التاريخ المرصَّع بالفخار

حمدي دوبلة

 

 

تروي عدد من كتب التاريخ الإسلامي والسيرة المطهرة- على صاحبها وآله افضل الصلاة والسلام- أن أهل مكة بعد وفاة الرسول الكريم قرروا الارتداد عن الإسلام والعودة إلى الوثنية وعبادة الأصنام، لكن سهيل بن عمرو- وكان خطيب قريش قبل فتح مكة ومن مثَّلها في اتفاقية صلح الحديبية في السنة السادسة للهجرة- وقف فيهم خطيبا والقى فيهم خطبة بليغة كانت من أسباب الثبات على الإسلام في ذلك العام الذي كثرت فيه حوادث الردة في جزيرة العرب، ومما قاله في تلك المناسبة ” يا أهل مكة الرجل منا ونحن أعلم الناس بصدقه وأمانته وكنا آخر من أسلم فلا تكونوا أول من يرتد والله إن هذا الدين ليمتدن امتداد الشمس والقمر من طلوعهما إلى غروبهما”.
– شهادة سهيل بن عمرو وهو أحد أشراف مكة وخطيبها الأول تؤكد حقيقة أن قريشا، رغم معرفتهم الوثيقة بأخلاق ونسب وأمانة سيد الخلق أجمعين، قد أخذتهم العزة بالإثم، وواجهوا دعوة الإسلام بالكفر والإلحاد والطغيان، وحاربوه طويلا قبل الدخول في دين الحق عنوة إثر فتح مكة وتطهيرها من رجس الأوثان بحد السيف كما كان الشأن مع كثير من الأمصار. . في المقابل نجد أجدادنا من أبناء هذه الأرض الطيبة لم يحتاجوا أكثر من رسالة وخطبة واحدة من الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام الذي أرسله الرسول الكريم إلى اليمن ليدعوهم إلى الإسلام وترك عبادة الأوثان.
– ما أن وصل الإمام علي مبعوثا للهدى والنور إلى صنعاء حتى قام خطيباً في قبائل همدان الذين اجتمعوا في مكان يسمى اليوم سوق الحلقة شمال الجامع الكبير بصنعاء القديمة، وتُجمع المصادر التاريخية ومراجع السنة والشيعة على حد سواء على أن اليمنيين تأثروا بخطبة الإمام علي كرم الله وجهه وأسلموا وأسلمت همدان عن بكرة أبيها في يوم واحد، وينسب اليه قوله في ذلك اليوم “لوكنت بوابا على باب جنة لقلت لهمدان ادخلوا بسلامِ” قبل أن يكتب إلى رسول الله بنبأ إسلامهم ففرح صلى الله عليه وآله وسلم كثيرا بذلك وخرَّ ساجدا لله ثم رفع رأسه وقال “السلام على همدان”، وكان ذلك من أكبر الفتوحات الإسلامية في تاريخ الدعوة.
– هذا اليوم التاريخي العظيم والنصر الكبير للإسلام كان في أول جمعة من شهر رجب المحرم الذي بقي خالدا في حياة اليمنيين قاطبة، وظل على الدوام محطة سنوية للاحتفاء بهذه الذكرى التي يعظمها اليمنيون جيلا بعد جيل لما تمثله من أهمية في تعزيز الارتباط بالهوية الإيمانية الأصيلة والتعبير عن عظيم الحمد والثناء لله على نعمة الإسلام الذي كانوا سباقين في حمل رايته إلى كافة أصقاع الأرض
-قبل يومين احتفل اليمنيون مجددا بهذه الذكرى العطرة وبتاريخهم المرصَّع بالفخار والمجد، معاهدين الله بالمضي على درب الحق وحمل لواء الإسلام في مواجهة قوى الكفر والطغيان في هذا الزمان كما كان الحال في كل الأزمنة والعصور، يملأ نفوسهم الإيمان بالله والثقة به سبحانه وبنصره وتمكين عباده أهل الحكمة والإيمان بشهادة من لاينطق عن الهوى، وهي الشهادة التي ستبقى داحضة لكل التخرصات والشائعات والقدح والذم التي بات أعداء الله يروجونها عن اليمن وشعبه العظيم.

قد يعجبك ايضا