أمراء العدوان على اليمن وباعة السلاح.. تدمير اليمن يعود بالأموال الوفيرة على أمريكا والحكومات الأوروبية

لتستفيد امريكا والحكومات الأوربية من أثمان بالمليارات مقابل مبيعات السلاح!
جرائم الحرب مستمرة والمجاعة تلوح في الأُفق ..النفاق المميت للحكومات الأوروبية وأمريكا تصنع جريمة القرن في اليمن
الأموال السعودية كفيلة باستمرار المتاجرة ترليونات الدولارات تتقاضاها الحكومات الأوروبية وأمريكا أثمانا لحياة المدنيين في اليمن

أعلنت إدارة بايدن إيقاف تصدير الأسلحة إلى السعودية والإمارات ، وربطت قرارها بالعدوان الذي تشنه الدول التحالفية برئاسة أمريكا نفسها على اليمن منذ ستة أعوام ، لكن كثيرين يرون أن الإعلان الأمريكي ليس إلا مطالبة ضمنية للعهد الجديد من ابن سلمان بتسديد فواتير جديدة ودفع أثمان أكثر لاستمرار الحرب التي صعد بن سلمان على أنقاضها إلى ولاية العهد في السعودية ، راهناً مصير توليه الحكم في السعودية بما سيحققه من انتصار بات بعيد المنال ، كما أن الدور الأمريكي في الحرب على اليمن لا ينحصر في السلاح والإسناد اللوجستي فقط بل يتعداه إلى قيادة العدوان وتولي الدور الرئيسي فيه ، فالحرب على اليمن أمريكية بامتياز تحقق مصالح أمريكا وأجنداتها ، وتحصل منها على المليارات ، تلك هي علاقة أمريكا بأدواتها في المنطقة وعلى رأسها السعودية والإمارات اللتان تدفعان تريليونات الدولارات لأمريكا مقابل السلاح والدعم اللوجستي والمعلوماتي الذي تحتاجه لخوض الحرب الأمريكية على اليمن ، والحال نفسه في التطبيع مع كيان العدو الصهيوني إذ تعمد الدولتان إلى تصفية القضية الفلسطينية وتدفعان أموالا هائلة لتنفيذ هذا المخطط الذي يأتي تنفيذا لأجندات نتنياهو والبيت الأبيض.

الثورة / عبدالقادر عثمان

منذ بدء الحرب التحالفية التي أعلنت عملياتها من واشنطن في مارس 2015م على اليمن ، جلبت دول الغرب وأمريكا تريليونات الدولارات من النظام السعودي أثمانا لمبيعات الأسلحة المدمرة والفتاكة ، حيث باعت دول الاتحاد الأوروبي وأمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا واستراليا وسويسرا والسويد ودول أخرى للسعودية والإمارات أسلحة وقنابل وصواريخ ومتفجرات وقاذفات متنوعة من خلال توقيع صفقات كبيرة جلبت دول الاتحاد الأوروبي وأمريكا أثمانها عشرات التريليونات من الدولارات ، الأمر أشبه بعملية مقايضة وصفقات بيع وشراء ومتاجرة بحياة المدنيين في اليمن ، ففيما يموت مئات الآلاف من اليمنيين بالقصف ويعاني الملايين من الجوع والأوبئة والأمراض والمعيشة الصعبة ، تستفيد الحكومات الأوروبية وأمريكا وتجلب تريليونات الدولارات لتعزز من فرص الوظائف لمواطنيها مقابل ذلك.
واصلت بريطانيا وأمريكا وفرنسا وألمانيا ودول أوروبية أخرى جني الأموال من بيع الأسلحة لتحالف العدوان على اليمن ، وفتحت موانئها ومطاراتها ومنافذها لشحن الأسلحة والصواريخ والذخائر والقنابل والقاذفات بكميات هائلة ، فيما تشاركت في إغلاق الموانئ والمطارات اليمنية والمنافذ البرية أمام المساعدات الإنسانية والسلع التجارية وحاصرت المنافذ أمام سفن الواردات وأغلقت المطارات أمام المسافرين والمرضى بذريعة حظر وصول الأسلحة إلى اليمن.
المبررات التي تسوقها تلك الدول تكشف التعهدات المتناقضة والإفلاس الأخلاقي والإنساني ، وفي أفضل الحالات المنطق الملتوي والزائف لها وخلال ستة أعوام ارتكب تحالف العدوان على اليمن الذي تقوده أمريكا والسعودية وتشارك فيه بريطانيا وفرنسا وألمانيا ودول أوروبية أخرى جرائم حرب في اليمن، وانتهكت القوانين الإنسانية بشكل متعمد، قصفت بالطائرات المستشفيات ومجالس العزاء والأعراس والأسواق ومنازل المدنيين، وحتى حافلات المدارس، وقتلت آلاف المدنيين، وبينما كانت البلاد تنحدر نحو كارثة إنسانية بسبب الحصار المفروض على الموانئ والمطارات، تجني الحكومات الأوروبية وأمريكا المليارات من الدولارات مقابل مبيعات السلاح والصيانة والإسناد والمعلومات والإحداثيات.
في أكثر من مرة اعترف البرلمان الأوروبي والكونجرس الأمريكي في اجتماعات عديدة أن الأسلحة الأوروبية والأمريكية أفضت إلى نتائج مروعة وجرائم حرب متعمدة ، علاوة على أن الحرب التحالفية العدوانية التي تشن على اليمن بمشاركة أوروبية وبإدارة أمريكية وسعودية حالة إنسانية كارثية في صفوف السكان المدنيين ، لكن بريطانيا وأمريكا وبقية أعضاء الاتحاد الأوروبي تتعامل مع السعودية كبقرة حلوب تدر الأموال الوفيرة على الغرب وتستثمر في حياة المدنيين في اليمن على طريقتها لتعزز من فرص العمل وترفع دخل الفرد الأمريكي والأوروبي بشكل عام من خلال تدوير عجلة الصناعات الحربية ، لقد تحولت الحرب على اليمن إلى سوق مفتوح للأسلحة الغربية والأمريكية الفتاكة والمدمرة ، لقد تحولت إلى مصدر دخل وفير لحكومات بريطانيا وأمريكا وفرنسا وألمانيا ودول أخرى.

العدوان على اليمن يكشف النفاق المميت لدى باعة الأسلحة مثل بريطانيا والولايات المتحدة
في اغسطس / 2016م, تعرض مستشفى عبس الريفي لعدوان جوي من طائرات تحالف العدوان والحصار على اليمن ، حيث استهدفت الغارات الجوية مستشفى عبس بمحافظة حجة في 15 أغسطس ويمثل الهجوم الألف فقد تعرضت المستشفيات والمراكز الصحية والمدارس والأعراس والمآتم والطرقات والأسواق والفنادق والطرقات والتجمعات المدنية والمنازل والأحياء والجسور والمباني الرياضية والمهنية والمعاهد والمصانع ومنشآت مدنية عديدة لغارات جوية متعمدة ومركزة ، وفي كل تلك الضربات التي تعد جرائم حرب تعرفت المنظمات ووسائل الإعلام والصحافة على القنابل والصواريخ والذخائر وكانت في كل الأحوال أو بالأحرى أغلبها ، من صنع أمريكا أو بريطانيا أو فرنسا ، وهذا يتسق مع ما تقوله منظمات دولية عديدة منها منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش عن صادرات الأسلحة الوفيرة التي تبعث بها هذه الدول إلى السعودية، وغيرها من الدول المتحالفة ضمن تحالف العدوان السعودي الأمريكي على اليمن.
في الشهر نفسه أغسطس 2016م تقول منظمة العفو الدولية “كان مندوبو المملكة المتحدة والولايات المتحدة يعدون العدة لحضور “مؤتمر الدول الأطراف في معاهدة تجارة الأسلحة” الثاني، في جنيف أما “معاهدة تجارة الأسلحة” فهي الاتفاقية التي تحدد شروط الحظر المفروضة على عمليات نقل الأسلحة حيثما يُعرف بأنها سوف تستخدم لارتكاب جرائم حرب- وعلى سبيل المثال في هجمات عشوائية أو مباشرة ضد المدنيين، والمملكة المتحدة من تلك الدول التي صادقت على المعاهدة، وبالتالي فهي ملزمة بقواعدها؛ وكدولة موقعة على المعاهدة، يجب على الولايات المتحدة الأمريكية أن لا تفعل أي شيء من شأنه أن يقوِّض هدف المعاهدة وغرضها.
ومن نافلة القول إن بريطانيا وأمريكا والحكومات الأوروبية وعلى ضوء الغارات والضربات التي تستهدف مباشرة المستشفيات وغيرها من الأهداف المدنية، كان ينبغي على هذه الحكومات الغربية احترام معاهداتها ووقف بيع السلاح لقتل المدنيين في اليمن ، لكنها تتعامل بازدواجية في معاييرها وتضرب أساس ما تدعيه وتقوله وتردده من عناوين وتسوقه من معاهدات ، واستخدم تحالف العوان السعودي الأمريكي الأوروبي أيضاً الذخائر العنقودية المحرمة بموجب معاهدة دولية وقعت عليها بريطانيا، وفي مجازر مروعة حدثت في اليمن استخدمت ذخائر عنقودية، من صنع بريطانيا وأمريكا تسببت في تقطيع أطفال وتمزيقهم .. في جنيف في العام 2016م، قام “ائتلاف الحد من الأسلحة ومنظمة باكس” بتذكير مندوبي الدول الأطراف بالمعاناة الإنسانية للمدنيين في اليمن، أما صمت الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة أثناء الاجتماع فكان مطبقاً، بينما لم تكلف فرنسا نفسها حتى عناء حضور المؤتمر، رغم أن فرنسا واحدة، إلى جانب المملكة المتحدة والولايات المتحدة وألمانيا وأسبانيا، من الدول الخمس الرئيسية التي تبيع الأسلحة إلى السعودية- طبقاً لتقريرها السنوي ، أصدرت بنفسها تراخيص لتصدير ما وصلت قيمته إلى 18 مليار دولار أمريكي من الأسلحة إلى السعودية في 2015م فقط.
الحكومات الغربية والأمريكية التي تبيع السلاح للعدوان على اليمن تعد أطرافاً في “معاهدة تجارة الأسلحة” ، وهي إذ تحاصر اليمن وتغلق الموانئ والمطارات أمام السفن المحملة بالوقود والدواء والغذاء وأمام رحلات العلاج والسفر الجوية بذريعة مزعومة “حظر وصول الأسلحة الإيرانية” تفتح موانئها ومصانعها ومطاراتها للسفن والطائرات السعودية التي تشحن يوميا بكميات هائلة من القنابل والصواريخ والمتفجرات والذخائر ، وتواصل تزويد تحالف العدوان على اليمن بأسلحة من تلك الأنواع التي استخدمت وتستخدم في قصف المدنيين والبنية التحتية المدنية في اليمن ، وبذلك فهي تنكشف وتتعرى وتبدي غير ما تقول وتؤكد أنها كاذبة وأنها مفلسة بكل المقاييس.
تقول منظمة العفو الدولية “طريف أن الدول الأطراف، بما فيها بريطانيا، ما زالت تشجع الآخرين على الانضمام إلى “معاهدة تجارة الأسلحة”ولكن إذا لم تكن هي مستعدة للتدقيق في سلوكها ، أو معاقبة مرتكبي الانتهاكات، فما تفعله ليس سوى تقويض متعمد لأساسات روح المعاهدة نفسها، ومجازفة بتحويلها إلى مجرد تمرين في العلاقات العامة ، إن المعاهدة تقتضي أن لا يكون هناك أي تساهل، مهما قل شأنه، مع الدول التي تستهتر بالتزاماتها بموجب الاتفاقية” ، لكن الأموال المتدفقة وما تجلبه هذه الحكومات من مليارات الدولارات هي الأهم وهي الركيزة التي تنتهج عليها سياساتها ، وهو أمر يكشف النفاق الغربي والوقاحة والجرم أيضا.
تقول منظمة العفو الدولية ” إن رفض موردي الأسلحة الرئيسيين للسعودية يرفضون الانخراط في أي نوع من أنواع النقاش العام حول ما يحدث في اليمن وهو أمر مشين، لقد أصبح الإنكار الفظ والغموض المبتذل، أو مجرد الصمت، هو الأسلوب المعتمد من جانب هذه الدول في الرد على سيل المعلومات ذات المصداقية حول كيفية استخدام “التحالف العدواني على اليمن” هذه الأسلحة في ارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، فبالنسبة لهؤلاء، لا تشكل صور الذخائر من النوع الذي تبيعه بريطانيا للسعودية التي يعثر عليها بالقرب من الأطفال الصغار النازفين، أو بجانب البيوت التي سويت بالأرض وأصبحت قبوراً، أمراً مهماً بما يكفي لكي تسارع المملكة المتحدة لإصدار ولو بيان علني موجز حول هذه القضية ، إن السكوت عن الإصابات في صفوف المدنيين في اليمن يقوِّض إحدى أهم أدوات المجتمع الدولي لحماية المدنيين الذين تحاصرهم الحرب”.

تناقضات الغرب وأكاذيبه
على عكس الادعاءات الأوروبية والأمريكية بشأن حقوق الإنسان ومعاهدات التسلح ، وخلافاً للمواقف والتصريحات التي تعلنها الدول الأوروبية والولايات المتحدة بشأن اليمن ومحاولة التنصل عن المسؤولية المباشرة في التورط بالمتاجرة بحياة المدنيين في اليمن فإن التذخير الأوروبي والأمريكي للحرب على اليمن بالأسلحة الفتاكة والمدمرة طيلة ستة أعوام يكشف نهجا مفلس أخلاقيا لبريطانيا وألمانيا وفرنسا وأمريكا ، وعلى عكس المعارك الحقوقية التي تجرها دول الغرب وأمريكا في بلدان عدة تستمر في تصدير السلاح لقتل المدنيين وتدمير المدن والمنشآت والمشافي وغيرها ، تحاول أمريكا وبريطانيا وفرنسا والحكومات الأوروبية التي تتاجر بحياة المدنيين في اليمن مقابل الأموال ، الظهور في ثوب الساعي للسلام في اليمن ، وتعبيرها المستمر عن استيائها من “الأضرار الجانبية” في صفوف المدنيين اليمنيين، تبقى أسلحة أمريكا وبريطانيا وفرنسا من بين المصادر الرئيسية للمعدات العسكرية للسعودية والإمارات التي قتلت ودمرت وأبادت وسحقت شعبا بأكمله.
لا ضوابط ولا أخلاقيات تحكم الغرب ، لقد صارت أوروبا وأمريكا سوقا مفتوحا للسلاح الفتاك والمدمر أمام السعودية والإمارات ، بل لا مبادئ تلتزم بها الحكومات الأوروبية والأمريكية ، ولعل الحرب على اليمن قد كشفت أن دول الغرب لا تحترم التزاماتها الدولية ، التناقض في المواقف الأوروبية الحاكمة لصفقات بيع السلاح بين الدول أتاح للأمير محمد بن سلمان هامشًا من المناورة، حيث تذكر منظمة العفو الدولية أنّ هذه الحجج التي يقدمها المسؤولون يصعب أنّ تكون مقنعة، لأن النظام غير شفاف، فالأمر بحسب المنظمة يتعلق بمعرفة ما إذا كانت هذه الدول تحترم التزاماتها.
وفي هذا الشأن، تقول مديرة الفرع الفرنسي لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” بينيديكت جينرود: “الرياض تقود تحالفًا عسكرياً قتل وجرح آلاف المدنيين، وعدد من هذه الهجمات قد تكون جرائم حرب”، وتضيف “بمواصلتها بيع أسلحة للسعودية، يمكن أن تصبح فرنسا شريكة في انتهاكات خطيرة للقانون الدولي وتوجه رسالة مفادها الإفلات من العقاب إلى القيادة السعودية”.
مع انعدام الضوابط التي تحكم تصدير الأسلحة في الغرب والتناقض الصارخ في الواقف، والمتاجرة بحياة الشعوب مقابل أثمان جعل بن سلمان يحصل على كل أسلحة الفتك والدمار، ورغم إدراج تحالف العدوان على اليمن على لائحة سوداء سنوية للدول والكيانات التي ترتكب جرائم بحق أطفال، فقد تراجعت الأمم المتحدة عن ذلك ، وواصلت فرنسا وبريطانيا وأمريكا بيع الأسلحة للنظام السعودي ، لكن كثرة الأدلة على دور الأسلحة الغربية في جرائم الحرب والانتهاكات الإنسانية في اليمن، تدافع الحكومات الغربية عن إجراءاتها الخاصة بصادرات الأسلحة للسعودية وتقول إنها تمتلك “نظامًا متينًا وشفافًا لمراقبة تصدير المعدات الحربية” ، لا صحة لما تقوله فالأموال الوفيرة التي تحصل عليها جعلتها تتصرف مثل تجار الحروب.
التناقض في المواقف الأوروبية تسبب مأساة كبرى في اليمن ، تفقد الدول الأوروبية مصداقيتها وتسقط عناوينها ، وتبرر الحكومة البريطانية بأنها تدير نظام مراقبة على السلاح من بين الأكثر قوة في العالم، وتقوم بمراجعة دقيقة لسياساتها الدفاعية لتتناسب مع المعايير الصارمة في الاتحاد الأوروبي والعالم ، ورغم ثبوت أن تلك الأسلحة تسببت في مقتل الآلاف إلا أن بريطانيا ترفض حظر بيع الأسلحة للسعودية والحال كذلك بالنسبة لفرنسا ، ففي غضون ست سنوات، حققت بريطانيا أرباحًا مالية تقدر بحوالي 8 مليارات يورو على خلفية إبرامها صفقات مماثلة مع الرياض ، ولعل تلك التناقضات ما دفعت منظمات غير حكومية للعمل الإنساني والدفاع عن حقوق الإنسان لممارسة ضغوط قوية على ماكرون وصلت إلى حد تقديم طلب رسمي بفتح تحقيق برلماني بشأن مدى قانونية مبيعات الأسلحة الفرنسية للتحالف، بينما طالب بعض النواب الفرنسيين بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية بشأن بيع الأسلحة لأطراف الحرب في اليمن.
وفي بلجيكا، تباينت الآراء بين كل من الغلاميين والولونيين، أبرز مجموعتين سكانيتين في بلجيكا، حول تصدير الأسلحة إلى السعودية من عدمه، حيث رفضت منطقة “الفلاندر” في يناير منح رخصة لتصدير الأسلحة، في المقابل، تحججت والونيا بعدم وجود توافق أوروبي، وذلك لتبرير سواء صادراتها المباشرة إلى السعودية أو تلك التي تتم بواسطة التراخيص الممنوحة لشركة كندية، تقوم بدورها بإعادة تصدير الأسلحة إلى السعودية ، والأمر كذلك في سويسرا وكندا وبلجيكا والسويد والنرويج وهولندا والنمسا ، باستثناء إيطاليا التي أعلنت مؤخرا التزامها بالحظر.

الحرب على اليمن تعتصر شعبا يموت لتستفيد أمريكا وبريطانيا وفرنسا وبقية الحكومات الأوروبية
خلال الأعوام الستة الماضية احتلت السعودية المركز الأول لقائمة أكبر مستوردي السلاح عالميًا، وتحتل أمريكا الصدارة في قائمة الموردين، وقد باعت أمريكا صفقات هائلة من الأسلحة للسعودية وتضاعفت عدة مرات عما كانت عليه في السابق ، وزادت عن تريليون دولار حسب التقديرات التي تعتمد على تقدير الصفقات المعلنة، لكن ما هو مخفي أكثر – حسب مراقبين ، ففي أول جولة خارجية له اختار ترامب السعودية محطة أولى في مايو 2017م، نتج عنها توقيع صفقة توريد أسلحة بـ 470 مليار دولار ، توفر هذه المبالغ أكثر من مليون وظيفة للأمريكيين ، الأمر أشبه بالمقايضة المخجلة فعلى حساب موت مئات الآلاف وجوع الملايين في اليمن تتعزز وظائف الأمريكيين وترتفع مواردهم.
تعد أمريكا المصدِّر الأول للأسلحة إلى السعودية ، تليها بريطانيا ثم فرنسا ثم ألمانيا ، إضافة إلى كل من كندا وبلجيكا والسويد والنرويج وهولندا والنمسا وسويسرا والبرازيل وإيطاليا ودول أخرى عديدة بعضها لم يعرف عنها تصنيع الأسلحة إلا من خلال المشتريات السعودية للسلاح ، وقد عقدت الولايات المتحدة الأمريكية صفقات قيمتها تقدر بـ” تريليون و200 مليار دولار”، مقابل أسلحة ومتفجرات وأنظمة أسلحة وتدريبات عسكرية مع السعودية والإمارات ، منذ بداية العدوان على اليمن ، الصفقات التي عقدتها أمريكا أكثر بكثير مما تم الإعلان عنه سابقًا، بحسب المعلومات التي جمعها مرصد المساعدة الأمنية (SAM)- وهو مركز أبحاث أمريكي وتُشير معلومات المرصد إلى حجم الصفقات المُبرمة التي تشمل صفقات تجارية بالإضافة إلى الصفقات الحكومية للأسلحة، ويدل ذلك على أن الدور الأمريكي في العدوان على اليمن أكبر بكثير مما يتصوره البعض ، ويوازي المبلغ الذي تم إنفاقه على الأسلحة 24 ضعف المبلغ الذي ناشدت الأمم المتحدة بندائها الإنساني لجمعه لليمن عام 2019م والبالغ 4 مليارات دولار.
بالإضافة إلى كون الصفقات التجارية مربحة أكثر ، فإن الصفقات التجارية تُشكل ما يقارب ثلاث من كل أربع صفقات للأسلحة الأمريكية في 2018م بحسب المرصد ذاته ، ويضيف المرصد أن تعقّب صفقات الأسلحة التجارية ما بين المصانع والحكومات الأجنبية صعب ومعقد للغاية، رغم أن أمريكا تقوم بالإعلان عن تفاصيل الصفقات المُتعاقد عليها من خلال برنامج ” المبيعات العسكرية الخارجية” ، لكنها لا تقول الحقيقة دائما.
واصلت بريطانيا جني الأموال من السعودية بأكثر من 15 مليار جنيه إسترليني على الأقل، ورفضت الدعوات المتكررة بوقف مبيعات السلاح وهو ما اعتبرته المنظمات الدولية تورطاً مباشراً في جرائم الحرب التي ارتكبت في اليمن يخضع المسؤولين البريطانيين للمساءلة ، حتى أن وزير الخارجية هنت برر ذلك بأنه ضرورة لحفظ السلام وهو أمر اعتبرته هيومن رايتس إفلاساً أخلاقياً ومنطقا ملتويا واعتبرت الرفض البريطاني لوقف تصدير السلاح للحرب على اليمن تدنيساً للمبادئ الأساسية للقانون الإنساني.
وبينما تتصدر بريطانيا قائمة مصدري السلاح الأوروبيين إلى السعودية، تتبعها مباشرة فرنسا بتجارة مقدارها قرابة 4 مليارات في الأعوام الستة الماضية، تتنوع بين أنظمة دفاع جوي وحواسيب طائرات ومدافع، تتبع إسبانيا ذلك مباشرة بمبلغ 537 مليون دولار وسويسرا بـ 305 ملايين دولار من مدافع الهاوزر، بينما وصلت صادرات السويد وألمانيا إلى السعودية من قطع غيار الدبابات والأسلحة الشخصية إلى قرابة 411 مليون دولار، كل هذه الأرقام في العامين الماضيين فقط.
وفيما تواصلت الشحنات العملاقة المحملة بالسلاح في التدفق نحو السعودية من أوروبا وأمريكا تشارك تلك الدول نفسها في فرض عزلة شاملة وحصارا مكتملا ومطبقا على اليمن وتمعن بريطانيا وأمريكا وفرنسا ودول أوروبية أخرى في فرض حصار غاشم على الموانئ اليمنية وتمنع الدواء والغذاء والوقود من الدخول إلى اليمن ، وتمنع الطيران والسفن والشحنات التجارية من الوصول إلى اليمن بذريعة حظر وصول الأسلحة الإيرانية إلى اليمن.
وفيما تحمَّل سفن الشحن السعودية والإماراتية بكميات هائلة من الأسلحة من موانئ أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وهولندا وكندا وإسبانيا ومن دول أوروبية أخرى كالسويد وكندا وبلجيكا ، تغلق موانئ اليمن ومطاراتها ومنافذها أمام سفن الغذاء والوقود والدواء والمرضى وكل ما يلزم للحياة بذريعة حظر وصول الأسلحة إلى اليمن ، وتلك معادلة مختلة تضرب عناوين الإنسانية وقوانين الدولية عُرض الحائط، وفي هذا الصدد يقول الدكتور ماكس موتشيللر كبير الباحثين في معهد بون الدولي لدعم السلام “BICC” إن أغلب قوانين الدول الأوروبية والقوانين الأمريكية تتحدث في الظاهر عن ضرورة احترام حقوق الإنسان ودعم السلام والاستقرار الدوليين إلا أن صادرات السلاح الأوروبية والأمريكية إلى دول في مناطق شديدة التوتر استمرت دون أن تظهر تلك الدول أي نوع من الاحترام لهذه القوانين ، وهو ما يكشف النهج المفلس أخلاقيا وإنسانيا للأوروبيين والأمريكيين ، ويؤكد ذلك ما قاله وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون مدافعًا عن قرار بريطانيا بالاستمرار في تصدير الأسلحة إلى السعودية، حين أوضح أن تعليق بيع السلاح ينهي الوجود البريطاني في المنطقة، مؤكدًا أن الرياض بإمكانها الاستعاضة عن لندن بعواصم أخرى للحصول على احتياجاتها من السلاح، وهذه الدول ستكون سعيدة بهذا التعاون.

داعش والقاعدة يقاتلان بالسلاح الأمريكي والغربي في اليمن “
تزعم أمريكا وحكومات الاتحاد الأوروبي والسعودية وبريطانيا وفرنسا – وهذه الحكومات هي التي تشكل أعضاء التحالف الرئيسيين في الحرب على اليمن- أن الحرب التي دمرت اليمن وقتلت مئات الآلاف من المدنيين ضرورة لمواجهة ما تصفه بالإرهاب الذي ينطلق من اليمن ، لكن تقارير أصدرتها منظمات معتمدة منها مواطنة وتقارير وتحقيقات استقصائية صحافية أكدت أن تحالف العدوان عمد إلى تمرير السلاح الغربي عبر طرق متعددة إلى “القاعدة” والميليشيات الإرهابية كداعش وأنصار الشريعة لاستمرار اشتعال الجبهات ، وكشف تحقيق استقصائي عن إيصال السعودية أنواعا مختلفة من الأسلحة التي حصلت عليها من ألمانيا ودول غربية إلى التنظيمات الإرهابية، في انتهاك لقوانين تجارة الأسلحة وبما يكشف علاقات التحالف العدواني السعودي الأمريكي الأطلسي مع الإرهاب واستخدامهم لها.
لقد امتلكت التنظيمات الإرهابية في اليمن ” داعش والقاعدة” ترسانة لا يُستهان بها من الأسلحة والذخائر والمدرعات والدبابات وصواريخ الأتاو الأمريكية ، إلى جانب أسلحة أخرى جرى تصميمها أو تصنيعها في أكثر من 25 بلداً ، تقاتل هذه التنظيمات في صفوف التحالف الأمريكي السعودي على اليمن ، وتنفذ عمليات ميدانية في جبهات عدة ضد الجيش واللجان الشعبية وفي صفوف المرتزقة التابعية للسعودية والإمارات ، وقد ارتكبت هذه الجماعات الإرهابية جرائم إرهابية عديدة وتفجيرات وعمليات اختطاف وإعدامات ميدانية وتعذيبا، ودأبت دون كلل على استهداف المدنيين باستخدام الأسلحة الصغيرة ونيران المدفعية وكميات هائلة من العبوات الناسفة المرتجلة ، ويكشف تحقيق نشرته الـ “سي إن إن” أن مسار الأسلحة الأمريكية انتهى في نهاية المطاف بيد الإرهابيين بعد تسلمهم من قوات التحالف في اليمن هذه الأسلحة ، مسار الأسلحة الأمريكية ووصولها إلى يد القاعدة وداعش بعد أن عرضت CNN نتائجها، وإزاء ذلك قال مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية لشبكة الـ “سي إن إن” الأمريكية إن التحقيق جار في انتهاكات اتفاقيات الأسلحة الأمريكية من قبل شركاء التحالف ، وهي محاولة لإخفاء العلاقة بين أمريكا والإرهاب الذي يعد أداتها في أكثر من بلد.
تقول الـ (CNN) “أعداد كبيرة من المركبات المدرعة الأمريكية التي تقدر بملايين الدولارات مهجورة على الطريق.. مرحباً بكم في اليمن، حيث أن الأسلحة التي صنعت في أمريكا تباع وتسرق وتهجر وتشق طريقها إلى الأيدي الخطأ”.

تجار حروب وأسواق للسلاح
لا توجد صورة كاملة للأضرار التي ألحقتها الأسلحة والمعدات الأمريكية باليمن منذ 2015م حتى مع البيانات التي حصلنا عليها من المرصد لكن تم العثور على شظايا قنابل أمريكية الصنع بعد ضربات جوية قامت بها قوات التحالف والتي أسفرت عن مقتل مدنيين، وكذلك استخدام العربات المدرعة الأمريكية من قبل القوات المدعومة من التحالف، لكن في حين أنه من المعروف أن الولايات المتحدة هي أكبر مورِّد للأسلحة إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، فإن معلومات تسليم الأسلحة ليست علنية، ولا تكشف أي دولة علنًا عن نوع الأسلحة التي تنشرها، أو مواقعها.
تحت عنوان “يوم القيامة” صدر تقرير عن منظمة “مواطنة لحقوق الإنسان” يكشف دور الولايات المتحدة وأوروبا في موت المدنيين والدمار والترويع في اليمن بفعل الأسلحة الفتاكة التي تبيعها واشنطن والغرب للرياض وتحالف العدوان، ووثقت المنظمة ضربات شنها الطيران السعودي بأسلحة أمريكية وبريطانية قتل فيها مئات المدنيين ، واستهدفت الهجمات التي وثقتها المنظمة بيوتاً، ومدارس، ومشاريع تجارية، ومزارع، وعيادة صحية، ومبنى إدارة حكومية، وقاعة احتفالات، والتي قتل وجرح فيها ما لا يقل عن 122 طفلاً و 56 امرأة.
وعلى الرغم من جرائم الحرب الموثقة التي تدين تحالف العدوان تستمر أمريكا وبريطانيا وبقية دول الاتحاد الأوروبي في بيع الأسلحة للسعودية والإمارات بغرض القتل والتدمير في اليمن ، كما تستمر بريطانيا في بيع الأسلحة في انتهاك لالتزاماتها بموجب معاهدة تجارة الأسلحة والموقف المشترك للاتحاد الأوروبي بشأن الصادرات العسكرية ، وكانت تقارير استقصائية قد وثقت مبيعات أسلحة دول الغرب للسعودية التي تُتهم بارتكاب جرائم حرب في اليمن، في حين يستمر صدور انتقادات من منظمات غير حكومية ومن الرأي العام ونواب في بريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة لوقف عمليات القصف التي تستهدف المدنيين في اليمن.

قد يعجبك ايضا