية أخرى لم يكشف عنها الناطق الرسمي ولا العدو السعودي وتمت إصابة الأهداف بدقة متناهية خلال زمن العملية الذي استمر من مساء السبت وحتى صباح الأحد ، وتم تنفيذُ العمليةِ بصاروخٍ بالستيٍ نوع (ذو الفقار) وخمسَ عشرةَ طائرةً مسيرةً منها تسعُ طائراتٍ مسيرةٍ نوع (صماد 3) استهدفت مواقعَ حساسةً في عاصمةِ العدوِّ السعودي الرياض وستَّ طائراتٍ مسيرةٍ نوع (قاصف 2k) استهدفت مواقعَ عسكريةً في مناطقِ أبها وخميسِ مشيط وكانت الإصابةُ دقيقةً بفضل الله حسب تصريح الناطق الرسمي العميد يحيى سريع.
في هذه العملية المباركة تم تلقين النظام السعودي اقسى درس في لحظة لم يكن يتوقعها انعكست أولى نتائجها بتوقف حركة الطيران في معظم مطارات العدو السعودي، وهو يدل على حالة الهلع والرعب الذي خيم على نظام الرياض بسبب الصدمة التي ظل يتلقاها طوال ساعات العملية، وجعلته متخبطا كما بدا واضحا عليه في تصريحاته.
فشل أنظمة الدفاع الجوي للعدو السعودي في التصدي للطائرات المسيرة وعدم تمكنها من رصد الطائرات إلا وهي على مسافات قصيرة من أهدافها دفع القائمين عليها إلى إيقاف الرصد الآلي والاعتماد على الرصد والتحديد والإطلاق اليدوي لصواريخ منظوماتهم الدفاعية وهو ما زاد فاعلية العملية بصواريخ منظوماتهم كون تحويل منظومات الدفاع الجوي من النظام الآلي إلى النظام اليدوي يستلزم تفعيل خاصية الاستشعار الحراري للصواريخ الذي يجعلها تتجه نحو أول مصدر تستشعر حرارته وتستهدفه ونظرا لانخفاض المستوى الحراري للطائرات المسيرة فلا تستطيع الصواريخ اكتشافها إلا بعد انفجارها بهدفها فتتجه أغلبها لتستهدف هدف الطائرة المشتعلة وهو ما ضاعف من تدمير الأهداف المقصوفة بالطائرات المسيرة.
تم تنفيذ العملية على مراحل متتابعة وخلال ما يقارب العشر ساعات وهو ما أكده إعلام العدو السعودي الذي ظهر التخبط والتضارب في أوله لعدم قدرته على تحديد نوعية سلاح الهجوم ،هل هو طائرة مسيرة أم صاروخ، الأمر الذي يعكس تدني كفاءة قوات دفاعه الجوي المستأجرة هذا من جهة، ومن جهة أخرى فطول زمن العملية يعكس ثلاث حقائق هامة، الحقيقة الأولى هي ثقة قواتنا المسلحة في وحدة الطيران المسير والوحدة الصاروخية ويقينهم وتأكدهم من قدرة أسلحتنا الهجومية المستخدمة على تجاوز أنظمة دفاع العدو وهذا ظهر من خلال تنفيذهم لهذه العملية على مراحل أغلبها نفذت كل مرحلة منها بطائرة واحدة دون أن يأخذوا لمنظومات دفاع العدو أي اعتبار وكأنها غير موجودة تماما وهو ما انعكس على الواقع .
الحقيقة الثانية أن العدو السعودي كان يعلن عن العملية تبعا لمراحلها مرحلة مرحلة، وفصرح باعتراض طائرة أولى ثم ثانية وهكذا وهو ما يؤكد من جهة أخرى أن تصريح العدو كان يصدر بعد انفجار كل طائرة بهدفها المحدد، وأكبر دليل على ذلك قيامه بعرض بقايا صاروخ “ذو الفقار” وهو ما يتنافى مع تصريحه لأنه لو تمكن فعلا ونجح في اعتراض الصاروخ أو أي طائرة فلن يتبقى أي أثر لها نتيجة لشدة انفجار المقذوفين لحظة الانصدام ببعضهما في الجو.
الحقيقة الثالثة التكتيك لهذه العملية على هذا النحو يعكس براعة قواتنا الهجومية ومستوى قدراتها الرفيع وكفاءتها النوعية وفي ذات الوقت لتحقيق هدف آخر تمثل بضرب نفسية العدو وتحطيم معنوياته وقد تحقق ذلك ومثل رسالة قوية للعدو يجب أن يستوعبها لهذه العملية رسائل كثيرة وقوية جدا ولأطراف عديدة، وكل طرف أستلم رسالته ووعاها، نذكر أهم رسالة وجهت لقوى العدوان وتحالفه مفادها اجنحوا للسلم فاليوم غير الأمس والمعادلة على الواقع تغيرت فقوتنا تتضاعف وقوتكم تضعف وما كان بنظركم ممكنا بالأمس أصبح اليوم مستحيلا ولن يحل السلام إلا بوقف العدوان.

قد يعجبك ايضا